عناصر الخطبة
1/ سياسة الشيطان في إغواء بني آدم 2/ مداخل الشيطان إلى ابن آدم 3/ الخروج عن المنهج الوسط 4/ وساوس الشيطان 5/ الكمال الزائف والتواضع الكاذب 6/ حرص الشيطان على إغواء بني آدم 7/ سبل الوقاية من الشيطان الرجيم 8/ تبرؤ الشيطان من أتباعه يوم القيامةاقتباس
مداخل الشيطان تأتي من قبل صفات الإنسان، فلئن كان الشيطان أُخرِج من الجنة بالحسد والكبر، فإنّ آدم أُخرِج منها بالحرص والطمع. الشيطان له سياسة في إغواء البشرية، تتمّ على مراحل وخطوات حذّرنا الله منها فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ..
عباد الله: إننا لا نخشى على النفوس الكافرة من الشيطان؛ فتلكم نفوسٌ مظلمة قد ضرب الشيطان أطنابه فيها ورتع، فزين لها سوء أعمالها حتى تولته وألفته، ولكن الخوف كل الخوف على أنفس مؤمنة لم تحسب للشيطان حسابًا في واقعها، فباتت غافلة عنه غير آبهة بمكره وألاعيبه.
عباد الله: إن الشيطان حقيقة راسخة، له ذرية وأتباع يسعون في غواية البشر، مع كل واحد منا قرين منهم كما في الحديث الذي رواه ابن مسعود: "ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل قرينه من الجِنة وقرينه من الملائكة"، قالوا: وإياك يا رسول الله؟! قال: "وإياي، ولكن الله -عز وجل- أعانني عليه، فلا يأمرني إلا بحق". رواه مسلم.
عباد الله: مداخل الشيطان تأتي من قبل صفات الإنسان، فلئن كان الشيطان أُخرِج من الجنة بالحسد والكبر، فإنّ آدم أُخرِج منها بالحرص والطمع.
الشيطان له سياسة في إغواء البشرية، تتمّ على مراحل وخطوات حذّرنا الله منها فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [البقرة:168، 169].
وتترقّى خطوات الشيطان التي يستدرج بها ابن آدم حتى يتّخذه معبودًا له من دون الله، فيضله ويهديه إلى عذاب السعير، ويأتي قبل الكفر مسالك أخرى من خطواتِ البدع والأهواء والشبهات والشهوات.
وله في ذلك انتصارات ونشوات، يوقع المرء بالكبائر تارة، ويهوّن عليه الصغائر تارة أخرى، فإن لم يفلح في هذا ولا ذاك شغله بالمباحات وحثّه على التزوّد منها، حتى يؤثر بذلك على كثير من الواجبات، ومن ثمّ يشغله بالمفضول من الأعمال حتى لا يقوم بالفاضل. وقلّ من الناس من يتنبه لهذا؛ فإن الشيطان قد يأمر بألف باب من الخير ليتوصّل إلى باب واحد من الشرّ، فليتنَبَّه لذلك الصالحون.
إخوة الإيمان: إن الشيطان حريص في دعوته، يتدرج في المضمون، يأخذ الإنسان خطوة خطوة ويتدرّج به إلى أن يصل إلى هدفه، وهو يدخل على كل نوعية من الناس بالطريقة التي تناسبها، يدخل على الزاهد بطريقة الزهد، وعلى العالم من باب العلم، وعلى الجاهل من باب الجهل، وعلى المحتسب من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومداخل الشيطان على العباد كثيرة يصعب حصرها، ولكن له أبواب أساسية يدخل منها على الإنسان، فالغضب والشهوة والرغبة والرهبة من أوسع أبواب مداخل الشيطان على الإنسان.
يقول سفيان الثوري: "ليس للشيطان سلاح للإنسان مثل خوف الفقر، فإذا وقع في قلب الإنسان منَعَ الحقَّ وتكلّم بالهوى وظنّ بربه ظنَّ السوء". (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ)، أي: البخل، (وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:268].
والغضب تمرّد شيطاني على العقل، وحالةٌ من الخروج عن جادة ذوي الرجاحة والأسوياء، روي عن بعض الأنبياء أنه قال لإبليس: "بم غلبتَ ابن آدم؟! قال: عند الغضب وعند الهوى".
أما الأماني فذلكم هو السلاح الشيطاني المضاء: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) [النساء:120]، ويدخل في ذلك التسويف والتأجيل وطول الأمل، فيقول واحد: إذا أنهيت دراستي أتوب وأدعو إلى الله، فإذا انتهى من ذلك قال: أؤجّل ذلك حتى أستلمَ الوظيفة، فإذا استلم الوظيفة قال: أنا مشغول بكسب اللقمة، وهكذا يؤجّل ويسوّف حتى تأتيه منيته وهو على ذلك، وهذا والله من المداخل الخطيرة على الصالحين، يقول ابن الجوزي: "وكم من عازم على الجدّ سوّفه -أي: الشيطان-، فلربما عزم الفقيه على إعداد درسه فقال: استرح ساعة، وما زال الشيطان يحبّب الكسل ويسوّف العمل، ولربما دخل الشيطان على العابد يريد الصلاة في الليل فيقول له: ما زال وقت الليل طويلاً حتى يأتي الصباح وهو ما صلى".
وهكذا -يا عباد الله- تنقضي أعمارنا ونحن في بحر الأماني نسبح، وفي سبيل الغواية نخوض، نوعد بالباطل ونُمَنَّى بالمحال، والنفس الضعيفة المهينة تغتذي بوعده وتتلذذ بأباطيله وتفرح كما يفرح الصبيان والمعتوهون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولنعلم -أيها الإخوة الفضلاء- أن الخروج عن الوسط ومجاوزة حدّ الاعتدال مسلك شيطاني وأسلوب ماكر، يقول بعض السلف: "ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وتقصير وإما إلى مجاوزة وغلوّ، ولا يبالي إبليس بأيهما ظفر".
وإن حبائل الشيطان بين هذين الواديين تحبك وتحاك، فقد غلا قوم في الأنبياء وأتباعهم حتى عبدوهم، وقصّر آخرون بذلك حتى قتلوهم، وطوائف غلوا في الشيوخ وأهل الصلاح، وآخرون اجتنبوهم وأعرضوا عنهم، بل وشتموهم وسعوا بهم وحسدوهم.
وإذا نظرتَ في فروع الأحكام فإنك سترى أناسًا قصّروا بواجبات الطهارة، وتجاوز آخرون إلى الوسواس، وفئام من الناس جعلوا تحصيل العلم غايتهم وأهملوا عملَ القلوب والجوارح، فتخبطوا في مطالب الهوى، فزين لهم الشيطان سوء أعمالهم، وآخرون تركوا فروض الأعيان المتعيّنة فلم يتعلموها.
إن أسوأ ما يصنعه القرين من الشيطان أن يصدَّ قرينه عن سبيل الحق، ثم لا يدعه يفيق ولا يستبين، بل يوهمه أنّه سائر على الطريق المستقيم حتى يفاجأ بالمصير الأليم: (إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأعراف:30].
معاشر الصالحين: لتعلموا أن الشيطان لا يوقّر أحدًا، وما من أحد مَعفيُّ من وساوسه، فهو يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإياكم أن يفوز بالاستحواذ عليكم ولو زخرف لكم القول ولو أظهر لكم النصح.
وجاهد النفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محضاك النصح فاتَّهِمِ
إن من الأساليب الماكرة التي نجح بها الشيطان مع بعض الصالحين الكمال الزائف، فيشعر الإنسان بأنه كامل، خاصةً عندما يقارن بين حاله وحال أهل الفسق حتى يصابَ بما يسميه البعض بغرور التديّن، خاصة عندما يكون له مريدون أو قد تميّز على بعض أقرانه ببعض المواهب، فيهتمّ بعمل الجوارح الظاهرة ويغفل عن عمل القلوب، وفي ذلك مزلّة أقدام، وما أُتي المنتكسون إلا من هذا الباب.
فعليك -يا أخي- أن تخشى على نفسك وأن تكون ممن قال الله فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 57-61].
فلربما كان هذا الفاسق خيرًا منك عند الله، لربما كان في قلبك من العجب والغرور ما يحبط عملك وعنده من الانكسار والخوف والندم ما يوفّق بسببه إلى التوبة النصوح، وأعوذ بالله أن أقرّ بذلك الفسقَ وأهله، ولكن أدعو بذلك إلى التريّث وطلب الخير للغير والبعد عن العجب والغرور.
ومن الأساليب أيضًا إنكار الذات، وادّعاء التواضع هربًا من القيام بأعباء الدعوة والنصح للخلق.
ومن مداخله تشكيك العابد المجتهد العامل بصحّة مساره حينما يرى كثرة المخالفات الشرعية وتهافت الناس على الشهوات المحرمة، فيقول له: هل الناس كلهم على خطأ وأنت الذي على الحق؟! فحذارِ -يا أخي- أن تنطلي عليك هذه الخديعة، يقول الله تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف:103].
وحذرنا رسولنا الكريم أن يكون أحدنا كالإمعة، إن أحسن أحسن وإن أساؤوا أساء، بل أمرنا أن نوطّن أنفسنا؛ إن أحسن الناس أحسنّا، وإن أساؤوا اجتنبنا إساءتهم. ويقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك".
وقد يدخل الشيطان على العبد بتشكيكه في نيته، فإذا عمل طاعة قال له: أنتَ مراءٍ، فالجاهل يترك العمل خوفَ الرياء، وكم وقع للشيطان من ضحايا من قِبَل هذه الشبهة حتى تخلّف البعض عن صلاة الجماعة خوف الرياء -زعموا-. يقول الحارث بن قيس -رضي الله عنه-: "إذا أتاك الشيطان وأنت تصلّي فقال: أنت مراءٍ، فزدها طولاً"، ولا يعني ذلك أن يهملَ العبد هذا الجانب، بل عليه أن يتعاهد نيته ويخشى على نفسه من الرياء، ولكن ليس بترك الطاعات والتفريط بالواجبات.
يقول ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- كلهم لا يأمن على نفسه من النفاق". والمقصود بذلك النفاق العملي، فالنفاق لا يأمنه إلا منافق، ولا يخاف منه إلا مؤمن.
عباد الله: لقد أخذ هذا اللعين الميثاق على نفسه ليقعدنّ لابن آدم على كل طريق: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف:16، 17].
لئن كان هدّد بذلك وتوعّد فإن كيده ضعيف ومكره يبور إذا تسلح العبد بسلاح الإيمان والعقيدة النقية: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء:76]. ولكن الذي ساعده على تحقيق مآربه وأهدافه الجهل بمداخله، فالعالم أشدّ على الشيطان من ألف عابد، وكذلك الهوى وضعف الإخلاص والغفلة وعدم التنبه لأساليبه وطرقه، كل ذلك جعل كيده شديدًا على العبد: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ) [الحجر:42]، وقال تعالى: (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل:100].
وعلى الرغم من وضوح ذلك وجلائه فقد يزلّ المؤمن ويخطئ، لكن سرعان ما يلوذ بربه ويلجأ إلى ذكره ويتوب إليه من قريب فيخنس شيطانه: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف:201]، صلتُهم بالله وثيقة تعصمهم من الانسياق مع عدو الله: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف:200].
أعوذ بوجه الله الكريم وكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، وشر ما يعرج فيها، وشر ما ذرأ في الأرض، وشر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:5، 6].
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- ولوذوا بجنابه، واعتصموا بذكره، يحمِكم من كيد الشيطان ومكره. فالإيمان بالله والتوكل عليه وحده يحمي الإنسان من الشيطان: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النحل:99]، والتحصن بالعلم الشرعي من مصادره الصحيحة والإخلاص لله وتعاهد ذلك كل حين ووقت، فإن المخلصين لا سبيل للشيطان إليهم، فقد استثناهم فقال: (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ) [ص:83]، كما ذكر الله عنه.
وذكرُ الله والاستعاذة من همزات الشياطين وقراءة المعوذتين، فقد ورد أنهما تمنعان من الشيطان، وكذلك قراءة آية الكرسي، فمن قرأها فلا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان، وذلك قبل النوم، وكذلك في أدبار الصلوات، وقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، مائة مرة، فهي حرز من الشيطان سائر اليوم لمن حافظ عليها كما في رواية عند الإمام مسلم.
يا عبد الله: إذا جاءك الشيطان من قِبَل الشك والريب فاغلبه باليقين، وإذا جاءك من قِبَل الكسل فاغلبه بذكر القبر والقيامة، وإذا جاءك من قِبَل الرغبة والرهبة فأخبره أن الدنيا مفارقة متروكة. فوالله الذي لا إله غيره، ما أيقن عبد بالجنة والنار حقّ يقينهما إلا خشع واستقام واقتصد حتى يأتيه الموت.
عباد الله: لَكَمْ هو محزن ومؤلم أن يطاع الشيطان ويُتَّبَع ثم بعد ذلك يتبرأ من أتباعه حينما ينتهي الأمر ويأتي الجزاء، قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [إبراهيم:22].
لتتصوروا -يا عباد الله- تلكم الحسرات والزفرات من أهل الجحيم الذين عصوا الله في الدنيا وماتوا على ذلك، لقد ذهبت عنهم الملذات وفارقوا الشهوات وكتبت عليهم السيئات، فلم يبق لهم إلا البكاء والآهات والأنين والعبرات. هذا هو الذي كان يعدهم ويمنيهم يتبرأ منهم، فكيف يرضى عاقل لنفسه هذا المصير؟! أم كيف يغفل المؤمن عن هذا الموقف الخطير؟!
فاتقوا الله -عباد الله- وأخلصوا العبادة لربكم، والزموا الجماعة، والتزموا بالكتاب والسنة، واستعينوا بالله على الشيطان، وأكثروا من الطاعات ومن الاستعاذة بالله من وساوس الشياطين؛ ليتحقق لكم بذلك الفلاح والفوز برضا الله -تبارك وتعالى-.
اللهم إن إبليس عبد من عبيدك ناصيته بيدك، يرانا من حيث لا نراه، وأنت تراه من حيث لا يراك، اللهم إن أرادنا بكيد فاردده، وإن أرادنا بسوء فاصرفه، ندرأ بك اللهم في نحره، ونعوذ بك اللهم من شرّه.
اللهم أصلح فساد قلوبنا، وردنا إليك ردًّا جميلاً، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا ونحن نعلمه، ونعوذ بك مما لا نعلمه...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم