لماذا اختص يوم الجمعة بأهمية عظيمة ؟

فتاوى الشبكة الإسلامية

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

لماذا اختص يوم الجمعة بأهمية عظيمة ؟

 

السؤال

 

ما ثواب صلاة الجمعة ؟ وما أهميتها ؟ ولماذا تنفرد بثواب عظيم وأهمية كبيرة عن باقي الصلوات ؟ أفيدوني أفادكم الله ؟

 

الجواب

 

الحمد لله.

أولا :

اختار الله عز وجل يوم الجمعة ليكون أعظم الأيام عنده عز وجل ، واختصه بأحداث عظام ، ومزايا كبار ، كانت سببا لوجوب تعظيم هذا اليوم عند المسلمين ، واتخاذه عيدا من أعيادهم التي شرع الله فيها من المناسك ما لم يشرع في غيرها .

وقد سبق في موقعنا سرد الأدلة المتكاثرة على هذا الأمر ، يمكن مراجعتها في الأجوبة تحت الأرقام الآتية : (9211) ، (12309) ، (13692)

ثانيا :

ثم إن صلاة الجمعة اكتسبت فضلا خاصا ومزية جليلة ببركة هذا اليوم العظيم .

يقول ابن القيم رحمه الله :

" صلاة الجمعة خصت من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا توجد في غيرها ، من الاجتماع ، والعدد المخصوص ، واشتراط الإقامة ، والاستيطان ، والجهر بالقراءة .

وقد جاء من التشديد فيها ما لم يأت نظيره إلا في صلاة العصر ، ففي السنن الأربعة من حديث أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه ) " انتهى من " زاد المعاد " (1/384-385)

وقد خصت السنة النبوية أيضا صلاة الجمعة بالحث على الاغتسال لها ، والتطيب لجَمعها ، كما جاء الترغيب الشديد في التبكير لها ، وترتيب الأجر العظيم على المشي إليها ، ولهذه الخصائص روى سعيد بن منصور ، عن نعيم بن عبد الله المجمر ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أن يجمر مسجد المدينة كل جمعة حين ينتصف النهار ، كما نقله ابن القيم في " زاد المعاد " (1/370)

ثالثا :

السبب المباشر لتعظيم صلاة الجمعة هو الاختيار الرباني ، والتخصيص الإلهي لهذه الصلاة ويومها بالمزايا والفضائل ، وتلك إحدى مظاهر الربوبية لله عز وجل ، حيث ينفرد بتعظيم ما يشاء من خلقه ، وما يختار من الزمان والمكان ، فهو الذي يفعل ما يشاء لحكمة يعلمها سبحانه .

يقول ابن القيم رحمه الله :

" فإن الله سبحانه وتعالى هو المنفرد بالخلق والاختيار من المخلوقات ، قال الله تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص/68...وإذا تأملت أحوال هذا الخلق ، رأيت هذا الاختيار والتخصيص فيه دالا على ربوبيته تعالى ووحدانيته ، وكمال حكمته وعلمه وقدرته ، وأنه الله الذي لا إله إلا هو ، فلا شريك له يَخلُقُ كخلقه ، ويختار كاختياره ، ويدبر كتدبيره ، فهذا الاختيار والتدبير والتخصيص المشهود أثره في هذا العالم من أعظم آيات ربوبيته ، وأكبر شواهد وحدانيته ، وصفات كماله ، وصدق رسله " انتهى باختصار من " زاد المعاد " (1/40-43)

وقد قرر أيضا العلامة ابن القيم رحمه الله أن هذا التخصيص والاختيار يدل على فضل ذاتي ومزايا خاصة اختص الله تعالى بها ذلك الزمان المفضل ، فالله جل جلاله يجعل ـ بعلمه وحكمته ـ في المكان ، أو الزمان ، أو الشخص ، ما يؤهله لاختيار الله له ، وتفضليه على ما سواه .

 

يقول رحمه الله :

" ولم يوفق لفهم هذا المعنى مَنْ سوَّى بين الأعيان والأفعال والأزمان والأماكن ، وزعم أنه لا مزية لشيء منها على شيء ، وإنما هو مجرد الترجيح بلا مرجح ، وهذا القول باطل بأكثر من أربعين وجها قد ذكرت في غير هذا الموضع ، ويكفي تصور هذا المذهب الباطل في فساده...والله سبحانه وتعالى قد رد هذا القول الباطل بقوله تعالى: ( وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) الأنعام/124، قال الله تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) الأنعام/124، أي : ليس كل أحد أهلا ولا صالحا لتحمل رسالته ، بل لها محال مخصوصة لا تليق إلا بها ، ولا تصلح إلا لها ، والله أعلم بهذه المحال منكم ، ولو كانت الذوات متساوية - كما قال هؤلاء - لم يكن في ذلك رد عليهم .

وكذلك قوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الأنعام/53 أي : هو سبحانه أعلم بمن يشكره على نعمته فيختصه بفضله ويمن عليه ، ممن لا يشكره ؛ فليس كل محل يصلح لشكره ، واحتمال منته ، والتخصيص بكرامته ، فذوات ما اختاره واصطفاه ، من الأعيان والأماكن والأشخاص وغيرها ، مشتملة على صفات وأمور قائمة بها ليست لغيرها ، ولأجلها اصطفاها الله ، وهو سبحانه الذي فضلها بتلك الصفات ، وخصها بالاختيار ، فهذا خلقه ، وهذا اختياره : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص/68... والله سبحانه لا يخصص شيئا ، ولا يفضله ويرجحه إلا لمعنى يقتضي تخصيصه وتفضيله ، نعم هو معطي ذلك المرجح وواهبه ، فهو الذي خلقه ، ثُمَّ اختاره بعد خلقه " انتهى باختصار من " زاد المعاد " (1/53-54)

والخلاصة أن هذه الفضائل كلها لهذه الصلاة الجليلة هي من تفضل الله عز وجل على عباده ، فقد اختارها بأمره ، واختصها بفضله ، فكان لها في الدنيا والآخرة هذا الشأن العظيم .

والله أعلم .

 

المصدر: الإسلام سؤال وجواب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات