عناصر الخطبة
1/ ارتباط عزة المسلمين بتمسكهم بدينهم 2/ المنهج الشرعي في تعامل الأمة مع الأحداث 3/ مفهوم النصر 4/ أمثلة للهدي النبوي في تربية الأمة بالأحداث 5/ جوانب إيجابية في الواقع السلبي لأمتنا المحاربةاقتباس
والأمة الإسلامية لديها منهج واضح في كيفية التعامل مع الأحداث، سواء كانت انتصارات أو ضربات وصفعات. فإن كانت الأولى، وهي الانتصارات، فهو الشكر والخضوع للمنعم المتفضل عليها، وهو الله -سبحانه وتعالى- الذي نصرها على عدوّها من غير حول منها ولا قوة... وإن كانت الأخرى، وهي الضربات والصفعات، فالثبات على المنهج، والالتزام به، والدعوة إليه، وعدم تغييره ولا تبديله، وخاصة ما يتعلق بالقضايا العقدية كالولاء والبراء، وما يتعلق بخصائص هذه الأمة الإسلامية.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد: أيها المسلمون، لا يكاد يمر شهر، أو حتى أسبوع، إلّا وحدثٌ كبيرٌ يحصل هنا أو هناك، في شرق الأرض أو في غربها؛ ونحن، كأمة مسلمة، لنا منهج شرعيٌّ واضحٌ في تعاملنا مع الأحداث.
إن الناظر والمتأمل في حال الأمة الإسلامية منذُ فجر الإسلام إلى عصرنا الحاضر لَيرى في تاريخها سِجِلّاً حافلاً بالانتصارات، كما أنه يرى في أثناء ذلك التاريخ كبوات وصفعات مُنيت بها الأمة الإسلامية كادت أن تأتي فيها على الأخضر واليابس، كما حصل لها في سقوط بغداد على يد التتار، كل ذلك يحصل لها عندما تبتعد عن منهج ربها وخالقها، عندئذ تحتاج إلى من يردها إلى الصراط المستقيم، سواء عن طريق المصلحين والدعاة والمجددين، أو عن طريق الأعداء الذين لا يرقبون فيها إلّاً ولا ذمة، ولكنهم يقدّمون لها معروفاً عندما يُجبرونها بصفعاتهم الموجعة وضرباتهم المؤلمة على مراجعة وضعها وحساباتها لتبدأ في التغيير، وهذه سنّة ربانية، كما قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم) [الرعد:11].
والأمة الإسلامية لديها منهج واضح في كيفية التعامل مع الأحداث، سواء كانت انتصارات أو ضربات وصفعات.
فإن كانت الأولى، وهي الانتصارات، فهو الشكر والخضوع للمنعم المتفضل عليها، وهو الله -سبحانه وتعالى- الذي نصرها على عدوّها من غير حول منها ولا قوة، كما قال -تعالى-: (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيم) [آل عمران:126]، وقال -تعالى-: (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤْمِنُون) [آل عمران:160]، وكما فعل -صلى الله عليه وسلم- عندما دخل مكة فاتحاً، فإنه دخلها خاشعاً شاكراً يقرأ سورة الفتح.
وإن كانت الأخرى، وهي الضربات والصفعات، فالثبات على المنهج، والالتزام به، والدعوة إليه، وعدم تغييره ولا تبديله، وخاصة ما يتعلق بالقضايا العقدية كالولاء والبراء، وما يتعلق بخصائص هذه الأمة الإسلامية.
وذلك من أوليات مناهجها التعليمية، فالتمسك بالإسلام والإيمان هو النصر الحقيقي، إذ ليس بالضرورة أن يكون النصر دائماً نصراً عسكرياً، قال -تعالى- مخاطباً رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام بعد غزوة أحد التي هُزم فيها المسلمون: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين) [آل عمران:139]، هذا من جهة، ومن جهة أخرى -وهي بيت القصيد- أننا نرى كثيراً من المسلمين عندما تُصاب أمتهم الإسلامية بنكبة أو هزيمة أو ما شابه ذلك، يُصاب بعضهم بنوع من اليأس والإحباط والخمول، ويصبحون يرددون فصول تلك الهزيمة وأحداثها المريرة، معرضين عن العمل الجاد المثمر الذي يُساهم في إخراج الأمة من أزمتها ونكبتها وهزيمتها. كما أن منهم من يكون مهيأ لتلقف أي مذهب أو فكرة منحرفة يشعر أنها سوف تخرجه من الأزمة أو مرارة الحدث.
والمتأمل في سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يرى كيف تعامل مع مثل هذه الأحداث، وكيف كان ينقل أصحابه -رضي الله تعالى عنهم- من وضع الشدة والكرب إلى وضع الفتح والنصر، وعلى ذلك أمثلة كثيرة من سيرته -صلى الله عليه وسلم-.
المثال الأول: عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال: شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسّدٌ بردةً له في ظل الكعبة قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: "كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيوضعُ على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه. والله! لَيُتِمَّنَّ هذا الأمر حتى يَسير الراكب من صنعاءَ إلى حضرموتَ لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" رواه البخاري.
خباب -رضي الله عنه- لم يطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أمراً محرماً ولا مستحيلاً، بل طلب دعاءً واستنصاراً جرَّاء ما يلاقيه هو وبعض الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- من أذى كفار قريش، ومع هذا نرى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يغضب ويحمرّ وجهه. فلماذا غضب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن غضبه -صلى الله عليه وسلم- كان بسبب ما لَمسه من نوع استعجال من خباب ومن معه -رضي الله تعالى عنهم- لنصر الله -تعالى- أولاً، بدلالة قوله في آخر الحديث: "ولكنكم تستعجلون"، ومن الاعتماد على الخوارق التي تحصل بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحو ذلك ثانياً.
كما نلاحظ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نقل خبابا ومن معه -رضي الله تعالى عنهم- من الوضع الذي يعيشونه تحت التعذيب والاضطهاد إلى وضع لا يُعد شيئاً بالنسبة لما يلاقونه، حيث إن الواحد ممن كان قبلنا يُمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يرده ذلك عن دينه، ويوضع في حفرة ثم يُنشر بالمنشار لا يرده ذلك عن دينه.
وينقله نقلة أخرى، وهي انتصار هذا الدين، حتى يسير الراكب من صنعاءَ إلى حضرموت وبينهما مسافة بعيدة، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر وعمل، ولا شك أن طريق النصر والتمكين ليس مفروشاً بالورود والرياحين.
هَبْ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا على كفار قريش فهلكوا، وجاء النصر سهلاً يسيراً لم يُبذل في الوصول إليه ما يستحقه ذلك النصر والتمكين! فإنه سرعان ما يزول ويذهب، وحري بنصر يأتي بهذه السهولة واليسر وبخرق العادة أن لا يُقدَّر حق قدره، ولا يُحافظ عليه.
المثال الثاني: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل الطائف ليبلّغ دين الله -تعالى-، وعندما وصل إليهم قابلوه برفض الدعوة وأغروا به سفهاءهم، فأخذوا يرجمونه بالحجارة حتى خرج مهموماً مغموماً، ولم يستفق -صلى الله عليه وسلم- إلا وهو بقرن الثعالب، فقد سألته عائشة -رضي الله عنها-: "هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم أحد؟"، قال: "لقد لقيتُ من قومك، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك مَلَك الجبال لِتأْمُرَهُ بما شئت فيهم، فناداني مَلكُ الجبال فسلّم عليّ ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً" رواه البخاري ومسلم.
فلو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاش أسيراً لتلك اللحظة، واستغرق فيها، لطلب من مَلكِ الجبال وهو بين يديه أن يطبق عليهم الأخشبين، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- ضرب لنا بهذا أروع الأمثلة في الصبر والتفاؤل، وحذرنا من اليأس، وفتح لنا أملاً مشرقاً، وصدق الشاعر عندما قال:
أعلِّل النفس بالآمال أرقبها *** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
المثال الثالث: في هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وخروجهما من مكة إلى المدينة. بلغ ذلك كفار قريش، فجعلوا جائزةً لمن يأتي به أو يدل عليه مائةً من الإبل، وقدَّر الله -تعالى- أن يتبعه سراقة بن مالك وأن يعرف طريقه، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كيف بك إذا لبستَ سواري كسرى؟!".
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا وهو خارجٌ من مكة مطاردٌ من كفار قريش! ويَعِد سراقة بن مالك بسقوط مملكة من أعظم الممالك آنذاك وهي مثل أمريكا في عصرنا الحاضر، فيقول له سراقة -رضي الله عنه-: "كسرى بن هرمز؟!"، نعم كسرى بن هرمز الذي ربما لم يكن يخطر ببال سراقة -رضي الله عنه- أن يراه، فضلاً عن أن يلبس أسورته.
المثال الرابع: في قصة الخندق، لما اشتد البلاء على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، نافق بعض الناس وتكلموا بكلام قبيح، وجاءه -صلى الله عليه وسلم- خبر نقض بني قريظة للعهد، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما الناس فيه من كرب وبلاء، جعل يبشرهم -صلى الله عليه وسلم- محاولاً أن يقلب هذه المحنة وهذا الكرب إلى نصر، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده! ليُفرجَنّ عنكم ما ترون من الشدة والبلاء، فإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمناً! وليُهلكنّ الله كسرى وقيصر، ولتُنفقنّ كنوزهما في سبيل الله". فقال رجل ممن معه لأصحابه: ألا تعجبون من محمد! يعدنا أن نطوف بالبيت العتيق، وأن نغنم كنوز فارس والروم، ونحن هنا لا يأمن أحدنا أن يذهب إلى الغائط؟! والله لما يعدنا إلا غروراً.
فالمؤمنون الصادقون صدَّقوا بهذه البشارة لما في قلوبهم من الإيمان، وقالوا: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيما) [الأحزاب:22]، أما المنافقون فقالوا: (مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورا) [الأحزاب:12].
بارك الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...
أما بعد: أيها المسلمون، وبتأمل سريع لواقعنا المعاصر، وهذه الحرب الشرسة على المسلمين في كل مكان، وهذا التحالف الغربي ضد الأمة الإسلامية والتي تعيش الأمة حرّها وقرّها، والذي يجب علينا أن ننظر لما يدور حولنا أن في هذه الشدة والكرب فرجا ونصرا، وأن هناك جوانب عديدة من الإيجابيات. من ذلك:
أولاً: استشعار الأمة الإسلامية بالجسد الواحد، وغياب وتلاشي العصبيات المقيتة، والنعرات القبلية المذمومة، وأنها -أي: الأمة الإسلامية جميعاً- في خندق واحد، وأن هذه الحرب الصليبية ليست حرباً على الإرهاب كما يزعمون، بقدر ما هي حرب على الإسلام والمسلمين.
ثانياً: سقوط كل الشعارات التي صكت بها الدول الغربية أسماعنا، من حرية وديمقراطية وعدالة وغيرها، كما سقطت معها كل العهود والمواثيق الدولية بلا استثناء، وكذلك سقطت الشرعية الدولية والقانون الدولي، وكان أول المسقطين لها هي الدول الغربية بمعول صلفها وغطرستها وكبرها.
ثالثاً: سقوط النموذج الغربي المتمثل في دول الحرية والديمقراطية والمساواة كما يزعمون! الذي كان ينادي به المنافقون والعلمانيون من بني جلدتنا، لنحذو حذوه، وهذا النموذج عند العارفين به لم يقم قياماً صحيحاً في أول نشأته حتى يسقط، ولكنه الآن ظهر سقوطه للقاصي والداني.
رابعاً: سقوط الغرب أخلاقياً ودولياً في كثير من حروبها، حيث ضربت بالأمم المتحدة وقراراتها عرض الحائط، كما ضربت بكل الاتفاقات التي كانت هي نفسها إحدى الدول الموقعة عليها عرض الحائط أيضاً، لأنها لم تعد تسير في صالحها أو تعارضت مع مصالحها، لأن الغرب همّه مصلحته أولاً وآخراً ولو كان ذلك على حساب العالم كله، كما هو الحال في هذه المرحلة، مرحلة العولمة، حيث تريد أن تفرض قيمها وأعرافها وكل ما تستطيع فرضه على العالم كله، فتصبح هي المهيمنة وحدها.
خامساً: ظهر جلياً خطر المنافقين الذين هم العدو، كما قال الله -تعالى- عنهم: (هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون) [المنافقون:4]، ويكفي أن الله -تعالى- أنزل في شأن هؤلاء أكثر من ثلاثمائة آية في كتابه العزيز تُحذّر منهم ومن فعالهم، ومن السماع إليهم، فضلاً عن سورة في القرآن سميت باسمهم، وأستطيع أن أجزم بأن كل الحروب التي شنتها الدول الغربية على الإسلام والمسلمين لو لم تجد من المنافقين من يمهد لها الطريق، ويفتح لها الأبواب أمامها، ويسهل طريقها، ويقومون بالحرب وكالةً عنها في بعض الأحيان، لما استطاعت أن تحقق نصراً؛ لأنهم أقل وأحقر من ذلك.
سادساً: خذلان من توكل على غير الله -تعالى-، وأن الله -سبحانه- يكله إلى نفسه وإلى من توكل عليه، هذا فضلاً عن أن من توكل عليه سيعود عليه، فيكون حاله كحال الثور الأسود عندما قال: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض!.
سابعاً: سقوط القناع عن ذلك الوجه القبيح للباطنية الذين هم دائماً مع كل عدو على الإسلام والمسلمين، وهل نسي المسلمون ما فعله ابن العلقمي الخبيث عندما سقطت بغداد على يد التتار؟ فلعل هذا يدفعنا لأن نقتنع بخطر أولئك القوم.
ثامناً: ظهور صدق الدعاة والعلماء والمصلحين والغيورين في تحذير أمتهم المسلمة من كيد اليهود والنصارى والملحدين، وعدم اتخاذهم أولياء، لأن بعضهم كما قال -تعالى-: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِين) [المائدة:51]. وأن حربهم هذه ليست إلا على الإسلام والمسلمين، وأن لا تغتر الأمة الإسلامية بمعسول كلامهم، ولطف عباراتهم، وصَدَقَ الشاعر عندما قال:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها *** عند التقلب في أنيابها العطب
ولعل الأمة الإسلامية تأخذ درساً جيداً من هذه الأحداث، وتُصغي لما يقوله العلماء والدعاة من تحذير لها من أعداء الله، وتفتح آذانها لهم، فهم -والله الذي لا إله غيره- صمام الأمن لها.
أيها المسلمون: إن المتفائلين والواثقين بنصر الله -تعالى- لدينه وأوليائه هم وحدهم الذين يستطيعون -بإذن الله تعالى- صياغة التاريخ، وإعادة أمجاد هذه الأمة التليدة، وهم وحدهم الذين يستطيعون البقاء ومواجهة الأحداث العصيبة المتلاحقة والمتلاطمة، أما من سواهم فهم بين طرفين: طرفٍ لا يرى إلا بعين السيئات فيموت كمداً وقهراً، وآخر لا يرى إلا بعين الحسنات فيغرق وهماً وضياعاً، والواجب أن يسير المسلم بكلتي عينيه.
ولا أدري؛ متى يقتنع المسلمون بأن شرفنا وعزّنا -أمة الإسلام- في التمسك بديننا، والمحافظة على ثوابتنا وخصائصنا؟ ومهما ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلنا الله، ولعل فيما يدور حولنا من أحداث والتي نعيش فصولها أكبر دليل على ذلك، ولعلها توقظ نائمنا، وتنبه غافلنا، وتعلّم جاهلنا، وتردّ شاردنا، لنرجع إلى كتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- ومنهج سلفنا، لنستعيد شيئاً من مجدنا وعزّنا، والله -تعالى- غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
اللهم...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم