مختصر خطبتي الحرمين 28 ربيع الأول 1437هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات:

اقتباس

الحدود شرعٌ ربَّانيٌّ يُحقِّق سعادةَ النفس، وأمانَ المُجتمع، يُرسِّخُ الاستقرار والحياةَ الوادِعة لمن سارَ على نهجه وامتثَلَ أمرَه. الحدود تحفظُ المُجتمع من العقول الطائِشة، والمُؤامرات الدنيئة، وتسُدُّ منافِذ الحاقِدين، وتئِدُ الأفكار المُتطرِّفة، تُقوِّمُ مسارَ الانحِراف، وتُقلِّلُ خطرَه وضررَه. لم تُشرعُ الحدود للتشفِّي والانتقام وإلحاق الأذَى بالجانِي، وإنما غاياتُها نبيلة، وأهدافُها سامِية، هي رحمةٌ لمن يرُوم الإجرام؛ لأنها تزجُرُهم عن ارتِكاب الجرائِم، فينأَون بأنفسهم عن العقاب. وفيها ردعُ غير المُجرِم عن تقليد المُجرِم في جريمته..

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الوعي والحذر"، والتي تحدَّث فيها عن الوعي بما يدورُ حول المُسلمين، وضرورة الحذَر مما يُحاكُ لهم من مُؤامرات؛ مُبيِّنا أن الأمة لو جعلَت للوعي أهميةً في حياتها فلن تُخفِق في الأزمات، ولن تدهَمَها الحوادِثُ والمُدلهِمَّات.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فإن الوصيَّةَ المبذُولة لي ولكم - أيها الناس - هي تقوَى الله، تقوَى الله في السرِّ والعلَن، والخلوَة والجلوَة.

 

وأضاف الشيخ: إن الله - جل وعلا - قد منَّ على بني آدم بنعمة الحواسِّ العظيمة: العقل، والسمع، والبصر، إنها نعمةٌ يتقلَّبُ بها مُعظمُ بني آدم، غيرَ أن كثيرًا منهم لا يضَعها موضِعها التي خلقَها الله له؛ فلم تكُن له سبيلَ تفكُّرٍ ولا وعيٍ ولا هداية، بل ضلُّوا بها، وربما أضلُّوا، وضيَّعوا لذَّة استِعمالها فيما يُرضِي الله في الدنيا، وما يفوزُون به من العاقِبة في الأخرى. إن قومًا لم تدُلَّهم تلك الحواسُّ إلى الخير لفِي خسارٍ مُبينٍ وبوار، فإن من أهمِّ ما تُستثمَرُ به تلكُم الحواس: تكاملُ خصلَة الوعي لدى صاحبِها، وسلامة إدراكه ودقَّته في النأْي بها عن المُؤثِّرات المُغيِّبة للمنطقِ والحقيقة.

 

وقال حفظه الله: ومما لا شكَّ فيه أن مَن أحسنَ الوعيَ أحسنَ الحذَر، واستطاعَ أن يقرأَ ما بين سُطور الأحداث والمُدلهِمَّات، فإن الوعيَ والحذَر أمران زائِدان على مُجرَّد السمع والإبصار.. وبما أن الأمةَ في هذه الآوِنة تعيشُ أحداثًا مُدلهِمَّة، ونوازِل تتكاثَرُ حثيثة، وتلِيهَا أُخرى حُبلَى بما لا يُدرَى ما الله كاتِبُه فيها، وإن الأفرادَ إذا وُفِّقُوا في وعيِهم وُفّّقُوا في حذَّرهم، ومن ثمَّ يكون المُجتمع بعُمومه مُجتمعًا واعيًا يُدرِكُ قيمةَ الاجتِماع والوحدة حين تدلهِمُّ الخُطوب، فيطرَحُ كثيرًا من خلافات التنوُّع جانبًا، وربما أجَّل الحديثَ عن اختلاف التضادِّ لكَون الخطَر الداهِم أكبر، ودفعُه أَولَى. فتلك هي الأمةُ الواعِيةُ، وذلكم هو المُجتمع الناجِح الذي يَميزُ الخبيثَ من الطيِّب، والعدوَّ من الصديق.

 

وأكد فضيلته أن وعيَ الأمة وحذَرها كفيلان - بتوفيق الله - لجَعلها أمةً قويَةً ذات شوكةٍ ومنَعَةٍ أمام أعدائِها وخُصومها الذين يتربَّصُون بها الدوائِر، فتعلَمُ حينئذٍ متى تحلُم، وتعلَمُ متى تحزِم، وتعلَمُ متى تنأَى، ومتى تعزِم. فإن السهلَ أحيانًا يُوطَأُ ويُمتَهَن، وإن في الحَزم هيبَةً، وفي العزم قوَّةً ونجاحًا - بعد توفيق الله -.

 

وأشار الشيخ إلى أن الله - جل وعلا - أوصَى الأمةَ المُسلِمةَ بتحصيل وسائل القوة، حتى لا تكون نهبًا للطامِعين، ولا هدفًا للمُتربِّصين، فقد قال - جلَّ شأنُه -: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [الأنفال: 60]. لتشمل كلَّ مُقوِّمات القوة، اقتصاديةً كانت، أو سياسيةً، أو علميةً، أو اجتماعيةً، أو عسكرية، فإن قوةَ الدولة هي القُدرة على التأثير، بحيث تكون حالَ وعيِها وحذَرها بسبب هذه القوة من أهمِّ دعامات تأثيرها، وإثبات وجودها، فتستعمل مصادر قوَّتها لتكون رَسمًا مُتناسِقًا تستطيعُ من خلاله أن تُحدِّد موقِفها وقت السِّلم كيف يكون، وكيف يكون وقت الشدائد.

 

وأضاف الشيخ: إن المُجتمع المُسلم إذا جعلَ للوعي حظوةً وكان من أولوياته، فلن يُخفِقَ - بأمر الله - في الأزمات؛ إذ يعرِفُ متى يرفعُ بصرَه حينئذٍ ومتى يُرخِيه، ويعرِفُ مصلحةَ دفع الأخطار قبل وقوعها، وأنها أعلى وأَولَى من رفعها بعد الوقوع.

 

وقال وفقه الله: المُجتمع المُسلمُ الواعي - عباد الله - هو مَن يُوفَّق في ألا يترُك له عدوًّا من داخلِه ليكون ثانيَ العدُوَّين. نعم، إنه يكون عدُوًّا داخليًّا بأنانيَّته وأثَرَته، يكون عدُوًّا داخليًّا بالنِّزاع والاختلاف والفُرقة، حتى كأنَّه رسولٌ للعدوِّ الخارجيِّ، والمُقرَّرُ شرعًا أن كل ذلكُم يُتَقى وجوبًا حالَ ظُهور العدُوِّ الخارجيِّ وتكشيرِه عن أنيابِه.

 

وختم الشيخ خطبته بالتحذير من التآمر على بلاد الحرمين فقال: ثم اعلَموا - يا رعاكم الله - أن هذه الأرض المُبارَكة محسُودةٌ مقصُودة، تُحدِقُ إليها أبصارُ الطامِعين في خيراتها واستِقرارها، وعرصَاتها المُقدَّسة في الحرمين الشريفين، فينظرُون إليها نظرَ غيرةٍ وشذَر، ملؤُهما الأطماعُ الاقتصاديَّة والسياسيَّة والجُغرافيَّة، والتي يُرادُ من خلالها تطويقُ المنطقة برُمَّتها، والاستِحواذُ على خيراتها ومُقوِّماتها ومُقدَّساتها، والاستِئثارُ بما وُهِبَت به بلادُ الحرمين الشريفين من رعايتهما، والتشرُّف بهما.

 

وقال حفظه الله: فلم يهدَأ للطامِعين بال، ولم تُغمَض للحاسِدين عين، فأخذُوا يُثيرُون الزَّعزَعة والتدخُّل فيما لا يعنِي، حتى إنهم ليُجادِلون في حماية الأنفُس وهم جزَّارُوها، ويتلاعبُون بالدماء المعصُومة ثم هم يتورَّعون عن قتل الُّباب في الحرَم. لقد قابَلُوا الإحسانَ بالإساءة، والحلْمَ بالجهل، والأناةَ وطُولَ النَّفَس بالحماقة وضيقِ العَطَن.

 

وأكد الشيخ أن بلادَ الحرمين - حرسَها الله - ناهِضةٌ بحزمها وعزمها، قويَّةٌ بقوَّة الله وتوفيقه، ثم بقوَّة وُلاتها وعلمائِها وشعبِها، مُلتزِمةً بثوابتها، مُعتزَّةً بهويَّتها، ولن يضيرَها - بحفظ الله ورعايته - صرخاتُ التهويش والتشويش التي تنطلِقُ في غير ما سبيل، حتى يرجِع صدَى الصُّراخ مبحُوحًا وهو حسير.

 

 

المدينة المنورة:

 

ألقى فضيلة الشيخ عبد البارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الحدود الشرعية .. أهميتها وحِكمُها"، والتي تحدَّث فيها عن الأحكام الشرعية وفضلُ إقامة الحدود، وذكر فوائد ذلك كما وردَ في كتاب الله تعالى وسنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

 

وأضاف الشيخ: الشريعةُ الإسلاميةُ مبناها على الحِكَم ومصالِح العباد، في المعاشِ والمعاد، هي عدلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلُّها، ومصالِحُ كلُّها، وحكمةٌ كلُّها. الشريعةُ عدلُ الله بين عبادِه، ورحمتُه بين خلقِه، وظلُّه في أرضِه، وحكمتُه الدالَّةُ عليه وعلى صِدقِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، هي العصمةُ للناس، وقِوامُ العالَم، والحياةُ الإنسانيَّةُ لا تصلُحُ إلا بنظامٍ ترجِعُ إليه، وتشريعٍ يحكُمُ أمرَها. وتمسُّكُ الأمة بشريعتها يُغنِيها عن الخوض مع المُجادِلين، والتأثُّر بالمُنازِعين الذين يصُدُّون عن منسَك الهُدى، ويُمعِنون في منسَك الضلال، فالمُسلمُ يمضِي واثِقًا من منهَجه، مُستقيمًا على نَهجه.

 

وقال حفظه الله: من أوثَق مقاصِد الشريعة: تحصيلُ المنافِع وتعطيلُ المضارِّ، وعِمارةُ الأرض على أساسِ العدل والأمنِ والسلامِ، وحمايةُ بناءِ المُجتمع وعقيدته. ومن سِمات سماحة الشريعة الإسلامية: اتِّصافُها بالإحسان في كل أحكامِها وحُدودها وتوجيهاتها؛ لأنها شريعةُ الإحسان. إنها شريعةُ الله أُنزِلَت من لدُن حكيمٍ خبير، لخير أُمَّةٍ أُخرِجَت للناس. بالشريعة أصلَحَ الله حالَنا، واستقامَ أمرُنا، ووهَبَنا بعد الخوفِ أمنًا، وأغدَقَ علينا خيراتِ الأرض، وأسقانَا ماءً غدَقًا.

 

وقال وفقه الله: حفِظَ تطبيقُ الشريعة وتنفيذُ الحُدود للوطن أمنَه، وللعباد استقرارَهم وطُمأنينتَهم، وفي الأطرافِ يُتخطَّفُ الناسُ من حولِنا بحروبٍ تأكلُ الأخضرَ واليابِسَ، وقتلٍ وتدميرٍ، فللهِ الفضلُ والمنَّة، وله الحمدُ ظاهرًا وباطنًا. تطبيقُ شرع الله يُحقِّقُ الحياةَ الكريمة، فتنتشِرُ الفضيلة، ويعُمُّ الرخاء، وتسُودُ العزَّةُ والمنَعَة، وهي الحارِسُ على مُقدَّرات الأمة من عبَثِ العابِثين.

 

وأكد الشيخ أن تطبيقَ الحُدود إعلاءٌ للشريعة، وتمكينٌ للأمة، وقوَّةٌ ونُصرة، ولا يغيبُ عن الأذهان أن سيادَة الشريعة وتطبيقَ أحكامها حمايةٌ للأُمَّة من الفوضَى والهلاك وفساد المُجتمعات، وذلك بالأخذِ على أيدِي السُّفهاء والمُفسِدين الذين يتنكَّبُون الطريقَ، ويرتكِبون الجرائِم. وقد شبَّه الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - المُجتمع بالسفينة في البحر، ولكي تنجُو السفينةُ وتصِلَ إلى شاطئِ الأمان وجبَ منعُ المُفسِدين والمُخرِّبين من ثَقبها. لقد عالجَت الشريعةُ الجريمةَ قبل وقوعها بالحِكمة والموعِظة الحسنة، والترغيب والترهيب، وبناءِ الوازِع الدينيِّ، وإحياء مُراقَبَة الله.

 

وأشار الشيخ إلى أن من عظمة هذا الدين: أن الحُدود الشرعيَّة عادِلة، جاءَت مُلائِمةً لكل جريمةٍ وذنبٍ حسبَ قوَّتها وضعفها، وواقعةٌ موقِعها. جاءَت باللِّين في محلِّه، والشدَّة في محلِّها، تبدأُ بالدعوة باللِّين والرِّفق، فإذا لم يُؤثِّر ذلك وتجاوزَ الإنسانُ حدَّه، وطغَى وبغَى، أخذَته بالقوة والشدَّة، وعامَلَته بما يردعُه ويُعرِّفُه سوءَ عمله.

 

وبيَّن فضيلته أن مما هو مُسلَّمٌ به بين العُقلاء: أن كل عقابٍ لا بُدَّ فيه من قسوةٍ وشدَّة، ومن الشرع والعقل والحَزم بترُ العضو غير السوِيِّ، الذي يُشعِلُ الفتنة، ويُثيرُ القلاقِل، وتُولِّدُ حركتُه فُشُوَّ الشرِّ، وزعزعةَ الأمر، ويُورِثُ بقاؤُه ضررًا على سُلوك الأفراد، وإفسادًا في المُجتمعات.

 

وحذر الشيخ من التشكيك في العقوبة الشرعية فقال: والذين يُشكِّكون في العقوبات عطَفوا على المُجرِم، وضيَّعوا حقوق المُجتمع. رحِموا الجانِي، وغفَلوا عن المجنِيِّ عليه. نظرُوا إلى العقوبة، وتناسَوا بشاعةَ الجريمة. هذه العقوبات تدلُّ على عدل الله وحكمته؛ لأنها مُحقِّقةٌ للمصالِح العامَّة، وحافظةٌ للأمن العام، قال الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 179]، حياةٌ في الحياة بشُمولها وتنوُّعها، حياةٌ في الأنفُس بحفظِ الدمِ الحرام من أن يُسفَك، وحياةٌ في الأموال بعدمِ الاعتِداء على حقوق الآخرين، وحياةٌ في الأعراض كي لا تُستباح.

 

وأضاف الشيخ: الحدود شرعٌ ربَّانيٌّ يُحقِّق سعادةَ النفس، وأمانَ المُجتمع، يُرسِّخُ الاستقرار والحياةَ الوادِعة لمن سارَ على نهجه وامتثَلَ أمرَه. الحدود تحفظُ المُجتمع من العقول الطائِشة، والمُؤامرات الدنيئة، وتسُدُّ منافِذ الحاقِدين، وتئِدُ الأفكار المُتطرِّفة، تُقوِّمُ مسارَ الانحِراف، وتُقلِّلُ خطرَه وضررَه. لم تُشرعُ الحدود للتشفِّي والانتقام وإلحاق الأذَى بالجانِي، وإنما غاياتُها نبيلة، وأهدافُها سامِية، أعظمُها: المُحافظةُ على المصالِح الكُبرى للمُجتمع، وهي: الدينُ، والنفسُ، والعقلُ، والمالُ، والعِرضُ.

 

وأكد الشيخ أن الحدود: رحمةٌ لمن يرُوم الإجرام؛ لأنها تزجُرُهم عن ارتِكاب الجرائِم، فينأَون بأنفسهم عن العقاب. وفيها ردعُ غير المُجرِم عن تقليد المُجرِم في جريمته، خوفًا من أن ينالَه من العقوبة ما حلَّ بغيره. من الرحمة بالمُجرمين: أن تُقام عليهم حدودُ الله، لتهنَأَ الأمةُ ويستقرَّ حالُها، وتدور عجلةُ البناء والتنمية، وحتى يعلَمَ المُفسِدون والمُخرِّبون أن هذا مآلُهم ومصيرُهم.

 

وبيَّن الشيخ أن إقامة الحُدود تُسكِّنُ النفوسَ المُتألِّمة ممن وقعَت عليهم جنايةُ الجاني، تُهدِّئُ من روع المُجتمع الذي تضرَّر من آثار الجرائِم. إقامةُ الحُدود تستجلِبُ بركةَ الله، وفضلَه وخيرَه، ومن هنا جاء تنفيذُ الأحكام الشرعية حدًّا وتعزيرًا، بحُكمٍ رادِعٍ، سطَّره قضاءٌ شرعيٌّ بحقِّ الفئة الضالَّة ممن اعتنقَ المنهجَ التكفيريَّ، وروَّع الآمِنين، وقتلَ الأبرياء، وحرَّض على القتل وأفسدَ في الأرض، واعتدَى على المُمتلَكَات العامَّة، وهم ثُلَّةٌ قليلة لا تُمثِّلُ أبناءَ الوطن المُخلِصين.

 

وحذر الشيخ من المشككين في الحدود الشرعية فقال: ولن يفُتَّ في العضُد الأقوالُ الشاذَّة، ورُدود الأفعال المُتشنِّجة ممن دأَبَ على زرع الفتن، للقضاء على رغَدِ البلاد ورخائِها. أصحابُ تلك الأقوال هم أساسُ الإرهاب وأُسُّه، ومنبَعُه وأصلُه، يُموِّهون على السُّذَّج بدعاياتٍ زائِفة، وشِعاراتٍ برَّاقة لا رصيدَ لها من الواقِع، يُوظِّفون ضِعافَ النفوس، وموتَى الضمائِر في خرابِ مُجتمعاتهم وإفسادها. والعالَمُ الإسلاميُّ يعِي ويُدرِكُ أعمالَهم البائِسة لإشعال فَتيل الفتن، ويتصدَّى المُسلِمون لهذه المُمارسات بالوعي والتآلُف والتكاتُف وجمع الكلمة.

 

وأوضح الشيخ أنه: لا يجوزُ للمُؤمن أن يشمَتَ بمن أُقيمَ عليه حدٌّ أو قِصاص، وقد أنكرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على خالدِ بن الوليد - رضي الله عنه - سبَّه للثيِّبِ التي رُجِمَت حدًّا للزِّنَى.

 

وختم الشيخ خطبته ببيان أن الحدود كفارات وزواجر فقال: تطبيقُ الحُدود تُكفِّرُ سيِّئات الجانِي، كما تمحُو التوبةُ الذنبَ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «بايِعُوني على أن لا تُشرِكوا بالله شيئًا، ولا تسرِقُوا، ولا تَزنُوا، ولا تقتُلُوا أولادَكم، ولا تأتُوا ببُهتانٍ تفتَرُونَه بين أيديكم وأرجُلِكم، ولا تعصُوا في معروفٍ، فمن وفَى منكم فأجرُه على الله، ومن أصابَ من ذلك شيئًا فعُوقِبَ في الدنيا فهو كفَّارةٌ له، ومن أصابَ من ذلك شيئًا ثم ستَرَه الله فهو إلى الله، إن شاءَ عفَا عنه، وإن شاءَ عاقبَه».

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات