مفهوم الاستقامة والواقع المعاصر

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات:

سيد مبارك..

 

 

 

 

إنَّ الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

 

 

أمَّا بعد:

 

ففي العصر الحديث في القرنِ الواحد والعشرين ابتعد كثيرٌ من العباد عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، ومن الحياء من المعصيةِ والنَّدم على ما فات إلى الجرأة على الذنب والتمادي فيه، وعلى الإنسان فقط أن يلتمسَ البدايةَ الصحيحة إن أراد بلوغَ الطريق إلى الله، وقطعًا إن أخلَصَ النيةَ والعمل معًا سوف يصل لمأربِه؛ من شوقٍ للطاعة وزهد في المعصية، ولا يكفي قولُ البعضِ من المتواكلين: تُبْنا إلى الله واستقمنا، وينتهي الأمرُ عند هذا الحدِّ!! كلاَّ،  فهذا قصورٌ شديد في فهمِ المقصود من معنى الاستقامة التي هي بدايةُ الطريق إلى الله - تعالى - وقد يقول البعضُ مستفسرًا: كيف نستقيمُ ونحن نجهل واقعَنا؟ ماذا يحدثُ لنا عند أولِ الغيث؛ عند وقوعِ النَّفسِ أمام اختبارٍ حقيقي، يغريها الهوى والشَّيطانُ الذي لن يدعَها تمضي في سلامٍ وأمان؟

 

أقول: ينبغي أنْ يدركَ المرءُ أنَّ هناك خطوةً هامَّة إن أردنا العودةَ لله على أرضيةٍ ثابتة ويقينٍ لا يتزعزع، ألاَ وهي فهم الواقعِ المعاصرِ من منظورِ الإسلام، بلا إفراطٍ أو تفريط، والتكيف معه واتباع خطةٍ، أو قلْ: ورقة عملٍ واضحة لا نحيدُ عنها أبدًا.

 

 

 

بدايةُ الاستقامة إدراكُ الواقع:

 

وتلك حقيقةٌ بدهية، فلن يستقيمَ المرءُ لمجرد ومضاتٍ إيمانية، وخشية لا تستندُ على أساس متين، بمعنى أنَّه ينوي إهمالَ كلِّ المؤثِّراتِ والسلبيات - مثل رفقاء السُّوء ومخالطته لهم - وإدمانه للمُسكِرات - أو ما أشبه هذا - التي أبعدتْه عن طريقِ الله - تعالى - ردحًا من الزمن، ثم يريدُ أن يستقيمَ بغتة ضاربًا عرض الحائطِ بكلِّ مخاطرِها التي تحيطُ به، غيرَ عابئ بخطورتِها في إغرائِه على العودةِ للمعصيةِ مرةً أخرى عند أول هفوةٍ، عندما يجدُ نفسَه في مُواجهةٍ مباشرة مع سلبياتِ هذه المؤثرات التي طُبعَ عليها، وتمنعُه من التقدمِ خطوةً إيجابية صحيحة على أسسٍ متينة تصمد معها نفسُه بعزيمةٍ لا تلينُ، ومتوكلاً على ربِّه واثقًا في قدرتِه على تجاوزِها، فهذا لا توصفُ استقامتُه بالحكمةِ، بل بالتسرعِ والرُّعونةِ، وأولى به أن يتروَّى، ليس في توبتِه من المعصية فورًا، كلاَّ وألف كلاَّ، وإنَّما من تركِ المؤثراتِ التي أبعدتْه عن طريقِ الله - تعالى - كلَّ هذا الزمنِ الطَّويلِ، وعلاج سلبياتِها بكلِّ حكمةٍ بعدما استشعرَ حلاوةَ الإيمان، وعليه أن يثقَ في قدرتِه وإرادتِه على تركِ أسبابها بالكُلِّيةِ وبترها، ومن ثَمَّ يجبُ عليه أمران مهمَّان هما:

 

خلاصةُ ما ذكرناه آنفًا:

 

الأمر الأول: أنْ يخلصَ النيةَ لله، ويبدأ بتركِ المؤثِّراتِ، وترويض النفس بالبديلِ الحلالِ فترةً من الزمن، فلو كانت المعصيةُ إدمانه للمخدِّراتِ وأراد الاستقامةَ فليقلع عنها فورًا، ولكن لا يهملُ علاجَ نفسِه، ويأخذ بأسبابِ ذلك ولا يتواكل على الله، بل يتوكَّلُ عليه ويأخذ بأسبابِ النَّجاةِ، ونقول نفسَ الكلامِ في غير ذلك من المعاصي.

 

الأمر الثاني: أن يروِّضَ نفسَه على الطَّاعةِ في البيئةِ التي يعيشُ فيها، ولا ييئس من رحمةِ الله أبدًا، وتلك والله وسيلةٌ لا يدركُها إلا مَنْ أنار اللهُ بصيرتَه، ولا يقدرُ على القيامِ بها إلا أصحاب عزيمةٍ لا تلينُ أمام الصِّعاب.

 

فليس استقامةُ المرء مع الانطواءِ والانعزالِ عن دنيا النَّاس هو الصَّواب، بل فهم خاطئ وبلاء عظيم، فلا تنفكُّ حياةُ المرءِ عن واقعِه بأيِّ حالٍ من الأحوال، وبنظرة إلى الواقعِ الذي نعيشُ فيه هذه الأيام لا نملكُ إلاَّ أن نقولَ: لا حولَ ولا قوة إلا بالله، وإنَّا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

 

الواقع المر ومسلمون بلا هُوية:

 

ففي القرنِ الواحد والعشرين أصبحَ الدِّينُ عند الكثيرِ منَّا - إلاَّ من رحم ربي - مجرد طقوسٍ وشعائرَ بين العبدِ وربِّه، لا دخلَ له في الدُّنيا، والواقعُ المرُّ الذي نعيشُه يجعلنا نسأل:

 

  • كيف يزني المسلمُ وهو يشهدُ أن لا إله إلا الله، وأن محمَّدًا رسولُ الله، كيف؟

 

  • كيف يسرقُ ويرتشي وهو دائم الصَّلاةِ على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كيف؟

 

  • كيف يشربُ الخمرَ ويتعاملُ بالرِّبا وفي يدِه مسبحة، ولا يفتر لسانُه عن ذكرِ الله - تعالى - كيف؟

 

 

 

وفي المقابلِ كم مسلمٌ بيننا قد أعفى لحيتَه؛ لأنَّ النبي أمرَ بها ويأثم بحلقِها، كم؟

 

  • كم مسلم بيننا يقوم الليلَ، ويتصدَّقُ ويُخرِجُ من مرتَّبِه بانتظامٍ شيئًا لله تعالى، كم؟

 

  • كم مسلم بيننا يحافظُ على الصلواتِ الخمس جماعةً في المساجد، كم؟

 

 

 

أيُّ دينٍ يدين به هؤلاء الغافلون عن الدِّين، الغارقون في ملذاتِ الدُّنيا وزينتها حتَّى الثمالة، فيصبحون هلكى وصرعى في دروبِها الشائكة، لا همَّ لهم إلا إرضاء شهواتِهم؟

 

فإذا كان الدِّينُ عند أمثالِ هؤلاء النَّاس مجرَّدَ طقوسٍ، فلن تتغيرَ حياتُهم أبدًا، لماذا؟

 

لأنَّه تعالى يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد : 11]، لهذا كلِّه لا انعزالَ عن الواقعِ إن أردنا الاستقامةَ على طريق الله ما بقي لنا من عمرٍ في هذه الدنيا، ولا يأسَ من رحمةِ الله أبدًا، ولا بدَّ بعد ظلمةِ الليل من بزوغِ الفجر، وبعد العُسرِ يسرٌ، قال ابنُ القيم في "طريق الهجرتين" (1/ 71) ما مختصره: "كمالُ صلاحِ النَّفسِ غناها بالاستقامةِ من جميع الوجوه، وبلوغُها إلى درجةِ الطَّمأنينة لا يكونُ إلا بعد صلاحِ القلب، وصلاحُ النَّفسِ متقدِّمٌ على إصلاحِها، هكذا قيل وفيه ما فيه؛ لأنَّ صلاحَ كلِّ واحدٍ منهما مقارن لصلاحِ الآخر، ولكن لَمَّا كان القلبُ هو الملك وكان صلاحُه صلاحَ جميعِ رعيتِه - كان أولى بالتقديم، وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ في الجسدِ مضغةً إذا صلحتْ صلح لها سائرُ الجسد، وإذا فسدتْ فسدَ لها سائرُ الجسدِ؛ إلاَ وهي القلب))"، ثم قال: "وأن تكونَ هذه الاستقامةُ على الفعلِ والتَّركِ تعظيمًا لله - سبحانه - وأمرِه، وإيمانًا به، واحتسابًا لثوابِه، وخشيةً من عقابِه، لا طلبًا لتعظيمِ المخلوقين له ومدحِهم، وهربًا من ذمِّهم وازدرائهم، وطلبًا للجاهِ والمنزلة عندهم، فإنَّ هذا دليلٌ على غايةِ الفقرِ من الله والبعد عنه، وأنَّه أفقر شيء إلى المخلوق فسلامةُ النفسِ من ذلك واتصافها بضدِّه دليلُ غناها؛ لأنَّها إذا أذعنتْ منقادة لأمرِ الله طوعًا واختيارًا، ومحبةً وإيمانًا واحتسابًا، بحيث تصيرُ لذتُها وراحتُها ونعيمها وسرورها في القيامِ بعبوديتِه كما كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((يا بلالُ أرحنا بالصَّلاة))؛ صحيح سنن أبي داود للألباني (ح/ 4986)، وقال: ((حُبِّبَ إلي من دنياكم النِّساءُ والطِّيب، وجُعِلتْ قرةُ عيني في الصَّلاة))؛ صحيح الجامع (ح/ 3124)، فقرةُ العين فوق المحبة، فجعل النِّساءَ والطِّيبَ مما يحبُّه، وأخبر أنَّ قرة العينِ التي يطمئن القلبُ بالوصولِ إليها، ومحض لذتِه وفرحه وسروره وبهجته - إنَّما هو في الصَّلاةِ التي هي صلةُ اللهِ وحضورٌ بين يديه، ومناجاةٌ له، وقرب منه، فكيف لا تكونُ قرَّة العينِ، وكيف تقرُّ عينُ المحبِّ بسواها؟ فإذا حصل للنَّفسِ هذا الحظُّ الجليل فأيُّ فقرٍ يخشى، وأيُّ غنًى فاتها حتى تلتفتَ إليه؟ ولا يحصلُ لها هذا حتَّى ينقلبَ طبعُها ويصيرَ مجانسًا لطبيعةِ القلب، فتصير بذلك مطمئنةً بعد أن كانتْ لوامةً، وإنَّما تصيرُ مطمئنة بعد تبدل صفاتِها وانقلاب طبعِها؛ لاستغناء القلبِ بما وصل إليه من نورِ الحقِّ - سبحانه - فجرى أثرُ ذلك النُّورِ في سمعِه، ونثرِه وشعرِه، وبشَرِه وعظمه، ولحمِه ودمه وسائرِ مفاصله، وأحاط بجهاتِه؛ من فوقِه وتحته، ويمينِه ويساره، وخلفِه وأمامه، وصارت ذاتُه نورًا، وصار عملُه نورًا وقولُه نورًا، ومدخلُه نورًا ومخرجُه نورًا، وكان في مبعثِه ممن انبهر له نوره فقطع به الجسر، وإذا وصلت النَّفسُ إلى هذه الحالِ استغنت بها عن التطاولِ إلى الشهواتِ، التي توجِبُ اقتحامَ الحدودِ المسخوطة، والتقاعدَ عن الأمورِ المطلوبة المرغوبة، فإنَّ فقرَها إلى الشَّهواتِ هو الموجِبُ لها التقاعد عن المرغوبِ المطلوب، وأيضًا فتقاعدُها عن المطلوبِ بينهما موجب لفقرِها إلى الشَّهواتِ، فكلٌّ منهما موجبٌ للآخرِ، وترك الأوامرِ أقوى لها من افتقارِها إلى الشَّهواتِ، فإنَّه بحسب قيامِ العبد بالأمرِ تدفعُ عنه جيوش الشَّهوةِ كما قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت : 45]"، ثم قال - رحمه الله -: "وإذا صارتِ النَّفسُ حرةً طيبة مطمئنة غنية بما أغناها به مالكُها وفاطرُها من النُّورِ الذي وقع في القلبِ، ففاض منه إليها - استقامتْ بذلك الغنى على الأمرِ الموهوب، وسلمتْ به عن الأمرِ المسخوط، وبرئتْ من المراءاةِ، ومدارُ ذلك كلِّه على الاستقامةِ باطنًا وظاهرًا، ولهذا كان الدِّينُ كلُّه في قولِه - تعالى -: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود : 112]، وقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأحقاف : 13]".اهـ.

 

 

 

مفهوم الاستقامة:

 

سيكونُ مدخلُنا في ذلك هذه الكريمة من كتابِ الله - تعالى - لفهمِ وإدراكِ المعنى العظيمِ لمفهوم الاستقامة، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت : 30]؛ قال القرطبي في تفسيرِه ما مختصره: "قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا... ﴾ قال عطاء عن ابنِ عباس - رضي الله عنهما -: نزلت هذه الآيةُ في أبي بكر الصِّديق - رضي الله عنه - وذلك أنَّ المشركين قالوا: ربنا اللهُ والملائكة بناتُه وهؤلاء شفعاؤُنا عند اللهِ، فلم يستقيموا... وعلى معنى ﴿ اسْتَقَامُوا ﴾ ففي صحيحِ مسلمٍ؛ عن سفيانَ بنِ عبدالله الثقفي، قال: "قلت: يا رسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسلامِ قولاً لا أسألُ عنه أحدًا بعدك، وفي رواية: (غيرك)، قال: ((قل آمنتُ بالله ثُمَّ استقم))"، زاد الترمذيُّ: قلتُ : "يا رسولَ الله، ما أخوف ما تخافُ علي؟ فأخذ بلسانِ نفسِه، وقال: ((هذا))"، وروي عن أبي بكر الصِّديقِ - رضي الله عنه - أنه قال: "﴿ ثُمَّ اسْتَقَامُوا... ﴾؛ لم يشركوا باللهِ شيئًا"، وروى عنه الأسودُ بن هلالٍ أنَّه قال لأصحابِه: "ما تقولون في هاتين الآيتين: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا... ﴾، و: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ... ﴾ [الأنعام : 82]؟"، فقالوا: استقاموا فلم يذنبوا ولم يلبسُوا إيمانَهم بخطيئةٍ، فقال أبو بكرٍ: "لقد حملتموها على غيرِ المحمَلِ ثم قال: ﴿ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾، فلم يلتفتوا إلى إلهٍ غيرِه"، ورُوي عن عمرَ - رضي الله عنه - أنَّه قال على المنبرِ وهو يخطب: "﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا... ﴾، فقال: استقاموا والله على الطَّريقةِ لطاعتِه، ثم لم يروغوا روغانَ الثَّعالبِ"، وقال عثمان - رضي الله عنه -: "ثم أخلصوا العملَ لله"، وقال علي - رضي الله عنه -: "ثم أدُّوا الفرائضَ"، وأقوال التابعين بمعناها، قال القرطبي: "وهذه الأقوالُ وإن تداخلتْ فتلخيصُها: اعتدلوا على طاعةِ الله عقدًا وقولاً وفعلاً، وداموا على ذلك، ﴿ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ قال ابنُ زيد ومجاهد: "عند الموتِ"، وقال مقاتل وقتادة: "إذا قاموا من قبورِهم للبعثِ"، وقال ابنُ عباسٍ - رضي الله عنهما -: "هي بشرى تكونُ لهم من الملائكةِ في الآخرةِ"،... ﴿ وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ على أولادِكم، فإنَّ الله خليفتُكم عليهم، وقال عطاء بن أبي رباح: "لا تخافوا ردَّ ثوابِكم فإنَّه مقبولٌ، ولا تحزنوا على ذنوبِكم فإنِّي أغفرُها لكم"، وقال عكرمة: "ولا تخافوا أمامكم، ولا تحزنوا على ذنوبِكم، ﴿ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾".اهـ.

 

 

 

والحاصل إذًا من أقوالِ السَّلفِ الصَّالحِ، وبتبسيطٍ شديد: أن نفهمَ وندركَ أنَّ الاستقامةَ تحتاجُ منَّا إلى الالتزامِ بثلاثِ نقاط على الأقلِّ في واقعنا المعاصر لا بدَّ منها، والبعد عن ثلاثةٍ، وعدم الوقوع فيها أبدًا؛ أمَّا الثلاثُ التي لا مفرَّ من الالتزامِ بها:

 

1- التخلُّصُ من الآفاتِ المحبطةِ للعملِ.

 

2- العملُ بالمنهج - الكتاب والسنة - والبعد عن الهوى.

 

3- مجاهدة الشَّيطانِ، ورد تلبيسِه.

 

 

 

وأمَّا الثلاث التي يجبُ الحذرُ وعدم الوقوعِ فيها:

 

1- تركُ الفرائضِ أو التكاسُلِ عنها.

 

2- أكلُ الحرامِ والشُّبهات.

 

3- الاقترابُ من مواضعِ الفتنِ التي تؤدِّي به إلى التهلكةِ.

 

 

 

ومن الصَّعبِ شرح كلِّ هذه النِّقاطِ في هذه العجالة، ونتركُ الأمرَ لفطنةِ القارئ في البحثِ والاطِّلاع لمعرفةِ الدَّاء والدواءِ من كتب علمائنا الأفاضل؛ من أهل السنةِ والجماعة، سلفًا وخلفًا؛ ليدركَ طريقه في الواقعِ الذي يعيش فيه، ويكون على بصيرةٍ من أمر دينِه ودنياه، والله من وراء القصدِ وهو يهدي السَّبيل.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات