اقتباس
ضرورة واقعية الداعية في مجتمعه ومعرفة الظروف والملابسات المحيطة بها للقيام بما يكون رشاداً في الجو الدعوي، وأن يلتزم الداعية بمعايشة الواقع ولا يلزم منه الرضوخ له، مع معرفته بالأعراف والعادات الاجتماعية. وهذه الحلقة الأخيرة...
تحدثنا في حلقة سابقة عن بعض اللوازم الدعويّة التي يجدر بدعاة العلم الربّاني أن يعدّوا أنفسهم لها؛ ومن أبرزها أنهم مع حرصهم على هداية الخلق؛ فلا إكراه لهم على الهداية، ولا يُحمّلوا أنفسهم فوق طاقتها فيحمل همّ هدايتهم، مع ضرورة واقعية الداعية في مجتمعه ومعرفة الظروف والملابسات المحيطة بها للقيام بما يكون رشاداً في الجو الدعوي، وأن يلتزم الداعية بمعايشة الواقع ولا يلزم منه الرضوخ له، مع معرفته بالأعراف والعادات الاجتماعية.
وهذه الحلقة الأخيرة لاستكمال مبادئ العُدد الدعويّة، ولوازمها للدعاة الهُداة.
اللازمة الثامنة: استقلالية الداعية:
يتميّز بها الداعية الربّاني؛ فيوماً إثر يوم تتشكّل لدي هذه القناعة؛ فمن أراد التأثير في الواقع الدعوي والشرعي فليسلك بوابة الدخول لجميع الناس؛ بعيداً عن الانتماء الحزبي أو الارتباط الفكري بجماعة محددة؛ فذلك مما يُقلص نطاق التفكير؛ ويجعل الداعية حبيس أفكار الجماعة؛ في الوقت الذي تمتلئ فيها الساحة بالجماعات الإسلامية؛ ويكثر الاختلاف فيما بينها.
سيُكرّس كثير من الناس جهدهم في محاولة تنميط الداعية؛ وإخراجه بقالب حزبي خاصّة في أجواء تعيش الجو الحزبي المحتقن؛ والتجاذبات السياسيّة تتعاظم من كل جانب؛ غير أنّ من كان ربّانياً فعليه أن يمد يديه لكافّة الناس؛ ولا يحصر نفسه على فئة دون أخرى؛ وينصر الحق ممن كان، وينصح لكل من يرغب تصويبهم، ويقبل من الجميع نصيحتهم؛ فهو وإن لم يكن منضماً لهم؛ إلاّ أنّه قبالتئذٍ لا يعاملهم إلاّ بأحسن أنواع المعاملة؛ ليس رجاءَ لمنصب أو جاه؛ بل لأنّهم يعملون للإسلام حسب اجتهادهم وطاقتهم.
إنّ الربّاني وهو العالم البصير بواقعه الحكيم بتجاربه؛ يتعامل مع الأمّة بعمومها؛ وإنّ أولى الناس بالربّانية الأنبياء؛ وإنّ ورثتهم العلماء العاملون؛ وإنّ جماعة المسلمين التي يتعامل معها الربّانيون هم المسلمون بأجمعهم دون أن يخرج أحد منهم عن هذه الأمة؛ وهم الربّيون؛ كما قال تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [آل عمران:146] والمراد بقوله (الربيون) جماعة المسلمين وهو مشتق من الربة بكسر الراء وهي الجماعة، وحين قال ربيون أي الآلاف من الناس، الربي واحد الربيين، وهم الألوف من الناس(1).
الموثوقيّة بالداعية تُعطى للذي ينضم ويلتحف بأمّته؛ ولا يجعل نصيبه مع جماعة بعينها ويدع الاتقاء الأخوي في العمل مع الآخرين؛ كما يحصل من بعضهم فيبوء الأمر بهم للتعصب الحزبي؛ والتغالط مع الآخرين؛ وربما الشك بأي عمل خير تقوم به فئة أخرى؛ لظنون حزبية مقيتة؛ لا تنصر دينا ولا دنيا.
إنّ استقلاليّة الداعية تأخذه بعيداً عن طُرق التعصبات والتضييقات الفكرية التي تجعل كثيراً ممن دخلها ضاق ذرعاً برأي الآخرين لعدم اتفاقهم معه.
وإنّ استقلاليته تجعله لا يعيش الجو الحزبي المنغلق الذي يقوم على التربية الحزبية الخاصة؛ مما يورث لدى كثير من المنضوين روح التقليد والتعصب.
وإن استقلاليته تنأى عن الدخول في مهاترات من يستفزه ليترك دعوته؛ ويخوض دفاعاً عن الحزب؛ ويتذرّع بتبريرات وتسويغات للدفاع عن إطاره الحزبي.
وإن استقلاليته؛ لا تجعله يرتبط بولاءات سياسية تهز عقيدته وفكره؛ أو ارتباطات مالية لأغراض الإيقاع بينه وبين الآخرين لتُصرف عليه وتدر عليه أرباحاً لينال بها حظوته.
وإنّ استقلاليته لا يجعلها مجالاً لفتح الهجوم على غيره من الدعاة؛ ولا يُشرعن لنفسه تعصباً في ذاتية أفكاره؛ فيما هو يهاجم التعصب الحزبي.
وإن استقلاليته الدعوية تجعله يقدم هموم الأمة على هم الحزب والجماعة؛ وتورثه مبدأ الاتصال بعموم الأمة لا الانفصال عنها لمصلحة حزب أو جماعة؛ فغالب الأحيان أنّ من يتأطر بذلك يكون سعيه للعمل الحزبي الذي يستهلك وقته ضمن محدودية حزبه، وكثيراً ما يكون مبعداً إيّاه عن الاحتياجات التي تحياها الأمّة، أو أنها إذا تعارضت مصالحها مع مصلحة الحزب يُقدّم مصلحة الحزب على مصلحتها.
وإنّ الاستقلالية الدعوية تجعل المرء ينظر لجميع الجهود الدعوية بنظرة احترام وتقدير؛ ويستفيد من جميع العاملين للإسلام؛ ولا يكون هنالك شخص ملهمٌ له فحسب؛ أو هو المُنظّر للداعية؛ أو مرجعيته الوحيدة؛ بل يستفيد من جميع الموائد العلمية، ويعتبر جميع من صبّ في خدة العمل الدعوي هو شيخه وأستاذه، ولا يُعلّق الصواب على شخص دون آخر.
لقد بتنا نرى عدداً من العاملين في هذه الجماعات يحوّرون مفاهيم صحيحة عامة لتكون مفاهيم مُخصّصة للجماعة؛ فأحاديث الأمر بالطاعة التي يقصد بها رسول الله طاعة إمام المسلمين صارت تنبعث لتخص طاعة أمير الجماعة؛ وأحاديث الحث على لزوم الجماعة صارت حكراً على الجماعة التي ينتمي لها الشخص؛ وأحاديث البيعة للحاكم المسلم يسقطها كثير من الناس على أحاديث البيعة لقائد الجماعة، بل حتى المفاهيم العامة صارت تُنسب لفئة دون أخرى؛ فهنالك فئة تحتكر فهم السلف على منظورها الفكري، مع أنّ فهم السلف من الصعب تضييقه على فئة محددة ولو حاولت الالتصاق به؛ وأخرى تأخذ شعار الوسطية فترى أنّها الجماعة الوسطية وتقيس الناس بوسطيتها مع أنّ الوسطية مفهوم إسلامي أشمل، وثالثة تختص بمفهوم الخلافة وترى أنّها الأحق بها وهي أكثر من يفهم طبيعتها، ورابعة تختصر منهج الأنبياء في الدعوة وأنّها هي التي تلزم طريق الدعوة؛ وخامسة تنسب نفسها لمنهج جهادي وترى أنّه المنهج الأحق بالاتباع؛ ثمّ يتفرع عن كل فئة فئات، وقد تحصل انقسامات وانشطارات؛ وينشغل البعض بالبعض في خلاف رهيب؛ تارة يكون تفسيقاً وأخرى تضليلاً وثالثة تكفيراً ورابعة تبديعاً وليس أخيراً تخويناً..
هذا الواقع القاتم ينبغي أن يبعث دعاة ربّانيون يتحببون لجميع المسلمين؛ ولا يُعادون العاملين للإسلام، ولا يكونون كذلك يداً وطرفاً لجهات تستغلهم للنيل من دعاة الإسلام؛ لكنّهم يُحاولون جمع الصفوف، ولم الشمل المتبعثر، وشد الكفوف بالكفوف، والأكتاف بالأكتاف، حتى تكون أمّة الإسلام كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضاً.
تأثير الدعاة في هذا الجانب خاصة في مستقبل الأيام من المهمات لعلاج هذه الملمات التي تعصف بالأمة؛ وما من أحد يُنكر ضرورة التجمع على فعل الخير، والتعاون على البر والتقوى، وضرورة الدعوة الجماعية، لكنّ الحالة التي تعيشها الأمّة بالاختلاف والتمزق والاشتجار النفسي والفكري صار لائحاً بيّناً؛ حتّى أنّ العدو يستغلونه لمصلحتهم؛ ونحن وإن لم نشعر نعمل من خلال خطتهم ويديرون الخلافات بكثير ممن يندسون داخلنا؛ ونحن نظن أنّنا نحسن صنعاً لأمّتنا؛ وما زلنا نتقهقر ولا نقترب من النصر لأنّ المشكلة موجودة في داخلنا كما قال تعالى: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)[آل عمران:165].
اللازمة التاسعة: علانية الدعوة.
يعتبر بعض الدعاة الدعوة (عملاً سرياً)؛ ويجري عملهم على ذلك بنوع من الكتمان والخصوصية وعدم إشراك عموم الدعاة الصالحين معهم في أعمالهم، وهذا لا يعطي الآخرين ثقة بدعوتهم؛ بل يقلقون منه لوجود شيء مخفي عن الأنظار.
العمل الدعوي العام ليس عملاً يتطلب هذه السريّة وخاصّة إذا كانت الأجواء في البلاد تسمح بالدعوة مع شيء من المضايقات؛ لكنّ السريّة في العمل الدعوي جناياته على الدعوة والدعاة أعظم من بعض الإيجابيات التي تحصل فيه؛ وكلّما عمل الداعية بوضوح علني؛ وكان تحت الشمس وفوق الطاولة ولا يتبع الظلام؛ كانت ثقة الناس بدعوته أكثر؛ واطمئنانهم لصحّة هدفه أعمق.
يقول المفكر الإسلامي السوري عمر عبيد حسنة: "والمتتبع للتاريخ الغابر - فضلاً عن العصر الحاضر - يمكن أن يقول: إنه متى وجد الغموض في الدعوة حلت المخالفات الشرعية، وحيث وجد التخفي؛ حل الخوف وذهب الأمن، وبذلك يتكرر خرق السفينة من المستهمين فيها أنفسهم لعدم رؤيتهم والأخذ على أيديهم، ثم تنتهي إلى الغرق. فيكون أول ضحايا الدعوة تلك هو؛ العمل الدعوي نفسه وليس الخصوم"(2).
إنّ العمل الدعوي السري الذي قام به الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان في أجواء الدول الكافرة التي تمنع العمل الإسلامي أصلاً؛ ولا تسمح لأحد أن يقوم به، ويدعو الناس إليه؛ وكان ذلك يوم لا أحد يقوم بالدعوة إلى التوحيد؛ فإن تحقق وجود ذلك بالفعل وخلت الديار من دعاة للتوحيد؛ كما في بعض الدول التي كانت الشيوعية قد قمعتها ومنعت الناس من حفظ القرآن بل تعقّبت من يصلي في بيوتهم؛ فأجواء كهذه تفرض على المرء أن يقوم بدعوته السرية، وهي الحال التي كان يعيشها المسلمون من الاستخفاء بصلواتهم، والاستخفاء بأي عمل من أعمال العبادة يقومون به؛ فضلاً عن منعهم أساساً من الدعوة توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة؛ فكان من آمن بالتوحيد قلّة قليلة للغاية، كما جاء رواية ابن مسعود بقوله: "أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد"(3) ويشهد لها رواية سعد بن أبي وقاص بقوله: "ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام"(4)، وكان هذا الاختفاء من بعض الصحابة ممن لا يقدر على الصدح بالحق؛ أو ممن أمره الرسول بالاختفاء، أو ممن كان يحقق مصلحة بعدم ظهوره أمام الناس في العلن؛ وهذه المرحلة نفسها كان فيها جزء من العلانية طبقاً لما تقتضيه المصلحة؛ فأبو ذر حين أتى رسول الله واستمع إلى قوله وأسلم، قال له رسول الله: "ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري". فقال: والذي نفسي بيده، لأصرخَنَّ بها بين ظهرانيهم. فخرج حتى أتى المسجد، فأعلن إسلامه أمام الملأ من قريش، إذ نادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله"(5).
أما والحال اختلفت واستطاع المسلمون أن يقوموا بهذا العمل الدعوي سواء في الدول التي يعيش فيها المسلمون في بلدانهم؛ أو في الدول التي يغلب عليها وجود غير المسلمين ويُعد فيها المسلمون أقليات؛ فإنّ بث الدعوة، والصدع بها، وإبرازها للعلن أمام مرأى الناس فهو الواجب المناسب.
إنّ الدعوة السريّة التي قام بها صلّى الله عليه وسلم، ما بقيت على حالتها في مكة؛ بل أمره الله بالبلاغ المبين، والصدع بما يؤمر، والإعراض عن المشركين.
وإنّ نشر الدعوة في العلانية حتى لو أوذي بعض أصحابها أدعى لقبولها وأكثر تعرّضاً لمحاولة كثير من الناس التعرف عليها؛ ولو لاحظنا قصّة الغلام مع الراهب؛ لوجدنا كيف أنّ الراهب الذي اعتزل وكان يُعلّم سراً لم تنتشر دعوته؛ كما صدع بها وصدح بها الغلام أمام الملأ من قومه وأهل المسؤولية الحاكمة؛ بل صدح بها على مشهد من الناس حتّى قبل مقتله؛ فآمن الناس جميعاً..
كل ذلك لا يمنع من الحكمة أثناء الدعوة العلنية؛ وقول ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي؛ وفقه مرحلة الأقوال والأفعال، وحسن الإدارة الدعوية في تنظيم البرامج وترتيبها طبقاً للأهم فالأهم؛ وتأخير البيان إلى وقت الحاجة ومقتضاها.
لقد طلب الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله من عموم المعلمين أن ينشروا العلم ويفشوه بين الناس فكتب إلى أبي بكر بن حزم: "انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا"(6).
وذلك لأنّ هذه الاستتار الدعوي وإن كانت له مقاصد حسنة؛ غير أنّه يفصل الناس عن الأجواء الاجتماعية المُحيطة بهم؛ ويفرزهم عن الجماعة المسلمة العامة؛ مما يؤدي لاستنبات مفاهيم ذات نزعة تؤدي لتفرقة بينهم وبين المجموع؛ والمجموع لا يدري عنها شيئاً لأنّها ليست علنية.
إنّ دعوة الإسلام علنية؛ وتفترق معها كثير من عموم الدعوات التي قامت على عمل سري؛ فانتشرت الكثير من البدع والأفكار المنحرفة في الأعمال السريّة الفكرية؛ فنشأت منها طوائف بين غلاة وجفاة؛ أثّرت تأثيراً كبيراً على عموم الواقع الإسلامي؛ فالدعوة الإسلامية ليست كالدعوات الباطنية التي تقوم بالأعمال السريّة كما قامت فرقة الحشّاشين، والقرامطة، والإسماعيلية؛ وكذا ما تقوم به حركات فرسان الهيكل والماسونية؛ من أعمال خفاء؛ فبهذه الطريقة ينتشر الفساد الفكري والتربية على الكثير من الأمراض العقائدية والنفسية؛ المؤسسة للضلالات كما قال عمر بن عبد العزيز فيما ينقله عنه الأوزاعي: "إذا رأيت قومًا يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة"(7).
وقد جاء أثر يؤسس المعنى؛ حتّى لمن أتى ليدخل في الإسلام؛ وقد جاء أثر يؤكد ذلك عن الحسن البصري أنّ أعرابياً سأل عمر عن الدين فقال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وعليك بالعلانية، وإياك والسر"(8).
اللازمة العاشرة: علاقات دعويّة متينة
إنّ وجودُ العلاقات الحسنة بين عموم الدعاة؛ وتعاونهم على البر والتقوى، مع معرفة بعض الناس حجم الاختلاف الفكري فيما بينهم؛ غير أنّهم في مواقف المبادئ والقِيَم والحقوق والأساسيات يكونون صفّاً واحداً، ويشتركون في ما ينفع البشرية؛ ولقد أحسن موسى عليه الصلاة والسلام حينما لم يقصر مبدأ الدعوة عليه بل طلب من ربّه أن يُعينه ويؤازره بواحد؛ فقال: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)[طه:29-32].
فحينما يتلمّس الدعاة احتياجات البشر؛ يكتشفون أنّهم بذاتهم يتلمّسون احتياجاتهم الدعوية؛ ويعلمون صعوبة أن يكون الداعية وحده بالميدان؛ فيرتجي الداعية من عموم إخوانه المشاركة والمعاونة؛ ولهذا حين لمس موسى عليه الصلاة والسلام ذلك طلب من ربّه هذا؛ فأجاب الله دعاءه، (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى)[طه:36] ووهبه أخاه داعية بل نبياً؛ لصدق نيته وكلمته، فكان أخاه ليس مجرد داعية فحسب بل جعله الله نبياً كريماً؛ أحسن به أن وهبه من يُعينه على الدعوة إليه، فيخف العبء المُلقى على الكاهل؛ كما في الآية الكريمة: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا)[مريم:53].
-------------------
(1) (لسان العرب 3 / 1550)
(2) نظرات في مسيرة العمل الإسلامي - عمر عبيد حسنة.
(3) أخرجه أحمد في مسنده (3832)
(4) أخرجه البخاري في صحيحه (3521).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه: (3648)
(6) أخرجه البخاري في صحيحه: باب كيف يُقبض العلم؟
(7) أخرجه الدارمي في السنن (1 / 343)، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (1 / 135)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2 / 942) وفي سنده مقال لأنّ مدار الرواية على على الأوزاعي، حيث كان صغيرًا لم يبلغ الحلم أو بلغه في خلافة عمر بن عبد العزيز [ تهذيب الكمال، للمزي (17 / 315)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي (7 / 109)].
(8) جاء هذا الأثر مرفوعاً إلى رسول الله ولا يصح؛ وجاء موقوفاً على عمر فيما يرويه عنه الحسن البصري؛ غير أنّه من مراسيل الحسن البصري؛ فهو على الصحيح لم يسمع من عمر؛ غير أنّ المرسل أصح وهو موقوف، صوَّب ذلك البخاري في تاريخه في ترجمه سعيد فقال بعد إيراده المرفوع:"وقال محمد بن بشر: عن عبيد الله، عن يونس، عن الحسن، عن عمر، قولَه، مثله.وهذا أصح" وأعله به البيهقي في الشعب عقب إخراجه للمرفوع.
المصدر: المسلم
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم