من آداب المسلم في يومه وليلته

علي بن يحيى الحدادي

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: بناء المجتمع
عناصر الخطبة
1/شمولية الإسلام وكماله 2/آداب الاستيقاظ من النوم 3/آداب قضاء الحاجة 4/آداب خروج ودخول البيت 5/آداب الأكل والشرب 6/آداب النوم 7/آداب اللباس والزينة

اقتباس

لقد منَّ الله علينا بدين كامل شمل العقائد والأحكام والأخلاق، وتنظيم شؤون الأفراد والجماعات والدول، كما اعتنى بالأدب والسلوك اليومي للعبد في طعامه وشرابه، ولباسه ودخوله ومخرجه، وغير ذلك. وفي هذه الخطبة عرض لبعض الآداب التي حثنا عليها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، مما يكمل بها الإيمان، وتتهذب بها النفوس، وتتجمل بها الأبدان، ويصلح بها حال الفرد والمجتمع. فيستحب للمسلم إذا...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

أما بعد:

 

لقد منَّ الله علينا بدين كامل شمل العقائد والأحكام والأخلاق، وتنظيم شؤون الأفراد والجماعات والدول، كما اعتنى بالأدب والسلوك اليومي للعبد في طعامه وشرابه، ولباسه ودخوله ومخرجه، وغير ذلك.

 

وفي هذه الخطبة عرض لبعض الآداب التي حثنا عليها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، مما يكمل بها الإيمان، وتتهذب بها النفوس، وتتجمل بها الأبدان، ويصلح بها حال الفرد والمجتمع.

 

فيستحب للمسلم إذا استيقظ من نومه: أن يذكر الله قائلاً: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور".

 

وأن يغسل كفيه ثلاثاً، ويستنشق ويستنثر ثلاثاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من منامه، فليستنثر ثلاثا, فإن الشيطان يبيت على خيشومه".

 

ولقوله: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده" [متفق عليهما].

 

فإذا أراد دخول الخلاء، قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".

 

أي من الشر ومن الأنفس الشريرة.

 

ولا يستقبل القبلة بغائط ولا بول ولا يستدبرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تسدبروها، ولكن شرقوا أوغربوا".

 

وأما في البنيان فمن أهل العلم من يرخص فيه لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 

وإذا بال فلا يمسك ذكره بيمينه وإذا استنجى، فلا يستنجي بيمينه، ولكن بشماله، ولا يبول قائماً إلا عند الحاجة، وعند أمن اتساخ ثيابه برذاذ بوله، فكان أكثر هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبول جالساً، وبال مرة قائماً.

 

ومما تجب العناية به: الاستنزاه من بقايا البول والغائط، ولا سيما البول؛ لأن كثيراً من الناس يتهاون فيه وخطره عظيم، ففي الحديث: "استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه".

 

وفي الحديث الآخر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على قبرين، فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة".

 

وإذا استجمر فلا يستجمر بأقل من ثلاثة أحجار، ولا يستجمر بعظم ولا روث ولا فحم.

 

ولا يقضي حاجته في ماء دائم لا يجري، ولا في طريق الناس، أو ظلهم، أو ضفاف الأودية، فإنه من موجبات اللعنة -والعياذ بالله-، قال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم" [رواه مسلم].

 

وإذا خرج قال: "غفرانك".

 

وأما حديث: "الحمد لله الذي اذهب عني والأذى وعافاني" فإسناده ضعيف.

 

وقد نص بعض أهل العلم على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجهر بهذا الذكر بحيث يسمعه من عنده، وقد يكون ذلك من دواعي تذكره وتعليم الأهل، أو لغير ذلك من الحكم.

 

وإذا لبس نعاله بدا باليمنى، وإذا خلعها بدأ باليسرى، ولا يلبس فردة واحدة، ويمشي فيها، قال بعض السلف ولا خطوة واحدة, لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا انقطع شِسع أحدكم، فلا يمش في نعل واحد، حتى يصلح شِسعه، ولا يمش في خف واحد" [رواه مسلم].

 

ولا يجوز للرجل لبس الأحذية المختصة بالنساء، ولا يجوز للمرأة أن تلبس الحذاء المختص بالرجال، لعموم النهي عن تشبه كل من الجنسين بالآخر.

 

وبعض الناس قد يتساهل في هذا ولا سيما في بيته إذا أراد دخول الخلاء أو المطبخ، أو نحو ذلك.

 

فإذا خرج من البيت استحب له أن يقول الذكر الوارد، ومنه: "اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضَل، أو أَزل أو أُزَل، أو أًظلم أو أُظلم، أو أَجهل أو يُجهل علي".

 

أو يقول: بسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه يقال له: كفيت ووقيت وهديت وتنحى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟

 

وإذا دخل بيته ذكر الله عند دخوله، وسلم على أهله، واستأذن قبل دخوله، حتى لا يرى من أمه أو أخته ما يكره، عن  جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله -تعالى- عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله -تعالى- عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله -تعالى- عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء".

 

وعن  أنس -رضي الله عنه- قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك".

 

وإذا أراد أن يأكل أو يشرب سمى الله وأكل أو شرب بيمينه، وإذا فرغ حمد الله، قال عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه-: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا بني سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك".

 

وعن عائشة -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله -تعالى- في أوله، فإن نسي أن يذكر الله -تعالى- في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره".

 

ومعنى: "كل مما يليك" أي إذا كان الأكل صنفاً واحداً، أما إذا تعددت الأصناف، فلا بأس أن يتناول منها ما اشتهى.

 

وإذا لم يعجبك الطعام، فلا تعبه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما عاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه".

 

ومن آداب الشرب: أن تشرب جالساً، وأن تشرب في ثلاث نفسات، ولا تتنفس في الإناء، بل تفصله عن فمك وتتنفس خارجه، فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث متعددة إلى هذه الآداب العظيمة التي تعود عليك بالنفع الديني والنفع الصحي.

 

وإذا أراد أن يأتي أهله، فليقل: "بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان، ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا".

 

وإذا أراد أن يعود فليتوضأ، فإنه أنشط للعود.

 

وإذا أراد أن ينام بعد الجنابة فيتوضأ، وكذا إذا أراد أن يأكل أو يشرب يستحب له في ذلك كله أن يتوضأ إذا كان جنباً, وإذا طلع عليه الفجر وهو جنب وقد نوى الصوم فصومه صحيح؛ لأن الجنابة لا تمنع الصوم.

 

ويستحب عند النوم نفض الفراش، وذكر الله بما تيسر مما ورد، كما على المسلم أن يعزم على القيام لصلاة الفجر، وأن يهيء ما يعينه على الاستيقاظ لها، إذا كان يعلم من نفسه ثقل نومه، وليحذر أن يكون ممن لا يعنيه إلا أمر وظيفته، فلا يوقت المنبه إلا على وقت دوامه، غير مبال بالفرض -والعياذ بالله- من الغفلة عن طاعته، ومن التهاون بشعائره.

 

أسأل الله -سبحانه وتعالى- لي ولكم الفقه في الدين، وأن يزيننا بمحاسن الأخلاق، ومكارم الآداب، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد:

 

ومن آداب المسلم في لباسه وهيئته الظاهرة: أن يجتنب الرجل التشبه بالنساء، وأن تجتنب المرأة التشبه بالرجال، فإن تشبه أحد الجنسين بالآخر كبيرة من كبائر الذنوب، وسبب عظيم من أسباب لعن الله ورسوله لفاعله.

 

وأن يجتنب المسلم ذكراً كان أو أنثى التشبه بالكفار في لباسهم الذي اختصوا به، وتميزوا به، وعرفوا به، ففي الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم".

 

وقد أمرنا في نصوص متعددة بمخالفة اليهود والنصارى والمشركين.

 

وعلى الشباب أن ينتبهوا لذلك، وأن يحذروه، فإنهم أسرع طبقات المجتمع تشبها بالكفار.

 

ومن آداب الرجل المسلم في لباسه: اجتناب ما أسفل من الكعبين، فإن ما أسفل من الكعبين ففي النار.

 

ومن آدابه: أن يجتنب لبس الحرير والذهب.

 

والمرأة المسلمة لا يجوز لها لبس القصير أو الضيق أو الشفاف عند غير زوجها، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن فاعلة ذلك لا تدخل الجنة، ولا تجد ريحها، كما أنه ولا يجوز لها كشف شيء من محاسنها أمام الأجانب عنها لا الوجه ولا الكفين، ولا غيرهما، فتنبهوا لذلك -إخوة الإسلام- وراعوا جانبه في نسائكم وبناتكم.

 

ومن آداب المسلم في هيئته: إكرام اللحية وتوفيرها، وعدم العبث بها، لا بقص ولا بحلق، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أرخوا اللحى".

 

" أكرموا اللحى".

 

"وفروا اللحى".

 

ومن آداب المسلم في هيئته: قص الشارب والأخذ منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "قصوا الشوارب" -حفوا الشوارب-.

 

ومن آداب المسلم في هيئته: تقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة والختان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الختان، والإستحداد، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر".

 

وفي حديث أنس -رضي الله عنه- ما يدل على أنه لا ينبغي ترك الأظفار، وشعر الإبط، وشعر العانة، وشعر الشارب أكثر من أربعين يوماً، وإن تعاهدها في كل أسبوع فهو حسن.

 

عباد الله: إن الأناقة الحقيقية والذوق الحقيقي ما كان موافقاً للشرع، ولكن الناس إذا استسلموا للشيطان انتكست فطرهم، فرأوا الباطل حقاً، والحق باطلا، ورأوا القبيح حسناً، والحسن قبيحاً -والعياذ بالله-.

 

فاستمسكوا بهدي نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في كل شؤونكم وتصرفاتكم، فإنه من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً .

 

معاشر المؤمنين...

 

 

المرفقات

آداب المسلم في يومه وليلته

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات