اقتباس
علينا أن نعامل أولئك الغير مسلمين معاملة الرفيق، والمعاملة الحسنة، أن ندعوهم بأخلاقنا قبل أن ندعوهم بألسنتنا، نشفق عليهم بأنه ليسوا مسلمين، وأنهم لو ماتوا على هذا الحال ماذا سيكون مصيرهم!...
ربما كثيراً ما نلومُ ونستغربُ -نحن المسلمين- من عدم إيمان من ليسوا بمسلمين، مكتفين باللوم والاستغراب دون الأخذ بالأسباب، الأسباب التي يمكن أن تؤدي لإسلامهم.
وَفْقاً لأحدث تقديرات الأمم المتحدة بلغ عدد سكان العالم 7.5 مليارات نسمة، فهل جميعهم مسلمون؟
كلا: فنسبة المسلمين منهم 1.3 بليون نسمة، أما الباقي فعلى غير الإسلام.
يوجد 850 مليوناً من سكان الأرض لا يؤمنون بأي دين، و900 مليون يعتنقون الهندوسية، و2 بليون نسمة مسيحيون، و360 مليون بوذيون[1]. برأيك هل كلهم سمع عن الإسلام؟
سمعتُ من أحد الدعاة أنه كان يزودُ سيارته بالوقود في إحدى المحطات، فلاطف العاملَ الفلبينيَ، الغير مسلم، وفي نهاية الحوار قال له: سوف آتيك بكتب تعريفية عن الإسلام. غير أن ردة فعل العامل كانت غريبة، حيث قال له بغضب: "أنت كاذب"!
فقال له: لماذا تقول هذا؟ قال: لأن هذه الكلمة سمعتُها من عدة أشخاص، يقولون لي سوف نأتيك بكتب تعرفك بالإسلام ثم لا يأتون بشيء.
وهنا أتساءل.. لماذا نتكاسل عن دعوة الناس بصدق للإسلام؟ لماذا لا نقرأ في الشبهات وردودها، وبطبيعة التعاطي مع غير المسلم، والنظر في سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف كان يعامل غير المسلمين؟ وما الأساليب التي كان يتبعها؟ وما الذي جعل مثل ثمامة بن أثال يعلن الشهادة ثم يقول: "والله يا محمد ما كان على ظهر الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ، والله ما كان على ظهر الأرض دين أبغض عليّ من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إليّ، والله ما كان على وجه الأرض بلد أبغض إليّ من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ"؟
علينا أن نعامل أولئك الغير مسلمين معاملة الرفيق، والمعاملة الحسنة، أن ندعوهم بأخلاقنا قبل أن ندعوهم بألسنتنا، نشفق عليهم بأنه ليسوا مسلمين، وأنهم لو ماتوا على هذا الحال ماذا سيكون مصيرهم!
أرسل الله -سبحانه وتعالى- موسى وهارون -عليهما السلام- إلى فرعون الذي لم يكتفِ بالكفر فقط؛ بل ذهب إلى ادعاء الربوبية؛ فقال: (أنا ربكم الأعلى)، ومع ذلك قال سبحانه وتعالى لهما: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).
سبحانك يا ربّ، إذا كانت هذه رحمتك بمن قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف بمن يقول: سبحان ربي الأعلى؟
مقامُ الدعوة أيها السادة مختلف عن مقام الجهاد؛ ففي مقام الدعوة اللين، واللطف، والكلمة الحسنة، فنحن لا نقاتل المدعوين بألسنتنا، ألسنتُنا ليست سيوفاً، فليس مقامُ الغلظة الشدة والتعنيف هنا. وإلا كان إثماً، فلا يكونن أمرك بالمعروف بغير معروف، ولا نهيك عن المنكر بالمنكر، (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).
لا يكفي أن تعرض عن إنسان لأنه وصله مسمّى الإسلام، وأنه دين يجب اتباعه، فلربما شُوهت صورة الإسلام عنده؛ من خلال تفجير او اعتداء أو تشرب شبهة، إلى غير ذلك، فلا تكن بخيلاً بالتعريف بالإسلام.
لا يكفي أن تلومهم على عدم دخولهم بالإسلام، بل أضئ شمعة، فأن تضيء شمعة خيرٌ من أن تلعن الظلام، إذا كنت تجيد البيان فتكلم، أو الكتابة فاكتب، أو اللطف فتلطف.
أنشئ موقعاً إلكترونياً، حاورهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، الوسائل كثيرة فاسلكها ولا تكتفي باللوم، وكن:
- أسوة حسنة.
- صاحب حجة.
- تعرف على من تدعو وميوله.
- بشر ولا تنفر ويسر ولا تعسر.
- أشفق على من تدعو.
اعلم –حفظك الله- أن الإسلام سينتشر، ولا يترك اللهُ بيت مدرٍ ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، وإنما نتحدث لننال شرف الدعوة إليه، ونلتحق بالركب، ففي دراسة أعدها "مركز بيو للدراسات" الأميركي، بينت أن أكثر الديانات نمواً حول العالم هي الإسلام. ورغم أنه ثاني الديانات من حيث عدد المنتسبين إليه، بعد المسيحية، إلا أنه يتوقّع وفق الدراسة أن يصبح الإسلام أكثر الديانات انتشاراً بحلول العام 2070.
__________
[1] جريدة الرياض.
المصدر/ الألوكة
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم