ما هو دستورنا؟

أحمد شريف النعسان

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ تكريم الله للإنسان 2/ أوامر الله ونواهيه للإنسان 3/ المقصود بدستور المسلمين ومكانته 4/ بعض سمات دستور المسلمين

اقتباس

تشريعُنَا ودستورُنَا الذي أكرمنا الله -عز وجل- به فيه سماتٌ وثمراتٌ, أسأل الله -عز وجل- أن يوفِّقَنا للالتزامِ بهذا التشريع لنجنيَ تلكَ السِّماتِ والثَّمَرَاتِ، فمن سِماتِ هذا التشريعِ والدستورِ: أولاً: أنَّه الهادي إلى سُبُلُ السلامِ وإلى الطريقِ المستقيمِ.

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

 

فيا عباد الله: الإنسانُ المُكَرَّمُ ما عَرَفَ حَقِيقَتَهُ ومقدارَهُ إلا مَن التَزَمَ كِتابَ اللهِ -تعالى-, وقَرَأَ القرآنَ العظيمَ؛ لأنَّ اللهَ -تعالى- أعطى الصورةَ الحقيقيةَ لهذا الإنسانِ من خلالِ القرآنِ العظيمِ.

 

هذا الإنسانُ العظيمُ الذي خَلَقَهُ الله -تعالى- بيديْهِ, ونفخَ فيه من روحِهِ, وأسجدَ له ملائكتَهُ, وعلَّمَهُ الأسماءَ كلَّها, وأسكنَهُ جنَّتَهُ, حذَّرَ ربُّنا -جلَّ وعلا- أيَّما تحذيرٍ من الاعتداءِ عليهِ, ومِن سَحْقِ روحِهِ وقَتْلِهِ ظُلماً وعُدواناً, فقال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].

 

يا عباد الله: الإنسانُ الذي خلقَهُ اللهُ -عز وجل-, وجعلَهُ سَيِّدَ الوجودِ, وسَخَّرَ له ما في السماءِ والأرضِ, ما تركَهُ ربُّنا -عز وجل- سُدَىً, بل جَعَلَ له نظاماً يسيرُ عليه؛ لأنَّه حاشا لربِّنا -عز وجل- أن يُكرِّمَ الإنسانَ هذا التَّكريمَ ثمَّ يَكِلُهُ لنفسِهِ -تعالى اللهُ -عز وجل- عن ذلك عُلُوَّاً كبيراً-.

 

فالذي قال في حقِّ الإنسان: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70].

 

جَعَلَ له من تمامِ التَّكريمِ نظاماً ودُستوراً من خلالِ القرآنِ العظيمِ الذي أنزله الله -تعالى- على قلبِ سيدنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، ولم يَأَذَنْ لأحدٍ أن يُشَرِّعَ لهذا الإنسانِ؛ لأنَّهُ صَنعَةُ اللهِ -تعالى-, وهو أعلمُ بصَنعَتِهِ, فكلُّ تشريعٍ ونظامٍ وضعيٍّ يجُرُّ الوبالَ على الإنسانِ.

 

فمن تمامِ فضلِ اللهِ -تعالى- وعطائِهِ وتكريمِهِ للإنسانِ: أن جَعَلَ له دُستوراً, وهذا الدُّستورُ هو كتابُ اللهِ -تعالى-, وسنةُ رسولِهِ -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-, حَدَّدَ فيه علاقةَ العبدِ مع ربِّهِ, وحَدَّدَ علاقةَ الفردِ مع نفسِهِ, وحَدَّدَ علاقةَ الفردِ مع الآخرين من أبناءِ جنسِهِ جميعاً, ونَظَّمَ شؤونَ حياتِهِ كلَّهَا, قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89].

 

يا عباد الله: هذا الدُّستورُ دستورُ أمَّةِ سيدنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-, أنزلَهُ مولانا -عز وجل- الغنيُّ عن العالمين القائِلُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر: 15].

 

هذا الدُّستورُ لن يرجعَ نفعُهُ على اللهِ -تعالى- إن التزمَهُ الناسُ, ولن يَضرَّ مولانا -عز وجل- شيءٌ إن أعرضَ عنه الناسُ؛ كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم عن أبي ذرِّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-, عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فيما يروي عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: "يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي, وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي"، ثمَّ قال: "يَا عِبَادِي: إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ, ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا, فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا, فَلْيَحْمَدْ اللهَ, وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ, فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ".

 

هذا الدستورُ والتشريعُ منزَّهٌ عن الانحيازِ إلى فئةٍ أو جماعةٍ أو شخصٍ كبيرٍ أو صغيرٍ, أو حاكمٍ أو محكومٍ, أو غنيٍّ أو فقيرٍ, معاذَ الله -تعالى- أن تَجِدَ فيه انحيازاً لشريحةٍ من شرائِحِ المجتمع.

 

نعم, التشريعاتُ الوضعيَّةُ إنَّما هي تشريعاتٌ منحازةٌ للمشرِّعِ أوَّلاً, ثمَّ لِفئتِهِ وجماعتِهِ ثانياً, وإذا تعارضت مصلحتُهُ الشخصيَّةُ مع هذا التشريع فإنَّه يجعلُهُ تحت قدمِهِ, لذلك تراه بين حينٍ وآخر يعدِّلُهُ.

 

أمَّا تشريعُ الله -تعالى- الذي هو دستورُ أمَّةِ سيدنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، فمُنَزَّهٌ عن الانحيازِ والاستدراكِ عليهِ؛ لأنَّ الله -تعالى- قالَ فيه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].

 

فلن يُستدْرَكَ عليه, وهو غالبٌ وليسَ بمغلوبٍ, وهو ظاهرٌ على جميعِ التشريعاتِ الوضعيَّةِ بفضلِ اللهِ -عز وجل-.

 

يا عباد الله: تشريعُنَا ودستورُنَا الذي أكرمنا الله -عز وجل- به فيه سماتٌ وثمراتٌ, أسأل الله -عز وجل- أن يوفِّقَنا للالتزامِ بهذا التشريع لنجنيَ تلكَ السِّماتِ والثَّمَرَاتِ، فمن سِماتِ هذا التشريعِ والدستورِ:

 

أولاً: أنَّه الهادي إلى سُبُلُ السلامِ وإلى الطريقِ المستقيمِ, قال تعالى: (قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم) [المائدة: 15- 16].

 

وقال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء: 9].

 

ثانياً: من سماتِ هذا التشريعِ, ومن سماتِ هذا الدستورِ: أنَّ الملتزمَ به لا يخافُ من المستقبل, ولا يحزنُ على الماضي, قال تعالى: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 38].

 

نعم, ربنا -عز وجل- الآمرُ هو الضامنُ لنتائجِ الالتزامِ, فمَنِ التزمَهُ لا يخافُ من مستقبلٍ, ولا يحزنُ على ما فات.

 

ثالثاً: من سماتِ هذا الدستورِ والتشريعِ الذي أكرمنا الله -عز وجل- به: أنَّ الملتزمَ به لا يَضلُّ ولا يَشقى, قال تعالى: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) [طـه: 123].

 

وما ضَلَّت الأمَّةُ وشَقِيَت إلا بسببِ إعراضها عن دستورِ اللهِ -تعالى- وعن شرعِهِ, وعن القرآنِ الذي أكرَمَ اللهُ -عز وجل- به هذه الأمَّةَ, قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى) [طـه: 124 - 126].

 

فالإعراضُ عن تشريعِ الله -تعالى- شقاءٌ في الدنيا, وعذابٌ في الآخرة.

 

رابعاً: من سماتِ هذا التشريعِ الذي أكرمنا الله -عز وجل- به: أنَّهُ مَن حَكَمَ به عَدَلَ, وما تَرَكَهُ من جَبَّارٍ إلا قَصَمَهُ اللهُ -تعالى-, قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "أَلا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ" فَقُلْتُ: مَا المَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "كِتَابُ اللهِ, فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ, وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ, وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ, وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ, مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ, وَمَنْ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ, وَهُوَ حَبْلُ اللهِ المَتِينُ, وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ, وَهُوَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ, هُوَ الَّذِي لا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ, وَلا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ, وَلا يَشْبَعُ مِنْهُ العُلَمَاءُ, وَلا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ, وَلا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ, هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) [الجن: 1- 2] مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ, وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ, وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ, وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [رواه الترمذي عَنْ الْحَارِثِ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-].

 

فالجنُّ عندما سمعوا القرآنَ الذي هو دستورُ الأمَّةِ المحمديَّةِ قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا).

 

فهذا هو دستورُ أمَّةِ سيدِنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-, وهذا ما نتمنى أن نُحكَمَ به حتى يُرفَعَ الظُّلمُ عن أمَّةِ سيدنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.

 

خامساً: من سماتِ هذا التشريعِ: أنَّه نجاةٌ لمن اتَّبعَهُ, روى الحاكم عن ابن مسعودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُما-, عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: "إِنَّ هَذَا القُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللهِ، فَاقبَلُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ حَبْلُ اللهِ, وَالنُّورُ المُبِينُ, وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ، لاَ يَزِيغُ فَيَسْتَعْتِبُ، وَلاَ يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلاَ يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلاَوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لاَ أَقُولُ: (الم) حَرف, وَلَكِنْ أَلِفٌ وَلاَمٌ وَمِيمٌ".

 

فأين نحن من قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "فَاُتْلُوهُ"؟ أَمَا سَمِعنَا قولَ الله -تعالى-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النـور: 63]؟

 

سادساً: من سمات هذا التشريعِ: أنَّ ربَّنا -عز وجل- ضَمِنَ الحياةَ الطيِّبةَ في الدنيا, وحُسنَ الجزاءِ في الآخرةِ لمن التزمَهُ, قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].

 

والعملُ الصالحُ هو ما أصلحَهُ الشرعُ, والفاسدُ ما أفسدَهُ الشرعُ, وعلى سبيل المثال: البيعُ والشراءُ عملٌ صالحٌ, والرِّبا عملٌ فاسدٌ, قال الله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة: 275].

 

لا يقولنَّ قائلٌ: إنَّ الربا ضرورةٌ اجتماعيَّةٌ واقتصاديَّةٌ, فالرِّبا عملٌ فاسدٌ وعواقبُهُ وخيمةٌ, قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) [البقرة: 278 - 279].

 

يا عباد الله: لماذا تركنا دستُورَنَا؟ لماذا تركنا دِينَنَا؟ لماذا تركنا قرآنَنَا؟ هل رأينا الخيرَ في غيرِهِ؟ لقد جرَّبنا الشرقَ, وجرَّبنا الغربَ, وجرَّبنا الرَّأسماليَّةَ, وجرَّبنا الاشتراكيَّةَ, وجرَّبنا التشريعاتِ الوضعيَّةَ, وواللهِ ما رأينا فيها خيراً.

 

فلماذا لا نُجرِّبُ الإسلامَ؟ لماذا لا نجعلُ دستورَنا القرآنَ, المحفوظَ إلى قِيامِ الساعةِ رغمَ أنفِ الحاقدينَ عليه؟ قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].

 

يا عباد الله: القرآنُ العظيمُ سِرُّ حياتنا الطيِّبةَ في الدنيا والآخرة, ألم يقل مولانا -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال: 24]؟

 

أتريدونَ حياةً طيِّبةً, وسعادةَ الدنيا والآخرة؟

 

فليكُنِ القرآنُ العظيمُ دستورَكُم.

 

يا حُكَّامَ العربِ والمسلمين: إنْ أردتم سعادةَ الدنيا والآخرة لأنفسكم ولشعوبكم ولأمَّتِكُم، فاجعلوا دستورَ بلادكم كتابَ الله -عز وجل-, واسمعوا قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال: 24].

 

فسعادتُنا -يا عباد الله- في إِسلامِنا, وقرآنُ ربِّنَا دستورُنا.

 

يا عباد الله: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) [البقرة: 61]؟

 

أقول هذا القول, وأستغفر الله لي ولكم, فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

المرفقات

هو دستورنا؟

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات