مختصر خطبتي الحرمين 27 رمضان 1435هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

بالأمس -عباد الله- كانت ألسنتُنا تلهَجُ تباشُرًا بقدوم شهر رمضان، وما هي إلا لحظاتٌ مرَّت مرورَ الرِّيح المُرسَلة، فكأنَّ شيئًا لم يكن إذا انقضَى، وها نحن اليوم تخنُقُ حلوقَنا عبرةُ فِراقِه، وتسيلُ على خُدودِنا دموعُ تصرُّمه. فلله ما أصعبَ فِراق الحبيب، وما أحزنَ القلب وهو يشعرُ بضيفه الكريم يُوثِقُ رِكابَه آذِنًا بالرحيل كُرهًا لا حيلةَ لمُحتالٍ في بقائِه..

 

 

 

 

ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وقفة قبل انقضاء رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وقُرب رحيله، مُوجّهًا نصحَه لعموم المسلمين بالمُسارعة إلى الخيرات في هذه الأوقات اليسيرة قبل انتهاء الشهر، مُبيّنًا أن الأعمال بالخواتيم، كما أشارَ إلى حكم صدقة الفِطر وحِكمتها.

 

وأوصى فضيلته المصلين بتقوى الله -عز وجل– والانتباه لسرعة مرور الأيام قائلاً: إن أقصر الأوقات انقضاءً العُمرُ وإن طال، وأكثرُ الأشياء تقارُبًا هو الزمن؛ فإنه وحِيُّ التقضِّي، أبِيُّ الجانب، بطيءُ الرجوع، تمُرُّ فيه الأيام مرَّ السحاب، يُغشِي اللهُ فيه الليلَ النهارَ يطلبُه حثيثًا..

 

وأضاف فضيلته بالأمس - عباد الله - كانت ألسنتُنا تلهَجُ تباشُرًا بقدوم شهر رمضان، وما هي إلا لحظاتٌ مرَّت مرورَ الرِّيح المُرسَلة، فكأنَّ شيئًا لم يكن إذا انقضَى، وها نحن اليوم تخنُقُ حلوقَنا عبرةُ فِراقِه، وتسيلُ على خُدودِنا دموعُ تصرُّمه. فلله ما أصعبَ فِراق الحبيب، وما أحزنَ القلب وهو يشعرُ بضيفه الكريم يُوثِقُ رِكابَه آذِنًا بالرحيل كُرهًا لا حيلةَ لمُحتالٍ في بقائِه..

 

وأشار الشيخ إلى أن شجرة شهر رمضان المُثمِرة قد تساقَطَ جُلُّ أوراقها، بعد أن عصفَت بها ريحُ الزمن، وإن كان ثمَّة خطيئةٌ فيما مضَى فيه من تفريط العبد، فإن أعظمَ منه خطيئةً إصرارُه على التفريط في قابلِ الأيام. فانظر - يا عبد الله - من أي الناس أنت مع رمضان؟ أمِمَّن هو ظالمٌ لنفسِه فيه، أم ممَّن هو مُقتصِد، أم ممَّن هو سابقٌ بالخيرات بإذن الله؟!..

 

وأضاف الشيخ: أن شهرَكم هذا قد آذَن بالوداع، وإن ما بقِيَ منه فسيمُرُّ كطرفة عينٍ أو لمحِ بصرٍ؛ فإنه عند ذوِي الألباب كفَيْءِ الظلِّ، بينما يرونَه سابغًا حتى قلَص، وزائدًا حتى نقَص. وإن ما بقِيَ من الشهر هو المِضمار، وفي خِتامِه السبق، والجائزةُ الجنَّة.

 

وإنما تزدادُ الجِيادُ سُرعةً في النهايات، والعبدُ الموفَّقُ هو من أدركَ أن حُسن النهاية يطمِسُ تقصيرَ البداية، وما يُدريكَ - يا عبد الله -! لعل بركة عملك فيه مُخبَّأةٌ في آخره؛ فإن الأعمال بالخواتيم. وكم من عبدٍ شمَّ مِسكَ الختام في خِتامِ المِسك..

 

وبيّن فضيلته ضوابط الفرح بالعيد قائلاً: المؤمنُ الصادقُ إذا فرِحَ فإنما يفرحُ فرحَ الأقوياء الأتقياء، لا يبغِي بفرحِه ولا يزيغ؛ فإن الفرحَ بما يُسخِطُ الله إن كان ممن أدَّى حقَّ الله في رمضان .. فما هذا فعلَ الشاكرين. وإن كان ممن قصَّر في رمضان .. فما هذا فعلَ الخائفين..

 

وأضاف الشيخ محذرًا: اعلموا - يا رعاكم الله - أن رحَى الأيام والحروب دارَت على إخوانٍ لكم في الدين بقسوةٍ ربما تُنسِيهم فرحةَ العيد وبهجتَه؛ إذ أيُّ عيدٍ سيفرَحون به وهم لا يجِدون من يكسُوهم؟! وأيُّ عيدٍ سيفرَحون به وهم لا يجِدون من يُطعِمِهم؟! وأيُّ عيدٍ سيفرَحون به وفيهم أيتام لم تُمسَح رؤوسُهم بيدٍ حانية؟! وثكالَى لم يُكفكِف دموعهنَّ نفسٌ مُواسِية؟!.. فرُحماك يا رب رُحماك! ألا فكونوا معهم - عباد الله - بمالِكم وعاطفتِكم ودعائِكم؛ فالراحمون يرحمهم الرحمن.

 

وأوصى الشيخ المصلين في ختام خطبته بإخراج زكاة الفطر قائلاً: إن الله قد فرضَ عليكم صدقةَ الفِطرة؛ طُهرةً لصومِكم من اللغو والرَّفَث، وطُعمةً للمساكين، وهي صاعٌ من طعامٍ أو بُرٍّ أو أقِطٍ أو تمرٍ أو زبيبٍ أو شعيرٍ أو غيرها مما يطعمُه الناس، على الذكر والأنثى، والحرِّ والعبد، والصغير والكبير من المسلمين.

 

 

 

المدينة النبوية:

 

من جانبه ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير -حفظه الله- خطبة الجمعة بعنوان: "زكاة الفطر وصلاة العيد"، والتي تحدَّث فيها عن انتهاء شهر رمضان، وما يتلُو ذلك من زكاة الفِطر ثم العيد، مع بيان أحكام كلٍّ منهما وآدابهما..

 

وأشار فضيلته إلى قرب رحيل الشهر قائلاً: هذا رمضان قد دنا رحيلُه، وأزِف تحويلُه؛ فهنيئًا لمن زكَت فيه نفسُه، ورقَّ فيه قلبُه، وتهذَّبَت فيه أخلاقُه، وعظُمت للخير فيه رغبتُه.

 

وأضاف الشيخ: هنيئًا لمن كان رمضان عنوانَ توبته، وساعةَ إيابه وعودتِه، ولحظة رجوعه واستقامته .. هنيئًا لمن غُفرت فيه زلَّتُه، وأُقيلت فيه عثرتُه، ومُحِيَت عنه خطيئتُه، وعفا عنه العفوُّ الكريمُ، وصفَحَ عنه الغفورُ الرحيم.

 

هنيئًا لمن حقَّق جائزتَه ونالَ غنيمتَه، فأُعتِقَت رقبتُه، وفُكَّ أسرُه، وفازَ بالجنة وزُحزِح عن النار .. ويا ضيعَةَ من قطعَه غافلاً ساهيًا، وطواهُ عاصيًا لاهيًا، وبدَّده مُتكاسِلًا متثاقلًا متشاغلاً.

 

وبيّن الشيخ أن من لطيف حكمة الله -عز وجل- وتمام رحمته، وكمال علمه وجميل عفوه وإحسانه: أن شرعَ زكاة الفطر عند تمام عدَّة الصيام؛ طُهرةً للصائم من الرَّفَث واللَّغو والمآثِم، وجبرًا لما نقَصَ من صومه، وطُعمةً للمساكين، ومُواساةً للفقراء، ومعونةً لذوي الحاجات، وشُكرًا لله على بلوغ ختامِ الشهر الكريم..

 

وأضاف الشيخ: وتلزمُ الإنسانَ عن نفسه وعن كل من تجِبُ عليه نفقتُه، ومِقدارُها عن كل شخص صاعٌ من بُرٍّ أو شعيرٍ، أو تمرٍ أو زبيبٍ، أو أقِط، أو مما يقتاتُه الناس؛ كالأرز والدُّخلِ والذرة..

 

وبيّن الشيخ أن من أراد صاعًا وافيًا وكيلًا ضافيًا فليجعَله ثلاثة كيلو، ويُستحبُّ إخراجها عن الجنين وهو الحمل؛ لفعل عثمان - رضي الله عنه - ولا يجب، ومن أخرجها نقودًا أو قيمة أو كسوة لم تجزئه في أصح قولي العلماء؛ لعُدُولِه عن المنصوص عليه في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

وبيّن الشيخ أنه يُشرعُ التكبير ليلةَ عيد الفطر وصباح يومها إلى انتهاء خطبة العيد؛ تعظيمًا لله - سبحانه وتعالى -، وشُكرًا له على هدايته وتوفيقه، قال - جل وعلا -:  (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]، واستدل بقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "حقٌّ على المسلمين إذا رأَوا هلال شوال أن يُكبِّروا".

 

وختم الشيخ خطبته بالتأكيد على أن صلاة العيد من أعلام الدين الظاهرة وشعائره العظيمة، فاخرُجُوا إليها مُتطهِّرين مُتجمِّلين مُتزيِّنين لابِسِين أحسنَ ثيابكم، حتى المُعتَكِف يخرُجُ إلى صلاةِ العيد في أحسن ثيابه، وليس من السنة خروجُه في ثيابِ اعتكافه.

 

ويخرُجُ النساء إلى صلاة العيد حتى الحُيَّض، يشهَدن بركةَ ذلك اليوم وطُهرتَه والخيرَ ودعوة المسلمين، ويخرُجن مُتستِّراتٍ مُحتشِماتٍ، غيرَ مُتطيِّباتٍ ولا مُتبرِّجات، ولا يلبَسنَ ثوبَ فتنةٍ ولا زينةٍ.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات