من فضائل المدينة وتوجيهات لزائريها

الشيخ عبدالله بن علي الطريف

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ بركة المدينة ودعاء النبي الكريم لها 2/ فضلها وفضل سكناها والموت فيها 3/ حب النبي الكريم لها 4/ حرمتها وحفظها من الكيد والأوبئة والدجال 5/ فضل المسجد النبوي ومسجد قباء 6/ من آداب زيارة النبي الكريم 7/ أمور منهي عنها عند زيارة المدينة   

اقتباس

تتفاوَتُ البلدان والأوطانُ شرفًا، ومكَانَةً، وعُلوًّا، وحُرمَةً، ومجدًا، وتأريخًا؛ وتَأتي المدينةُ النبَويّةُ، بلدُ المصطَفَى -صلى الله عليه وسلم-، أَرضُ الهِجرَةِ، ودَارُ الإيمانِ، ومَوطِنُ السنّةِ، في المكانِ الأعلى، والموطنِ الأسنى، فهي تلي مكّةَ سيِّدةَ البلدانِ في الحرمةِ والإكرامِ، والتعظيمِ والاحترامِ، فيها قامَت الدّولةُ النبويَّة، والخلافَةُ الإسلاميّة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت بقَرْيَةٍ تأكلُ القُرى، يقولون يثرب وهى المدينة، تنفى النَّاسَ كما ينفى الكِيرُ خبثَ الحديد" متفق عليه...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

أمّا بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال:29].

 

أيها الإخوة: لقد أُخرج رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من مكةَ وهي أحبُ بلادِ الله إلى اللهِ، وأحبُها إلى رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، واختار الله له سكنى المدينة.

 

قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ، فَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ وَاشْتَكَى بِلَالٌ -رضي الله عنهما-؛ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَكْوَى أَصْحَابِهِ قَالَ: "اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ؛ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ".

 

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ". فقد كانت بلاد كفر، فاستجاب الله له.

 

قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، فَكَانَ بُطْحَانُ [وادٍ في المدينة] يَجْرِي نَجْلًا، تَعْنِي مَاءً آجِنًا [متغير الطعم واللون]. رواه البخاري ومسلم. قال ابن حجر: فعادَت المدينة أصحَّ البلاد بعد أن كانت بخلاف ذلك.

 

نعم؛ لقد تحقق لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أراد، فقد كان يشتاق إليها إذا خرج منها، فعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ، ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِي الْقُرَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي مُسْرِعٌ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ مَعِي، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَمْكُثْ"، فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" رواه مسلم.

 

أيّها الإخوة: تتفاوَتُ البلدان والأوطانُ شرفًا، ومكَانَةً، وعُلوًّا، وحُرمَةً، ومجدًا، وتأريخًا؛ وتَأتي المدينةُ النبَويّةُ، بلدُ المصطَفَى -صلى الله عليه وسلم-، أَرضُ الهِجرَةِ، ودَارُ الإيمانِ، ومَوطِنُ السنّةِ، في المكانِ الأعلى، والموطنِ الأسنى، فهي تلي مكّةَ سيِّدةَ البلدانِ في الحرمةِ والإكرامِ، والتعظيمِ والاحترامِ، فيها قامَت الدّولةُ النبويَّة، والخلافَةُ الإسلاميّة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت بقَرْيَةٍ تأكلُ القُرى، يقولون يثرب وهى المدينة، تنفى النَّاسَ كما ينفى الكِيرُ خبثَ الحديد" متفق عليه...

 

والمعنى: أمرت بالهجرة إليها واستيطانها، ومعنى "تأكل القرى"، قيل: تغلبها وتظهر عليها. وقال مالك: تأكل القرى، أي: تفتح القرى، لأنه مـن المدينة افتتحت القرى كلها بالإسلام.

 

المدينة دَارةُ المحاسِن، طيبَةُ الغرّاء، طَابةُ الفَيحَاء، الفضائِلُ مجموعَةٌ فيها, والإيمانُ يَأرِز في نواحِيهَا، قَالَ رَسولُ الله: "إنّ الإيمانَ ليَأرِز إلى المدينةِ كما تأرزُ الحيّةُ إلى جُحرها" متفق عليه عن أبى هريرة -رضي الله عنه-.

 

وقال رسول الله: "إنّ الإسلامَ بدَأ غريبًا وسَيَعود غريبًا كما بدَأ، وهو يأرِزُ بين المسجِدين كما تأرِزُ الحيّةُ إلى جُحرِها" رواه مسلم عن عبد الله بنِ عمر -رضي الله عنهما-.

 

المدينة: سَكَنُها واستيطانها مع الإيمان شَرَفٌ بالغ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا" رواه أحمد وأبو داود والترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ وصححه الألباني. وكان عمر بنُ الخطاب -رضي الله عنه- يقول: "اللَّهمَّ ارزُقني شهادةً في سَبيلك, واجعَل مَوتي في بَلدِ رسولِك محمّد" رواه البخاريّ. وقد تحقق له ذلك.

 

وكانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا قَدِم مِن سَفرٍ ونَظَر إلى جُدُرها ودَوحَاتها ودَرَجاتها أوضَعَ راحِلته, وحرّكها واستَحَثّها, وأسرع بها؛ لحُـــــبِّه لها! فهي حبيبة له، وهو القائِل: "اللَّهمَّ حبِّب إلينا المدينةَ كحبِّنا مكّةَ أو أشَدّ".

 

ولاَ غَروَ، فهي دارُه ومُهاجَره، فيها نُصِب محرابُه ورُفع مِنبره، وفيها مَضجَعه، ومنها مَبعَثه، بلدةٌ آمِنة، لا يُهرَاق فيها دَم, ولا يحمَل فيها سِلاحٌ لقِتال، فعن سَهلِ بنِ حنيف -رضي الله عنه- قال: أهوى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بيدِهِ إلى المدينةِ فقال: "إنها حَرَمٌ آمِن" رواه مسلم.

 

قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَكِيدُ أَهْلَ المَدِينَةِ أَحَدٌ -أي: يريدُهم بسوءٍ أو شرٍّ- إِلَّا انْمَاعَ -أي: ذاب- كَمَا يَنْمَاعُ المِلْحُ فِي المَاءِ"، المقصود: أهلكه الله -تعالى- ولم يمهله. متفق عليه عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه-.

 

ويقول: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ظُلْمًا أَخَافَهُ اللهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا" رواه أحمد عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ -رضي الله عنه- وهو صحيح الإسناد.

 

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَقَدْ أَخَافَ مَا بَيْنَ جَنْبَيَّ" أي: قلبه. رواه أحمد وهو صحيح الإسناد. وقال "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ" رواه ابن حبان، وقال الألباني: حسن صحيح ،كلاهما عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-.

 

المدينة محفوظةٌ لا يدخُلُها الطاعون، ولا رُعبُ الدّجالِ، ولا فَزَعُه، قَالَ رسولُ الله: "عَلَى أَنقَابِ المدينةِ مَلائكةٌ، لا يدخُلُها الطاعونُ ولا الدَّجال" متّفق عليه عَن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

 

ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "يَأْتِي الْمَسِيحُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، هِمَّتُهُ الْمَدِينَةُ، حَتَّى يَنْزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ، ثُمَّ تَصْرِفُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ قِبَلَ الشَّامِ، وَهُنَالِكَ يَهْلِكُ" رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

 

ويقول -عليه الصلاة والسلام- وهو يُحَدِّثُنَا عَنِ الدَّجَّالِ: "وَأَنَّهُ لاَ يَبْقَى سَهْلٌ إِلاَّ وَطِئَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَلاَ يَأْتِيهَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهَا إِلاَّ لَقِيَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ صُلّتًا بِالسُّيُوفِ، فينزل عِنْدَ الضَّرِيبِ الأَحْمَرِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبِخَةِ، فَتَرْجِفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَلاَ يَبْقَى فِيهَا مُنَافِقٌ وَلاَ مُنَافِقَةٌ إِلاَّ خَرَجَ إِلَيْهِ، تَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ مِنْهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ" صححه الألباني.

 

المدينة حَرامٌ ما بين لابَتَيها وحرَّتَيها وَجبَلَيها ومَأزِمَيها، لا يُصادُ صَيدُها, ولا يُؤخَذ طَيرها, ولا يُعضَد شوكُها, ولا يخبَط شَجَرها, ولا يختَلَى خَلاها, ولا تؤخَذ لقطتُها إلا لمَن يُعرِّفها؛ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا" رواه مسلم عَنْ جَابِرٍ.

 

ويقول أبو هريرةَ -رضي الله عنه-: لو رأيتُ الظباءَ في المدينةِ ما ذَعَرتها، قال رسول الله: "ما بَين لابتَيها حَرامٌ" متَّفق عليه. وحَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- أَنَّه كَانَ يَجِدُ أَحَدَنَا فِي يَدِهِ الطَّيْرُ، [قد أخذَه] فَيَفُكُّهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ يُرْسِلُهُ. رواه مسلم.

 

ويقول الرسول: "المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ" متَّفق عليه من حديثِ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

 

أيّها الإخوة: البرَكةُ في المدينةِ حَالّةٌ في صاعِها ومُدِّها ومِكيالها وثمرِها وقَليلِها وكثيرِها، دعا لها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالبركةِ فقَالَ: "اللهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ" رواه مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-.

 

أحبتي: والصلاةُ في مسجدِ المدينة مضاعفةُ الجزاء، قال: -صلى الله عليه وسلم-: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ" متفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

 

وفي هذا المسجِد المبارك روضَة من رياض الجنّة، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي" متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قيل في معناه: إن الموضع بعينه ينقل إلى الجنة، وقيل: إن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة.

 

وثبَت عن الرسول فضلُ الصلاة في مسجدِ قُباء، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاء فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ" رواه ابن ماجة وصححه الألباني عن سَهْل بْن حُنَيْفٍ -رضي الله عنه-. ولا يُقصَد هذا المسجد في أوقاتِ النّهي؛ لكونها أوقاتًا يُنهى فيها عن التَّنَفّل.

 

وبعد: هذه هي المدينةُ، وهذه بعض فضائلها وهي لا تحصَى، وبَركاتها لا تُستَقصَى.

 

أقول ما تَسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمينَ من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه؛ إنّه هو الغفور الرَّحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

أمّا بعد: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

 

أيها الإخوة: من زار المدينة أو سكنها عليه أن يَستشعِر أنه في أرضٍ درَج عليها رسول الله وصَحابتُه الكرامُ، وعاشوا فيها بالهدَى والتّقى، فاللهَ اللهَ في اقتفاء آثارهم، وسلوكِ مِنهاجِهم، والسيرِ على طريقتهم!.

 

أحبتي: قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- وهو يتحدث عن زيارة المدينة: وإذا تيسر له أن يصلي في الروضة كان أفضل، ثم يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه.

 

والسنة أن يستقبل الزائر النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه حين السلام ويقول: السلام عليك يا رسول الله، ورحمة الله وبركاته، وإن دعا له، كأن يقول: جزاك الله عن أمتك خيرا، وضاعف لك الحسنات، وأحسن إليك كما أحسنت إلى الأمة، فلا حرج في ذلك.

 

وإن قال: أشهدُ أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، فلا حرج في ذلك؛ لان هذا كله حق. ثم يسلم على صاحبيه، ويدعو لهما بالدعوات المناسبة.

 

ثم نبه الشيخ -رحمه الله- تنبيهاً مهماً علينا التنبه له وعدم الانجرار وراء العاطفة، قال -رحمه الله-: أما إذا أراد الدعاء لنفسه فإنه يتحول إلى مكان آخر ويستقبل القبلة. اهـ.

 

ولا يُزار في المدينةِ النبويّة من المساجِد على سبيل التعبد وطلب السنة سِوى هذين المسجدين: مسجدِ رَسولِ الله، ومسجدِ قُباء؛ لكن، لو زار غيرها على سبيل الاطلاع والسياحة أو زار بعض المواقع التاريخية فلا حرج.

 

أيّها الإخوة: مَن اعتقد جوازَ الطواف بالقبور، أو التبرُّكِ بتربتِها، أو الاستشفاءِ بها، أو التوسِّلِ بأصحابها، أو نِدائِها ودعاءِ أهلِها؛ فقد اعتقَدَ باطلاً، وأتى حَادِثًا مُنكرًا، ولو كان قبر رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

ومَن اعتَقَد أنّ البركةَ إنما تحصُل بمسحِ جِدارٍ أو عَمودٍ أو بابٍ، أو تَقبِيل مِنبرٍ ومحرابٍ، فقَد جانَبَ الصّوابَ, وخالفَ السنّة والكتابَ، وعليه الكفُّ عن ذلك، والتّوبةُ وعَدَم العودة.

 

اللهم ارزقنا جميعًا فيها حُسنَ الأدب، واغفر لنا ولوالدينا يا جواد يا وهاب...

 

 

المرفقات

فضائل المدينة وتوجيهات لزائريها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات