لا تؤذوا المسلمين

د عبدالعزيز التويجري

2021-10-01 - 1443/02/24 2022-10-07 - 1444/03/11
عناصر الخطبة
1/النهي عن إيذاء المسلمين 2/من صور إيذاء المسلمين 3/ شتان بين ظلال الفضيلة ومهاوي الرذيلة 4/الأخلاق مقومات بناء الأمم والشعوب 5/أكبر وسائل حفظ الأمن.

اقتباس

الأخلاقُ مقوماتُ الأمم والشعوب، والغيرةُ على الأعراضِ مقياسُ دقيقُ من مقاييسِ الأخلاق، ومعيارُ جليٌّ من معايير السلوك، وهناك تشويهٌ على هذا الخلقِ العظيم، تدعوا إلى تدنيسه، واستباحة حماه. إن طريق السلامة بعد الإيمان بالله ورحمته وعصمته، ينبع...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين.

 

أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

 

في سنن الترمذي قال ابن عمر -رضي الله عنهما- صَعِدَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ؛ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ".

 

ويقال من هذا المنبر: يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَأفْضى الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ.

 

يا معشر أصحاب المتاجر والكافيهات، والمتنزهات والمنتجعات: لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ بصخب الغناء.

يا معشر من ابتلي بالدخان،  لا تؤذوا المسلمين بنتن أفواهكم.

 

يا معشر من تساهلت في حجابها وتبرجت في لباسها، لا تؤذنّ المسلمين بزينتكن، والخضوع بقولكن، ولا تفتن شباب الأمة بمفاتنكن.

 

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[الأحزاب:58]، و"المسلم من سلم المسلمون من لسانه"، و"كل أمتي معافى إلا المجاهرين"، و"الْمُؤْمِنُونَ نَصَحَةٌ".

 

فمَنْ رَأَى مُنْكَرًا على أحدٍ، أو رآه في طريقٍ أو تجمعٍ أو متجرٍ، فلا يسعه إلا أن يقدم نصيحة؛ إعذارًا إلى الله، وأخذاً بوصية رسول الله، قال جرير بن عبدالله -رضي الله عنه-: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَشَرَطَ عَلَيَّ: "وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"(متفق عليه).

 

وإنكار القلب وكرهه والبعد منه، لا يُعذر به أحد، ولو لم يكن إنكار القلب له أثر في تغيير المنكر لكان قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، لغوًا ولا فائدة منه.

وفي صحيح البخاري: "والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه".

 

فإذا دعا للفسقِ آلافُ الدُّعاة 

وبكى الحياءُ على التعفّفِ والثبات

والإثمُ يرقصُ في الليالي الصاخبات

فاصرخ معاذ الله من درب مشين

إني أخافُ الله ربَّ العالمين.

 

  إن على رب الأسرة حمل عظيم في التربية وحفظ الأمانة، والنأيُ بهم من إقحامهم بولوج أماكن يحدث فيها منكرات من القول والفعل.

 

ما ذنب الأبناء أن نربّيهم منذ الصغر، والنساء المحصنات في البيوت، على  أن لا حرج أن يختلطوا بكل أحد، ونُهَيئُهم على أن يهبوا لك مهرج، ويتسابقوا لكل دعاية وإعلان، وأن يلاحقوا كل محفل وتجمع.

 

            مواقف ريبةٍ تسم الدنايا *** وليس لعرض آتيها وقاء

            أيختارُ الكريمُ أخو المعالي *** مقام الذل يعقبه ازدراء

         إذا سمح الفتى بالعرض يوماً *** فذاك والبهيمة فيها سواء

 

"إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَه؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ"(أخرجه أهل السنن).

 

من حُرم الغيرة حُرم طهر الحياة، ولا يُمتدحُ بالغيرةِ إلا كرام الرجالِ، وكرائمُ النساء.

الغافلاتُ وصفٌ لطيفٌ محمود، توصف به المؤمناتُ المحصناتُ، وصفٌ يجسّدُ المجتمعَ البريء، والبيتَ الطاهرَ الذي تَشِبُ فتياتُه زَهَرَاتٍ ناصعاتٍ لا يعرفن الإثم.

 

كم للفضيلة من حصنٍ امتنع به أولو النخوة!، فكانوا بذلك محسنين، وكم للرذيلةِ من صرعى أوردتهم المهالكَ!، فكانوا هم الخاسرين.

 

في ظلال الفضيلة منعة وأمان، وفي مهاوي الرذيلة ذلةُ وهوان، والرجل هو صاحب القوامة في الأسرة، وإذا ضعف القوام فسد الأقوام، وإذا فسد الأقوام، خسروا الفضيلةَ، وفقدوا العفةَ، وتاجروا بالأعراضِ، وأصبحوا كالمياهِ في المفازاتِ،  يكدر ماءُها كلَ واردٍ.

 

          إنّ الكريمةَ ربّما أزرى بها *** لينُ الحجابِ وضعفُ من لا يحزم

   وكذاك حوضُك إن أضعت فإنه *** يوطأ ويشربُ ماؤه ويهدم

 

عصمنا الله وإياكم وذرياتنا من كل فتنة مضلة. واستغفروا ربكم وتوبوا إليه، إن ربكم لغفور شكور.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين.

 

أما بعد: لما أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- العهدَ على النساءِ المسلماتِ من قريش قال: "ولا تسرقن ولا تزنين"، فوضعت فاطمةُ بنت عتبةَ يدها على رأسِها حياءً، وقالت: أو تزني الحرة يا رسول الله؟!

 

لا ترجع هزائمُ الأممِ، ولا انتكاساتِ الشعوب إلى الضعفِ في قُواها المادية، ولا إلى النقصِ في معداتِها الحربية. إن الأممَ لا تعلو إلا بضماناتِ الأخلاقِ الصلبة في سير الرجال.

 

الأخلاقُ مقوماتُ الأمم والشعوب، والغيرةُ على الأعراضِ مقياسُ دقيقُ من مقاييسِ الأخلاق، ومعيارُ جليٌّ من معايير السلوك، وهناك تشويهٌ على هذا الخلقِ العظيم، تدعوا إلى تدنيسه، واستباحة حماه.

 

إن طريق السلامة بعد الإيمان بالله ورحمته وعصمته، ينبع من البيت والبيئة، فهناك بيئات تُنبت الذل، وأخرى تُنبت العز، وثمة بيوتات تُظللها العفة والحشمة، وأخرى ملؤها الفحشاء والمنكر.

 

أكبر وسائل حفظ الأمن والقضاء على الجريمة، وأنجح وسائل التربية على الفضيلة والعفة هي إقامة الصلاة، والتربية عليها: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت:45].

 

اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وأعراضنا، ومن أراد بنا سوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره...

 

المرفقات

لا تؤذوا المسلمين.pdf

لا تؤذوا المسلمين.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
24-02-2022

جميلة