لماذا لا يدخل نصارى العرب في الإسلام؟!!

أدمن قديم

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

 

 

 

 

موقع المثقف الجديد - عبدالواحد الأنصاري:

 

أروي بين يدي هذا المقال قصة حكاها لي أحد أصدقائي الموثوقين عندي، يقول:

 

"كنت في سفر إلى نيوزيلندا، وسكنت مدينة اسمها أوكلاند. وكان مكثي عند امرأة عجوز نيوزيلندية، وكنت أُحسن إليها، ببعض الإكراميات، وأشتري لها مما أبتاع لنفسي. وكان لهذا أثرٌ في نفسها، لم تستطع أن تكتمه طويلاً عني، حتى صارحتني ذات يومٍ بأنها تريد أن تردّ لي الجميل، وسألتني عما يمكن أن تقدمه لي. فطلبت منها أمراً مفاجئاً:

 

وهو أن تذهب بي إلى المقابر!

عجبت المرأة، لكنها وافقت، إذ لم يكن أمامها خيارٌ آخر، لاسيما أنها تريد أن تتخلص من الواجب تجاهي، وهذا شعور مضنٍ جدّاً، لا يحبذ الإنسان ألاّ يجد له منفذاً، فما كان منها إلا أن اصطحبتني إلى حيث أردت.

 

وعندما وصلنا رأيتُ ما أذهلني، جمال المقابر يجعلها تبدو كالحدائق والمتنزهات، وكنت أقرأ العبارات التي يكتبها نصارى النيوزيلنديين على شواهد موتاهم: "لن ننساك"، "سوف تبقى في قلوبنا"، وما إلى ذلك من جُمل تتعلق بالأحياء، ولكنها لا تتعلق بمصير الأموات، لم أجد أي ذكر للدار الآخرة، والجنة والنار، فكل الوعد وكل الهدهدات التي يقدمها هؤلاء النيوزيلنديون لموتاهم، يتلخص في أن الحياة معهم كانت جميلة، وأنها لم تعد كذلك، وأنهم كانوا وسيظلون في قلوبهم.

 

واستمرّ تجوالي وطال مع المرأة الكريمة، وبدأت آلف المكان وأرى ما فيه من اختلافات، فانتبهت إلى أن ثمة مدافن أشبه بالغرف والمقاصير، تختلف عن قبور النيوزيلنديين، فهي مبنية بطريقة خاصة، معماريّة، وأعلى تكلفة، altوسألتها عن هذه الأبنية، فابتسمت، ولعلها لم تصدّق أنني لا أعرف، ثم أخبرتني أن هذه مدافن نصارى العرب، فاقتربت إليها ببعض التأمل. ولم يكن البون الهندسي هو الوحيد بين مدافن العرب والنيوزيلنديين، لأنني عندما رحت أقرأ ما كتب على هذه الشواهد، وجدت أن الأشعار العربية والاقتباسات تتحدث عن الآخرة، الاصطلاحات الإسلامية التي نعرفها: كانوا يكتبون كتابات تبشر موتاهم دخول الجنة، والخلود فيها، وتهنئهم بالرحمات الإلهية، وبالسعادة الأبدية. وعندما تحدثت عن هذه المفارقة إلى رفيقتي كان دورها في الدهشة قد حان، وأخبرتني أنها حقاً لم تكن قد تنبهت إلى هذا من قبل".

 

 

بهذا تنتهي قصة صديقي، وحان لي أن أروي قصّتي:

عندما أقرأ أنا وزوجتي في تاريخ قبائل العرب النصرانية، كالغسانيين والتغلبيين، ونقرأ في كتابات نصارى العرب النفيسة، مثل كتابات بطرس البستاني، وأنستاس الكرملي، أو نشاهد دفاع بعض نصارى العرب القوميين عن القضية الفلسطينية، أو حديثهم عن الفتوحات الإسلامية بالفخر والإباء، كانت زوجتي تقول دائماً: أستغرب، كيف لا يُسلم نصارى العرب، وقد عرفوا السيرة، وفقهوا القرآن، وتحدثوا لغة المسلمين، وألموا بحِكم الشريعة، فيما نرى نحن كل يوم وكل حين نصرانياً من نصارى الغرب والشرق والشمال والجنوب، ممن لا يعرفون القرآن، ولا يدركون معانيه، ولم يعرفوا حقائق شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا محاسن رسالته كأولئك، وهم يدخلون إلى الإسلام أفواجاً"؟

 

ولم أكن أمتلك إجابة؟

أدركت أن هذا سؤال في الصميم، وأنه بعيد الغور، وعندما راجعت التاريخ، وجدت أن بعض نصارى العرب ظلوا نصارى، فيما كان نصارى العجم من الشام وتركيا، ومن الأندلس، يدخلون إلى الإسلام أفواجاً، وكيف أن الملكين النصرانيين الأعجميين (النجاشي وهرقل) أحدهما أسلم، والآخر حدثته نفسه بالإسلام، لولا ما خافه على نفسه من قومه، في حين ظل بعض نصارى نجران وأناس من غسان وتغلب كفاراً يقاتلون ويُقتلون ويؤسرون أو يعاهدون ويدخلون في الذمة ويدفعون الجزية، مع اختلاطهم بالمسلمين ومع إدراكهم لحقيقة رسالة الإسلام حتى يومنا هذا؟

 

قد يعترض هذا التساؤل معترض بقوله:

إن سؤالك هذا لا يجري على النصارى وحدهم، بل يسري أيضاً على قريش، فلك أن تتساءل: ولماذا رفضت قريش الدخول في الإسلام، وقبلت به الأوس والخزرج، مع أن قريشاً هم أعلم الخلق بطبائع محمد صلى الله عليه وسلم وخصاله وصدقه وأمانته، ولم يجربوا عليه كذباً ولا غشاً ولا خيانة للمروءة؟! ومع ذلك قال تعالى فيهم: (وكذب به قومُكَ وهو الحق)، فلماذا لا تتعامل مع هذا الموضوع (وهو عدم إسلام نصارى العرب) كما تعامل معه القرآن، وتبحث في أسباب عدم إسلام القرشيين بابنهم وأخيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تحاول أن تجد مظاهر هذه الأسباب عند نصارى العرب الممتنعين من الدخول في الإسلام؟

 

هذا الاعتراض له وجاهته، وهو بحث مستقل، لكن لا يلزم من نتائجه بالضرورة أن تتطابق أسباب تجنب نصارى العرب للدخول في الإسلام مع أسباب تجنب قريش للدخول في الإسلام، وإن اتفقت في بعضها، وعلى افتراض أنها اتفقت جميعاً، فلا يعني ذلك أنه لا توجد أسباب زائدة عند نصارى العرب أو فيهم جعلتهم يتنكبون طريق الإسلام، ويرتدون القهقرى عن سبيله.

 

وقبل أن أخوض في محاولة لاستكناه بعض أسباب رفض نصارى العرب الذي يؤمنون بأن الإسلام من عند الله الدخول في الإسلام، قبل ذلك لا بد من محاولة لفهم دخول نصارى الأعاجم فيه:

 

فمن خلال القصة الأولى التي رواها لي صديقي عن إحدى مقابر أوكلاند، ألاحظ الآتي في فقرتين:

 

· أن كثيراً من نصارى الأعاجم لا يهتمون بالجانب الأخروي، ولا بالتدين الحقيقي، وكأن التحاقهم بالنصرانية ناتج عن التسلسل الوراثي لعوائلهم ليس إلاّ، وأنهم أشدُّ ميلاً إلى الإلحاد، وأبعد عن التعصب للنصرانية، وذلك من altجهة أن انتماءهم إليها غير مصيري بالنسبة إليهم، فليس لكون أحدهم نصرانياً (بالنسبة إليه) دور في مصيره بالآخرة، لأنه أقرب إلى الإلحاد، وأقرب بالتالي إلى إنكار البعث والنشور من باب أولى. ونحن لا ننسى أن من أسباب هذا الإلحاد وهذا الإنكار للبعث والنشور إنكار أولئك النصارى الغربيين العقلاء لمضامين الخرافة والأسطورة في الديانة النصرانية المحرّفة، ولهذا فإن تدينهم الوراثي بالنصرانية، يتضمن في حقيقته عدم تدينهم الإيماني بها، وربما يكون هذا سبباً في تقبلهم الانتقال من هذه الديانة إلى أي ديانة أخرى يمكنها أن تتماشى مع عقولهم مع إثبات الربوبية والألوهية والرسالة السماوية، الذي هو أصل كل دين صحيح. ولهذا فإن اعتناق الإسلام بالنسبة إلى كثير من النصارى، إنما هو إنقاذ من حالة الإلحاد الماثل في صورة التدين النصراني الوراثي الذي هو في جوهره ليس تديناً بأي دين، وبهذا فإن الانتقال إلى دين الإسلام بالنسبة إلى هؤلاء ليس انتقالاً من دين إلى دين، وإنما هو تخلص من إلحاد قلق، ناتج عن رفض دين خرافي أسطوري، بالتحول إلى دين حقيقي صحيح يمكنه التخلص من الإلحاد، فهو في الحقيقة انتقال من الإلحاد إلى الدين، وليس انتقالاً من دين إلى دين آخر.

 

 

· أما فيما يخص نصارى العرب (ولا أزال متشبثاً بقصة صديقي عن المقابر النيوزيلندية) فإنهم يعيشون حالة من الإيمان بهذا الدين الخرافي، وفي الوقت نفسه يؤمنون بأن هذا الدين هو الذي فيه خلاصهم، ويقفون من الإسلام موقف الندّيّة إن لم يكن موقف الإنكار، فباعتبار أنهم يرون في الإسلام ديناً غير صحيح (مع تقبلهم لخرافات النصرانية المحرفة وأساطيرها وتعصبهم لها)؛ فإنهم (لذلك) يربطون خلاصهم الأخروي (الذي يؤمنون به) بالثبات على دينهم. أما فيما يتعلق بأولئك الذين يشعرون بالنّدّيّة الدينية لنصرانيتهم تجاه الإسلام (بمعنى أن النصرانية والإسلام كلاهما دين صحيح في نظرهم، ولهذا فلا ضرورة للانتقال من أي منهما إلى الآخر، خصوصاً إذا كان للانتقال ثمن أدبي واجتماعي ونفسي وربما اقتصادي لا بد من دفعه)، فهذا هو ما سأنتقل إليه في الجزء الآتي من المقال ..

 

كثيرٌ جداً من نصارى العرب المعاصرين، خصوصاً نصارى الشام، يعرفون صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإلهية رسالته، ولكنهم لا يدخلون في الإسلام، لا لأنهم بالضرورة يكتمون الحق أو يحسدون العرب كاليهود، altوإنما يرجع ذلك إلى أسباب يأتي من بينها شبهة أثارها عليهم بعض المنتمين إلى الإسلام، وغذوها في نفوسهم، وبعضهم من المنسوبين إلى العلم والدعوة، فأقنعوا هؤلاء النصارى بندّية النصرانية المحرّفة للإسلام الصحيح، وبأنهم لا يحتاجون إلى أن يدخلوا في دين الإسلام الخاص، الذي هو الشريعة المنزّلة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وليسوا ملزمين باتباعه، واجتهدوا كل الاجتهاد في إقناعهم بأن محمدا صلى الله عليه وسلم أرسله الله إلى العرب، وأما رسالته إلى الناس كافة فليس معناها وجوب دخول جميع خلق الله في الإسلام، بل يكفي أهل الكتاب أن يصدقوا به وبنبوته ورسالته، ويقروا بأنها من عند الله، وهم بهذا قد جعلوا رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بمثابة رسالات الأنبياء قبل الإسلام التي من اتبع أياً منها – من غير قوم النبي المرسل إليهم - ولم يكذب الأخرى وسِعه اتباعها،! وهذه شبهة عظيمة، يرددها كل من ثبت عنده من نصارى العرب ويهودهم وصابئتهم إعجاز القرآن، وأن محمدا رسول الله، وأن دينه الإسلام دين حقّ من عند الله، وهم بهذه الطريقة -هم ومن يسوغ لهم ذلك من المنتسبين إلى الديانة والفتوى في الإسلام- يتأولون نصوص القرآن التي تأمر بالدخول في الإسلام بأن المقصود بها الإسلام العام الذي هو دين الرسل جميعاً، وأما النصوص الخاصة بالإسلام الخاص الذي هو الشريعة المنزلة على نبينا محمد فَيَرَوْنَ –كما ذكرت- أنه يكفي أن يؤمَن بها ويصدَّق.

 

 

وبهذا يتبين أن من أسباب رفض الدخول في الإسلام – من حيث الشبهة - عند بعض نصارى العرب، وبعض الصابئة، وربما عند بعض اليهود، الذين تبينت لهم حقيقة رسالة الإسلام- ما ليس هو نفسه سبب رفض مشركي قريش الدخول في دين الله، الذي كان سببه الرئيسي: أنهم حسدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن منهم حاسداً له مثل عمه أبي طالب فلم يكن يهون عليه أن يترك دين آبائه.

 

لا أريد أن يقتصر المقال على تصوير هذا السبب الذي ينبه إليه من دون ذكر أمثلة، ويحضرني هنا مثالان لرجلين شهيرين، أحدهما من النصارى، والآخر ممن ينسب إلى الديانة والفتوى من المسلمين، ممن راجت عندهم هذه الشبهة واستحوذت عليهم:

 

المثال الأول:

 

المذيع جورج قرداحي:altسئل جورج قرداحي في أحد البرامج التلفزيونية، واسمه "حديث البلد" على قناة MTV، عن شائعة انتشرت بأنه دخل الإسلام، فنفى ذلك، وقال: "لي الشرف أن أنتمي للإسلام، وأنا طول عمري لدي إعجاب بالإسلام كدين، بالنبي صلى الله عليه وسلم، النبي محمد، نبي المسلمين، وعندي محبة لهذا الإنسان الذي غيّر مجرى التاريخ..."، إلى أن قال: "لا أريد أن أنفيها، ولكنني لا أجد فرقاً بين الديانتين المسيحية والإسلام"...إلخ. ثم قال عبارة خطيرة: "لا يحتاج الإنسان إلى أن يغير ديانته لينتقل من المسيحية إلى الإسلام، لأن الديانتين تكمل إحداهما الأخرى". واستدل بقوله تعالى: (وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون).

 

وهذا المثال لا يقتصر على قرداحي وحده، بل هو موجود عند غيره حتى من العرب غير النصارى، مثل الشاعر العراقي الصابئي عبدالرزاق عبد الواحد، فهو يعلن حبه وتصديقه بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكتفي بالدخول في عموم هذا التصديق، ويرى أنه لا يلزمه تغيير دينه ليدخل في الإسلام!

 

المثال الآخر، وهو عند أحد المسلمين المنتسبين إلى العلم الشرعي والفتيا، وهو عدنان إبراهيم، الذي قال في إحدى لقاءاته المسجلة:

 

"في سورة البقرة: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)...". ويكمل عدنان إبراهيم بعد ذكر آيتين أخريين: "ما انتهى إليه اجتهادي في هذه المسألة المشكلة جداً، وطبعاً أعلم أن هذا الاجتهاد، حقيقٌ أن أُكفَّر عليه وبسببه من كثير من المسلمين، الذين ينتظرون فرصة كهذه، لكن باختصار سأقول، وهذا اجتهاد، قد أكون مخطئاً فيه، وأنا مستعد إلى الفيئة فيه ريثما ظهر الحق إن شاء الله، بالدليل الذي بان لي، أن الكتابيّ يهودياً أو نصرانياً ليس ملزماً بأكثر من أن يقرّ بنبوة محمد، يقول: نعم، هذا نبي، لكنه ليس ملزماً بأن يتّبعه، وأن يتديّن بشرعه. لأنه إذا آمن بأنه نبي أو رسول هو مخير بعد ذلك أن يقيم كتابه، لكن أن يقيم كتابه، (يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم)، لا تقل لي القرآن، الله قال: ما أنزل إليكم. في آية أخرى يقول: ما أنزلنا إلينا وأنزل إليكم، إياك أن تخلط وتقول لي: معناها: أنزل إليكم، القرآن. هذا كلام فارغ. أنزل إليكم وليس أنزل إلينا، إذا آمن الكتابي بمحمد في هذا فلا يعتبر كافراً بمحمد، لكنه ليس ملزماً بالاتباع، إن اتبعه فله أجران، النبي يقول: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي"، والمعنى أنه إن لم يؤمن بي، لكن لم يتبعني ولم يكفر، فله أجر واحد"!

 

انتهى المراد من نقل هذا الكلام المتخبط!

 

وعلى أي حال، فهذه الشبهة التي تبدو منتفخة من الخارج ليست سوى حجة بالونية مفرغة في الداخل إلا من الهواء، يدفعها الكتاب والسنة والإجماع، ويدفعها أن هؤلاء لو سلمنا لهم ما زعموا من أنهم يكفيهم الدخول في الإسلام العام الذي هو دين إبراهيم فإنه يجب عليهم ترك دين النصارى المنتشر حالياً، يجب الكفر به للدخول في إسلام الأنبياء، وإذا زعموا أنهم صدقوا القرآن الكريم وآمنوا به وصدقوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وذلك في زعمهم يكفيهم، فإذا سلمنا لهم بذلك فعليهم أن يصدقوا قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار)، وقوله تعالى بعد ذلك: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة. وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم* أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم* ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أن يؤفكون).

 

فلا بد من التوحيد ليدخل هؤلاء النصارى في دين الإسلام العام الذي يحاججوننا بأنهم يوافقوننا عليه، وهذا هو مضمون قوله تعالى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)، فلا يمكن للمرء أن يكون على دين الإسلام العام وهو يعبد المسيح أو عزيراً أو الحسين أو غيره، كان ما كانت الرسالة التي يدعي الانتماء إليها. وكذلك، من سياق الآيات السابقة، يتضح أنه لا يمكن للشخص الكتابي أن يصدق بالقرآن من دون أن يصدق بنصوصه التي تنص على أنه لا بد من تصديق نبوة محمد، ولا بد من نصرته، ولا بد من اتباعه، من أجل تحقيق الهداية والفلاح. وبهذا يكون التصديق بالقرآن متضمناً هذا، وإلا كان من ادعى أنه آمن به وكذب هذه الآيات ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، كما قال تعالى: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون).

 

فالحاصل، أن هذه الشبهة التي يبثها بعض من يتحدث باسم الإسلام والدعوة، ويتلقفها نصارى العرب وغيرهم من اليهود والصابئة، هذه الشبهة لها دور كبير في صد كثير ممن تبينت لهم حقيقة الإسلام من أهل الكتاب عن الدخول في الإسلام، ولا يعني هذا أن نغفل أسباباً أخرى: مثل التعصب الديني، والعداء التاريخي، والتحاسد بين الأجناس والأم، ولا ننسى قبل ذلك كله أن هداية التوفيق من عند الله تعالى، قال تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)، وقوله: (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون).

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
26-07-2025

مقال مفيد ممتاز ..عسي الله تعالي ان يهديهم الي سواء السبيل ...آمين