اقتباس
القوةُ تدحَضُ الباطِلَ وتُزهِقُه، هذا الباطلُ الذي بدأ يتمدَّدُ في جزيرة العرب، ويمَن الحكمة والإيمان، من فئةٍ باغيةٍ تُمارِسُ الخِداع، وتستخِفُّ بالعقول، وترفعُ شِعارَ "الموت للكفر"، و"الموت للباطل"، وهي من جُنده، وتسيرُ في رِكابِه، وتُنفِّذُ مُخطَّطاته. لقد انطلَت هذه الفِريةُ على الشعوبِ ردَحًا من الزمان، لكنها غدَت اليوم مكشوفةً مفضوحةً ممجُوجَة، فقد وعَت الأمةُ مكرَهم، وأن هذه الشِّعارات مُجرَّد غِطاءٍ ودغدغةٍ لمشاعِر وعواطِف المُسلمين، وتخديرٍ لهم؛ ليسهُل افتِراسُ الفريسة بالتهجير، أو القتل، أو بفرضِ الباطل الأرض بقوةِ الحديدِ والنار. لقد سقطَ القناع .. وانكشَف المستُور .. وتجلَّت الحقائِق .. وبانَ زيفُ باطلِ الفئةِ الباغِية، الذي سيخبُو سريعًا ويستحيلُ رمادًا، وزحفُهم المشؤوم سيغدُو وبالاً عليهم وحسرةً...
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "اليمن والرافضة وهدم الكعبة"، والتي تحدَّث فيها عن اليمن وما حلَّ بها من آلامٍ ومآسٍ يتعرَّض لها أهلُها من المُفسِدين والمُخرِّبين، مُبيِّنًا ما سطَّره التاريخُ من جرائِم للروافِض وغيرهم من الحاقِدين على أهل الإسلام في البلد الحرام خصوصًا، مُشيدًا بجهود قادة البلاد الإسلامية الذين يقومون بعاصفة الحزم.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: ألا وإن تقوَى الله خيرُ زادٍ، وأحسنُ حادٍ، بها المُعتصَم من الفتنِ بعد الله والاعتِماد
وأضاف الشيخ: المُجتمعُ الجادُّ هو ذلكمُ المُجتمع الذي يسعَى بكل ما يملِك من دعائِم دينيَّةٍ وثقافيَّةٍ وفِكريَّة، وسياسيَّةٍ واقتصاديَّة، من أجل الحِفاظ على أُسٍّ من أُسس استِقراره وتوازُنه ووحدته، دون تفريطٍ أو تهميشٍ أو تسويفٍ، والمُتمثِّلُ كلُّه في أمنِه الداخليِّ والخارجيِّ.
وقال وفقه الله: إنه ما لم يكُن هذا الأمرُ من أولوياته ومُسلَّماته التي لا تقبلُ المُساوَمة ولا المُماراة، وإلا فإنها الفوضَى ما منها بُدٌّ، والإهمالُ الذي لا اهتِمامَ بعدَه، والغفلةَ التي لا وعيَ إثرَها، حتى يكون طُعمًا لعدوٍّ مُتربِّصٍ به الدوائِر من خارِجِه، أو لذوي نفاقٍ من داخِلِه، ينتمُون إليه جسدًا لا روحًا، ينخُرُون في كِيانِه من الداخل، ويقتَاتُون من الأزَمَات. فهم كدُود العلَق، يعشَقُ امتِصاصَ الدماء.
وقال حفظه الله: إن المُجتمع الواعِي هو الذي لا يُفرِّقُ بين عدوِّ الداخِلِ وعدوِّ الخارِجِ، فحمايةُ نفسه من إخلال أيِّ العدُوَّين به يُعدُّ من أوجَبِ الواجِبات عليه قيادةً وشعبًا؛ لأن الحِفاظَ على الأمن ضرورةٌ لا يُنازِعُها إلا حاسِدٍ أو كارِهٍ.
وأشار الشيخ إلى: أن الله - جل وعلا - قد أنعمَ على أمة الإسلام بهذا البيت العتيقِ، الذي تهوِي إليه أفئدةُ الناس رِجالاً ورُكبانًا، من كل فجٍّ عميقٍ، وهو شامِخُ الأركان، ثابتُ البُنيان، يُطاوِلُ الزمانَ والمكانَ. غيرَ أنه لم يسلَم عبر التأريخ من أطماع الطامِعين، وحسَد الحاسِدين؛ إذ تمتدُّ إليه أيادِي العبَث والتخريبِ بين الحينِ والآخر، إلى أن منَّ على الأمة برعايةِ بلاد الحرمين الشريفين له، ولمسجد رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وحمايتهما بكل أصنافِ الحماية.
وأضاف فضيلته: إنهم يُريدون بهذا الغلِّ والتهديدِ أن يستَبِيحُوا بيتَ الله الحرام كما استباحَه المُفسِدون من قبل، في شهرٍ حرامٍ، إبَّان القرن الرابع الهجري، فاستحَلُّوا دماءَ الحَجيج، وقتَلُوا منهم نحوًا من ثلاثين ألفًا بعضُهم بين الصفا والمروة، فخلَعُوا بابَ الكعبة، وسلَبُوا كسوتَها، واقتَلَعوا الحجرَ الأسوَد من مكانِه، فغيَّبُوه قُرابةَ اثنين وعشرين عامًا، حتى كان فُقهاءُ ذلكم الزمن إذا ألَّفُوا في المناسِك يقولون: "ويُستحبُّ أن يُشيرَ الحاجُّ إلى الحجر الأسوَد إن وُجِد"، حتى أعادَه الله بفضلِه وكرمِه إلى مكانِه. كلُّ ذلكم - عباد الله - كان من مُنطلَقَاتٍ طائفيَّةٍ، ليست من الإسلام في وِردٍ ولا صدَر.
وقال وفقه الله: إن بلادَ الحرمين الشريفين لم تسلَم براجِمُها من أوخاز الطائفيِّين وأطماعِهم، وبلادُ الحرمين - حرسَها الله - ليست بلادًا طائفيَّةً؛ إذ كيف تكونُ كذلك وهي جزءٌ من أمةٍ مُترامِية الأطراف بين المشرِق والمغرِب، وهي تُدرِكُ أيضًا أن ثمَّة مُتربِّصين يُرغُون عليها ويُزبِدون، ويُشوِّشون تُجاهَها ويُهوِّشون، ويمكرُون بأمنِها مكرًا كُبَّارًا، يتولَّى كِبرَهم فيها مدٌّ طائفيٌّ، ويُعينُه عليه قومٌ آخرون، قد أوهَمُوا أنفسَهم أن بلادَ الحرمين ليست للدفاع عن نفسِها أهلاً، ولا للشدائِدِ فصلاً، حتى خوَّفوا الناسَ من دهياءَ مُظلِمةٍ، يستهدِفون من خلالها عقيدتَها وثوابِتَها ومُقدَّساتها.
وقال حفظه الله: فانطلَقَت - بتوفيق الله - على إثر ذلكم "عاصفة الحزم" لتُظهِر غضبةَ الحليم، وصبرَ الحكيم. إنه نِزالٌ واجِبٌ يُملِيه الضميرُ الحيُّ، وهبَّةُ فرسانٍ يحمُون الحرمين الشريفين، يُدرِكون مكانةَ أرض اليمَن، أرضِ الإيمان والحكمة، وما حلَّ بأهلها من بغيٍ وخروجٍ بطائفيَّةٍ مقيتةٍ، تأكلُ الأخضرَ واليابِسَ. فكانت "عاصفة الحزم" لِجامًا للمُتهوِّرين المغرُورين، وحمايةً للحرمين الشريفين أن تطالَهما أيدِي الطامِعين العابِثين، ونُصرةً للمظلومين المُستضعَفين في بلدِ الحكمةِ والإيمان.
وأوصى الشيخ في ختام خطبته بوجوب الحذر من لصوص الحروب، فقال: إن من الواجِبِ علينا - عباد الله - بأن للحروبِ لُصوصًا كما أن للأموال لُصوصًا. نعم .. يا عباد الله: لُصوصٌ يسرِقون الأمن والوحدة والانتِصار، ولا يرجُون للأمة خيرًا، يتصدَّرُ فيهم المُرجِفُ والمُخذِّل؛ فإن ثمَّة من لا يُريدُ لعاصفة الحزم أن تُؤتِيَ ثِمارَها، وأن تضعَ أوزارَها، إما حسَدًا بما حبَاهُ الله ذوِيها من توفيقٍ وانتِصارٍ، أو أحقادًا دفينةً تتسلَّلُ لِواذًا من صُدور ذوي النفاق في الداخِلِ والخارِج؛ ذلكم، بأن بلادَ الحرمين - حرسَها الله - مُستهدَفةٌ في عقيدتِها وأمنِها ومُقدَّساتها.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ عبد البارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "القوة الحازمة واليمن"، والتي تحدَّث فيها عن القوة الحازمة التي يجبُ أن تُتخَذ حيالَ مُخطَّطات أعداء الإسلام، مُعلِنًا النفيرَ في اليمن للتصدِّي للمُفسِدين في الأرض.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
وأضاف الشيخ: تمُرُّ بالأمة فِتنٌ جِسام، ومواقِفُ فاصِلة، وأحداثٌ تتطلَّبُ نُصرةَ الحقِّ والمظلوم. والقوةُ في نظر الشرعِ أداةٌ في خدمةِ الحقِّ، لا غايةٌ تُنشَدُ لذاتِها، لكنَّها إذا انفصَلَت عن الحقِّ أصبَحَت خطرًا وتدميرًا، فالقوةُ تُثبِّتُ دعائِمَ السلام، وتحمِي الإسلام، وتصُونُ ديارَ المُسلمين أن تمتدَّ إليها يدُ الغاصِبين والمُعتَدين والباغِين، والعالَمُ لا يحترِمُ إلا الأقوِياء.
وقال حفظه الله: ومن استمَدَّ القوةَ من الله لا يعرِفُ للضعفِ معنًى، ولا يجِدُ اليأسُ في نفسِه مكانًا؛ فالله هو الناصِرُ والمُهيمِنُ على زِمام الحياة، وإليه تصيرُ الأمور، والمؤمنُ في الشدائِد تقوَى صِلَتُه بربِّه، ويتعلَّقُ قلبُه بمولاه، ويلُوذُ بحِماه، (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا) [الإسراء: 80].
وأضاف الشيخ: القوةُ تدحَضُ الباطِلَ وتُزهِقُه، هذا الباطلُ الذي بدأ يتمدَّدُ في جزيرة العرب، ويمَن الحكمة والإيمان، من فئةٍ باغيةٍ تُمارِسُ الخِداع، وتستخِفُّ بالعقول، وترفعُ شِعارَ "الموت للكفر"، و"الموت للباطل"، وهي من جُنده، وتسيرُ في رِكابِه، وتُنفِّذُ مُخطَّطاته.
وقال فضيلته: لقد انطلَت هذه الفِريةُ على الشعوبِ ردَحًا من الزمان، لكنها غدَت اليوم مكشوفةً مفضوحةً ممجُوجَة، فقد وعَت الأمةُ مكرَهم، وأن هذه الشِّعارات مُجرَّد غِطاءٍ ودغدغةٍ لمشاعِر وعواطِف المُسلمين، وتخديرٍ لهم؛ ليسهُل افتِراسُ الفريسة بالتهجير، أو القتل، أو بفرضِ الباطل الأرض بقوةِ الحديدِ والنار.
وأضاف الشيخ: القوةُ في الإسلام لإعادة الحقِّ المسلُوب، وزرع الأمن والسلام. والفئةُ الباغيةُ سلَبَت حقًّا، واحتلَّت أرضًا، وقهَرَت شعبًا، وهدَّدت بإشعال المنطقة بأسْرِها؛ تحقيقًا لمطامِع ومُخطَّطاتٍ تُغذِّيها أحقادٌ دفينة، بدعمٍ من جهاتٍ مشبوهةٍ ذات عقائِد باطنيَّة.
وبين الشيخ أن منهج القوة يبدأُ بالتعليم، ثم العدالة والقِسط، وأسلوب الحِوار الذي يجنَحُ إليه العُقلاء وأصحابُ النيَّات الحسنة، حِفاظًا على المُكتسَبات، وحقنًا للدماء، وسدًّا لمنافِذ الفتنة. ولقد سلَكَ الحُكماءُ في اليمَن منهجَ الحِوار مع الفئة الباغية، لكنَّها صمَّت آذانَها عن صوتِ الحقِّ والعدلِ، وتمادَت في غيِّها،ورفعَت السلاح، وبطَشَت العباد، وتشبَّثَت بطائفيَّتها وعُنصريَّتها، ونهَجَت مسالِك عُدوانيَّة ترُومُ تمزيقَ اليمَن وتفتيتَه.
وقال حفظه الله: والقوةُ الحازِمةُ - بفضل الله - تُعيدُ الأمورَ إلى نِصابِها، وتتصدَّى لكل من يرُومُ إثارةَ الفتنة، وزعزعَة الأمن، وإشاعَة الفوضَى والشِّقاق، وتُحقِّقُ لليمَن استِقرارَه، وللشعبِ اليمَنيِّ سعادتَه ورخاءَه، وتحفظُ عليه عقيدتَه وإيمانَه؛ ليبنيَ اليمَنُ حضارتَه ومُستقبلَ أبنائِه. وهو بذلك لا يسمَحُ لأحدٍ - كائنًا من كان - أن يُشوِّهَ تاريخَه الإسلاميَّ، ويطمِسَ هويَّتَه العربية، ويُلغِي أصالَة أهل اليمَن وفضلِهم.
وأضاف الشيخ: إن "عاصفة الحزم" تُعبِّرُ عن آمال اليمنيِّين، واستِجابةً لاستِغاثتهم، وهي عاصفةٌ قويةٌ في موضوعها، عميقةٌ في مدلُولها، واضِحةٌ في أهدافها، حزمٌ من قيادةٍ حازِمة، لا يدفَعُها التسويفُ ولا التأجيل؛ فقد كشَّر العدوُّ عن أنيابِه، وبانَ مكرُه، وصرَّح عن أطماعِه، حتى في مكة والمدينة، فقد باعَ عقلَه وفِكرَه وأرضَه لعُجمة.
وبيّن الشيخ أن: القوة الحازِمة في مُواجهةِ من يُحارِبُ دينَ الله ويُفسِدُ في الأرض، وقد حارَبَت الفئةُ الباغيةُ ربَّها، بنشر البِدع والضلالات، والتشكِيكِ في عقيدةِ الأمة، وأفسَدَت في الأرض بالخروج على وُلاة أمرِها، وقتلِ الأنفُس، وإزهاقِ الأرواح، وهدمِ المساجِد والدُّور، مع كيدٍ خفيٍّ تحت شِعاراتٍ وهميَّةٍ لبثِّ سُمومهم. خطرُهم على المُعتقَد جسِيم، وضررُهم في العبثِ بالأمن عظيم.
وأضاف فضيلته: والقوةُ الحازِمة في ردعِ العدوِّ الداخليِّ أهلِ النفاق؛ لأنهم يتحدَّثون باسمِ الإسلام، ويتحرَّكون بثيابِ النُّصح والإصلاح، يُزخرِفُون القولَ وهم في الحقيقةِ مِعوَلُ هدمٍ. ظاهِرُهم مع الوطن وأهلِه، وباطنُهم وقلوبُهم مع أعداء الملَّة والدين، يُظهِرون الإيمان تقيَّةً وطمعًا في نقضِ عُرَى الدين بشُبَههم، قال الله تعالى: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4].
وأوصى الشيخ في ختام خطبته بحسن البناء والترابط بين الشعب اليمني وجبهة الوطن الداخلية، فقال: المُواطِنُ الصالِحُ لا يُساوِمُ على ثوابِتِه الدينية ووطنيَّته وولائِه لقيادتِه الشرعيَّة. ومن البناءِ الداخليِّ: عدمُ التجاوُبِ مع المُرجِفين الذين يقصِدُون التخذيلَ، وتفتيتَ الوحدة. ومن قوة البناء الداخليِّ صدُّ الأبوابِ التي تتسرَّبُ منها الانحِرافاتُ العقديَّة والفِكرية على المُجتمع، فاليمَنُ أمانةٌ في أعناقِ أهلِ العلمِ والحلِّ والعقدِ. وهذا يقتضِي استِنهاضَ هِمَم رِجال اليمَن بكل فِئاتِهم: شيوخ القبائل، القُوَى الإسلامية والوطنيَّة، الكُتَّاب والإعلاميين، الأكاديميِّين والعسكريِّين، وكل مُواطِنٍ يمَنيٍّ؛ لتوحيد الكلمة، ورصِّ الصفوف، والتسامِي فوقَ الخِلافات الفرعية لدحر الفئةِ الباغِية، وليبقَى اليمَنُ واحةَ أمنٍ وأمانٍ وبلدًا مُسلِمًا عربيًّا مُستقرًّا.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم