من الخذلان: الجهل بالأعداء

صلاح بن محمد البدير

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/ من أعظم الخُذلان أن يجهل المرءُ عدوَّه 2/ عمالتهم لأعداء الإسلام 3/ يعادون الأعداء ظاهرًا ويوالونهم باطنًا 4/ ضرورة وعي المسلمين بعدوهم 5/ دعوة لنصرة أهلنا في الشام

اقتباس

من أعظم الخُذلان أن يجهل المرءُ عدوَّه، فلا يعرفُ جليَّة أمره، ولا يعلمُ عِظَم كيده ومكره، ولا يسعَى لإيقاف خطره وشرِّه، وربما ركنَ إليه ووثِق بموعوده واغترَّ بشعاراته، وكم رأينا شعاراتٍ وراياتٍ، وكم سمِعنا نداءاتٍ وهُتافات تُنادي بالموت لأعداء الأمة، وتحمِل لواءَ المُمانعة والمواجهة والمُقاومة في وجه المُعتدِي المُحتلُّ!

 

 

 

 

الحمد لله، الحمد لله أنشأ وبرَا، وأبدعَ كل شيءٍ وذرى، لا يغيبُ عن علمه ما عنَّ وما طرا وما جرى، أحمده ما قُطِع نهارٌ بسيرٍ وليلٌ بسُرَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حذَّرنا من كيد العِدا، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله سيدُ الخلق بلا مِرا، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ليوث الوغَى، وأُسد الشَّرَى، وغيظ العِدا، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً تبقى وسلامًا يَترى.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله حق التقوى؛ فبالتقوى يُرفع البلا، ويُدفَع كيدُ العِدا، (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) [آل عمران: 120].

أيها المسلمون: من أعظم الخُذلان أن يجهل المرءُ عدوَّه، فلا يعرفُ جليَّة أمره، ولا يعلمُ عِظَم كيده ومكره، ولا يسعَى لإيقاف خطره وشرِّه، وربما ركنَ إليه ووثِق بموعوده واغترَّ بشعاراته، وكم رأينا شعاراتٍ وراياتٍ، وكم سمِعنا نداءاتٍ وهُتافات تُنادي بالموت لأعداء الأمة، وتحمِل لواءَ المُمانعة والمواجهة والمُقاومة في وجه المُعتدِي المُحتلُّ!

وما هي إلا شعاراتٌ خدَّاعة تخدعُ البُسطاء، وتستميلُ عواطِف البُلهاء والغوغاء، شعاراتٌ يُكذِّبُها التآمُر المكشوف، ويدحضُها التواطُؤ المفضوح والولاء المُتبادَل. والتاريخُ يحكي، والتاريخُ لا يكذِب.

فحينما كانت المعركةُ قائمةً بين الأمة وعدوِّها كان حامِلو تلك الشعارات هم الحامين لظهره، المُستودَعين لسرِّه، المُنقادين لأمره.

ولم يستبِح العدوُّ أرضَ الإسلام في تاريخٍ غابرٍ أو حاضرٍ إلا على ظهورهم، وبسبب كيدهم وتآمُرهم وخيانتهم، وقد دبَّروا على الإسلام وأهله من الأمور الفظيعة ما لم يُؤرَّخ أبشع منه، وحصل في التاريخ الحاضر من البشائع والفظائع من أحفاد أولئك مثلُ ما حصل من أسلافهم أو أشد، وصدق الله -ومَن أصدقُ من الله قيلاً-: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة: 82].

وكل من حمل رايةَ الجهاد من الأمة مُصيبًا -كان أم مُخطئًا- طالَته آلةُ العدو بالقتل والتصفية، ومن حمل رايةَ الجهاد من أولئك لم يبلُغه من أعداء الأمة إلا السلامةُ والإعانة؛ لأنهم يعلمون أن سلاحَه لم يكن يومًا لقتالهم أو مُنابَذتهم أو مُجابهتهم.

يُعادونهم ظاهرًا، ويُوالونهم باطنًا، وما استباح سفَّاحٌ ديارًا للمُسلمين فقتلَ رجالَهم، واغتصبَ نساءَهم، ودمَّر مساجِدَهم، وحرَّق كُتبَهم، إلا نالَه من ثنائِهم وتأييدهم وعونِهم ما يدلُّ على أنهم أعداء الأمة حقًّا، وأنصارُ العدو صدقًا.

ولا يذمُّون عدوًّا للإسلام إلا لهدفٍ يخدِم مصالِحَهم، لا لولاءٍ لدين الإسلام وأهله، وما امتدَّ سُلطانهم على أرضٍ إلا أزالوا منها معالمَ الدين الحق، ونشَروا ما يُناقِضُ دينَ نبيِّنا وسيِّدنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، ولا أدلَّ على العداوة لدين الله من ذلك.

فعلى المُسلمين أن يكونوا أشدَّ وعيًا وأسرعَ سعيًا لصدِّ الخطر المُحدِق من شرار الخلق حمايةً للدين الحق، والعقيدة الصحيحة، ودين الإسلام الذي جاء به نبيُّنا وسيدُنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-، وهو الواجبُ الذي أوجبَه الله على الأمة في قوله -عز وجل-: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: 36]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "جاهِدوا المُشركين بألسِنتكم وأنفسكم وأموالكم وأيديكم". أخرجه أحمد من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي لا خير إلا منه، ولا فضلَ إلا من لدُنه، أحمده حمدًا لا انقطاع لراتبه، ولا إقلاع لسحائبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سميعٌ لمن يُناديه، قريبٌ ممن يُناجيه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والسائرين على ذلك السبيل، وسائر المُنتمين إلى ذلك القَبيل.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

أيها المسلمون: طاغيةُ الغي وقائدُ البغي ومعه أحلافُ الخُرافة، وأشياعُ الضلالة، وأعداءُ السنة، يرتكِبون العظائم، ويقترِفون المخازي والمآثِم في شامِنا الحبيبة، ولا يُرجى من عدوٍّ للإسلام أن يُحارِبَ عدوًّا للإسلام لأجل أهل الإسلام؛ فإن فعلَ فلمصالح لا تعدُو أن تكون في حقيقتها عداءً للإسلام.

فيا أهل الإسلام: لا تخذلوا أهلَكم في الشام، لا تخذلوا أهلَكم في الشام، لا تخذلوا أهلَكم في الشام، انصُروهم وأعينوهم وأمِدُّوهم بما يُمكِّنُهم من كسر شوكة عدوِّهم، وحسم معركتهم معه.

واعلموا أن أعظم العارِ خُذلانهم، وأعظمُ الخطر تركُ مُناصرتهم، فانصُروهم فانصروهم، (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) [النساء: 84].

اللهم انصر أهلَنا في الشام، اللهم انصر أهلَنا في الشام، اللهم انصر أهلَنا في الشام على القوم المُجرمين يا رب العالمين.

اللهم عليك بمن يقتُل أهلَنا في الشام، اللهم عليك بمن يقتُل أهلَنا في الشام، اللهم اقصِم ظهرَه، اللهم اقصِم ظهرَه، اللهم اقصِم ظهرَه، اللهم اقصِم ظهرَه يا قوي يا عزيزُ يا رب العالمين، اللهم عليك به وبمن عاونَه وساندَه يا قوي يا عزيزُ يا رب العالمين.

اللهم دُكَّ عروشَهم، وفُلَّ جيوشَهم، وانصُر جيشَ المُوحِّدين عليهم يا رب العالمين، يا قوي يا عزيزُ يا أكرم الأكرمين.

اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصهاينة الغادِرين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجِزونك، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود الغاصبين يا رب العالمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّر أعداء الدين يا رب العالمين.

اللهم وأدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعِزَّها واستقرارَها يا رب العالمين.
 

 

 

 

المرفقات

الخذلان الجهل بالأعداء

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات