مصطلح الحديث

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

 

أم غسان أماني محمد

 

جمع وترتيب: أم غسان أماني محمد عثمان

 

 

 

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

 

 

أما بعد:

 

  • فقد اعتاد طلاب العلم أن يبدؤوا دراستَهم لعلم المصطلح بدراسة نُخبة الفِكَر في مصطلح أهل الأثر غالبًا، وإذا كان الطالب صغيرًا في السنِّ أو مبتدئًا جدًّا يبدأ بدراسة المنظومة البيقونية.

 

 

 

  • لكن طريقة كتابة النُّخبة وشرحها والبيقونية وشرحها تعتمد على الأسلوب القديم، وهو أسلوبُ المتن والشرح والحاشية والتقرير، وهذا الأسلوب في الغالب صعب جدًّا على من يدرسون العلوم الشرعية في الجامعة ممَّن تعوَّدوا على طرق التلخيص الحديثة في شكل عناوين كبيرة وعناوين جانبيَّة ونقاط مرقَّمة وأشكال توضيحية.

 

 

 

  • لأجل ذلك قام مجموعة من العلماء الذين درسوا بالطريقة القديمة بإعادة صياغة مضامين ومحتويات الكتب القديمة بطريقةٍ معاصِرة؛ ليسهل على هؤلاء الطلاب فهم ما فيها وإدراكه كمقدِّمة تسهِّل لهم دراسة الكتب القديمة الأصليَّة بسهولة، والشيخ محمود الطحَّان أحد الذين قاموا بهذه المهمَّة، فألَّف كتابَه تيسير مصطلح الحديث كإعادة صياغة وعرضٍ لمحتويات كتاب نزهة النظر بشرح نخبة الفكر للإمام ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري، وأضاف أيضًا إليه مجموعةً من المباحث والمعلومات الهامَّة التي يحتاجها الدارسون، ومن ضمن الزيادات هذه المقدمة التي بعنوان: "نبذة تاريخية"، وقد ذكر فيها الشيخ حفظه الله ثماني مسائل فقط:

 

المسألة الأولى: تحدَّث عن المصادر التي يُؤخذ منها علم المصطلح، بمعنًى آخر عندما يصف العلماء حديثًا بأنه صحيح أو أنه ضعيف ويحدِّدون شروطًا للصحَّة، من أين جاؤوا بهذه الشروط؟ هل هي من عند أنفسهم؛ بحيث يمكن لنا نحن معشر من جاؤوا بعدهم أن نأتي بضوابط وقواعد أخرى غيرها؟ أم أنها مأخوذة من الكتاب والسنَّة، وهذا يعني أنَّ مهمتهم كانت هي الكشف والبيان والجمع والترتيب؛ كما هو الحال بالنسبة للصلاة، لم يخترع العلماءُ أركانَها وشروطها ومبطلاتها وما يتعلَّق بها من عندهم؛ إنَّما جمعوها ورتَّبوها لا أكثر؟

 

 

 

يجيب الشيخ الطحان عن هذا التساؤل فيقول في بداية حديثه: يلاحظ الباحثُ المتفحِّص أنَّ الأسس والأركان الأساسيَّة لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز والسنَّة النبوية، ومن هنا نعلم أنَّ كلَّ دعاوى تغيير هذه القواعد تشبه دعاوى تغيير الصلاة والصوم، وهي مرفوضة، إلاَّ إذا كان المقصود تجديدَ وتغيير طرق عرض هذه المعلومات، فلا بأس، والباب مفتوح للتجديد بهذا المعنى.

 

 

 

  • ثم انتقل الشيخ بعدها لذكر مثالين؛ فذكر قاعدةً مأخوذة من القرآن الكريم، وقاعدة أخرى مأخوذة من السنَّة النبوية، وكلاهما من أُسس علم المصطلح؛ وهي قاعدة قبول خبر الثِّقة ورد خبر غير الثقة، هذه القاعدة في الأصل مأخوذة من قوله تعالى: ﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6]، فالآية دلَّت بمنطوقها على وجوب التبيُّن والتثبُّت عند ورود الخبر من فاسق، ولم تأمر بردِّه؛ إنَّما أمرَت بالتثبُّت منه، والفرق بينهما كبير، نضرب مثالاً: إذا جاءنا مجروح وقال: إنَّ الغد إجازة، الردُّ لخبره يعني أن نقول: الغد ليس إجازة، التوقُّف أن نقول: لا نحكم إلاَّ إذا جاء الخبر من مصدر آخر، وإلاَّ نبقى على الأصل؛ وهو أنَّه غير إجازة.

 

 

 

  • وكلمة فاسق في الآية الكريمة لم تُذكر عبثًا، فإذا كان التبيُّن من خبر الثِّقة والفاسق أيضًا، لكانت كلمة (الفاسِق) زيادة، وهذا مما ينزَّه عنه القرآن، ويكون النصُّ: إن جاءكم نبأ فتبينوا، فإذًا الآية بمفهومها تأمر بقبول خبر الثِّقة؛ وهذه هي المسألة الثانية من المسائل التي أَوردها المؤلِّف حفظه الله تعالى.

 

 

 

  • في النقطة الثالثة ذكر الشيخ مثالاً لقاعدةٍ من قواعد المحدِّثين مأخوذة من السنة كمثالٍ ثان، وهي قاعدة تحرِّي الدِّقَّة عند نقل أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل عليها حديث: ((نضَّر الله امرأً سمع منا شيئًا فبلَّغه كما سمعَه؛ فرُبَّ مبلَّغ أَوعى من سامع))، ووجه الدلالة فيه واضح بيِّن لا يحتاج إلى شرح.

 

 

 

  • • وهذه النقاط الثلاث هي الجزء الأول من الباب.

 

  • الجزء الثاني يتحدَّث عن تطبيق قواعد التثبُّت والتحرِّي على أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الشيخ: إنَّ أول من بدأ بالتثبُّت والتحرِّي من دقَّة ما يُنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هم الصحابةُ الكِرام رضوان الله عليهم.

 

 

 

مثال ذلك: ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: "كنتُ في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنَّه مذعور فقال: استأذنتُ على عمر ثلاثًا فلم يُؤذن لي فرجعتُ، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنتُ ثلاثًا فلم يُؤذن لي فرجعتُ، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا استأذن أحدُكم ثلاثًا فلم يُؤذن له، فليرجع))، فقال: والله لتقيمنَّ عليه ببيِّنة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبيُّ بن كعب: والله لا يقوم معك إلاَّ أصغر القوم، فكنتُ أصغرَ القوم، فقمتُ معه فأخبرتُ عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك"، جاء في رواية الإمام مالك لهذه القصة قول عمر رضي الله عنه: "أما إنِّي لم أتَّهمك، ولكنِّي خشيتُ أن يتقوَّل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم".

 

 

 

وهذا مثال واحد، وتوجد أمثلة غيره على أنَّ الصحابة كما أسلف الشيخُ كانوا يتحرَّون ويتثبَّتون من صحَّة ما يُنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلِّمون الناسَ ذلك، وهذه هي النقطة الرابعة.

 

 

 

  • النقطة الخامسة: أنَّ التابعين ساروا على نفس هذا المنهج، وذكر الشيخ عبارة الإمام ابن سيرين الدالَّة على ذلك؛ فقد جاء في مقدِّمة صحيح مسلم عن ابن سيرين قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة [فتنة مقتل عثمان بن عفان] قالوا: سمُّوا لنا رجالَكم، فيُنظر إلى أهل السنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يُؤخذ حديثهم".

 

 

 

ثمَّ ذكر الشيخ في النُّقطة الخامسة أنَّ علم المصطلح اتَّسع وتفرَّعَت عنه مباحث وعلوم أخرى كثيرة، فقال: وبناء على أنَّ الخبر لا يُقبل إلاَّ بعد معرفة سنده؛ فقد ظهر عِلم الجرح والتعديل، والكلام على الرُّواة، ومعرفة المتَّصل أو المنقطع من الأسانيد، ومعرفة العِلل الخفيَّة، وظهر الكلامُ في بعض الرُّواة لكن على قلَّة؛ لقلَّة الرواة المجروحين في أول الأمر، ثم توسَّع العلماءُ في ذلك حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلَّق بالحديث من ناحية ضبطه وكيفيَّة تحمُّله وأدائه، ومعرفة ناسخه من منسوخه وغريبِه وغير ذلك.

 

 

 

  • وفي النقطة السادسة: ذكر الشيخ أنَّ هذه القواعد كغيرها من العلوم لم تكن مدوَّنة في بداية الأمر، وكانت الكتابةُ فيها تكون خلال الحديث عن علوم أخرى كالفقه وأصولِ الفقه والحديث نفسه، فالشافعيُّ مثلاً كتب مؤلَّفه الشهير بالرسالة في علم أصول الفقه، لكنَّه تكلَّم في ثناياه عن علم المصطلح أيضًا، وكتاب الأم في الفقه وفيه أيضًا كثير من المباحث المتعلِّقة بعلم المصطلح، والإمام مسلم ألَّف صحيحه وجعل له مقدِّمة تكلَّم فيها عن قضايا متعلِّقة بعلم المصطلح.

 

 

 

  • إذًا النقطة السابعة: أنَّ علم المصطلح كان العلماء يؤلِّفون فيه بداية ويكتبون فيه خلال كلامهم في علوم أخرى.

 

 

 

  • أما النقطة الثامنة الختامية: فقد ذكر فيها الشيخ أنَّ أول من كتب في هذا العلم بصورة مستقلَّة دون أن يخلطه بغيره هو الإمام الرَّامهرمزي.

 

 

 

وبهذا تنتهي مقدمة الشيخ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.

 

 

 

نبدأ الشرح بعون الله:

 

  • المصطلح: مأخوذ من كلمة اصطلاح، والاصطلاحُ في اللُّغة: هو الاتِّفاق، نقول: اصطلح القومُ على كذا وكذا؛ يعني: اتَّفقوا عليه.

 

 

 

  • والاصطلاح عند أهل العلم: هو اتِّفاق طائفة معيَّنة على إطلاق لفظٍ معيَّن على معنًى معيَّن، ومن باب الاختصار في التعريف يُستعمل اللَّفظ ليدل على هذا المعنى بدلاً من كتابة تعريفه أو التلفُّظ به كاملاً.

 

 

 

  • مثلاً عندنا في علم الحديث يعرِّفون الحديثَ الصحيح بأنه: "ما اتَّصل سندُه بنقل الثِّقة العدل الضابط عن مثلِه من أول السنَد إلى آخره، من غير شذوذٍ ولا علَّة"، بدلاً من أن يقول المحدِّث كل مرَّة: وهذا حديث اتصل سنده...، إلى آخر التعريف، يكتفي فقط بقوله: هذا حديث صحيح، فيفهم السَّامع أو القارئ ما هو المقصود.

 

 

 

  • إذًا علم مصطلح الحديث: هو العلم الذي يحتوي على شرح المصطلحات المستخدمة عند المحدِّثين.

 

 

 

  • علم مصطلح الحديث جزء من علم الحديث، وليس اسمًا آخر يُطلق على نفس العلم، لكن لأنَّ أغلب تعريفات ومصطلحات علم الحديث تحتوي في داخلها على القواعد؛ يتسامح العلماءُ في إطلاق اسم مصطلح الحديث على علم الحديث ككلٍّ.

 

 

 

  • أمَّا علم الحديث، فهو مجموعة من القواعد التي تَدرس حال الراوي والمروي، وتحدِّد المقبولَ والمردود.

 

 

 

  • إذًا تعريف علم الحديث فيه خمسة أجزاء:

 

1- أنَّه مجموعة قواعد.

 

2- تَدرس حالَ الراوي؛ يعني: رواة الحديث الذين نقلوه لنا.

 

3- وتدرس حال المروي؛ يعني: النص المنسوب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو الصحابي أو التابعي.

 

4- وتُبيِّن المقبول منها؛ يعني: الذي يصلح أن يكون دليلاً نأخذ منه الشرع.

 

5- وتبيِّن المردودَ؛ يعني: الذي لا يصلح لأن نستدلَّ به أو نأخذ منه حكمًا شرعيًّا.

 

 

 

بعبارة مختصرة علم الحديث: هو مجموعة القواعد التي تحدِّد حال الراوي والمروي من حيث القبول والردِّ.

 

  • يمكن أن نستبدل بكلمة الراوي والمروي قولنا: يدرس حالَ السند والمتن.

 

 

 

  • السنَد: هو حكاية طريق المتن، وسند الحديث يتكون من جزأين:

 

1- أسماء الرجال الذين نقلوه.

 

2- وعباراتهم في النقل مثل: حدَّثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وغير ذلك.

 

  • فمجموع أسماء الرجال وعباراتهم في النقل يسمى سندًا.

 

  • هذا تعريف الإسناد في الاصطلاح.

 

 

 

أمَّا في اللغة: فهو مأخوذ من قولهم: أسند كذا؛ يعني: جعله معتمدًا على شيء، ومنه قولنا: أسندتُ السلمَ على الحائط؛ يعني: جعلت السلم معتمِدًا على الحائط، فمتن الحديث يعتمد على سنده، فإذا سَقط الحائطُ سقط السلمُ لاعتماده عليه، وكذلك المتن بالنسبة لإسناده.

 

 

 

  • أما المتن: فهو ما نقل إلينا بواسطة الإسناد؛ هذا في الاصطلاح.

 

  • أما في اللغة، فاختلفوا في اشتقاقه، وأقرب الأقوال: أنَّه مأخوذ من قولهم: متن الجبل؛ يعني: ما علا وارتفع منه، أو مَتن الطريق؛ بمعنى: وسطه، فالسند موصل لما ارتفع.

 

 

 

  • وتكون بداية السنَد من صاحب المؤلَّف كالإمام البخاري أو غيره، وتكون نهايتُه إلى واحد من الثلاثة الآتية:

 

1- للنبي صلى الله عليه وسلم؛ ويسمَّى الحديث في هذه الحالة مرفوعًا.

 

يقال: روى البخاري حديثًا مرفوعًا؛ أي: نهاية السنَد هو المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

2- لأحد الصحابة الكرام؛ ويسمَّى الحديث في هذه الحالة موقوفًا.

 

يُقال: روى البخاري هذا الحديث موقوفًا؛ أي: نهاية السند أحد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ويقال: والصواب في هذا الحديث الوقف لا الرفع؛ بمعنى: أنَّ الصحيح في هذا الحديث أنَّه من أقوال الصحابة لا أقوال النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويقال: اختلف الرواةُ في هذا الحديث بين الوقف والرفع؛ بمعنى: أنَّ بعضهم جعله من كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبعضهم جعله من كلام أحد الصحابة الكرام.

 

 

 

3- لأحد التابعين؛ ويسمَّى الحديث في هذه الحالة مقطوعًا.

 

  • هذه أنواع الحديث باعتبار منتهى السند.

 

 

 

تنبيه:

 

  • لا يوجد مصطلَح اسمه أعلى السند وأدنى السنَد؛ يوجد بدايةُ السنَد ونهايته، وقد سبق شرحها.

 

 

 

  • بعد البخاري لم تتوقَّف الروايةُ ولا تزال مستمرَّة إلى يومنا هذا؛ فالإمام البخاري جمع كتابَه هذا وتلقَّاه عنه تلاميذُه وتلقَّاه عنهم تلاميذهم وهكذا إلى يومنا هذا، مثلاً: موطَّأ الإمام مالك يوجد الآن من قرأه على شيخه كاملاً، وشيخه هذا قرأه على شيخه كاملاً، وهكذا يتَّصل السند إلى الإمام مالك رحمه الله تعالى، وأقصر الطرق في زماننا هذا أن يكون بينك وبين البخاري (27 - 28) راويًا تقريبًا.

 

 

 

  • يوجد حديث مشهور اسمه المسلسل بالأولية، اعتاد أهلُ الحديث أن يبدؤوا به.

 

 

 

  • مثلاً: أقول إذا فتح الله عليَّ وأصبحتُ شيخًا مسنِدًا لمن يريد أن يدرس عليَّ، في بداية دراسته عليَّ أقول له: حدَّثني شيخي فلان وهو أول حديث سمعتُه منه، قال: حدثني شيخي فلان وهو أول حديث سمعته منه...، حتى يصل إلى عبدالله بن عمرو بن العاص قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرَّاحمون يرحمهم الله، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء)).

 

 

 

  • أو يكون برواية كتابٍ كاملٍ بإسناد واحد، مثل: الموطأ يقرؤه الطالبُ على شيخه وشيخه عن شيخه، وهكذا إلى الإمام مالك بن أنس مؤلِّف الكتاب.

 

 

 

  • وتوجد ثمان طرق للتلقِّي؛ من ضمنها أن يسمع الطالبُ من لفظ الشيخ، ومنها أن يَقرأ الطالبُ والشيخُ يسمع، ويوجد غيرها أيضًا، مثل: الإجازة والمناولة، والوجادة والمكاتبة، وغير ذلك، وفي كلِّ واحدة منها تفاصيل كثيرة، ولها ألفاظ مختلفة.

 

 

 

  • تنبيه:

 

غير الصحابة لا يصح أن نقول: إنَّهم ليسوا عدولاً، الصواب أنَّ فيهم العدل وفيهم غير العدل، ومعرفة العدلِ من غيره يختصُّ بدراستها علم الحديث.

 

 

 

  • لا توجد أحاديث رُويَت مباشرة عن الصحابة؛ لأنَّهم ماتوا قبل مئات السنين، هم بلَّغوا تلاميذهم ما سمعوه من أحاديث، وتلاميذهم رووها لتلاميذهم، حتى وصلَت لأصحاب الكتب فجمعوها في المؤلَّفات، ثمَّ روى أصحابُ هذه المؤلَّفات لتلاميذهم، واستمرَّ التسلسل إلى يومنا هذا.

 

 

 

تأليف الكتب:

 

  • أولاً: لا بدَّ من التفريق بين التدوين والتأليف.

 

 

 

  • تدوين السنة بدأ من عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان عدد كبير من الصحابة يكتبون أحاديثَ النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: عبدالله بن عمرو بن العاص، وعلي بن أبي طالب، وهكذا في طبقة التابعين فمَن بعدهم.

 

 

 

  • أمَّا التأليف - وهو جعل هذه المكتوبات في هيئة كتب - فقد حدَث في خلافة عمر بن عبدالعزيز سنة 99 للهجرة، وأول من ألَّف هو ابن شِهاب.

 

 

 

فالفرق بين التأليف والكتابة واضحٌ، كلُّنا يكتب لكن لسنا جميعًا من المؤلِّفين.

 

 

 

قلنا: إنَّ بداية كتابة الأحاديث كانت منذ عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ وهذا هو التدوين، وهي نقطة يتعمَّد أعداء السنَّة التدليس فيها، يقولون: إنَّ التأليف في السُّنَّة بدأ في القرن الثاني، ويجعلون التأليف بمعنى الكتابة، ويقولون: إنَّ السنَّة لم تكن مكتوبة حتى هذا الوقت، يريدون إيهام الناسِ أنَّ السنَّة كانت متداولة عن طريق المشافهة فقط خلال هذه الفترة، علمًا بأنَّها كانت مكتوبة كما أثبتَت كلُّ كتب التَّراجم والتاريخ، فقط لم تكن في شكل مؤلَّفات.

 

 

 

والإشكال أنَّ الحِبر الضعيف أفضل من الذَّاكرة القوية؛ صحيحٌ أنَّ الحبر يسطِّر ما في الذاكرة، لكن من المستحيل أن نعتمد على الذَّاكرة فقط لنقل كلامٍ مرَّ عليه مائة عام، لا بدَّ من الكتابة لزيادة التوثيق، والسنَّة تمَّ حفظها مكتوبة ولم يعتمدوا على المشافهة والذَّاكرة فقط، نقل القرآن يؤكِّد ما ذكرناه؛ ولهذا السبب جاء أمر سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه بجَمع القرآن كتابةً في عهده، وكان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أكثر من أربعين كاتبًا للوحي، فلو كان النَّقل شفهيًّا فقط لكان اتِّخاذ أكثر من أربعين كاتبًا نوعًا من العبَث، ولم يتم الجمع في مكانٍ واحد رغم تعدُّد الكتَّاب لأسباب كثيرة مذكورة في كتب علوم القرآن، من ضمنها احتمال أن تُنسخ بعض الآيات.

 

 

 

  • عرفنا علم مصطلح الحديث ومعاني السند والمتن والراوي والمروي، وعرفنا معنى علم الحديث أيضًا.

 

 

 

  • وقلنا: إنَّ علم المصطلح أحد علوم الحديث، وعلوم الحديث كثيرة، يدخل فيها إلى جانب علم المصطلَح: علم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم العِلَل، وعلم الناسخ والمنسوخ، وغير ذلك.

 

 

  • وقلنا: إنَّ علم المصطلح هو بيان التعريفات فقط.

 

 

لكن يمكن تسامحًا أن يُستخدم اسم المصطلح ليطلَق على علم الحديث، فإذا أردنا الدِّقَّة، فعِلم المصطلح يدخل ضمن علوم الحديث، لكن عادة يتساهل أهلُ العلم فيطلقون على علم الحديث اسمَ علم المصطلح.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات