لا عدوى ولا طيرة

عبدالله محمد الطوالة

2022-09-09 - 1444/02/13 2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/تحريم التشاؤم والتطير 2/عواقب التشاؤم ومفاسده 3/أهمية الأمل والتفاؤل 4/من ثمرات التفاؤل وحسن الظن بالله 5/دعوة للتفاؤل.

اقتباس

وَالْمُؤْمِنُ قَوِيُّ الإيمان، يُحسنُ الظنَ بربّه، ويتوكلُ عليه وحدهُ، ويُسلِّمُ أمرهُ كلهُ لله، يعلمُ ويُوقِن أن النَّافِع الضَّارَّ هو اللهُ وحدهُ، وأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَه، وأنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى الله كَفَاه، ومن اعتصم به حفظه وحماه.

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ خلَقَ الإنسانَ في أحسن صورةٍ صورهَا، واستخلفَهُ في الأرض ليستثمرَهَا ويعمُرَهَا، وخلَقَ لهُ ما في السماوات وما في الأرض وسخَّرَهَا، (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا)[النمل: 60] .

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، والَى علينا نعمَهُ وآلاءَهُ لنشكُرَها، ومن رامَ لها عدَّاً فلن يحصُرَها ..وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ, رسمَ معالمَ الملَّةِ وأظهرَهَا، والتزمَ بتعاليم ربهِ ودعا إليهَا ونشرَهَا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ الغرِّ الميامين، أفاضَل هذهِ الأمَّةِ وأبرّها وأطهرهَا، والتَّابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

 

 أمَّا بعدُ: فأُوصيكم أَيُّها النَّاسُ ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ ربّكم، وأخلِصُوا للهِ نياتكُم وأعمالكم، فإنَّما الأعمالُ بالنياتِ، وجِدوا واجتهِدوا في طاعة ربكم, فقد أفلحَ من جدَّ في الطاعات، والزَموا الصدْقَ مع التقوى، فإن دينَ اللهِ هو الصدقُ في المُعاملات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].

 

معاشر المؤمنين الكرام: جَاءَ فِي صحيح الإمام الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: "لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، قَالَ الأعرابي: قُلْتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "فَنَعَمْ إِذًا".. وفي رواية للطبراني: "فَمَا أَمْسَى مِنَ الْغَدِ إِلَّا مَيِّتًا".

 

التشاؤم -يا عباد الله- هو توقُّعُ حصولِ الشَّرِ بدون سببٍ صحيح، والتطيرُ أن يتراجعَ الإنسانُ عمَّا عزمَ عليه من العمل بسبب التشاؤم، وهذا من عادات الجاهلية التي حرَّمها الإسلام ..

 

نعم أيها الكرام: هُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ ويتطيرُ مِنْ شهرٍ معين، أَوْ يومٍ مُعين، أو ساعةٍ معينة، أو رقمٍ معين، أَوْ صوَتٍ معين، أَوْ حَيَوانٍ معين، أَوْ حالٍ مُعينة، حتى يؤدي بهم ذلك إلى تعطيل مصالحهم، فَلَا يُقِيمُونَ مُنَاسَبَةً، ولا ينشؤون سفراً، ولا يَعقِدون زواجاً، ولا يشترون بيتاً أو سيارة، تطيراً وتشاؤماً، وكل ذلك محرمٌ ولا شك..

 

فعند التأملِ يتضحُ أن الذي منعهم هو الوهم، والخَوْف مِنْ غَيْرِ اللهِ، فهو في الحقيقة خللٌ في عقيدة التَوَكُّلِ، وضعفٌ في الايمان، يصلُ بصاحبه إلى الشِّرْكِ، واللهُ -جلَّ وعلا- يقول: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان: 13].

 

وَالْمُؤْمِنُ قَوِيُّ الإيمان، يُحسنُ الظنَ بربّه، ويتوكلُ عليه وحدهُ، ويُسلِّمُ أمرهُ كلهُ لله، يعلمُ ويُوقِن أن النَّافِع الضَّارَّ هو اللهُ وحدهُ، وأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَه، وأنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى الله  كَفَاه، ومن اعتصم به حفظه وحماه.

 

ولا شك أَنَّ التشاؤم لَا يَضُرُّ إِلا المُتَشَائِمَ؛ وأن الطِّيَرَةَ والتَّطيرَ لَا تَضُرُّ إِلا المُتَطَيِّرَ؛ لِأَنَّ شُؤْمَهُ سَيردُّه عَنِ عَمَلِه، ويُعطّلُ مصالحهُ، وَسيُصِيبُهُ بِالْيَأْسِ، ثم القلق والاكتئاب، ثم التوتر والاضطراب.. وَهَكَذَا يَظَلُّ المتشائمُ أَسِيراً للْأَوْهَامِ، وَالظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ، والأمراضِ النفسية المعقدة، ومن ثَمَّ يكونُ صيداً سهلاً للدَّجَّالينَ والمشعوذين، والسَّحرةِ والْعَرَّافِينَ؛ فيَسْلِبُونَ منه أَمْوَالَهُ، ويُفْسِدُونَ عليه عقيدته وتَوْحِيدَهُ.

 

جاء في صحيح البخاري قَالَ، -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ عَدْوَىَ، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ"، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: "الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ"، فالفألُ والكلمةُ الطيبةُ فِيهَا مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى النَّفْسِ، ومن الطمأنينةِ وانشراحِ الصدر، ما يشجّعُ على الْمُضِيِّ قُدُمًا لِتحقيق مَا يَسْعَى إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ من مصالحة، وفي الأثر: "تفاءلوا بالخير تجدوه".

 

ومن وجدَ شيئاً من التشاؤم فيعلم أن الْأُمُورَ كلها بِيَدِ اللهِ –سُبْحَانَهُ-، وَأَنَّ الْقَدَرَ مَكْتُوبٌ، لَا تَرُدُّهُ الطِّيَرَةُ، ولا يمنعهُ التشاؤم، ففي الحديث الصحيح: "مَنْ ردَّتْهُ الطِيَرَةُ عن حاجتِهِ فقدْ أشرَكَ"، قالوا: يا رسولَ الله وما كفارَةُ ذلِكَ؟ قال يقولُ: "اللهمَّ لا طيرَ إلَّا طيرُكَ، ولَا خيرَ إلَّا خيرُكَ، ولَا إلهَ غيرُكَ"، وفي الحديث الصحيح: "اللَّهمَّ لا مانعَ لِما أَعطَيْتَ، ولا مُعْطيَ لِما منَعْتَ، ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ منكَ الجَدُّ".

 

الأَمَلُ والتَّفاؤلُ -يا عباد الله- منبعهما الإِيمَانُ العَمِيقُ بِاللهِ -جَلّ وعَلاَ-، والمَعْرِفَةُ بِسُنَنِهِ ونَوامِيسِهِ، وحُسنُ الظنِّ به -جل وعلا-، فَهُوَ -سُبْحانَهُ- مالك الملك، مَقالِيدُ الأُمُورَ كُلِّها بيدِهِ، يُصَرِّفُها كَيفَ يَشاءُ ..

 

والمؤمِنَ القوي الإيمان يعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ أنَّ كُلَّ ما يُصِيبُه فهو لهُ ولصالحه وليسَ عليهِ، قَال -جلَّ وعلا-: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التوبة: 51] .

 

والمؤمِنُ قويُّ الإيمان يَعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ أنَّ الرِّزقَ مَقسُومٌ، وأن الأجَلَ مَحتومٌ، كما جاء في الحديث الصحيح: "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ".

 

والمؤمِنُ قويُّ الإيمان، يَعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ, أن أمره كُلَّهُ لهُ خيرٌ، كما جاء في الحديث الصحيح: "عَجَباً لأَمْرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلُّهُ خَيْرٌ، ولَيسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إِنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وإِنْ أَصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ".

 

والمؤمِنُ قويُّ الإيمان، يَعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ، أن المستقبل لهذا الدين، فقد جاء في الحديث الصحيح: "لَيَبْلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بلَغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، ولا يَترُكُ اللهُ بَيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أَدخَلَه اللهُ هذا الدِّينَ، بعِزِّ عَزيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ؛ عزًّا يُعزُّ الله به الإسلام، وذلاًّ يُذلُّ الله به الكفْر"؛ (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[الروم: 6].

 

فتَفَاءَلْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ، وأحْسِن الظن بربك، وَتَوَقَّعِ الْخَيْرَ دَائِمًا، وَسَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ، وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تُغْلِقَ أَبْوَابَ الأمل بِكَلَامٍ لَا يَلِيقُ؛ ففِي الحَدِيثِ القُدُسيِّ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بي خَيْراً فَلَهُ، وإِنْ ظَنَّ بي شَرّاً فَلَهُ".

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 172-175].

 

أقول ما تسمعون ..

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلاماً على عباده اللذين اصطفى ..

 

أما بعد: فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..

 

معاشر المؤمنين الكرام: المتأمّلُ في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، يجدُ التفاؤلَ وحُسن الظن بالله -تعالى- واضحاً جلياً في كل أحواله وأحيانه، خُصوصاً حينَ تَشتدُّ المحنُ وتتفاقَمُ الشدَائِدُ ..

 

فحِينَ اشْتكَى بعضُ الصَحابةُ ما يَلقونَهُ من شِدّةً المشركِينَ، يجيبهم المتفائل -صلى الله عليه وسلم-: "والله ليُتمنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى يَسيرَ الراكِبُ من صَنعاءَ إلى حَضرمَوت ما يخافُ إلا اللهَ والذِئبَ على غَنمِه"، وفي أحداث الهجرة حين يصلَ المطارِدُونَ إلى بابِ الغارِ، يقولُ -صلى الله عليه وسلم- لصاحبه الخائف: "لا تحزن إنَّ اللهَ مَعنا".

 

وفي غَزوةِ الأحزابِ: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)[الأحزاب: 10]؛ فيقول المتفائل -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُ أكبرُ أُعطِيتُ مَفاتِيحَ كذا وكذا"، وغيرها من صُورِ الأمَلِ والتَّفاؤلِ وحُسنِ الظنِّ بالله -تعالى-، وما أكثرها!!

 

فتفاءَل -أيُّها المسلِم- وأَحْسِن الظنَّ بربِك، واستبشِر بصلاحِ الأحوالِ ولو تفاقَم السُوءُ، وترقَب النَّصرَ وإنْ تكالبَ الأعداءُ، وتوقع فَرجاً قريباً وإنْ استَحكَمت حلقاتُ البَلاءُ، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق: 3].

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فالشدائِدُ أقوى ما تكونُ اشتِداداً واسودِاداً، أقربَ ما تكُونُ انفِراجاً وانبِلاجاً، (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا)[الإسراء: 51].

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فالشمسُ تغربُ في جهةٍ لتُشرقَ في الجهةِ الأُخرى، والبذرةُ تَسقُطُ في الأرضِ لتَخْرُجَ نبتةً أُخرى، والماءُ يتبخرُ ويصعَدُ في الفضاء, ليَنزِلَ غَيثاً لأهل الأرضِ وَرواءً، فـ(لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)[النور: 11] .

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فبعدَ كلِّ شتاءٍ قارسٍ، هُناك ربيعٌ مُزهرٌ، وبعد كلِّ رَعدٍ قَاصِفٍ، هُناك غَيثٌ مُغدِقٌ، وبعدَ كلِّ مخاضٍ مُؤلمٍ، هُناك مولودٌ مُبهجٌ، و(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)[الطلاق: 7] .

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فلا حياةَ مع اليأسِ، ولا يأسَ مع الحياةِ، وعلى قدرِ نيةِ العبدِ وهمتهِ، يكونُ توفيقُ اللهِ لهُ وإعانتهُ.. (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)[الطلاق: 4] .

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم-؛ فالفَشلُ يَفتحُ بَابَ الأمَل، والعُسرُ يُبشِّرُ بعدَهُ باليُسرِ، والذُّنوبُ سببٌ لأنْ نفِرَّ إلى اللهِ ونتُوب، وفي الحديثِ الصحِيحِ: "لولا أنَّكُم تُذنبونَ لخلقَ اللهُ خلقًا يُذنِبونَ، فيستَغفِرونَ اللهَ، فيغفِرُ لهم".

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم-؛ فكلُّ بلاءٍ دُونَ النَّارِ عافيةٌ، وكلُّ ضيقٍ دونَ القبرِ سِعةٌ، وكلُّ ذَنبٍ دونَ الشركِ فاللهُ بمشيئَةِ يَغفِرهُ، ولا يَهلَكُ على اللهِ إلا هَالِك ..

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- وأحسِن الظَنَّ برَبِك، فكُلُّ ما يأتي مِنْ اللهِ جميلٌ، (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ)[آل عمران: 198]، (وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)[آل عمران: 14] .

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- وأحسِن الظَنَّ برَبِك؛ فما منعكَ إلا ليُعطِيك, ولا ابتلاكَ إلا ليُعافِيك, ولا امتحَنكَ إلا ليَصطفِيك، (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)[النساء: 28] .

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فالروضُ سيُورِق، والفجرُ سيُشرِق، والحقُّ سيعلو والباطِلُ سيزهَق، وإن بعد الجوعِ شبعاً، وبعْدَ الظَّمأ ريّاً، وبعْدَ المرض عافية، وإن مع الدمعةِ بسْمة، ومع القسْوةِ رحمة، ومع الفاقةِ نِعْمَة، وإنَّ مع العُسْرِ يُسْراً، (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[الشرح: 6].

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فمن المُحالِ دوامُ الحالِ، والأيامُ دُولٌ، والدهرُ متقلِّب، والليالي حُبَالى، ومن ساعةٍ إلى ساعةٍ فَرَجٌ، وما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتِها، يُغيّرُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ.

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- وكُنْ جميلاً تَرَى الوجودَ جميلاً: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)[النساء: 81]، والذي نفسهُ بغير جمالٍ، لا يَرى في الوجودِ شيئاً جميلاً ..

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم-؛ فكُلُّ من جَدَّ وَجد، وكُلُّ من زَرعَ حَصد، وكلُّ من سارَ على الدَّربِ وصل، و(إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56] .

 

تفاءَل -أيُّها المسلِم- فنصر الله قريب، وفي قُرآنِك المبين: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[الأحزاب: 47]، و(إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)[هود: 49]، وفيه أيضاً: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران : 139]، (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[الروم: 6] .

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان ..

 

اللهم صلِّ على محمد ...

 

المرفقات

لا عدوى ولا طيرة.pdf

لا عدوى ولا طيرة.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات