معالم حول التدين

ناصر بن محمد الأحمد

2011-02-22 - 1432/03/19
عناصر الخطبة
1/ والتدينُ فِطرةٌ ربانية 2/ الإسلام هو الدينُ الذي نسخ الأديان كلها 3/ حاجةُ الإنسان إلى الدين 4/ حماس أصحاب الديانات الباطلة لأديانهم 5/ محاولات أهل الباطل تشويه الدين الحق 6/ الكفار قديمًا وحديثًا هم المتطرفون 7/ حقٌّ للأمة الإسلامية أن تفخر بدينها الحق 8/ هجمات الأعداء ينبغي أن لا تصد الناس عن دينهم 9/ مصطلحاتٌ خادعةٌ وأفكارٌ مرفوضة 10/ أهمية الحوار بين المسلمين وأتباع الأديان الأخرى 11/ التدين بالإسلام الحق أمنٌ من الفتن

اقتباس

اتسم تاريخُ العلاقات بين المسلمين وأهل الكتاب بالعداء والجهاد المستمر، وكان فتحًا مبينًا في القرون الفاضلة الأولى، وكان النصرُ والتمكينُ متناسبًا تناسبًا طرديًا مع التزام المسلمين بدينهم، وأخذهم بأسباب القوة المعنوية والمادية، عبر مراحل تاريخية متمايزة، دون أن تشهد -على الإطلاق- أي لون من الوفاق الديني أو التقارب العقدي ..

 

 

 

 

إن الحمد لله...

أما بعد:

أيها المسلمون: الدينُ والتدينُ فِطرةٌ ربانية، وحاجة ملحة، ومطلبٌ ينتهي بالمرء إلى السعادة أو الشقاوة، ومَنْ أبصر واقع الشعوب اليومَ وغدًا، وبالأمس، وفي غابر الزمن، رأى أنه ما من مجتمع أو أمةٍ إلا ولها دينٌ ومعتقدٌ، ولكن هذا الدين قد يكون حقًّا فيفلحُ معتنقوه في الدنيا ويسعدون في الآخرة، وقد يكون الدين باطلاً فيورث أتباعه الشقاء في الدنيا، والعذابَ والخزيَ في الآخرة.

أيها المسلمون: إن المتأملَ في حديثِ القرآن عن الدين يجد إشارةً لهذا وذاك، ويجد توجيهًا ربانيًا بالتزام الدين الحق، وتأكيدًا على الإسلام على أنه الدينُ الذي أراده اللهُ ونسخ به الأديان كلهّا، تأملوا في عددٍ من آيات القرآن في وصف الدين الذي يريد الله، فاللهُ يقول: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) [الزمر: 3]، ويقول: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) [الروم: 43]، ويقول: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يونس: 105]، ويقول: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) [آل عمران: 19]، ويقول: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ) [الأنفال: 39].

وفي الجانب الآخر، وعن الأديان الباطلة يقول تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ الله) [الشورى : 21]، ويقول: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ) [النساء: 171]، ويقول: (إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر: 26]، ويقول: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 217].

أيها المسلمون: إننا بإزاءِ هذا الآيات القرآنية، أو سواها من آياتٍ وأحاديثَ نبويةٍ، نقف على عدد من المعالم حول الدين والتدين:

أولاً: حاجةُ الإنسان إلى الدين، فلا اليهودي ولا النصراني ولا البوذي ولا المجوسي ولا الصابئ، ولا سواهم ممن أضلهم الله، يعيشون بلا دين، ولكنّ فضْل الله في الهداية والتوفيق يؤتيه من يشاء، وعلى من وفقه اللهُ للدين الحق أن يشكرَ اللهَ على هذه النعمة التي سَلبها وأضل عنها أممًا وشعوبًا كثيرة قال اللهُ عنهم: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) [الأنعام: 116]، وقال تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف: 103].

إن الإسلام والإيمانَ منَّةٌ ربانية، وعلى المسلمين أن يشكروا ربَّهم عليها، وأن يعترفوا له بالفضل –سبحانه- إذ هداهم إليه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات: 17]، وقال تعالى: (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّه) [الأعراف: 43]، وقال -عز وجل-: (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) [الشورى: 13].

ثانيًا: ومن عجب أن ترى أو تسمع عن حماس أصحاب الديانات الباطلة والملل المنحرفة لأديانهم ومللهم إلى حد الغلو في الدين والرهبانية المبتدعة، بل يبلغ الحماسُ إلى التواصي بالصبر على هذه الآلهة وإن كانت فاسدة!! أجل، من يقرأ ما قصَّه الله في كتابه من أخبار الأمم الماضية يجد غلوًا في أهل الكتاب، قال الله عنهم: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) [النساء: 171]، وقال عنهم: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) [الحديد: 27]، ويجد حماسًا وصبرًا عند المشركين على آلهتهم الباطلة: (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) [ص: 6]، (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً) [نوح: 23]؛ فهل يسوغ أن يتحمس أصحاب الباطل لأديانهم ومعتقداتهم، ويتراخي ويضعف أصحاب الدين الحق عن الصدق والحماس لدينهم؟!

ثالثًا: يجدُ المطالعُ لآيات القرآن محاولة الأمم السالفة واللاحقة من أهلِ الباطل لتشويهِ الدينِ الحق، ورمي المؤمنين بالباطل واتهامِهم بالفساد، بل ومحاولةِ قَتلِهم والتخلص منهم، لقد حفظ القرآنُ مقولةَ فرعونَ الآثمة الكاذبة: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر: 26]، وفي قصة إبراهيم -عليه السلام- مع قومه: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) [الأنبياء: 68]، وقومُ لوطٍ قالوا للوطٍ -عليه السلام-: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [النمل: 56]، أما ثمود فكان جزاءُ صالح -عليه السلام- حين دعاهم إلى عبودية الله وحده أن تقاسم الرهطُ المفسدون: (لنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) [النمل: 49]، (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النمل: 50].

ولا يزال المفسدون من اليهود والنصارى والمشركون يتربصون بالمسلمين الدوائرَ، يقتلون ويُحاصرون ويسخرون ويتهمون: (وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ) [البروج: 20]، ولا تزال التهم تكال جزافًا للإسلام والمسلمين بالتطرف والإرهاب ونحوها، وعلى المسلمين اليوم أن يصبروا على أذى أعدائهم كما صبر المسلمون من قبلهم، وأن يدركوا أن الحملة على الإسلام والمسلمين اليوم استمرار لحملات سابقة، وقد نجح أسلافهم في تجاوزها، وهم اليوم يُمتحنون لتجاوزها.

رابعًا: هل تعلمون أن هؤلاء الكفار قديمًا وحديثًا -الذين يتهمون المسلمين بالتطرف- هم المتطرفون، لقد قال فرعون مرة أخرى لقومه: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص: 38]، وهذه هي قمةُ التطرف والانحراف، وفي المقابل استهجن موسى -عليه السلام- وازدراه قائلاً: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) [الزخرف: 52]، وقريشٌ الوثنية كانت في وجهها الآخر متطرفة في الدين حين ألزمت نفسها بتشريعات لم يأذن بها الله، وخصت نفسها بخصائص.

ومن الجاهليات الأولى إلى الجاهليات المعاصرة؛ حيث لا يكتفي أهلُها بالتهم الباطلةِ، بل يمارسون القتل والحصار بكل أشكاله المادية والمعنوية، وتجتمع وتتحالف قوى الكفر كلها اليوم من يهود ونصارى وشيوعيين وهندوس ووثنيين على حرب الإسلام وإبادتهم، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

خامسًا: إذا تفاخرت الأممُ بأديانها، وتشبثت الشعوبُ بمعبوداتها من دون الله، فحقٌّ للأمة الإسلامية أن تفخر بدينها الحق، وأن تتمسك بعبادتها الصحيحة، وتثبت على هدي السماء، شعارُها: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [الأنعام: 161-164]، ودليلُها قوله تعالى: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) [الأنعام: 70].

سادسًا: لا ينبغي للأمةِ المسلمة وللفرد المسلم أن تصدَّه عن اتباع الدين الحق والدعوة إليه ما يجده من هجمات الأعداءِ ومكرِهم، فتلك هجماتٌ وفتنٌ قديمةٌ تتجدد، ووعدُ الله حق: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة: 217]، (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير) [البقرة: 120].

سابعًا: ثمة مصطلحاتٌ خادعةٌ، وأفكارٌ مرفوضة، تُطلق بين الفينة والأخرى باسم وحدة الأديان، أو التقريب بين الأديان، أو نحوها من مصطلحات وآراء تُلبس الحق بالباطل، وتنأى عن منهج القرآن في محاورة أهل الكتاب على أساس قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 64]، هذا حكمُ القرآن، ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون.

أما الواقع التاريخي فقد اتسم تاريخُ العلاقات بين المسلمين وأهل الكتاب بالعداء والجهاد المستمر، وكان فتحًا مبينًا في القرون الفاضلة الأولى، وكان النصرُ والتمكينُ متناسبًا تناسبًا طرديًا مع التزام المسلمين بدينهم، وأخذهم بأسباب القوة المعنوية والمادية، عبر مراحل تاريخية متمايزة، دون أن تشهد -على الإطلاق- أي لون من الوفاق الديني أو التقارب العقدي، بل شعارهم: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين) [الكافرون: 6]، ودليلهم: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون) [القلم: 9]، وستظل هذه السمةُ باقيةً وملازمةً للطائفة المنصورة حتى قيام الساعة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، كما قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-.

ثامنًا: أن هذه الأفكار المرفوضةَ في الدعوة لتوحيد الأديان أو تقاربها لا تُلغي أهميةَ الحوار بين المسلمين وأتباع الأديان الأخرى من قِبَل علماء متخصصين راسخين في العلم والدين، ويجيدون لغة الحوار مع الآخرين مع الشعور بعزة الإسلام، وذلك لدعوة الآخرين للحق، والبلاغ المبين وتوضيح الإسلام بصورته الساطعة، وكشف الباطل، والوصول بالإسلام إلى شعوب طالما حُجبت عن نوره الوضّاء، وذلك باستخدام وسائل الإعلام بمختلف قنواتها، والتقنيات الحديثة ووسائلها المختلفة، فتلك من واجبات المسلمين في الدعوة والبلاغ.

نفعني الله وإياكم...

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه...

أما بعد:

أيها المسلمون: المعلم التاسع: ويبقى بعد ذلك أن التدين بالإسلام الحق أمنٌ من الفتن بإذن الله، وطريقٌ للسعادة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، إن التدين المشروع طريقُ الجنة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا) [الكهف: 107، 108]، وهو السبيلُ لمحبة الناس ِوتقديرهم: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّا) [مريم: 96]، وبه يحصل لهم الأمن في الأوطان: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون) [الأنعام: 82]، ويتوفر رغد العيش: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض) [الأعراف: 96]، بل إن بني الإنسان كلهم خاسرون إذا لم يتدينوا ويعملوا وفق ما شرع الله: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر: 1، 2]، يطمئن الناسُ لأهل الدين، ويغبطون الملتزمين، فماذا يمنعك -يا أخا الإسلام- أن تكون في طليعة المتدينين الصادقين؟!

عاشرًا: لا يسوغ بحال أن يتدين اليهوديُ وهو يستمد ديانته من توراة عزرا وتلمود الحاخامات، ويتدين النصراني وهو يستند في ديانته إلى الأناجيل المحرفة، ورسائل بولس، وهي خليط من التثليث وتأليه المسيح وسائر البدع العقدية، ويتدين الشيوعي وعقيدته تقوم على الإلحاد وإنكار خالق الوجود، ويتدين الهندوس وهم يعبدون البقر، ويتدين غيرُهم وهم يعبدون الشياطين أو نحوها من ضلالات ما كان للعقل البشري أن ينحط إليها في عصر العلم والمعرفة، لا يسوغ بحال أن تروّج هذه الديانات الباطلة ويتوارى المسلمُ بديانته الحقة، أو يضعف في الالتزام بدينه، أو يعقد عن الدعوة وإنقاذ الحرقى والغرقى والجذامى ومن بهم صَرَعٌ أو جنون، لقد أظلم الكونُ بمعبودات ضالة، فهل ينقذ المسلمون أنفسهم أولاً من الضعف والوهن ثم ينتقلون لإنقاذ الآخرين؟!

اللهم رحمة اهد بها قلوبنا، ونسألك اللهم أن تجمع بها شملنا...
 

 

 

  

المرفقات

حول التدين

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات