عناصر الخطبة
1/اكتمال الدين من أكبر النعم ومظاهر ذلك 2/صور من يسر الشريعة 3/الإسلام صالح لكل زمانٍ ومكاناقتباس
ومن كمال الإسلام: مرونته واستيعابه للمتغيرات؛ فنصوصه الشرعية تستوعب كل الحالات والاحتياجات، وتتواكب مع المستجدات، بما يتوافق مع مقاصد الدين ولا يتناقض معها، ودون أن تمس الثوابت؛ ففي تشريعات الإسلام سعة لا ضيق معها ولا أغلال...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، أما بعد:
أيها المسلمون: إن كمال دين الإسلام من أكبرُ نِعَم الله -تعالى- على هذه الأمَّة؛ حيث أكمل -تعالى- لهم دينَهم؛ فلا يحتاجون إلى دينٍ غيره، ولا إلى نبيٍّ غيرِ نبيِّهم -صلواتُ الله وسلامُه عليه-؛ ولهذا جَعَله اللهُ خاتَمَ الأنبياء، وبَعَثه إلى الإنس والجنِّ؛ فلا حلال إلَّا ما أحلَّه، ولا حرام إلَّا ما حرَّمه، ولا دينَ إلَّا ما شَرَعه، وكلُّ شيءٍ أخبر به فهو حقٌّ وصدقٌ لا كَذِبَ فيه ولا خُلْفَ؛ كما قال -تعالى-: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا)[الأنعام: ١١٥]؛ أي: صدقًا في الأخبار، وعدلًا في الأوامر والنواهي، فلمَّا أكمل الدينَ لهم تمَّت النعمةُ عليهم، قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة: ٣]؛ أي: فارْضَوْه أنتم لأَنْفُسكم؛ فإنه الدِّينُ الذي أحبَّه اللهُ ورَضِيَه وبَعَث به أَفْضَلَ الرسل الكرام، وأنزل به أَشْرَفَ كُتُبه.
ولكمال دين الإسلام مظاهر منها: كمال أحكامه وتشريعاته؛ فقد حوت كل ما يحتاج إليه الناس من أمور الدنيا والآخرة، ومن العبادات والمعاملات، ومن الأخلاق والسلوك والسياسة والاقتصاد، لا نقص فيها بأي وجهٍ من الوجوه، قال -تعالى-: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 89]؛ أي: "في أصول الدين وفروعه، وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد؛ فهو مبين فيه أتم تبيين بألفاظ واضحة ومعان جلية"(تفسير السعدي)، وقد اشتمل على المبادئ العادلة، والأخلاق الفاضلة، والقيم الكاملة؛ فعقائده أصح العقائد، وأخلاقه أحسن الأخلاق.
شمولية أحكامه؛ فهو يهتم بالفرد والجماعة، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والحاكم والمحكوم، والمسلم والكافر، ومن نظر إلى أحكام الدين يجد هذا الشمول في ما فرض من تشريعات للمؤمنين عموماً أو ما جعله للرجال دون النساء أو العكس، وهناك أحكام لغير المسلمين وكيفية التعامل معهم سلماً وحرباً، بل تجد هذا الشمول في ما فرض من تشريعات تنظم علاقة الفرد مع ما حوله في هذا الكون؛ من حيوان وطير، وبحار وأنهار وأرض وسماء، حتى قيل لسَلْمَانَ -رضي الله عنه-: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟! قَالَ: "أَجَلْ؛ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أوَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينَ، أَوْ أَنْ نسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ"(رواه مسلم).
نظرته المتوازنة بين الدنيا والآخرة؛ فلا رهبنة في الإسلام، كما أنه لا انصراف عن الآخرة إلى الدنيا؛ فلكلٍ منهما نصيبه وعمله، ولكن الدنيا مزرعةٌ للآخرة وباب إليها، يقول الله -جل وعلا-: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآْخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأْرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[القصص:77]، وعن أنس بن مالك -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إنْ قَامَت السَّاعةُ وَفِي يَد أَحَدِكُم فَسِيلةٌ - نخلة صغيرة-؛ فَإنْ استَطاعَ أنْ لَا تَقُومَ حَتى يَغرِسَهَا فَليَغِرسْهَا"(الألباني في الصحيحة). ومن مظاهر كمال هذا الدين: أنه استوعب جميع الشعوب والعرقيات والقوميات؛ وبقي الإسلام ثابتاً خالداً لم يعانِ من أزمةٍ داخليةٍ بسبب اعتماده على عنصر بشري دون آخر، أو بسبب قصور نظرته أو ميله إلى قومية على حساب أخرى، أو انحيازه لجنس دون آخر؛ فميزان التفضيل والتكريم ليس بالعرق أو اللون أو الجنس والقومية بل بالتقوى والطاعة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات:13].
وفي خطبة الوداع أعلنها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واضحةً جلية: "إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَأَبَاكُمْ وَاحِدٌ، وَلَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى"(رواه أحمد وصححه الألباني). فهذا الدينٌ شاملٌ ليس خاصاً بأمة دون أخرى، أو ببلدٍ دون آخر؛ فالله أرسل رسوله للناس جميعا، في أي مكان ومن أي أمة، قال الله -تعالى- لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)[سبأ: 28]
ومن مظاهر كمال الدين: أنه دينٌ شامل للثقلين؛ الإنس والجن، يقول الله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: 56]، فالجن كالأنس مطالبون باتباع هذا الدين ومن يعرض منهم فمأواه النار، (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[الأحقاف: 29 - 32]، وقال -سبحانه- حكاية عنهم: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)[الجن: 14-15].
ومن صور كماله: موافقة النقل الصحيح للعقل الصريح، ولا تصادم في أخباره وأحكامه مع العلم السليم، فهو دين يهتم بالعلم ويحترم العقل ويضع كل شيء في موضعه المناسب له، وقد بين -جل وعلا- مكانة العلم والعقل ومنزلة أهلهما؛ فقال -سبحانه-: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)[العنكبوت: 43].
ومن كمال الإسلام: مرونته واستيعابه للمتغيرات؛ فنصوصه الشرعية تستوعب كل الحالات والاحتياجات، وتتواكب مع المستجدات، بما يتوافق مع مقاصد الدين ولا يتناقض معها، ودون أن تمس الثوابت؛ ففي تشريعات الإسلام سعة لا ضيق معها ولا أغلال؛ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)[الأعراف: 156- 157]؛ وهذا من كمال الدين ودرايته بأحوال الناس وحاجياتهم ومتطلباتهم؛ لأنه دين من عند الله.
ومن ذلك: أن شرائعه واقعية؛ فهو يبيح الزواج بالنساء ويرغب فيه، لكنه يحرم الزنا والفواحش، والإسلام يبيح المعاملات بين الناس ولكنه يحرم الربا، ويبيح جمع المال بالحلال ولكنه يوجب الزكاة للفقراء، ويبيح الطعام ويحرم الميتة ولحم الخنزير ونحوهما، ويبيح جميع المشروبات ويحرم الخمور والمسكرات والمخدرات، فتشريعات الإسلام كلها واقعية تتناسب مع حاجات البشر ولا تضيق عليهم.
ومن صور كماله: أن الأخلاق فيه تشمل نشاط الإنسان كله؛ فهناك ارتباطٌ وثيق بين الإيمان والعقيدة وبين الأخلاق والسلوك، قال -تعالى-: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)[الماعون:1-3]؛ فالأخلاق الإسلامية تدخل في السياسة والاقتصاد والفن والمعرفة والرياضة... كل أفعالنا ينبغي أن ترتبط بالشرع، وتقيد بقيمه وأخلاقه ولا تخرج عنها. قلت قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه ومن تبعه، وبعد:
عباد الله: ومع شمولية الاسلام واكتماله لجميع جوانب الحياة؛ فهو دين السماحة واليسر؛ حيث جاء بالتخفيف والتيسير ورفع المشقة والحرج، قال الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج: 78]، وقال الله -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[البقرة:185]، وقال -تعالى-: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا)[البقرة:286].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"(رواه أحمد)، وفي مسند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بعثت بالحنفية السمحة"(رواه البخاري)، وفي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الدين يسر"(رواه البخاري)؛ فهذه كلها أدلة على أن الشريعة الإسلامية شريعة سهلة يسيرة. فالتكليفات الشريعة تكون وفق الاستطاعة والقدرة، قال -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[التغابن:16]؛ قال الإمام السعدي: "فكل واجب عجز عنه العبد يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه؛ فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(البخاري).
أيها المسلمون: إن الشريعة الإسلامية تراعي أحوال المكلفين، فليسوا كلهم في درجة واحدة، فهناك المريض والعاجز وكبير السن؛ ففي الصلاة رخص لمن لا يستطيع القيام بالصلاة جالساً أو مضطجعاً بحسب قدرته وحاله، وكذلك الحال مع الصيام، فمن لم يستطع صيام شهر رمضان لسفره أو مرضه فقد أجازت له الشريعة الإسلامية أن يفطر، ثمّ يقضي مكانها أياماً أخرى، والحج لم يفرض إلا على القادر المستطيع، ولمشقته فرض مرةً واحدةً في العمر.
ومن محاسن الشريعة مغفرة الله -تعالى- ذنوب عباده متى تابوا واستغفروا؛ (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[الزمر:53].
ومن محاسنها: ما ورد من كرم الله -تعالى- في كتابة الحسنات والسيئات، فعنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله كَتَب الحسناتِ والسَّيِّئاتِ، ثُم بيَّنَ ذلكَ، فمنْ همَّ بِحَسَنةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِندَهُ حَسَنَةً كامِلةً، فإنْ هُوَ همَّ بِها فَعَمِلَها كتَبَها اللهُ لَهُ عِندَهُ عَشَرَ حَسَناتٍ، إلى سبْعمائةِ ضعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرةٍ، ومَنْ همَّ بِسيِّئةٍ فَلَمْ يَعْملْها كَتَبَها الله لَهُ عِندهُ حَسَنةً كامِلَةً، فَإنْ هُوَ هَمَّ بها فَعمِلها كتبها الله لهُ سيِّئةً واحدةً"(متفق عليه).
أيها المسلمون: الاسلام دينٌ كامل؛ أصولُه وقواعدُه وأخلاقُه، دينٌ عالميٌّ ثابتٌ خالد، ولا منهجُ غيره أصلح لحياة الناس، قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ)[المائدة: 3].
إن هذا الدين محفوظ بحفظ الله له، قال -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر: 9]؛ لم يتغير ولن يتغير على مرور القرون والدهور والأعوام، مع تعرض له من محاولات متتابعة وشرسة عظيمة، إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وهذا من عظمة هذا الدين وكماله. وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم