محرمات استهان بها الناس

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ التكاسل عن صلاة الفجر وصلاة العصر وكل صلاة يسبقها نوم 2/ الغيبة والكذب والنميمة 3/ استخدام وسائل الإعلام بالحرام 4/ عدم أمر الأولاد بالمعروف أو نهيهم عن المنكر 5/ عقوق الوالدين 6/ الغش في المعاملات 7/ الغفلة عن الأعراض 8/ حلق اللحية وإسبال الثياب 9/ الخلوة بالأجانب والسفر بلا محرم 10/ كثرة الحديث بين السائقين والخادمات

اقتباس

بهذا يتضح أن دين الله هو الباقي، وأن شرع الله هو المصلح لأوضاع البشرية مهما بلغ بالناس من التقدم والازدهار فلن يخرج عن دين الله قيِد أُنملة، ومتى ما خرج فليس هذا الخروج بتقدم بل هو رجعية وانسلاخ من معاني البشرية؛ فمن خلق الخلق هو العالم بما يصلحهم، ويقوم بحياتهم ..

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...

 

أما  بعد:

 

معاشر المسلمين: لقد حد الله حدودا لهذا الدين، فشرع الشرائع وأوضح السبل، وأنار الدين لمن أراد السير على الهدى المستقيم، فليس للعبد الخروج عن المنهج الرباني، بل ليس له الخيار في تطبيق شرع الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)[الأحزاب:36] (وَتِلْكَ حُدُودُ الله وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [الطلاق:1]

 

ومن رحمة الله أن جعل الشريعة المحمدية شاملة كاملة صالحة لكل زمان ومكان. (أَفَحُكْم الْجَاهِلِيَّةَ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[المائدة:50]

 

بهذا يتضح أن دين الله هو الباقي، وأن شرع الله هو المصلح لأوضاع البشرية مهما بلغ بالناس من التقدم والازدهار فلن يخرج عن دين الله قيِد أُنملة، ومتى ما خرج فليس هذا الخروج بتقدم بل هو رجعية وانسلاخ من معاني البشرية؛ فمن خلق الخلق هو العالم بما يصلحهم، ويقوم بحياتهم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14] (إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: 27]

 

عباد الله: من هذا المنطلق، سنعرض في هذه الخطبة شيئا مما تجاوزه الناس بأهوائهم، ووقعوا فيه بشهواتهم، زعما منهم، أن هذه أمور قد سبقها الزمن، أو أنها لا علاقة لها بالدين، بل هو من تزمت المتشددين.

 

ووصل الحد بالبعض أن استهان بكثير من المحرمات الشرعية؛ فلا حرام عنده إلا ما حرمه هواه، ولا حلال إلا ما حلله هواه، ولقد حذر الله -تعالى- ممن كانت هذه صفته وذلك لخطره على الدين (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].

 

معاشر المؤمنين: إن كل مخالفة سنعرضها تستحق أن تفرد بخطبة كاملة وذلك لأهميتها، وكثرة من هوى فيها من المسلمين، ولكن يسلي أمرنا أن الحكم معروف ولا ينقص الناس شيئا سوى التذكير، ومن ثم التطبيق العملي.

 

من أوائل المحرمات التي استهان بها كثير من المؤمنين:

 

صلاة الفجر وصلاة العصر وكل صلاة يسبقها نوم، على حسب وقت العمل، وهذان الفرضان أعني الفجر والعصر في تركهما خطر عظيم من جهة التفريط في الأجر ومن جهة شدة أثمهما.

 

فأما أجرهما: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي موسى رضى الله عنه قال -صلى الله عليه وآله وسلم-:  "من صلى البردين دخل الجنة" وفي رواية والبردان هما  الفجر والعصر

 

أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون"

 

فقلي بربك هل يقال لك ذلك كل يوم أم أنك ممن يقال فيهم "تركناهم وهم نائمون وأتيناهم وهم نائمون"

 

وأما خطرهما: فهما علامة على النفاق والعياذ بالله، أخرج البخاري ومسلم من حديث  الأعمش عن أبي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ".

 

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث   أبي الأحوص عن عبد الله: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف".

 

ومما تهاون في الوقوع فيه كثير من الناس الغيبة والكذب والنميمة، فهي فاكهة مجالس البعض إلا ما عمرها بذكر الله وشهرت تحريم هذه الأفعال تغني عن الحديث عنها ولكن ذكرى لعلهم يتقون.

 

ومما استهان به كثير من الناس التساهل في استخدام وسائل الإعلام، من أشرطة الغناء ومشاهدة التلفاز، وأجهزة الفيديو، وأجهزة التقاط البث الفضائي، وناهيك عن استخدام الإنترنت، كل ذلك يصال عليه ويجال، من جميع أفراد المنزل، ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، وما يلتقطه المعلمون من الطلاب في المدارس من صور خالعة شاهد عدل بذلك، والله المستعان؛ فهل من رقيب يخاف الله والدار الآخرة، يعلم أن الله سائله عما استرعاه الله أحفظ أم ضيع؟.

 

ويدخل في ذلك إطلاق البصر، فالرجال يطلقون أبصارهم في النساء بحجة النظر إلى المقطع أو الأخبار، ونحو ذلك من الأعذار الواهية، والمرأة تنظر إلى الرجل بحجة أنها محاضرة أو نقاش ونحو ذلك، حتى تفاقم الأمر، ووقع بناتنا في العشق، حتى في المشايخ وطلبة العلم، ناهيك عن الفسقة وأهل المجون والغناء.

 

ومن تلك المحرمات المستهان بها: ما له علاقة بما سبق، ألا وهو عدم أمر الأولاد بالمعروف أو نهيهم عن المنكر والله -جل وعلا- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ نَارًا وقُودُهَا النَّاسُ والْحِجَارَةُ) [التحريم:6]

 

 أخرج البخاري ومسلم من حديث  نافع عن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلكم راع فمسئول عن رعيته".

 

ألا فليتفقد كل منا أهل بيته ويرعاهم برعاية الله فإنه مسئول ومحاسب على ذلك ومن مات وهو غاش لرعيته فالجنة عليه حرام، أخرج مسلم في صحيحه من حديث معقل بن يسار المزني  قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".

 

اللهم اجعلنا ممن قام برعاية حقوقك على ما تحب يا كريم

 

 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله رب العالمين ...

 

أما بعد:

 

أيها المؤمنون: ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس: عقوق الوالدين، ويكفي موعظة في ذلك وزاجرا عنه ما أخرجه البخاري  في صحيحه من حديث الشعبي عن عبدالله بن عمرو رضي اللهم عنهما قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله" قال: ثم ماذا؟ قال: "ثم عقوق الوالدين" قال: ثم ماذا؟ قال: "اليمين الغموس" قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: "الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب".

 

وأخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى". فهل ينزجر العاقون عن ذلك.

 

ومما استهان به كثير من الناس: الغش في المعاملات والمخادعة والمغافلة واعتبار ذلك من باب الذكاء وتصريف الأمور، وما علم المسكين أن الله يراقبه، ويعلم ما تنطوي عليه نفسه، والواجب على المسلم أن يكون ظاهره وباطنه لإخوانه المسلمين سواء وأن يأتي إلى الناس بالوجه الذي يحب أن يأتونه به.

 

أخرج أبو داود في سننه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم".

 

ومما استهان به كثير من الناس، الغفلة عن الأعراض، فالتبرج والسفور بلا حدود ظاهر أمام الناس ومما يخجل منه أهل المروءة أن يرى مسلما يصحب موليته وهي متبرجة والناس ينظرون لها وهو غير مكترث، فإن لم يكن هذا وأمثاله ممن ينطبق عليه وصف الدياثة فلا أعلم معنى لذلك.

 

ومن التبرج لبس المرأة البنطال في أثناء الخروج من المنزل إلى السوق مثلا ونحوه، وكذلك كشف الوجه أو لبس النقاب الفاتن، أو لبس العباءة المخصرة أو التي توضع على الكتفين، وعلى ذلك فقس فإن أشكال التبرج لا تحصر وإلى الله المشتكى.

 

ومما استهان به كثير من الناس: حلق اللحية وإسبال الثياب، حتى أصبح الأمر سهلا معتادا فقل من ينكر بل تبلد الإحساس من كثرة المساس. فمما ورد في الإسبال: ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار". والبعض يظن أن من لم يكن ذلك منه خيلاء فلا بأس به وهذا خطأ في فهم النصوص، فإن المسبل له عقوبة على جرمه وإن كان الإسبال خيلاء فالإثم أكبر وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم  في حديث مبينا لكل معصية ما تستحق من العقوبة، وهو ما أخرجه ابن ماجه في سننه من حديث أبي سعيد رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين وما أسفل من الكعبين ففي النار يقول ثلاثا لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرا".

 

وأما حلق اللحية فقد عدة جملة من أهل العلم أنه من كبائر الذنوب وأخف من ذلك من يخففها ويقصصها، أخرج البخاري في صحيحه من حديث  عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى" وفي رواية لمسلم "احفوا". وفي رواية في الصحيحين "خالفوا المشركين".

 

فيا من تحلق لحيتك هل تريد الجمال بذلك فجمال الرجال إنما هو بإعفاء اللحية وإطلاقها لأنها سيما الرجال، فقد روي عن عائشة رضى الله عنه أنها كانت تقول "سبحان من جمل الرجال باللحى".

 

ومما استهان به البعض الخلوة بالأجانب والسفر بلا محرم، وخصوصا هذه الأيام في خروج النساء بلا محرم إلى خارج المنطقة للعمل في مجال التعليم ولو عرفت كم يخرج من مدينة الرياض فقط كل صباح من هؤلاء النساء لما صدقت ذلك، وما نسمع به من الحوادث رادع لمن كان له قلب أو ألق السمع وهو شهيد.

 

ومما استهان به بعض الناس ، كثرة الحديث مع السائقين والخادمات مما جر على الأمة الويلات بل به هتكت الأعراض واختلط النسل، ومثل هؤلاء شر خطير فمن ابتلى بهم فعليه أن يحتاط أشد الحيطة ولا يأخذه الغرور وغلبة الثقة، بل يكون حازما في ذلك والله المستعان فموضوع السائقين والخدم إذا تكلم فيه اعتصر القلب ألما من هذه المدنية الخطرة التي صبت على المسلمين الويلات فحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه..

 

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا ...

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ...

 

اللهم انج المستضعفين من ...

 

اللهم فك اسر المأسورين ...

 

سبحان ربك رب العزة ...

 

 

 

المرفقات

استهان بها الناس

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات