عناصر الخطبة
1/شتان بين المهاجرين والمجاهرين 2/صفات المهاجرين وخصائصهم 3/من معاني الهجرة النافعة 4/الهجرة في أزمان الفتن 5/خطورة المجاهرة بالذنوب 6/شؤم المجاهرة بالمعاصي.اقتباس
وَهَيْهَاتَ لا يَسْتَوُونَ؛ مُهَاجرٌ هَاجَرَ في سَبِيْلِ اللهِ، وهَجَرَ ما حَرَّمَ الله عَلِيْه، ومُجاهِرٌ يَتَباهَى بِبَلْواهُ، ويَتَغَنَى بِالذَّنْبِ يَهْتِكُ سِتْرَ اللهِ عليه. ومِنْ أَبْشَعِ صُورِ المُجاهَرَةِ، أَنْ يَكُونَ المرءُ سَبباً في نَشْرِ المُنْكَر، فَيُرَوِّجُ لِمُنْكَرٍ أَو يَدُعو إِليه، أَو يُعْلِنُ لَهُ أَو يَتَباهَى بِه...
الخطبةُ الأولَى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزات:70].
أيها المسلمون: تَتَقَارَبُ الكَلِمَاتُ وَتَتَبَاعَدُ المعَانِي، تَتَمَاثَلُ الحُرُوْفُ وَتَتَبَايَنُ المضَامِين، كَلِمَتَانِ مُتَقَارِبَتانِ في لَفْظِهمَا كُلَّ القُرْبِ، مُتَبَاعِدَتَانِ في مَعْنَاهُمَا كُلَّ البُعْدِ، اتَّحَدَتْ فِيهِمَا الحُرُوفُ وَاتَّفَقَتْ، وَتَنَافَرَتْ بَيْنَهُمَا المَقَاصِدُ وَاخْتَلَفَتْ "مُهَاجِرٌ" وَ "مُجَاهِر".
"مُهَاجِرُونَ" و "مُجَاهِرُون" وَصْفَانِ قَائِمَانِ لِفَرِيْقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن؛ فَرِيْقٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وأَرْضاهُم، وفَرِيقٌ مَقَتَهُمُ اللهُ وأَقْصَاهُم "مُهَاجِرُونَ" و "مُجَاهِرُون".
هَلْ يَسْتَوِي مَنْ سَعَى واللهُ غَايَتُهُ *** ومَنْ يَسِيرُ حَثِيثاً نَحْوَ كُلِّ هَوى
المُهَاجِرُونَ قَومٌ صَالحونَ في مُجْتَمَعٍ فاسِد، قَومٌ مُهْتَدُونَ في مُجْتَمَعٍ ضَالّ. قَومٌ اسْتَقامُوا على دِينِ اللهِ في مُجْتَمَعٍ عَلا فيهِ الفُجُورُ وسَاد. وتَمَكَّنَ فيهِ البَاطِلُ واسْتَحْكَم. فَخَرجُوا مِنْ أَرْضِهِم مُهاجِرِينَ يَبْتَغُونَ في الأَرْضِ لإِيْمانِهِم مأَمَناً. فَارَقُوا الدِّيارَ والأَموالَ والأَهلَ والوَلَد. وحَلُّوا في مُقامِ غُرْبَةٍ يَرْجُونَ مِن اللهِ نَوالاً وعَطاءً وهِدايَةً ورَشَد.
وَأَوَّلُ المُهَاجِرِينَ إبراهيمُ -عليه السلام-؛ (قَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[العنكبوت: 26]، وَهُوَ لِلمُؤْمِنِينَ إِمَامٌ (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)[الحشر: 8].
المُهَاجِرُونَ قَومٌ وَقَرَ الإِيْمانُ في قُلُوبِهِم، وَتَمَكَّنَتِ التَّقْوَى في نُفُوسِهِم؛ فآثَرُوا رِضْوانَ اللهِ على كُلِّ هَوى، وقَدَّمُوا أَمْرَ اللهِ عَلى كُلِّ أَمْر.
انْعَزَلُوا عَنْ قَومٍ سَادَ فِيهمُ الفَسادُ، وانْفَتَلُوا عَنْ مُجْتَمَعٍ فَشا فِيهِ المُنْكَر. وانْبَرَوا مِنْ بَيْن أَظْهُرِ قَومٍ لا يَزِيدُهُم البَقاءُ فِيهم إِلا ذُلاً، ولا يَنالُهُم منهم فيهِ إِلا أَذى. خَرَجُوا مِنْ مُجْتَمَعٍ مَنْ طَلَب فيهِ مُنْكَراً وَجَدَ لَهُ مِنْهُم ألفَ مُعِين، ومَنْ طَلَبَ هِدايَةً، لَمْ يَكَدْ يَجِدْ عليها فيهم مُعِين.
غُرَباءُ بِدِيْنِهِم؛ غُرَباءُ في أَوطَانِهِم، وأَرْضُ اللهِ فيها للمُسْتَضْعَفِينَ ملاذٌ ومُتَّسع؛ فَخَرَجُوا إِلى اللهِ مُهاجِرِين مِنْ أَرْضِ سَاءَ أَهْلُها وفَسَدَ عُمَّارُها، إِلى أَرْضٍ طَابَ أَهْلُها وصَلُحَ سُكَّانُها. ومَنْ صَلُحَ قَصْدُهُ جَدَّ سَعْيُه، ومَنْ طَلَبَ النّجاةَ سَلَكَ أَسبابَها.
وَفِي خَبَرِ قَاتِلِ المائةِ نَفْسٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، ومَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ التَّوبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وكَذَا، فإِنَّ بِهَا أُناسًا يَعْبُدُونَ اللهَ تَعَالَى فاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، ولَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أرضُ سُوءٍ"(متفق عليه)؛ فَخَرَج إليها مُهاجِراً يَنْشُد التَوبَةَ ويَطْلُبُ تَحْقِيقَها.
تِلْكَ الهِجْرةُ، وَمِنْ مَعَانِي الهِجْرَةِ أَنْ يَهْجُرَ المؤْمِنُ مَا نَهى اللهُ عَنْهُ، وَفي المُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ"(مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
وَمِنَ الأَعْمَالِ المُوَصِّلَةِ لِثَوابِ المُهاجِرِ، بَلِ المُوصِّلَةِ لأَعلى ثَوَابِ المُهاجِرِين، أَنْ يَفْزَعَ المؤْمِنُ إِلى عِبادَةِ رَبِّهِ في زَمَنِ "الهَرْج"؛ أَيْ: في زمَنِ الفِتَن، وأَنْ يَنْشَغِلَ بالعِبادَةِ ويَسْتَزِيدَ مِنها، في زَمَنٍ غَفَلَ عَنْها المَفْتُونُون وانْصَرَف عَنِها المُعْرِضُون؛ فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "العِبَادَة في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ"(رواه مسلم).
أُولَئِكَ المهَاجِرُونَ، هُمْ أَهْلُ المقَامِ العَليِّ، أَهُلُ السَّبْقِ للغُفْرَانِ؛ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)[النحل: 110].
وأَمَّا "المُجَاهِرُون"؛ فَأُولَئِكَ قَومٌ آخَرُون. قَومٌ أُشْرِبُوا فِيْ قُلُوبُهُمْ المُنْكَرَ، وَتَعَلَّقَتْ نُفُوسُهْم بالشَّهَواتِ. أَلِفوا المُنْكَرَاتِ فَأَقامُوا عليها، واسْتَمْرَؤُوا سَبِيْلَهَا واطْمأَنُوا إِليهَا، فَما زَجَرَهُم عَنِها وَرَعٌ، ولا حَجَبَهُمْ عَنْها خَوفٌ، ولا صَرَفَهُم عَنْهُا وَعظٌ ولا صَدَّهُم عَنْها تَقْوَى.
يُجاهِرُونَ بِما اقْتَرَفُوا، ويُعْلِنُونَ بِما عَمِلُوا. يُقْبِلُونَ على المُنْكَرِ إقْبالَ الظَمْآن عَلى مَورِدٍ وقَد طَال بِهِ العَطَش. يُشِيعُونَ المُنْكَرَ في كُلِّ مَجْلِسٍ، ويجاهِرُونَ بِهِ في كُلِّ نادٍ. يَدعونَ إِلى المُنْكرِ بأَفعَالهِم، ويُهَوِّنُونَهُ بِمُجاهَرَتِهِم. دُعاةٌ إِلى الضَلالِ فَبِئِسَ ما اقْتَرَفُوا؛ يَحْمِلُونَ أَوزَارَهُم وأَوزارًا مَعَ أَوزارِهِم، وفي الحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "وَمَنْ دَعا إِلى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا"(رواه مسلم).
مُجَاهِرُون، يُظْهِرُونَ المُنْكَرَ في العَلَنِ، أَو بالمُنْكَرِ الذي أَحْدَثُوهُ في السِّرِ يَتَحَدَّثُون. يُمْسِي أَحَدُهُم على ذَنْبٍ اقْتَرَفَهُ، قَدْ أَحاطَهُ اللهُ بِسِتْرِه، وفي الغَدِ يَلْقَى خَلِيْلَهُ فَيَرْوِي لَهُ ما اقْتَرَف، ويَحْكِي لَهُ ما ارْتَكَب، ويُظْهِرُ لَهُ ما أَخْفَى. يُحَدِّثُ عَنْ أَوزارِهِ في أَسْفارِه، وعَنْ جرأَتِهِ عَلى حُدودِ اللهِ في خَلَواتِه.
مُجَاهِرٌ مَمْقُوتٌ لا تَنْزِلُ بِساحَتِهِ عافِيَة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"(متفق عليه).
وَمَنْ كَانَ بالذَّنْبِ مُسْتَتِراً، ولم يكن بِهِ مُسْتَخِفّاً، ولا لَهُ مُحْتَقِراً، فَحَرِيٌ أَنْ يُسلَك في زُمَرِ المَرْحُومِين، وَأَنْ يُشمَلَ بِالعَفْوِ مِنْ أَرْحَمِ الرَّاحِمِين؛ فعن ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: "يُدْنَى الْمُؤْمِنُ يَومَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَومَ، فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ"(متفق عليه).
(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الأنعام: 54].
بارك الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- لعلكم ترحمون.
أيها المسلمون: المُجَاهِرُون قَومٌ يَستَبِقُونَ العُقُوبَةِ بِحُمْقٍ، ويَطْرُقُونَ أَبَوابَها بِعَجَل. يُغْلِظُونَ الحِجابَ بَيْنَهُم وبَيْنَ العَافِيَةِ. يُجاهِرُونَ بالذُّنُوبِ غَيْرَ مُكْتَرِثِين، يُحِبُّونَ أَنْ يَشِيعَ المُنْكَرُ في الذِيْن آمَنُوا.
مُجاهَرَةٌ مُهْلِكَةٌ، والله -تَعالَى- يَغَار، وفي الحديث المُتَّفَقِ عَلِيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"(رواه البخاري ومسلم).
ومِنْ أَبْشَعِ صُورِ المُجاهَرَةِ، أَنْ يَكُونَ المرءُ سَبباً في نَشْرِ المُنْكَر، فَيُرَوِّجُ لِمُنْكَرٍ أَو يَدُعو إِليه، أَو يُعْلِنُ لَهُ أَو يَتَباهَى بِه. قَالَ ابنُ بَطَّال -رحمه الله-: "في الجَهْرِ بالمعْصِيَةِ اسْتِخفافٌ بِحَقِّ الله ورَسُولِه، وبِصالحِي المُؤْمِنِين، وفيه ضَرْبٌ مِن العِنادِ لَهُم، وفي السِّتْرِ بِها، السَّلامَةُ مِن الاسْتِخفاف".
وَهَيْهَاتَ لا يَسْتَوُونَ، مُهَاجرٌ هَاجَرَ في سَبِيْلِ اللهِ، وهَجَرَ ما حَرَّمَ الله عَلِيْه، ومُجاهِرٌ يَتَباهَى بِبَلْواهُ، ويَتَغَنَى بِالذَّنْبِ يَهْتِكُ سِتْرَ اللهِ عليه.
هَيْهَاتَ لا يَسْتَوُونَ؛ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)[الجاثية: 21]، (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)[ص: 28]، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)[البقرة: 207].
هَيْهاتَ لا يَسْتَوون؛ "والْقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها".
هَاجِرْ إِلى اللهِ وَاحْذَرْ أَنْ تُخَادِعَهُ *** فاللهُ يَرْحَمُ مَنْ يَعْصِي وَيَدَّكِرُ
لا تُشْهِرِ الذَّنْبَ، لا تَحْضُرْ نَوَادِيَهُ *** فَاللهُ أَغْيَرُ، وَالدُّنْيا لها غِيَرُ
اللهم طهِّر قلوبنا، وأصلح سرائرنا.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم