مناسك الحج

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي هدى أولياءه لدين الإسلام، أحمده وأشكره على توفيقه وهدايته.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام.

وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله الأمين، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وآله وصحابته الكرام.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-الذي اصطفى لنا دين الإسلام، وفضلنا به على سائر الأنام، أحمده وأشكره على فضله وإنعامه.

معاشر حجاج بيت الله الحرام: إذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن من هذا الشهر الحرام، فأحوموا بالحج من مكة المشرفة، ولبوا عند إحرامكم بالحج، كما فعلتم عند الإحرام من الميقات.

ثم توجهوا إلى منى.

والسنة أن تصلوا بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والصبح، فإذا زالت الشمس صلوا الظهر والعصر جمعا بأذان واحد وإقامتين.

ثم اذهبوا إلى موقف عرفة، وأكثروا من الدعاء في حال مشيكم إلى عرفات، وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة.

وفي حال وقوفكم أكثروا من الدعاء والاستغفار، والتسبيح والتهليل، والثناء على الله.

وأكثروا من أدعية القرآن، فإنها جوامع، ولم يعين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعرفة ولا غيرها ذكرا مخصوصا، بل يدعو الإنسان بما شاء من الأدعية الشرعية المأثورة.

ثم بعد غروب الشمس يوم عرفة، تدفعون منها إلى مزدلفة، ومن دفع من عرفة قبل غروب الشمس لزمه ذبح شاة على الصحيح.

وعند وصولكم إلى مزدلفة، صلوا بها المغرب والعشاء جمعا قبل حط رحالكم.

ثم خذوا حصى الجمار، ويكون الحصى أكبر من المحمص، وبعد صلاة الصبح تقفون عند المشعر الحرام، وتحمدون الله وتكبرونه، وتكثرون الدعاء.

فإذا أسفرتم جدا، سيروا إلى منى قبل طلوع الشمس بسكينة، فإذا وصلتم إلى منى فابدءوا برمي جمرة العقبة، من بطن الوادي، بسبع حصياة، مكبرين مع كل حصاة، وادعوا بالدعاء المأثور، ولا تقفوا عندها لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

واقطعوا التلبية عند أول حصاة.

ثم انحروا ما معكم من الهدي، ثم احلقوا، أو قصروا.

والمرأة تقصر من شعرها قدر أنملة.

ثم قد حل لكم كل شيء حرم عليكم بالإحرام إلا النساء.

ثم أفيضوا إلى مكة، فطوفوا طواف الإفاضة، وهذا الطواف ركن لا يتم الحج إلا به.

ثم اسعوا بين الصفا والمروة، وبعد ذلك ترجعون إلى منى.

وفي اليوم الثاني من النحر، ترمون الجمار الثلاث بعد الزوال، كل جمرة بسبع حصياة.

وفي اليوم الثالث كذلك.

ثم تنفرون إلى مكة زادها الله شرفا.

ولا يخرج أحد منكم إلى بلاده، حتى يطوف طوف الودع.

وبذلك يتم حجكم.

تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال، وأعادكم إلى حج بيته أعواما عديدة، وأزمنة مديدة.

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)[البقرة:197].

أستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.