كلمات في الأسهم

ناصر بن محمد الأحمد

2014-11-12 - 1436/01/19
التصنيفات: المعاملات
عناصر الخطبة
1/فتنة المال وتهافت الناس على جمعه 2/المقصود بشركات المساهمة 3/أقسام الشركات المساهمة في الأسواق المحلية وحكم كل قسم 4/لعبة الأسهم وبعض مفاسدها 5/نصائح وتوجيهات لمن أراد الدخول في سوق الأسهم 6/زكاة الأسهم المالية

اقتباس

أيها المسلمون: شركة المساهمة نوع من شركات الأموال، وهي إحدى الصيغ التي تم ابتكارها في العصر الحاضر، وقام عليها الاقتصاد المعاصر، وبواسطتها يمكن الدخول في المشروعات الضخمة التي تحتاج إلى أموال هائلة، حيث يتم تجميعها من آلاف الناس بحسب أسهمهم في هذه الشركة، حيث...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: لقد فطر الله -جل وتعالى- الإنسان على حب المال، فقال جل شأنه: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)[العاديات: 8].

 

ولنعلم -معاشر المسلمين- أن فتنة هذه الأمة في المال، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء: 29].

 

وقد جاءت الشريعةَ الإسلامية بحفظ الضرورات الخمس، وهي: الدين والنفسُ والعقل والنّسل والمال.

 

فالبيعُ والشّراء والمرابحة كلُّها تندرِج تحت ضرورةِ حِفظ المال، وانطلاقًا مِن حِفظ هذه الضّرورة فإنّ الشارعَ الحكيم لم يدَعِ الفردَ المسلم حرًّا في التصرّف المالي دون ضوابط، لئلاّ يخرج بالمال عن مَقصدِه الذي أُكرِم به بنو آدم من كونِه نِعمة ومنّة إلى كونه نِقمة على صاحبه ووبالاً يُسأل عنه يومَ القيامة، فقد صحّ عند الترمذيّ وغيره أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع.. وذكر منها: وعن مالِه: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟".

 

فالواجب على كلِّ مسلمٍ: أن يدركَ حقيقة المال، وأنه سلاح ذو حدين.

 

وليحذَر أشدَّ الحذر: أن ينقلبَ عليه فتنة وبلاءً؛ لأنّ الله -جل شأنه-، قال عن المال: (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)[الأنفال: 28].

 

أيها المسلمون: غير خاف على أحد هذه الطفرة في سوق الأسهم في الفترة الأخيرة، وانكباب الناس وتهافتهم عليها كتهافت الفراش على النار، حتى إنّها لم تدَع بيتًا إلاَّ وأصابته بدخَنها.

 

فهناك من باع كلَ ما يملك من عقارٍ ودار من أجلِ الفوزِ بأعلى المكاسب، وأسرعِ المرابح، فترى المسكينَ في صالاتِ البنوك وخلفَ شاشاتِ الحاسبِ الآلي يُحدقُ بعينه في أسعارِ الأسهم، لعله أن يظفرَ بشيءٍ يفوزُ به.

 

وليس هذا هو العجبَ -عباد الله-، فإنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بهذا التنافس، وإنما العجَب حينما يكون هذا الانكبابُ والانغماس في حمأة الطّفرَة الماليّة لدى المستثمِرين عاريًا عن الأناةِ والوضوح، والفَرز بين ما أحلَّه الله وبين ما حرّمه، وأن تكونَ غاية الكثيرين هي التحصيلَ كيفما اتَّفق دون النظرِ إلى الضوابط الشرعية والقواعِد المرعيّة في أبوابِ المعاملات بين الناسِ بيعًا وشراءً ومرابحةً.

 

وإنّ مثلَ هذه المعرّة لم تأتِ بغتةً دون مقدّمات، بل إنها رَجع صدًى لقلَّة العِلم وضَعف الحرص على استجلابِ المال من طُرُقه الواضحة البيّنة من حيث الحِلّ والحرمةُ.

 

وما نشاهِده اليومَ من عروضٍ استثماريّة متنوِّعة يعتريها شُبَهٌ وشكوك، بل يعترِيها ظنٌّ راجح بأنها متلوثةٌ بشيءٍ من الطّرق المحرَّمة في المعاملاتِ إنّما هو يذكِّرنا بقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "ليأتيَنَّ على الناسِ زمانٌ لا يبالي المرءُ بما أخذَ من المال بحلالٍ أو بحرام"[رواه الإمام أحمد].

 

لذا، فهذه كلمات مختصرة في الأسهم المالية وشركاتها، أوضح فيها حقيقتها وأنواعها وأحكامها بشيء من الاختصار والإيجاز.

 

أيها المسلمون: شركة المساهمة نوع من شركات الأموال، وهي إحدى الصيغ التي تم ابتكارها في العصر الحاضر، وقام عليها الاقتصاد المعاصر، وبواسطتها يمكن الدخول في المشروعات الضخمة التي تحتاج إلى أموال هائلة، حيث يتم تجميعها من آلاف الناس بحسب أسهمهم في هذه الشركة، حيث يجتمع من المدخرات الصغيرة من الأفراد ما تتمكن به شركة المساهمة من الاستثمارات الكبيرة التي ما كان يمكن للفرد العادي أن يقدر عليها.

 

وعلى هذا، فالمساهم في شركة معينة معناه: أنه يمتلك جزءاً وحصة ونصيباً مشاعاً في هذه الشركة بمقدار ما عنده من أسهم، فمن كان عنده أسهم كثيرة، فهو يمتلك جزءاً كبيراً من الشركة، ومن كان عنده أسهم قليلة فهو يمتلك جزءاً قليلاً من الشركة بحسب أسهمه.

 

أيها المسلمون: وإذا نظرنا إلى شركات المساهمة المطروحة أسهمها للتداول في السوق المحلية والتي تبلغ أكثر من سبعين شركة مساهمة، نجدها على أقسام، ويختلف الحكم الشرعي لكل قسم:

 

فالقسم الأول: أسهم البنوك الربوية؛ فشراء هذه الأسهم محرم بإجماع أهل العلم؛ لأن المساهم معناه أنه شريك في هذا البنك الربوي، وله جزء وحصة ونصيب منه، ومعلوم حرمة الربا والنصوص الشرعية الواردة في الوعيد الشديد لآخذه ودافعه والمتعاون فيه.

 

وأما أسهم البنوك الإسلامية، فهذه حلال ولا شيء فيها، بحمد الله.

 

ومثل البنوك الربوية في التحريم، أسهم الشركات التي تمارس نشاطاً محرماً أصلاً، وهذه غير موجودة في السوق المحلية، لكنها موجودة في السوق الدولية عن طريق محافظ البنوك الربوية.

 

والناس اليوم يساهمون فيها ويتعاملون معها عن طريق الانترنت، وهذه لا يجوز شراء أسهمها باتفاق أهل العلم.

 

القسم الثاني: أسهم شركات نشاطها مباح وجائز، كالشركات الزراعية والصناعية والخدمية ولا تتعامل بالربا لا أخذاً ولا عطاءً.

 

فهذه تجوز المساهمة فيها وشراء أسهمها، ويبلغ عددها في السوق المحلية بضع شركات فقط.

 

وهذه الشركات هي السالمة من الربا، وهي النقية.

 

القسم الثالث: أسهم شركات أصل نشاطها مباح وجائز كالشركات الزراعية والصناعية وشركات الخدمات، ولكنها تتعامل بالربا أخذاً أو عطاءً أو كليهما، ويأتيها الربا عن طريق اقتراضها بفوائد ربوية من البنوك إذا احتاجت لتمويل إنتاجها.

 

وهذه -مع الأسف- أغلب الشركات الموجودة التي يساهم فيها، والتي تسمى بالشركات المختلطة.

 

والراجح -والله أعلم- في هذه الشركات الحرمة؛ لأنها تتعامل بالربا، والربا كله حرام سواءً كان كثيراً أو قليلاً.

 

فإياك ثم إياك أن تتعاملْ مع الشركاتِ التي تتعاملُ بالربا، أو فيها نسبةُ ولو قليلةٌ، فالربا إعلانٌ للحربِ على الله ورسوله، فيا ترى من يحاربُ الله ورسولَه أتراه ينتصر؟!

 

والله -جل جلاله- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)[البقرة: 278 -279].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "درهم ربا يأكلُّه الرجلُ وهو يعلم، أشدُّ من ستةٍ وثلاثين زنية"[رواه والإمام أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب].

 

وقال عليه الصلاة والسلام: "الربا ثلاثٌ وسبعون بابا، أيسرُها مثلُ أن ينكحَ الرجلُ أمه"[صححه الألباني أيضاً في صحيح الترغيب].

 

فاتق الله في نفسك -يا عبد الله- ولا تعرضْ نفسَك وأهلكَ لأكلِ الحرام، يقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخلُ الجنةَ لحمٌ ولا دمٌ نبتَ من سحتٍ، النارُ أولى به"[رواه الطبراني].

 

ولذلك -أيها المسلمُ- إذا أردتَ شراءَ أسهمِ، أيَّ شركةٍ فعليك أن تتثبتَ من أنَّ نشاطَها مباحاً، وأنْ تسلمَ الشركةُ من الربا إيداعاً واقتراضاً، ولو كان نشاطها في أعمالٍ مباحة أصلاً.

 

نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.

 

أيها المسلمون: ومما يجب أن نعلمه جميعاً: أن سوقَ الأسهمِ نموذجٌ غربي، مبنيٌ على فلسفةِ الاقتصادِ الرأسمالي، والذي يعتمد أساساً على الربا بأشكالهِ المختلفة، ويخالطُهُ القمارَ والاحتكار، فالأصلُ فيه أنه سوقُ شبهاتٍ محرمة، لذا لا بد للمسلمين أن يجردوهُ من الشوائبِ المحرمةِ قبلَ ولُوجهِ واستيراده، وهو وإن كان قائماً على تحقيقِ منافعَ اقتصادية، إلا أن هذه المنافعَ يمكنُ تحقيقَها بدون ما يحتوي عليه من مفاسد، فالآليةُ التي تُدار بها السوق، لا تزال تُعاني من إشكالاتٍ شرعية، تدورُ حولَ الربا الذي تتمولُ به بعضُ الشركاتِ المساهمةِ، إضافة إلى ما يحصلُ من خداعٍ وكذبٍ وغش، وتسريبٍ لمعلوماتٍ خاطئة داخل السوق، مما يُفوتُ المصالح المرجُوةِ، ويجلبُ المفاسد.

 

ولهذا كثيراً ما نتساءل، ما سرُ الصعودِ والهبوطِ لهذه الأسهمِ من لحظةٍ لأخرى؟ رغمَ عدمِ تغيرِ واقعِ الشركاتِ التي يجري التعاملُ على أسهمِها؟! بل بعضُها في خسارة!.

 

فينبغي أن نعي لعبةَ الأسهم، فهناك مجموعاتٌ لا تخافُ الله -تعالى-، ولا ترجو الدارَ الآخرة، يتحكمون في السوق، ويعقدون اتفاقاتٍ خاصة، مع بعضِ الشركاتِ التي يرغبونَ في زيادة أسعارِ أسهمِها، وبالمقابلِ يكسرونَ أسعارَ أسهمِ شركاتٍ أخرى بما يملكون من سيطرةٍ ماليةٍ احتكاريةٍ على السوق.

 

ولهذا، فهم يتلاعبون بأسعارِ الأسهم، كما يفعلُ لاعبو اليانصيبِ بما قد يؤدي فعلُه هذا إلى أضرارٍ اقتصادية.

 

فها نحن اليوم نرى انصرافَ فئام من الناسِ عن المشاريعِ الإنتاجيةِ الفاعلة، ركضاً وراءَ الأرباحِ العاجلة، ألا يعدُ هذا ضرراً على المجتمع؟! ألم تتراكمْ الأموالُ في البنوك دون أن يكون لها أثر في تطوير البلد وإنشاء المصانعِ وإقامة المشاريع؟! ألم ترتفع أسعار الإيجارات؟! فمن المتضرر؟ ألم تتقلص الحركة التجارية في البلد؟! ألم يخسر أصحاب المصانع والمحلات بسبب وقوف المشاريع التجارية أو بسبب تأخر دفع المستحقات؛ لأن الأموال تحرك في الأسهم؟!.

 

وبناءً عليه، فإنه لا ينصحُ بالتعاملِ في هذه السوقِ بحالتِها الراهنةِ، فهي شبهاتٌ بعضُها فوق بعض، فإنْ أبيتَ إلا الدخولَ في هذه اللعبة، فيجب عليك وجوباً أن تتعلم ما فيه من الحلالِ والحرام، وتستعملْ جميعَ ما تملكِ في الأسهم، لأنك قد تصبحُ طعماً سهلاً للكبارِ دون أن تشعر، فإذا بي أراك تُساهم في بدايةِ أمركَ بمبلغٍ رمزيٍ، فيعطونَك طُعماً يسيلُ له لعابك، ثم تطمعُ فتزيدَ من رأسِ المالِ فتربح، فتبيعَ بيتك من أجلِ الفوزِ بمكاسبَ ضخمةٍ في وقتٍ قياسي، فلا تشعرْ بنفسِكَ إلا وقد أصبحتَ من المفلسين.

 

واعلم أن ارتفاع قيمة السهم في أسواقنا وانخفاضه ليس حقيقياً، بمعنى أن هناك شركات يعلم الناس أنها خاسرة ومع ذلك يرتفع قيمة أسهمها! فبماذا يفسر ذلك؟

 

يفسر أن هناك أصابع خفية تلعب في السوق وتحتكر اللعبة.

 

أيها المسلمون: إنّ الأصلَ في أموال الناس وحقوقِهم الحرمةُ والحضر، فلا يجوز الاعتداءُ عليها أو المماطلة والتفريطُ فيها أو الوقوعُ في التأويلاتِ المبرِّرة للتصرّفات الممنوعةِ فيها؛ لأنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلُّ المسلم على المسلم حرام، دمُه وماله وعِرضه"[رواه مسلم].

 

واعلم -يا عبد الله- أنّ القناعة والسماحةَ في ميدان التّجارة أمران مندوبٌ إليهما إذ هما مظِنّة البركة، كما أنَّ الطمعَ والجشَع وعدم القناعة مظِنّة للكبوةِ وقِلّة البركة؛ لأنّ للتجارةِ سورةً كسورةٍ الخَمرة، تأخذ شاربَها حتى ينتشِي، فإذا انتشى عاوَد حتى يصيرَ مدمِنًا، لا يفيقُ من نشوةِ المغامَرة والطمعِ، حتى يستويَ عنده حالُ السكر والإفاقة، ولاتَ ساعةَ مندَم، ولقد قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من يأخُذ مالاً بحقِّه يبارَك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقِّه فمثله كمثلِ الذي يأكل ولا يشبَع"[رواه مسلم].

 

نفعني الله وإياكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: وهنا قضيةُ حريٌ التنبيهُ عليها، وهي أن غالبَ البنوكِ الموجودةِ اليومَ، يوجد لها لجانٌ شرعية، ولكنها تفتقرُ إلى إداراتٍ للرقابةِ الشرعية، والتي تتولى التدقيقَ على ما يقومُ به البنكُ من عملياتٍ تجارية، ومن هنا تحدثُ المخالفاتُ والتي أحيانا تُخالف ما أفتتْ به الهيئاتُ الشرعيةُ في ذلك البنك.

 

أخي المساهم: إذا دخلتَ مضمارَ الأسهم، فعليكَ بالأمانةِ في التعاملِ مع الناسِ، والنصحِ لهم، فلا غشَ ولا خداع، فلا يحقُ لك بحالٍ أن تكذبَ على الناسِ في أسعارِ الأسهم، أو أن تُوهِمَهُم أن أسهمَ هذه الشركةِ في ازدياد، وفي حقيقتِها أنها في خسارةٍ، أو تدعي أنك تستثمرُ أموالَهم في شركاتٍ نقية، وأنتَ قد خلطتَ الحلالَ بالحرام، فالنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من غشنا فليس منا"[رواه مسلم].

 

أيها المسلمون: الأسهمُ والمكاسبُ المالية، لها بريقٌ ولمعان، قد تصدُّ الإنسانَ عن ذكرِ الله -تعالى-وعن الصلاة.

 

فليتق الله أولئك، فإنْ فعلَهم ذاك خطرٌ وعظيم، فقل لي بربك، ماذا بعد أن جمعتَ الأموالَ الطائلة وتركتَ بعدك الملياراتِ الهائلة، وأنت قد ضيعتَ صلاتَك، وفرطتَ في طاعةِ ربك؟ ماذا تنفعُك تلك الأموال؟! ماذا ينفعُك حرصُك على جمعِ حطامِ الدنيا إذا أُوقفتَ على سقر؟ وما أدراك ما سقر؟ لا تُبقي ولا تذر، لواحةٌ للبشر ِ، عليها تسعةُ عشر؟! ماذا ينفعُك حرصُك على الأسهمِ واللهثِ وراءَها إذا أوقفتَ بين يدي الله -تعالى-، وبدأتَ تبحثُ يمنةً ويسرةً عن حسنةٍ واحدةٍ تُنجيك -بإذن الله تعالى- من ناره وجحيمه فلم تجد؟.

 

فيا أخي الكريم: كن ممن قال الله فيهم: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)[النور: 37].

 

واعلم -رعاك الله- أنك إذا حافظتَ على صلاتِك، وداومتَ على طاعةِ ربك، فتحَ لك الرزاقُ الكريم أبوابَ فضلِه، وجاءكَ الخيرُ من حيثُ لا تحتسب، يقول الله -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطلاق: 2- 3].

 

ويقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الكيّسُ من دانَ نفسَه وعملَ لما بعد الموتِ، والعاجزُ من اتبعَ نفسَه هواها، وتمنى على الله الأماني"[رواهُ الترمذي].

 

أيها المساهم: يجب عليك أنْ تخرجَ ما وجب عليك من زكاةٍ في أسهمك؛ لأنك أنتَ المطالبُ بذلك وليس الشركة، وزكاةُ الأسهمِ تُخرجُ وفقَ الطريقةِ الآتية:

 

إن كنتَ ساهمتَ في الشركةِ بقصدِ الاستفادةِ من ريعِ الأسهمِ السنوية، وليس بقصدِ التجارةِ، فإنَّ صاحبَ هذه الأسهمِ لا زكاةَ عليه في أصلِ السهم، وإنما تجبُ الزكاةُ في الربح، وهي ربعُ العشرِ بعدَ دورانِ الحولِ من يومِ قبضِ الربحِ إن كان نصاباً.

 

وإن كنتَ قد اقتنيتَ الأسهمَ بقصدِ التجارة، بمعنى أنك تبيع وتشتري في الأسهم، فزكاتُها زكاةُ عروضِ التجارة، فإذا جاءَ حولُ زكاتك وهي في ملككَ، زكيتَها بقيمتِها الحاليةِ في السوقِ لا بما اشتريتَها به، وإذا لم يكنْ لها سوقٌ، زكيت قيمتَها بتقويمِ أهلِ الخبرة، فيخرجُ ربعَ العشرِ من تلكَ القيمةِ ومن الربحِ إذا كان للأسهمِ ربح.

 

وإذا باعَ المساهمُ أَسهُمَه في أثناءِ الحولِ ضمَ ثمنَها إلى مالِه وزكَّاه معه، عندما يجيءُ حولُ زكاته.

 

اللهم علما ما ينفعنا.

 

اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.

 

 

 

 

المرفقات

في الأسهم

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات