لا تغتم

توفيق الصائغ

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ لماذا نحزن ونغتم؟! 2/ لا يغلب عسرٌ يسرين 3/ نماذج من الفرج بعد الشدة 4/ التعلق بالله واللجوء إليه في النوازل

اقتباس

علام يعلوك الغم ويركبك الهم؟! لماذا تعد الأيام عدًا؟! لماذا تنتظر الساعات انتظارًا؟! ألم يمر عليك قول الله -تبارك وتعالى- للصاحبين؛ أحدهما يتفطر حزناً على صاحبه حين طمأنه وربط على صدره: (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا)!! ألم تقرأ في تضاعيف الآيات قول الله تعالى لأم موسى: (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ)، أي والله، إذا خفت عليه (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص:7].

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، نحمده سبحانه ونُثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونخلع ونترُكُ من يفجره، إياه نعبد، وله نصلي ونسجد، وإليه نسعى ونحفِد، نرجو رحمته ونخشى عذابه، إن عذابه الجِدَّ بالكفار ملحق.

 

مهما رسمنا في جلالك أحرفاً *** قدسية تشدو بها الأرواحُ

فلأنت أعظم والمعـاني كلها *** يا رب عند جلالكم تنداحُ

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه ومختاره من خلقه وخليله، أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين.

 

أما بعد:

 

الوصية بتقوى الله -عز وجل- هي الوصية الجامعة، دستور الأولين ومنهج الآخرين.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

 

أما بعد:

 

علام يعلوك الغم ويركبك الهم؟! لماذا تعد الأيام عدًا؟! لماذا تنتظر الساعات انتظارًا؟! ألم يمر عليك قول الله -تبارك وتعالى- للصاحبين؛ أحدهما يتفطر حزناً على صاحبه حين طمأنه وربط على صدره: (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا)!!

 

ألم تقرأ في تضاعيف الآيات قول الله تعالى لأم موسى: (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ)، أي والله، إذا خفت عليه (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص:7].

 

إن الطبيب الذي توعدك بالموت لا يملك الفوت، إن ذي السلطان والجبروت الذي يتوعدك بالتهجير والتقتيل لا يملك من التدبير شيئًا، إنما التدبير من الله -سبحانه وتعالى-.

 

لماذا يركبك الهم ويعلوك الغم وأنت تقرأ قوله تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ) [الشرح:1، 2]، ألم تعلم أن التدبير من الله وأن الفرج بيد الله -سبحانه وتعالى-، أم دار ببالك أن الدنيا دار هناء لا كدر فيها ودار صفاء لا تنغيص فيها، لا، إن كنت قد ركبت هذا المركب فقد ركبه قبلك آخرون: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ)، هذا هو حال الدنيا إن حلت أوحلت، وإن كست أوكست، وإن أعطت منعت.

 

جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الأقدار والأكدار

ومكلـف الأيـام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

 

أيها المحب: رغم الهموم والغموم اعلم -رحمك الله- أن أفضل العبادة انتظار الفرج: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).

 

دع المقادير تجري في أعنتها *** ولا تنامن إلا خالي البال

ما بين غمضة عين وانتباهها *** يغير الله من حال إلى حال

 

أليس الصبح بقريب، إن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا، بعد الجوع شبع وبعد الحزن سرور، ويعقب اللوعة سلوة، ويتبع المرض عافية، ويظل الصبر إكسيرًا للعبد الفقير وأجره عند المولى كثير: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ)، قال عمر -رضي الله عنه-: "بالصبر أدركنا حسن العيش فاصبر صبرًا جميلاً".

 

الصبر مثل اسمه مرٌّ مذاقتهُ *** لكن عواقبه أحلى من العسلِ

 

(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، وفي المستراح الأبدي يقال لهم: (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد:24].

 

إِذا الحادِثاتُ بَلَغنَ المَدى *** وَكادَت لَهُن تَذوبُ المُهج

وَحَـل البَلاءُ وَقَل الوَفا *** فعِندَ التّناهي يَكونُ الفَرج

 

الليل ينتهي بالصباح، والقدر مقدمة للفلاح، ولباب الهموم مفتاح وأي مفتاح، قال صاحبنا الزين:

 

سيفتحُ اللهُ باباً كنتَ تحسبهُ *** من شدة اليأسِ لم يخلق بمفتاحِ

 

بعد الصحراء واحة وماء، ومن خلف الجبال بلاد فيها أفياء، ووراء اليأس رزق ومال ونماء، وسيجعل الله بعد عسر يسرًا.

 

لا تُـدبّرْ لـك أمراً *** فأولو التدبيرِ هلْكى

وارضَ عنّا إن حَكمْنا *** نحنُ أولى بِك مِنك

 

للمرض شفاء، وللعلة دواء، وللظمأ ماء، وللشدة رخاء، وإن مع العسر يسرًا، بعد الظلام ضياء، وبعد الشدة رخاء، وإن مع العسر يسرًا، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده.

 

إذا أذن الله في حاجة أتاك النجاح على رسله، وقرب ما كان مستبعدًا، ورد الغريب إلى أهله، فلا تسأل الناس من فضلهم، ولكن سل الله من فضله.

 

ما منعك إلا ليعطيك، وما أبعدك إلا ليدنيك، ما ابتلاك إلا ليعافيك ولا امتحنك إلا ليصطفيك، هذا هو حال الدنيا.

 

إنما الدنيا هبات وَعَوارٍ مُستَرَدة *** شِدةٌ بَعدَ رَخاءٍ وَرَخاءٌ بَعدَ شِدّة

 

نوح -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، دعاهم ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا، أقبل عليهم وأدبر، وذهب إليهم ورجع، ومع ذلك حين أصابه الكرب وتحمل الأذى التي تعجز عن حمله الجبال قال: (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)، فأغرقهم الله -جل وعلا- ونجاه.

 

فمـا نوب الحوادث باقيات *** ولا بؤس تدوم ولا النعيم

كما يَمْضي سُرورٌ وَهْوَ جَمٌّ *** كذلك ما يَسُوْؤُك لا يَدُومُ

 

إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- تعرّض للبلايا والرزايا جمع له الناس، جمعوا له ما يوقدون به نارًا عظيمة، ورموه بالمنجنيق إلى تلك النار البعيدة، فنادى: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، فجعل الله -سبحانه وتعالى- بردًا وسلامًا على إبراهيم.

 

إذا ضاقت بك الدنيا *** ففكر في "ألم نشرح"

فعـسرٌ بين يسـرين *** متى تذكرهما تفرح

 

إبراهيم -عليه السلام- ضاق به الحال في الشام فقال: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فجعله الله إمامًا من المرسلين وابتنى به بيته العظيم.

 

إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ابتُلي في ابنه، فأري في المنام وهو يذبحه، فانقاد لهذا الأمر العظيم، فأنزل الله: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).

 

يوسف -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- جمع الله له الغربة والابتلاء، غيرة إخوته، وحسدهم، والجفاء، وبالكذب لطخ قميصه بالدماء، يساق للخدمة من بلد إلى بلد، وتتنقله الأيدي بالبيع والشراء: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) [يوسف:20].

 

والابتلاء في الجسد والنفس أهون من الابتلاء في الدين، فلما كان الابتلاء في العرض قال: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)، ليسلم منه الدين والعرض، فجعل الله بعد ذلك: (وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ).

 

اشتدي أزمة تنفرجي *** قـد آذن ليـلك بالبلج

وظلام الليل له سرج *** حتى يغشـاه أبو السرج

وسحاب الخير له مطر *** فـإذا جـاء الإبان تجي

وفـوائد مـولانا نعم *** لسروح الأنفس والمهج

 

يونس -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- أصبح في ظلمات ثلاث، لا إرسال هاتف جوال، ولا يغني في ذلك المكان جاه ولا مال: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء:87، 88]، (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ) [الصافات:145، 146].

 

وكل حر وإن طالت بليته ***يومًا ستفرج غمته وتنكشف

 

علام الهم؟! لا تحزن، لا تقلق، لا تتضايق، سيجعل الله –عز وجل- بعد العسر يسرًا، عائشة -رضي الله عنها أم المؤمنين- بكت في حادثة الإفك ليلتين، لم يرقأ لها دمع، ولا اكتحل بنوم لها عين، تقول: حتى ظننت أن البكاء فالق الكبد.

 

قال: ولبث -صلى الله عليه وسلم- شهرًا لا يوحى إليه شيء، شهر كسنة، وليل كدهر، وليل كموج البحر.

 

ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ *** عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ *** وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ

ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي *** بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ

فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ *** بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ

 

فأنزل الله قرآنه، وارتجّت السماء، وتلي على مسمع النبي العدنان: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ).

 

يا حافظَ الآمال أنت حفظتني *** وعدى الظلوم علي كي يجتاحني فنصرتني

 

هذا الحجاج بن يوسف الثقفي الذي يقول عنه الإمام الحافظ الذهبي في السير: "الفاسق الظلوم الجهول"، يستدعي الحسن البصري، ماذا يريد من الحسن؟! جهز السيف والنطع والجلاد يريد أن يصيب رقبته كما فعل بآخرين، فلما اقترب الحسن تمتم بكلمات، فإذا نار الحجاج نار وسلام على أبي سعيد، قربه وأدناه بمجلسه، ثم دعا بالغالية -نوع من الطيب- فطيبه ثم انصرف بعد أن سأله عن مسائل، قال له: يا أبا سعيد: "أنت سيد العلماء"، تبعه الحاجب وقال: يا أبا سعيد: "إن الحجاج دعاك لأمر غير الأمر الذي فعل معك، بأي شيء كنت تقول؟! بأي شيء كنت تتمتم؟!"، قال: "يا وليّ نعمتي وملاذي عند كربتي: اجعل نقمته برداً وسلاماً عليّ كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم".

 

إذاً لا تحزن، لا تفزع، لا تقلق، لا زال الله حيًا وهو حي لا يموت، لا زال قيومًا وهو القيوم الذي لا ينام، لا زال مدبرًا، قال بعض العلماء: رأيت امرأة بالبادية وقد ذهب البرد بزرعها، فجاء الناس يعزونها، فرفعت رأسها إلى السماء وقالت: "اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف، وبيدك العوض عما تلف، فافعل ما أنت أهله، فإن أرزاقنا عليك وآمالنا منصرفة إليك". قال: فلم أبرح حتى جاء أحد الأغنياء فحدث بخبرها فدفع إليها خمسمائة دينار.

 

اللهم أنت المأمول بأحسن الخلف، وبيدك التعويض مما تلف، فافعل بنا ما أنت أهله، فإن أرزاقنا عليك، وآمالنا مصروفة إليك.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والمواعظ والذكر العظيم، أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، قد أفلح المستغفرون.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إنعامه، والشكر له على تفضله وامتنانه، ولا إله إلا الله تعظيمًا لشانه، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحابته وإخوانه.

 

أما بعد:

 

ليست القضايا العقدية التي نقرؤها في ثنايا الكتاب وفي تضاعيف سنة الحبيب -صلى الله عليه وسلم- ليست مسائل نظرية، إنها مسائل للتطبيق وللعمل، القضايا الاعتقادية من قبيل اليقين والتوكل والتفويض لابد أن تنزل إلى أرض الواقع.

 

عجبًا لأولئك الذين يرددون بألسنتهم: وما أبرئ نفسي، هذه القضايا الكبرى العظيمة، فإذا ما نزلت النازلة ووقعت الواقعة وحقت الحاقة ارتجت منهم أفئدة وقلوب، أرزاق العباد على الله لا يملك الرزق إلا الله، آجال العباد على الله لا يملك الآجال إلا الله.

 

والذي نفسي بيده لو اجتمعت أمريكا والدول العظمى على أن تقدم في عمرك ثانية ما استطاعت، ولو اجتمع أهل الأرض جميعًا أن يؤخروا من عمرك ثانية واحدة ما استطاعوا.

 

والذي نفسي بيده لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا مقامًا واحدًا على أن يغنوا فقيرًا ما أغنوه إلا أن يأذن الله، ولو قاموا مقامًا على أن يفقروا غنيًا والله ما استطاعوا إلا أن يأذن الله، حتى السحر الذي تتدخل فيه الشياطين يقول الله فيه: (وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ) .

 

أي هذه المعاني حين تنزل بنا النوازل وتدلهم المدلهمات؟! لابد من العودة إلى هذه الحقائق الكبرى التي يجابه بها العبد لأواء الحياة، ولابد أن تعصف بالمرء في الحياة لأواء، ولابد أن تعصف به العواصف.

 

من كرم الله -سبحانه وتعالى- وحسن تدبيره -وكل تدبيره حسن- أنه جعل الأرزاق والآجال بيده -سبحانه وتعالى-، ولو كانت بأيدينا لشح بعضنا على بعض: (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا) [الإسراء:100].

 

إن ضاق عليك مكان فاذهب إلى آخر: (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا)، إذا خفت في مكان فائمن في مكان الأمن (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً)، إذا أصابك الهم أو عصف بك الغم فاسجد سجدة المستريح على عتبات الله -جل وعلا-، واعرج بروحك، وإن دنوت بجبهتك إلى الأرض اعرج بروحك إلى سدرة المنتهى، عند ذلك الأمن: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام:82].

 

أين أنت من قوله: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"؟! أين أنت من التسبيح والصلاة والوضوء والدعاء واللجوء؟! أين أنت من الإقبال على الله؟! وهل رد الله عبدًا أقبل عليه؟! وهل سد الله بابًا فتحه؟! (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا).

 

اللهم إنا نسألك أن تفرج هم المهمومين..

 

 

 

 

المرفقات

تغتم

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات