كما رأيتموني أصلى

الشيخ عبدالعزيز بن محمد النغيمشي

2025-01-17 - 1446/07/17 2025-02-06 - 1446/08/07
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/اهتمام عمر بالصلاة حتى وهو في سكرات الموت 2/عظم شأن الصلاة ومكانتها 3/مظاهر من تفريط كثير من المسلمين بالصلاة 4/أقسام الناس في الصلاة

اقتباس

ولقد خابَ قومٌ تهاونُوا بصلاتِهمْ حتى ثقُلَتْ عليهِم، فأشبَهُوا بذلكَ المنافقينَ، فتجِدُ أحدَهم تحبسُهُ الحاجةُ الدنيويةُ ساعةً أو ساعتينِ، ولا يستطيعُ أن يصبرَ عُشرَ هذا الزمنِ للصلاةِ المكتوبةِ، فما أعظمَ خسارتَهُ وسوءَ مآلهِ!، وما أطولَ ندمَهُ حينَ آخِذٌ كتابَهُ بيمينهِ أو بشمالهِ،،،

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

أَيُّها المُسْلِمُون: مَنْ تَرَدَّدَ في طَرِيْقِ حَفِظَه، ومَنْ أَحَبَّ عَمَلاً لَزِمَه، ومَنْ لازَمَ صَنْعَةً أَتْقَنَها، ومَنْ لَمْ يَكُنْ بِعَمَلِهِ بَصِيْراً، كانَ بِالإِخْفاقِ جَدِيْراً، إِتْقانُ العَمَلِ مِيْزانُ التَّفَوُّقِ، والإِتْقَانُ: "عَمَلُ الشَّيءِ عَلى أَحْسَنِ وَجْهٍ"، ولَنْ يَتَمَيَّزَ بالإِتْقَانِ إِلا مَنْ عَلَتْ هِمَّتُهُ، وارتَقَى طُمُوحُه، إِتْقانُ العَمَلِ مَسْلَكٌ رَفِيْعٌ عَواقِبُهُ مَرْضِيَّة، و"إنَّ اللهَ -تعالى- يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ".

 

إِتْقانُ العَمَلِ شَرَفٌ، وأَشْرَفُ الأَعْمالِ عِبادَةُ الله، وأَكْرَمُ العِبادِ على اللهِ أَحْسَنُهُم عَمَلاً؛ )الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك: 2].

 

إِتْقانُ العَمَلِ إِحْسانٌ، والإِحسانُ أَعلى مَراتِبِ الدِّيْن، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ؟ قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ"(رواه مسلم)، مَنْ عَبَدَ اللهَ كَأَنَهُ يَرى اللهَ، سَيَبْقَى مُحْسِناً مُتْقِناً لِعَمَلِه، مَنْ عَبَدَ اللهَ مُوقِناً بِرُؤْيَةِ اللهِ لَه، سَيُؤَدِيْ عَمَلَهُ على أَكْمَلِ وَجْه؛ (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) [العلق: 14]، (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) [الشعراء: 218 - 219].

 

إِتْقَانُ العِبادَةِ قَيامٌ بِها على وَجْهِها المَشْرُوعِ، فَما أَتْقَنَ العِبادَةَ مَنْ لَمْ يَفْقَه شَرِيْعَتَها، وكُلُ عِبادَةٍ شُرِعَتْ، شُرِعَ لَها فِقْهُهَا، وفي الحَدِيْثِ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهٍ وسلم-: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"(متفق عليه)، يُفَقِههُ في دِيْنِهِ فَيَعْبُدَ رَبَهُ على بَصِيْرَة.

 

والصَلاةُ عِبادَةٌ مِنْ أَجَلِّ العِبادَات، وإِقامَتُها على وَجْهِها مِنْ أَعْظَمِ الواجِباتِ، إِقَامَةُ الصَلاةِ إِتْقَانُها، وفي القرآنِ ما لا يَكادُ يُحْصَى مِن الآياتِ: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) [البقرة: 43]، أُمِرُوا بإِقامَتِها، والأَمْرُ بإِقامَةِ الصَلاةِ أَبْلَغُ مِنْ الأَمْرِ بأَدائِها، وَمَا أَقَامَ صَلاتَهُ مَنْ لَمْ يَقْتَدِ فيها بِهَدْيِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-.

 

خَمْسُ صَلَواتٍ يُؤَدِيْها المُسْلِمُ في يَومِهِ ولَيْلَتِه، أَفَيَعْجَزُ عَنْ التَّفَقُهِ في أَحكَامِها؟! أَفَيَعْجَزُ عَنْ تَعَلُّمِ شُرُوطِها وأَرْكانَها ووَاجِباتِها وسُنَنَها وآدابِها؟! .

 

عِبادَةٌ تَتَكَرَّرُ عَلى المُسْلِمِ في كُلِّ يَومٍ وفي كُلِّ وَقْتٍ، فالعَهْدُ بِها يَتَجَدَّد، وفي تَجَدُّدِ العَهْدِ رُسُوخُ العِلْمِ وبَقاؤُه، وَمَنْ تَرَدَّدَ في طَرِيْقِ حَفِظَه، ومَنْ أَقامَ في مَكانٍ خَبَرَه، ومَنْ أَحَبَّ عَمَلاً لَزِمَه، ومَنْ حَرِصَ على عِبادَةٍ أَتْقَنَها.

 

إِقَامَةُ الصَلاةِ إِتْقانُها، ومَرَتِبُ المُصَلِّيْنَ في صَلاتِهِم، كَمنَازِلِ الوارِثِيْنَ لِلِكتابِ في دَرَجاتِهِم؛ (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر: 32].

وما أَقَامَ صَلاتَهُ مَنْ لَمْ يَقْتَدِ فيها بِهَدْيِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ -رَضي الله عنه-: أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا، فَقَالَ: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"(رواه البخاري).

 

"وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" أَتْقِنُوا صَلاتَكُم، أَقِيْمُوها كَما رأَيْتُمُونِيْ أُقِيْمُها، أَتِمُّوها كَما رأَيْتُمُونِيْ أُتِمُّها، لا تُحْدِثُوا في العِبادَةِ ما لَيْسَ مِنْها، ولا تَنْحَرِفُوا عَنْ هَدْيٍ رَأَيْتُمُونِيْ عليه، 

 

"وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي؟  كَيْفَ رآهُ أَصْحابُهُ يُصَلِّي؟ سُؤَالٌ يَحْمِلُ المُسْلِمَ على بَذْلِ الوُسْعِ في طَلَبِ أَكْمَلٍ جَواب، فَما بُذِلَتِ الأَوْقَاتُ، ولا اسْتُثْمِرَتِ القُدُرَاتُ، بِمِثْلِ التَّفَقُّهِ في هذهِ الصَلاةِ وإِقامَتِها كَما كانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُقِيْمُها.

 

"وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" صَنَّفَ العُلَماءُ مُؤَلَفاتٍ في صِفَةِ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، اسْتَقْصَوا فيها ما صَحَّ مِن الأَحادِيْثِ التِيْ تُرْشِدُ إِلى ما كَانَ عَلِيْهِ مِنْ هَدْيٍ في صَلاتِه، فأَثْبَتُوا ما حُفِظَ مِنْ أَقوَلِهِ وأَفْعَالِه في صَلاتِه، بَيَّنُوا الأَرْكانَ مِنْها والواجِباتِ، ومَيَّزُوا السُّنَنَ مِنْها والمُسْتَحَبَّات، وهُذِّبَتِ بَعْضُ المُؤَلَفاتِ في مُخْتَصَرَاتٍ، فَما يَشِقُّ عَلى المُسْلِمِ تَعَلُّمُها، ولا يَعْسُرُ عَلِيْهِ فَهْمُها، فَمَنْ طَلَبَ عِلْمَها عَلِمْ، ومَنْ تَفَقَّهَ فِيْها فَقِه.

 

"وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" صَلاةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خُشُوعٌ وطَمأِنِيْنَةٌ وسَكِيْنَةٌ وَوَقار، قَيامٌ للهِ بِذُلٍّ، ووقُوفٌ بَيْنَ يَدَي اللهِ بافْتِقار؛ (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238].

 

صَلاةٌ مُفْتَتَحَةٌ بالتَّكْبِيْرِ، مُخْتَتَمَةٌ بالتَّسْلِيْمِ، قَيامٌ بِطُمَأَنِيْنَةٍ، ثُمَّ رُكُوعٌ بِطُمَأَنِيْنَةٍ، ثُمَّ اعْتِدالٌ بِطُمَأَنِيْنَةٍ، ثُمَّ سُجُودٌ بِطُمَأَنِيْنَةٍ، ثُمَّ جُلُوسٌ بِطُمَأَنِيْنَةٍ، ثُمَّ سُجُودٌ بِطُمَأَنِيْنَةٍ، والطُمأَنِيْنَةُ في الصَلاةِ رَكْنٌ مِنْ أَرْكانِها.

 

الطُمأَنِيْنَةُ أَنْ يَتأَنَّى المُصَليْ في صَلاتِهِ فَلا يَنْقُرُها نَقْرَ الغُرابِ، لا يَعْجَلُ بِها عَجَلَةً تُخِلُّ، يُؤَدِيْها بِسَكِيْنَةٍ، ويُقِيْمُها بِخُشُوعٍ، ويُعْطِيْ كُلَّ رُكْنٍ من أَرْكانِ الصلاةِ حَقَّهُ مِنْ الطُمأَنِينَةِ فِيْهِ، فَلا يَنْتَقِلُّ مِنْ رُكْنٍ إِلى آخَرَ حَتَى تَسْتَقِرَّ أَعْضاؤُهُ وتَسْكُنُ، ويأَتِي بِما يَجِبُ في ذَلِكَ الرُكْنُ مِنْ أَذْكار.

 

ولا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ في صَلاتِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَرَدَّ عليهِ، وَقَالَ: "‌ارْجِعْ ‌فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "‌ارْجِعْ ‌فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "‌ارْجِعْ ‌فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا"(رواه البخاري ومسلم)، (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238].

 

أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- لعلكم ترحمون.

 

أيها المسلمون: "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" أَمْرٌ نَبَوِيٌّ، مَنْ أَخَذَ بِهِ هُدِي، ومَنْ انْقادَ لَهُ رَشَد، ومَنْ اسْتَجابَ لَهُ أَفْلَح، صَلاتُنا صِلَتُنا بالله، وهِيَ أَوَلُّ ما نُحاسَبُ عَنْهُ أَمامَ الله، هِيْ الرُّكْنُ الأَعظَمُ في الدِيْنِ بَعْدَ الشَّهادَتِيْن، وهِيَ العَهْدُ وهِيَ الفَوزُ وهِيَ النَجاة،

خَمْسُ صَلَواتٍ يُؤَدِيْها المُسْلِمُ في يَومِهِ ولَيْلَتِه، أَفَيَعْجَزُ عَنْ التَّفَقُهِ في أَحكَامِها؟! أَفَيَعْجَزُ عَنْ تَعَلُّمِ شُرُوطِها وأَرْكانَها ووَاجِباتِها وسُنَنَها وآدابِها؟!

خَلَلُ ظَاهِرٌ في صَلاةِ كَثِيْرٍ مِن المُسْلِمِيْنَ، سَبَبُهُ جَهْلٌ في الأَحْكام، أَو قُصُورٌ في الهِمَّةِ، أَو فُتُورٌ في العَزِيْمَة،  صَلاةٌ تُؤَدَى بِتَثَاقُلٍ وخُمُولٍ وكَسَل، أَو تُؤَدَى بِنَقْرٍ وعَجَلَةٍ وإِسْرَاع، تَفْرِيْطٌ في السُنَنِ، وإِهْمالٌ للطُّمأَنِيْنَة، وفَرْطٌ في الحَرَكَة، 

"وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" مُجاهَدَةُ النَّفْسِ على إِقامَةِ الصَلَاةِ أَتَمَّ قِيام، مِنْ أَشْرَفِ المُجاهَدَةِ ومِنْ أَنْفَسِ المَطَالِب، ومِنْ أَكْرَمِ المسَاعِيْ، ومِنْ أَعْظَمِ الرَّغَائِب، 

يَقُومُ المُصَلِيْ في صَلاتِهِ مَقَامَ هَيْبَةٍ وإِجْلالٍ للهِ رَبِّ العَالِمِيْن، والقِيامُ في صَلاةِ الفَرِيْضَةِ رُكْنٌ، ولا تَصِحُّ صَلاةُ المُصَلِيْ قَاعِداً وهُوَ قَادِرٌ فيها على القِيام، لَمَّا مَرِضَ عِمْرَانُ بنُ الحُصَينِ رضيَ اللهُ عنه، سأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن الصَلاةِ ــ أَي كَيْفَ أُصَلِي؟ ــ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" رواه البخاري

القَيامُ في صَلاةِ الفَرِيْضَةِ رَكْنٌ، وكذا الرُّكُوعُ، وكذا السجُودُ مِنَ الأَرْكان، يَجِبُ على المُصَلِّيْ أَنْ يأَتِيَ بالأَرْكانِ على الصِفَةِ المأَمُورِ بِها شَرْعاً، فَمَنْ عَجِزَ عَن الإِتْيانِ بِشَيءٍ مِنَها على صِفَتِه، فَلا يُفَرِّطُ فِيْما عَداهُ مِنَ الأَرْكان، فَمَنْ عَجِزَ عَنِ القِيامِ فَصَلَّى قَاعِداً، وجَبَ عليه أَنْ يأَتِيْ بِبَقِيَّةِ الأَرْكانِ على صِفَتِهِا إِن اسْتَطَاع، 

والسُّجُودُ، خَضُوعٌ للهِ وانْكِسارٌ وذُلٌّ لَهُ وافْتِقَار، وما كَانَ العَبْدُ أَقْرَبَ إِلى رَبِهِ في حَالٍ مِنْ أَحْوالِهِ كَما يَكُونُ في حَالِ سُجُودِه، وفي الحَدِيْثِ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ" رواه مسلم

ومما يَجِبُ عَلى المُصَلِيْ أَنْ يَفْقَهَه، أَنَّ السُّجُودَ على الأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ، فَرْضٌ واجِبُ لا يَصِحُ سُجُودُ مَنْ أَخَلَّ بِه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَباسٍ رَضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ،،" رواه البخاري فَمْنَ قَضَى سُجُودَهُ وهو رافِعٌ أَحَدَ هذهِ الأَعْضاءِ عَنِ الأَرْضِ، لَمْ يَصِحَّ سُجُودُه، فَلْيَتَنَبَّهِ المُسْلِمُ لِذلك،  "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" في الصَلاةِ أَدْعِيَةٌ وأَذْكار،  يَجِبُ على المُصَلِّي أَنْ يأَتِيَ مِنْها بِما يَجِبُ، ويُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأَتِيْ مِنْها بِما يُسْتَحَبُّ،

 

وحِفْظُ أَذْكارِ الصَلاةِ كَما ورَدَتْ، والعَمَلُ بِها في مَواضِعِها، هو مِنْ حُسْنِ الاقْتِداءِ بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وهو مِنَ الاسْتِجَابَةِ لأَمْرِهِ في قَوْلِهِ: "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي

أَقِيْمُوا صَلاتَكُمْ رَحِمَكُمُ اللهُ، وتَواصَوا بإِقامَتِها، أَحِيْوا مَسائِلَ الصَلاةِ في مَجالِسِكُم، واسْتَذْكِرُوها في مَجامِعِكُم، واصْدُروا عَنْ دَلِيْلٍ، ولا تَقُولوا على اللهِ بِغَيْرِ عِلْم، ورَبُوا أَولادَكُم على حُسْنِ الأَدَبِ في الصَلاةِ،

اللهمَّ ،،

 

المرفقات

كما رأيتموني أصلى.doc

كما رأيتموني أصلى.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات