اقتباس
المُسلمُ يعيشُ من أجلِ رسالةٍ سامِية، وغايةٍ نبيلة، يحيا من أجلِها، يُكافِحُ في سبيلِها، يُحقِّقُ الصالحَ العام، يُرتَقَبُ في ظلِّه الأمان، يُسخِّرُ من أجلِ رسالتِه عملَه، ويخدِمُ من مركزِه دينَه. المُسلمُ الذي يقبلُ الإسلامَ دينًا تُصبِحُ رسالتُه الالتِزامَ بهذا الدين والدعوةَ إليه، ونفعَ الخلقِ، وبهذا يكونُ عُضوًا نافعًا، يُثمِرُ الخيرَ ويُقبِلُ على الفضلِ والبرِّ، فيغدُو شُعاعَ نورٍ ورافِدَ بركةٍ، قلبُه مُفعَمٌ بالمحبَّة، لسانُه رطبٌ بالمودَّة، يدُه مبسُوطةٌ بالنِّعمة، يُفيءُ على من يلقَاه...
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من التهوُّر والمجازفة"، والتي تحدَّث فيها عن العقل وأنه من أعظم ما يُميِّز الله به الإنسانَ، مُبيِّنًا أن عدوَّ ذلك هو التهوُّر والمُجازفة والمُخاطرة، مُحذِّرًا من هذا السلوك المُهلِك، وقد أوردَ بعضَ صُور المُجازفة، كما ذكرَ أن هناك أمورًا مُستثناة من الذمِّ في المُجازفة، وضربَ على ذلك مثالاً بقتال أبي بكرٍ - رضي الله عنه - للمُرتدِّين، وأن هذا لا يُعدُّ من التهوُّر أو المُجازفة.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فاتَّقوا الله - عباد الله -، واعلَموا أن هذه الدنيا دارُ ممرٍّ لا دارَ مقَر، وأن الله مُستخلفُكم فيها فينظُر كيف تعمَلون.
وأضاف الشيخ: إن من أعظم ما يَزينُ المرءَ في حياتِه دينَه وعقلَه اللَّذَين أكرمَ الله بهما، وفضَّله على كثيرٍ ممن خلقَ تفضيلاً؛ فبالدين يرتفعُ عما يُغضِبُ اللهَ ويُسخِطُه من معايِب الأخلاق وسفسافِها، وبالعقلِ يزُمُّ نفسَه عن كل ما يَشينُ تصرُّفاته وقراراته التي تثلِمُ صفةَ الأناة والرَّزانة، ووعيِ مُقدِّمات الأمور وعواقبِها.
وقال حفظه الله: ومن المُقرَّر - عباد الله - أن ترادُف الأحداث وتقلُّب الأمور بالضوائِق والعوالِق، وتعقُّد حِبالِها، ليس لها بعد حفظِ الله وتوفيقِه إلا التأنِّي وإعمالُ الفِكر في المُقدِّمات والعواقِب، وفيما ينبغي الإقدامُ عليه أو الإحجامُ عنه.
وأكد الشيخ أن عدوَّ ذلك كلَّه ومرضَه الذي ينخُرُ في عقلِ المرءِ، فلا يجلِبُ له إلا المعرَّة، والعودَ بالألَم فيما يطلُبُ منه السلامة، والإثمَ فيما يطلُبُ منه الأجر هو ما يُسمَّى بالمُجازفة، أو المُغامَرة، أو التهوُّر، أو المُخاطَرة، أو الإلقاء باليدِ إلى التهلُكة؛ إذ كلُّها تدورُ حول معنًى واحد، هو الإقدامُ على الأشياء جُزافًا دون روِيَّةٍ أو تمحيصٍ، بل بإفراطٍ يستنكِرُه أوساطُ العُقلاء من الناسِ لمُخالفته القُدرة على الصبر والأناة والحلمِ والحِكمة والفِطنة.
وبيَّن الشيخ أنه التهوُّر والطيشُ، واللامُبالاة، في الفكر، والسياسة، والإعلام، والاقتصاد، والحياة الاجتماعية. إنها المُجازفة في المدحِ الذي يُعمِي صاحبَه عن العيب أو الذمِّ، الذي يقتُلُ الإنصافَ فيقلِبُ الحسنات سيئات. نعم، إنها المُجازفة والمُخاطرة التي تجعلُ لسانَ المرء وفعلَه مُتقدِّمَين على قلبِه وعقلِه، فيقعُ بسببهما في محاذِير يصعُبُ التخلُّصُ منها أيًّا كانت، حسِّيَّةً أو معنويَّة، بصورةٍ لا ينفعُ معها تلفيقٌ، ولا يُجدِي فتوقَها رُتوق.
وأضاف الشيخ: ولله، كم من لسانٍ تهوَّر، فاحتاجَ بعد ذلك إلى اعتذاراتٍ طويلةٍ لا يُجدِي كثيرٌ منها بعد فواتِ الأوان. وقد صدقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث قال: «ولا تكلَّم بكلامٍ تعتذرُ منه غدًا» (رواه أحمد وابن ماجه).
وأكَّد الشيخ أن المُجازفة والتهوُّر وأضاربَهما لا تحتملُ إلا وجهًا واحدًا، هو الذمُّ والتقريع، لتجاوُزها حدودَ المعقُول، وإنه لمن المُؤسِف حقًّا أن تلقَى صُورٌ من المُجازفات والمُخاطرات رعاياتٍ إعلاميَّةً تحظَى باهتمامٍ واسِع، للافتِخار بوُلُوجِ موسوعاتٍ قياسيَّة، أو بالحُصول على إعجابِ الجماهِير وانتِشار الصِّيت. وكم هم ضحايا تلكُم التطلُّعات من الذين لقُوا حتفَهم في سبيل الوُصولِ إليها، فحِيلَ بينهم وبين ما يشتَهون، بعد أن ضربُوا صُورًا من الطَّيش اللامسؤُول بمركباتهم بالسُّرعة القاتِلة، أو التلاعُب والتفنُّن بمُغامراتٍ بهلوانيَّة مُلقِيةٍ إلى التهلُكة.
وبيَّن الشيخ أن من أدواءِ المُجتمعاتِ - عباد الله -: أن تكون الأُسرة أسيرةَ التعلُّق بالمظاهر، والتلبُّس بغير لَبُوسِها، فتُغامِرُ في تصنُّع بعض العوائِد الاجتماعية التي تعودُ عليها بالحمالات المالية، والأعباء الحقوقية، لأجل أن يُقال عنها: كذا وكذا. فكم هي مُجازفات الولائِم والأفراح والبَذْخ! وكم هم الذين يقعُون ضحايا لتلكُم العوائِد التي ضرَّت ولم تنفَع، فركِبَت غيرَ مركبِها، واتَّكأَت على غير مُتَّكئِها. فكان من عواقبِها: الديُون، والطلاق، والخلافات الأُسرية، فضلاً عن إثمِ الإسراف والتبذير والبطَر، وحدِّثُوا عن مثلِ ذلكُم ولا حرَج.
وأشار الشيخ إلى أن من أقبَح صُور المُجازفات: ما كان منها مُتعلِّقًا بكرامةِ الآخرين وحقوقِهم، من خلال الاستِرسال بسُوء الظنِّ تجاهَهم، أو اتِّهام النيَّات التي لا يعلمُها إلا الذي يعلمُ السرَّ وأخفَى، فيُلقُون التُّهمَ نحوَهم جُزافًا، دون بيِّنةٍ ولا إقامةِ حُجَّة، يظهرُ من خلالِها ابتِذالُ اللسان، وكثرةُ السَّلقِ به، واللامُبالاة بحقوقِ المُسلم تُجاهَ أخيه. وإن مثلَ ذلكم الاستِرسال كفيلٌ - عباد الله - بالزَّجِّ بصاحبِه في الغلُوِّ المُردِي، والتشدُّد المَقيت، ليقعَ في فخِّ التضليل والتكفير، بمُجازفةٍ تُعمِيه عن تحقيق شُروطِه وانتِفاء موانعِه.
وحذر الشيخ من المجازفة فقال: وما أكثرَ الذين ولَجُوا هذا البابَ المُهلِك، في حينٍ لو سألتَ أحدَهم عن عدَّة المُطلَّقة، أو قدرِ زكاةِ سبعين من الإبِل أو عشرٍ من البقَر لم يُحِر جوابًا! بل وأعجبُ من ذلكم: أن يُجازِفَ بالتكفير من لا يعرِفُ شروطَ الدخول في الإسلام أصلاً، وذلك - لعَمرُ الله - من أقسَى البلايا. ويا لله العجَب، كيف يُعرِّضُ المُجازِفُ نفسَه إلى تكفيرِ نفسِه؟! لأنه إن لم يقَع التكفيرُ موقِعَه عادَ على صاحبِه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيُّما رجلٍ قال لأخيهِ: يا كافِر، فقد باءَ بها أحدُهما»؛ متفق عليه.
وبين الشيخ أن الإسلام حين منعَ التهوُّر والمُجازفة، فإنه قد فرَّقَ بينهما وبين الحَزم والعَزم؛ فإن ثمَّة أمورًا لا يصلُحُ معها البُطءُ ولا التباطُؤ، وإن الحزمَ فيها والعزمَ لا يُعدَّان مُجازفةً ولا تهوُّرًا؛ بل هو إنزالٌ للأمور منازِلَها. وما قِتالُ أبي بكرٍ الصدِّيق - رضي الله عنه - للمُرتدِّين إلا من هذا البابِ، رادًّا بذلكم على من ظنَّ أن قِتالَهم هو المُجازفةُ والمُغامرة. إن الأمورَ الواضِحات - عباد الله - لا يصلُحُ لها إلا حزمٌ وعزمٌ لا يقبَلان التأجيل ولا التسويف.
وختم الشيخ خطبته بالتحذير من الخطأ البيِّن: حيث ظنَّ بعضُهم أن الحزمَ والعزمَ يعنِيان الشدَّة أو القسوَة، والحقيقةُ أنهما يعنِيان إعطاءَ كل ذي حقٍّ حقَّه من المواقِف؛ فللشدَّة موضِعُها، وللِّينِ موضِعُه. وما ضرَّ الأمةَ في كثيرٍ من شُؤونِها إلا عدمُ التفريقِ بين المُغامَرة والعَزم، فوضعَت التراخِي موضِعَ العَزم، ووضعَت المُجازفة موضِع التراخِي، فأخطأَت تقديراتها حتى كثُرت أخطاؤُها، وترادَفَت حلقاتُ خسائِرِها، فاضطرَّت إلى رُتوقٍ باهِظةٍ لتغطِية فُتوقِها. وإن في الأيام والأحداث لعِبرًا وعِظاتٍ، والسعيدُ من وُعِظ بغيرِه، فقادَته فِطنَتُه - بعد توفيقِ الله - إلى سواءِ الصراط، (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [النور: 46].
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ عبد البارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "رسالة المسلم في الحياة"، والتي تحدَّث فيها عن خلافة الإنسان في الأرض، وتكريم الله تعالى له، وأن للمُسلم رسالةً سامِيةً وغايةً نبيلةً في هذه الدنيا، مُبيِّنًا رسالة كل فردٍ من أفراد الأمة، كما بيَّن رسالة المُجتمع المُسلم بأسرِه.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
وأضاف الشيخ: من حكمةِ الله الذي أعطَى كلَّ شيءٍ خلقَه ثم هدَى: أن جعلَ الإنسانَ خليفتَه في الأرض، يُقيمُ سُنَنه، ويُظهِرُ عجائِبَ صُنعِه، وأسرارَ خليقتِه، وبدائِع حِكَمه، ومنافِع أحكامِه. وهل وُجِدَت آيةٌ على كمال الله تعالى وسَعَة علمِه أظهرُ من هذا الإنسان، الذي خلقَه الله في أحسن تقويم؟! اقتضَت رحمةُ الله وسُنَّتُه في خلقِه: أن يستخلِفَ على الأرضِ من يشاءُ من عبادِه، (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) [الأعراف: 128].
وأكَّد الشيخ أن الاستِخلاف ابتلاءٌ وامتِحانٌ، قال تعالى: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الأعراف: 129]. يرِثُ الأرضَ من أحسنَ القيامَ بواجبِ الخلافة، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105].
وأشار إلى أن الاستِخلاف يقتضِي عبادةَ الله، وتحقيقَ نهج الله، والصلاح والإصلاح، وتعميرَ الأرض وبناءَ الحياة، بالقول والعمل والإنتاج والتعليم والتعلُّم، قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [النور: 55].
وبيَّن مَثَل المؤمن فقال: وقد ضربَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مثلاً للمُؤمن "النخلة"، كلُّ شيءٍ فيها ينفعُ، والمُؤمنُ خيرٌ كلُّه، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «على كل مُسلمٍ صدقة». قيل: أرأيتَ إن لم يجِد؟ قال: «يعتمِلُ بيديه فينفعُ نفسَه ويتصدَّق». قال: قيل: أرأيتَ إن لم يستطِع؟ قال: «يُعينُ ذا الحاجة الملهُوف». قال: قيل له: أرأيتَ إن لم يستطِع؟ قال: «يأمرُ بالمعروف أو الخير». قال: أرأيتَ إن لم يفعَل؟ قال: «يُمسِكُ عن الشرِّ فإنها صدقةٌ».
وأكَّد الشيخ أن المُسلم الذي يقبلُ الإسلامَ دينًا تُصبِحُ رسالتُه الالتِزامَ بهذا الدين والدعوةَ إليه، ونفعَ الخلقِ، وبهذا يكونُ عُضوًا نافعًا، يُثمِرُ الخيرَ ويُقبِلُ على الفضلِ والبرِّ، فيغدُو شُعاعَ نورٍ ورافِدَ بركةٍ، قلبُه مُفعَمٌ بالمحبَّة، لسانُه رطبٌ بالمودَّة، يدُه مبسُوطةٌ بالنِّعمة، يُفيءُ على من يلقَاه.
وقال حفظه الله: المُسلمُ يعيشُ من أجلِ رسالةٍ سامِية، وغايةٍ نبيلة، يحيا من أجلِها، يُكافِحُ في سبيلِها، يُحقِّقُ الصالحَ العام، يُرتَقَبُ في ظلِّه الأمان، يُسخِّرُ من أجلِ رسالتِه عملَه، ويخدِمُ من مركزِه دينَه. وقد ترى سليمَ الجسمِ، كاملَ البُنيان، لكنَّه مُضطرِبٌ في الحياةِ، بلا أملٍ يسيرُ معه، ولا عملٍ يشغَلُه، ولا رسالةٍ يعتزُّ بها ويُخلِصُ لها.
وبيَّن الشيخ أن صاحب الرسالة يبدأُ بإصلاح نفسِه ومُحاسبتها، وتمتدُّ رسالةُ المُسلم إلى تمدُّد نفعه وإصلاح غيرِه، ورعايةِ الآخرين، مع سمُوِّ الغاية وعلُوِّ الهمَّة، بحراسة الملَّة وخدمةِ الأمة. قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يُحبُّ معالِيَ الأمور وأشرافَها، ويكرَهُ سَفسَافَها».
وأضاف الشيخ: المسؤولُ المُسلم رسالتُه في الحياة: تحقيقُ مصالح رعيَّته، بإقامة العدلِ، وإحقاقِ الحقِّ، يجتهِدُ في تحقيق ما ينفعُهم، ودفع ما يضُرُّهم في دينهم ودُنياهم، وأن يأخُذ على أيدِي السُّفهاء والفسَقَة، ويردعَهم عن المعاصِي والظُّلم والفوضَى.
وأشار الشيخ إلى أن رسالة العلماء في الحياةِ عظيمة، فهم خلفاءُ الرُّسُل، وورثةُ الأنبياء، والواجِبُ على أهل العلم حمايةُ المُجتمع من آفةِ الجهل، وفساد العقائِد، وتنويرُ السُّبُل بكشفِ الشُّبُهات، يُعلِّمون الناسَ أمورَ دينهم. العالِمُ يُصلِحُ ما أفسدَ الناس، يأمرُ بالمعروف، وينهَى عن المُنكَر، ويصبِرُ على الأذى.
وأكَّد فضيلته أن المُربِّي المُسلم مسؤوليَّتُه أن يُجسِّدَ النموذَجَ الصحيحَ للمُسلمِ بإصلاحِ الحال، وتربيةِ الأجيال، وتمثُّل سامِي الأخلاقِ، لتِلَ الرسالةُ إلى كل قلبٍ، وتُهذِّبَ الفكرَ، وتبعَثَ الحياةَ في الحياة. سُلوكُ المُربِّي قُدوة، وأفعالُه عدلٌ وحِكمة، ومواقِفُه فضيلَة.
وأشار إلى أن المرأة المُسلمة رسالتُها في الحياة: تعهُّد الفضيلة في المُجتمع، بناءً وحراسة، وتكوينُ المُجتمع الصالِح زوجةً وأمًّا، تكونُ المرأةُ لزوجها سكَنًا وأمنًا وطُمأنينة، تجعلُ المنزلَ عُشَّ سعادةٍ ومكمَنَ مودَّةٍ ورحمةٍ، ترعَاه بعطفِها وحنانِها. تُنشِّئُ أطفالَها على مبادِئ الإسلام، تُفقِّهُهم في الدين وتُبيِّنُ هديَ سيِّد المُرسَلين.
وأضاف الشيخ: والشابُّ المُسلمُ رسالتُه في الحياة: أن يعتزَّ بإسلامه، ويُقوِّيَ إيمانَه، ويفهمَ دينَه، ويسيرَ وفقَ تعاليمِه، ويُحصِّنَ عقلَه، ويسعَى لإصلاحِ نفسِه. يُحافِظَ على سلامة مُجتمعه وأمنِه، يُصلِحَ عيبَه، ويفقَهَ واقِعَه، وينهَلَ من معينِ العلم في كلِّ التخصُّصات.
وأشار إلى أن المُسلم في بلاد غيرِ المُسلمين رسالتُه: أن يُمثِّلَ قِيَمَ الدين وأخلاقَه وأحكامَه، ويُقدِّم صُورةَ الإسلام الناصِعة وسماحتَه الهادِية في العقيدة والأخلاق، فالمُسلمون هم خيرُ الناسِ للناسِ، وأرحَمُ البشَرِ بالبشَرِ.
ونوَّه فضيلته بدور ورسالة الإعلام فقال: والإعلامُ المُسلم رسالتُه عظيمة، لضخامة تأثيره، وسعَة أثره في تبليغ رسالة الإسلام، وتوضيحِ هديِه والذَّودِ عنه، والإعلامُ يخدِمُ الإسلام قولاً وفعلاً، يُقاوِمُ الإلحادَ والرَّذيلَة، يُحصِّنُ العقلَ والرُّوحَ والقلبَ من غوايَةِ الرَّذيلَة، ولوثَات الانحِلال، وضلال الأفكار المُنحرفة.
وقال حفظه الله: أما رسالةُ المُجتمع والأمةِ المُسلِمة للعالَم: فهي رسالةُ السلام والرحمة. والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - جاء سلامًا ورحمةً لإنقاذِ الناسِ من الظُّلمات إلى النور، يسمُو بهم إلى المراتِبِ السنيَّة في الأخلاق: الوفاءِ بالعُهود، ومنع العُدوان، إقامة العدلِ والإنصاف ودفعِ الظُّلم.
وختم الشيخ خطبته بذكر معوقات أداء المسلم لرسالته فقال: والأمةُ تبقَى عاجزةً عن أداءِ رسالتِها إذا أخلدَت إلى الترَف والنعيم والملاهِي، وانغمَسَت في الشهوات والملذَّات، ومما يُعيقُ المُسلمَ عن أداء رسالتِه: الاندِفاعُ خلفَ مُغرِيات الحياة وفتنِها، ولا شيءَ أفسَدُ للقلبِ من التعلُّق بالدُّنيا والرُّكون إليها، وإيثارها على الآخرة. إغراءُ الدنيا والوقوعُ في شِباكها يُقعِدُ المُسلمَ عن التطلُّع إلى الآخرة والعمل لها، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)، وقال: (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم