عناصر الخطبة
1/علاقة القلب بالجوارح 2/أعظم العبادات عبادات القلب 3/من أمثلة عبادات القلب 4/الحث على تعاهد القلوباقتباس
إنَّ مِنَ القُلُوبِ لَمَنْ يَعبُدُ رَبَّهُ عِبَادةَ الإحسانِ، يَعبُدُ اللهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، فَيَخرُجُ مِن ذَلكَ الجَسَدِ مِنْ بَينِ النَّاسِ، فيُحلِّقُ في السَّمَاءِ، فيَمُرُّ عَلى المَلائكَةِ قَائمِينَ وَرَاكِعِينَ وَسَاجِدِينَ، حَتَى يَصِلَ إلى العَرشِ، فَيَسجُدُ للهِ سَجدَةً، لا يَرفَعُ مِنهَا حَتَى تَخرُجَ الرُّوحُ مِن الجَسدِ...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أَمَّا بَعدُ: اسمَعُوا إلى هَذَا الحَدِيثِ، ولَكِنْ بِقُلُوبِكُم لأَنَّهَا هِيَ المُخَاطَبَةُ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"، فَلا إلهَ إلا اللهُ، إنَّهُ وَاللهِ تَشخِيصٌ لِلدَّاء، مِنْ كَلامِ خَيرِ الأَنبِيَاءِ، فَمَنْ وَجَدَ فِي جَوَارحِهِ فَسَادَاً، كَفِعلٍ لِلحَرامِ، وَنَظَرٍ لِلحَرامِ، وَسَمعٍ لِلحَرامِ، وَكَلامٍ بِالحَرامِ؛ فَليَعلَمْ عِلمَ يَقينٍ أَنَّ مَصدَرَ البَلاءِ هُوَ القَلبُ.
فَيَا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ: مَا هُوَ حَالُنا مَعَ قُلُوبِنا؟ تِلكَ القُلُوبُ التي عَليهَا المَدَارُ، في يَومٍ لا يَكونُ المُلكُ فِيهِ إلا للهِ الوَاحدِ القَهَّارِ؛ (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء: 88، 89]، فِي القَلبِ نَوَايا، وَفِي القَلبِ خَفَايَا، هُوَ المَكَانُ الذي يَنظُرُ إِليهِ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنكَ؛ "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"، فَقُلْ لي: يَا عَبدَ اللهِ، مَا الذي يَنظُرُ اللهُ -تَعَالى- إِليهِ في قَلبِكَ الآنَ؟ أَينظُرُ إلى الهُدى والتُّقَى والإيمَانِ؟ أَم يَنظُرُ إلى الدُّنيَا وَالهَوَى وَالشَّيطَانِ؟.
فِي القَلبِ عِبَادَاتٌ هِيَ أَعظَمُ العِبَادَاتِ، وَطَاعَاتٌ يُحبُها رَبُّ الأَرضِ وَالسَّمَاوَات، فَالإخلاصُ الذي لا تُقبلُ عِبَادةٌ إلا بِهِ، مَحلُّهُ القَلبُ؛ (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)[البينة: 5]، فَالقَلبُ المُخلِصُ لا يَرَى إلا اللهَ وَحدَهُ -تَعَالى-، فَأَفعَالُهُ للهِ، وَأَقوَالُه للهِ، وَكَلامُهُ للهِ، بَل حَتَى المُبَاحَاتِ يَجعَلُهَا بِنيَّتِهِ إلى عِبَادَاتٍ عَظِيمَةٍ، فَيَأكُلُ وَيَشرَبُ وَيَنَامُ وَيَكُونُ لَهُ أَجرٌ كَبيرٌ، لأَنَّهُ نَوَى بِهَا الاستِعَانَةَ عَلى عِبَادَةِ السَّميعِ البَصيرِ.
الإخلاصُ في القَلبِ هُوَ النَّجَاةُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، فَهَذَا عِكرِمةُ بِنُ أَبي جَهلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- لَمَّا فَرَّ بَعدَ فَتحِ مَكةَ "رَكِبَ الْبَحْرَ، فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا؛ فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَا هُنَا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: واللهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي مِنَ الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ لاَ يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا، إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-، حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، فَجَاءَ فَأَسْلَمَ"، هذا في الدنيا، وَأَمَّا في الآخِرَةِ فَقَالَ أبِـو هُرَيْـرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْـهُ-: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقال: "أسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِـي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قال: لا إِلَـهَ إِلا اللهُ خَالِصاً مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ".
أَمَّا الحُبُّ، وَمَا أَدرَاكَ مَا الحُبُّ؟! (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)[البقرة: 165]، فَلَيسَ لَهُ مَكَانٌ إلا في القَلبِ، وَاعلَمْ أَنَّهُ لا يُحَبُ أَحَدٌ لِذَاتِهِ إلا اللهَ -سُبحَانَهُ-، وَأَنًّ مَا سُوَى اللهِ لا يُحبُ إلا للهِ، فَالقَلبُ السَّليمُ، لَيسَ في قَلبِهِ مُحِبَّاً أَعظَمُ مِنَ اللهِ، فَيُحِبُّ اللهَ، وفي اللهِ، وللهِ، يُحِبُّ كُلَّ مَا يُحبُّهُ اللهُ -تَعَالى-، يُحِبُّ النَّبيَّ وَالإسلامَ والقُرآنَ لأَنَّهَا مِن أَحبَابِ الرَّحمَانِ؛ (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32].
فَلا يَزَالُ يَتَقَلَّبُ في تِلكَ المَحبَّةِ، حَتَى يَصِلَ إلى مَنزِلَةِ (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)[المائدة: 54]، وَهِيَ التي قَالَ فِيهَا النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ".
وَمِن عِبَادَاتِ القَلبِ: المُرَاقَبَةُ، وَكَيفَ لا يُرَاقِبُ اللهَ -تَعَالى- وَهُوَ يَسمَعُ ذَلِكَ الوَعِيدَ في قَولِه: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)[البقرة: 235]، فَالقَلبُ الحَيُّ، مُتَعَلِّقٌ باِلآخرةِ، كُلَمَا دَعتْهُ مَعصِيةٌ تَذَكَّرَ ذَلِكَ المَوقِفَ العَظِيمَ عِندَ اللهِ -تَعَالى-، عِندَمَا تُحبطُ ذُنوبُ الخَلوَاتِ الأعمالَ، وَلَو كَانَتْ كَبيرةً فِي حَجمِ الجِبَالِ، كَمَا جَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقَولُ: "لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا"، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا".
وَمِن العِبَادَاتِ القَلبيةِ: الخَشيَةُ، وَتُقَاسُ هَذِهِ العِبَادةُ عِندَ سَمَاعِ كَلامِ اللهِ، الذي قَالَ عَنهُ -تَعَالى-: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)[الحشر: 21]، فَإذَا كَانَ هَذَا أَثرُهُ في جَبَلٍ أَشَّمٍ، فَكِيفَ أَثَرَهُ فِي ِقِطعَةِ لَحمٍ، فَقُلُوبُ أَهلِ الإيمانِ وَصَفَها اللهُ -تَعَالى- بِقَولِهِ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)[الأنفال: 2]، قُلُوبٌ مَهمَا فَعَلَتْ مِن الخَيرِ، فَلا تَزالُ تَشعُرُ بِالتَّقصِيرِ، في شُكرِ نِعَمِ اللَّطِيفِ الخَبِيرِ؛ (إنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)[المؤمنون: 57 - 61].
تِلكَ القُلوبُ هِيَ القُلُوبُ الفَائزةُ، في يَومٍ تَكُونُ لِلمُنيبِينَ الجَائزةُ، كَمَا قَالَ -تَعَالى-: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)[ق: 31 - 35].
أَقُولُ قَولي هَذَا، وَأَستغفِرُ اللهَ -تَعَالى- لي وَلَكُم مِنْ كُلِّ ذَنبٍ فَاستغفِرُوهُ؛ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمدُ للهِ الذي يَعلمُ السِّرَّ وَأَخفَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبيِّنَا مُحمَدٍ وَعَلَى آلهِ وَأَصحَابِه وَمَنْ تَبعَهُم بِإحسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ، أَمَّا بَعدُ:
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ: إنَّ القُلُوبَ لَتَعمَى وَتَغفَلُ وَيُطبَعُ عَليها، وَتَقسُو وَتَزِيغُ وَيُختَمُ عَليها، وَتَمرَضُ بَل قَد تَمُوتُ، فَتعَاهَدُوا قُلُوبَكم، وَتَأَكَّدُوا مِن سَلامَتِهَا، فَإنْ أَصَابَها دَاءٌ فَعليكُم بِالدَّواءِ، يَقُولُ يَحيى بنُ مُعاذٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "دَوَاءُ القَلبِ خَمْسةُ أَشياءَ: قِرَاءةُ القُرآنِ بالتَّفَكُّرِ، وخُلُو البَطنِ، وقِيَامُ اللَّيلِ، والتَّضَرُّعُ عِندَ السَّحَرِ، ومُجَالسَةُ الصَّالحينَ".
إنَّ مِنَ القُلُوبِ لَمَنْ يَعبُدُ رَبَّهُ عِبَادةَ الإحسانِ، يَعبُدُ اللهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، فَيَخرُجُ مِن ذَلكَ الجَسَدِ مِنْ بَينِ النَّاسِ، فيُحلِّقُ في السَّمَاءِ، فيَمُرُّ عَلى المَلائكَةِ قَائمِينَ وَرَاكِعِينَ وَسَاجِدِينَ، حَتَى يَصِلَ إلى العَرشِ، فَيَسجُدُ للهِ سَجدَةً، لا يَرفَعُ مِنهَا حَتَى تَخرُجَ الرُّوحُ مِن الجَسدِ، مُتَصِّلٌ بِذِكرِ رَبِّهِ، قَائمٌ بِأَدَاءِ حُقُوقِهِ، نَاظِرٌ إليهِ، أَحرَقَتهُ عَظَمَةُ اللهِ وَهيبَتُهُ، فَإنْ تَكَلَّمَ فَبِاللهِ، وَإنْ نَطَقَ فَعِنِ اللهِ، وَإنْ تَحَرَّكَ أَوسَكَنَ فَبِأَمرِ اللهِ، فَهُو باللهِ، وللهِ، وَمَعَ اللهِ، يَفرحُ بِالطَّاعَةِ، وَيَحزَنُ بِالمَعصيةِ، يُحاسِبُ نَفسَهُ، يَدعُو رَبَّهُ بِدُعَاءِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عِليهِ وَسَلَّمَ-: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، وَيَخَافُ (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)[النور: 37].
فَيَا أَيُّهَا القَلبُ: كُنْ للهِ عَبدَاً، كُنْ صَالِحَاً، كُنْ مُنِيبَاً، وَاعلَمْ أَنَّ لَكَ في القُرآنِ شِفَاءٌ كَمَا قَالَ اللهُ -تَعَالى-: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[يونس: 57]، وَإيَّاكَ وَالقَسوَةَ بِطُولِ الأَمَدِ عَن كَلامِ رَبِّكَ؛ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)[الحديد: 16].
اللهمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْوبَنا عَلَى دِينِكَ، اللهمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنا إلى طَاعتِكَ، اللهمَّ حَبَّبَ إِلَيْنا الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِنا، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر: 10].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم