اقتباس
وإذا كان جمهور الناس يكتسبون وعيهم من النخب الموجهة لهم فإن أكثر النخب تأثيراً في الرأي العام هم الدعاة عموماً والخطباء على جهة الخصوص ولهذا فإن اكتسابهم للأدوات التي تزيد في وعيهم وتجعل خطابهم متسماً بقدر من الاتزان والهدوء مؤثراً على مستواهم الخاص وعلى المستوى العام ....
عندما نكون في حقبة زمنية مليئة بالأحداث والمتغيرات والانقلابات التصورية على كافة الأصعدة السياسية منها والاجتماعية والثقافية والتربوية وغيرها فنحن والحالة تلك مهيؤون لإحداث المزيد من الأدوات والمعايير التي تحكم تفكيرنا وطرق معالجتنا للأحداث والوقائع، فتتسم رؤانا بقدر أوسع من شمولية النظرة واتزانها ونكون حيالها على مستوى راق من الوعي المتكامل، هذه النتيجة – التي قد تبدو مستغربة – هي الثمرة الطبيعية والمتوقعة من مجتمع واعٍ يقوم بعملية استثمار واستفادة من النوازل والوقائع التي تكسبه مراناً عقلياً ووفرة معلوماتية لها قيمة متفردة وذلك لاكتسابها جانب الخبرة مما يعطيها المزيد من الكفاءة في تشييد البناء العقلي والتصوري لدى المجتمع، ويكتسب الجديد من الأدوات والمعايير التي تعطيه دافعاً أكبر لمواجهة المزيد من الأحداث.
والحالة المستغربة وغير الطبيعية في هذه السياق أن تكون هذه الأحداث والمستجدات موجبة لفقدان بوصلة التفكير وتجعلنا بعيدين عن الأدوات والمعايير التي تشكل الوعي الشمولي بكافة أجزاء الحدث، فيكون تشخيصنا سطحيا لا يغوص في أعماق الحدث، وتكون رؤانا مشوبة بقدر من التطرف والجنوح وحلولنا متسرعة تتسم بالتقليدية المتكررة أو المثالية والمتجردة عن الواقع، وتكون ردود الأفعال حاضرة في خطاباتنا وأفكارنا، ونكون في حالة من اللاوعي اللاشعوري حينما نظن أننا على درجة من الوعي عندما نتابع الأخبار ونتبعها بسيل من التحليلات الواهية التي قد تزيد من تعقيدات الحدث، والحالة تزداد سوءً عندما تكون هذه العقول هي عقول النخب التي توجه الرأي العام فنكون حين ذاك قد أصبنا بتخلف شمولي على مستوى الوعي، فالجمهور لا يأخذ من النخب تحليل الحدث وحسب إنما يأخذ منهم ما وراء ذلك وهو طريقة تحليل الحدث وعرضهم له، وعلى هذا سنكون في وضع لا نحسد عليه!!
وإذا كنا سنتحدث عن الأدوات والمعايير التي تزيد في وعينا وتجعل تعاملنا مع الوقائع والأحداث متسماً بالنظر الشمولي المتزن الذي يحاول قدر المستطاع استثمار ما يواجهه من نوازل والخروج بنتائج أكثر إيجابية فإننا والحالة تلك نقوم بعملية توجيه وترشيد لطرائق التفكير على المستوى العام، فنجعل المجتمع في حال من الوعي العام لا على مستوى مواجهة ما يفاجئنا من المستجدات وحسب بل على ما هو أشمل من ذلك إذ يكون واعيا في علاقاته وتصرفاته وأمور معاشه وتربيته لأبنائه ونحو ذلك، إذ إن الحديث عن أدوات الوعي ومعاييره يكتسب قدراً من العمومية والتجريد مما يجعل قابليتها للاستثمار والتوظيف في عموم مناحي الحياة أكثر وقدرتها على الدخول في شؤون كثيرة أمكن، وهذا مما يجعل لهذه الزاوية مزيداً من الاختصاص والتفرد.
وإذا كان جمهور الناس يكتسبون وعيهم من النخب الموجهة لهم فإن أكثر النخب تأثيراً في الرأي العام هم الدعاة عموماً والخطباء على جهة الخصوص ولهذا فإن اكتسابهم للأدوات التي تزيد في وعيهم وتجعل خطابهم متسماً بقدر من الاتزان والهدوء مؤثراً على مستواهم الخاص وعلى المستوى العام، مما يجعلهم مهيئين بقدر أكبر على توجيه الناس توجيها ينتج مجتمعا واعياً في عموم مجالات حياته، ولأجل هذا كانت هذه النافذة ونسأل المولى التوفيق والإعانة.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم