معاداة الكفار والبُعد عنهم

الحمد لله ذي العظمة والجلال، سبحانه هو الكبير المتعال، تنزه عن الأنداد والأمثال، وتقدس عن الصحابة والمثال، وأشكره سبحانه على كل حال، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, ولا كفؤ له ولا ند له, ولا شبيه له ولا مثال، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الصادق المقال، الذي جاهد في الله حق جهاده, حتى أنمحى الشرك وزال، وقرر التوحيد, وأرسى قواعده على أحسن مثال, صلوات الله وسلامه عليه, وعلى جميع الصحب والآل.

أما بعد:

فيا أيها الناس, اتقوا الله تعالى حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه، واعلموا أنكم عن هذه الدنيا مرتحلون, وعلى الآخرة ستقدمون، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء: 227].

أيها المسلمون أما ترون ما يفعل أعداؤكم المجرمون, من اليهود النصارى والدهريين؟ أما بان لكم عداؤهم؟ أما اتضحت لكم حالهم؟ أما تعلمون ما ذكر الله في مآلهم؟ قال تعالى لبيه الكريم: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران:12]،وقال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [الأنفال:36].

أيها المسلمون, أما آن لكم أن تحذروا من طريقهم، وتبعدوا عن مشابهتهم وسبيلهم، وتتجنبوا تقليدهم؟.

إن البعض من المسلمين, شابهوا أعداءهم بحلق لحاهم، ألم يعلموا أن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه, قال في الحديث الصحيح:  " من تشبه بقوم فهو منهم " . " خالفوا المشركين, أحفوا الشوارب, وأوفروا اللحى ".

وقال: " ليس منا من تشبه بغيرنا, لا تشبهوا باليهود, ولا بالنصارى" خالفوا المجوس، حفوا الشوارب. وأكرموا اللحى؛ فإن المجوس يقصون لحاهم.

وقال: " من مثل بالشعر فليس منا". قال أهل اللغة: التمثيل بالشعر، قصِّه، أو نتفه، أو صبغه بسواد.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: مشابهة الكفار في الظاهر تدل على مودة لهم في الباطن.

فمتى تفيق أيها المسلم الكريم؟ لا تغتر بالدنيا، لا يهولك ما عند الكفار؛ فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) [محمد:8]. لا تغتر بصحتك، لا تغتر بمالك، لا تغتر بعيالك، عليك بما يصلح حالك ومآلك.

إن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولو كانت تساوي جناح بعوضه, ما سقى الله كافراً منها شربة ماء. لا تنخدع بإمهال الله الكافرين, قال تعالى: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران:196-197]، وإملاء الله لهم, دليل على زيادة عذابهم, قال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران: 178].

فحاسب نفسك يا مسكين, ما دام عندك فرصة للعمل, ومهلة في الزمن، قبل (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الزمر:56-58].

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:  " حاسبوا أنفسكم، قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة:18].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ * وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ * ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ) [الشعراء:205-209].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم, ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.