حسين شبكشي
ملتقى الخطباء: سيفيق العرب يوما ما ليدركوا حجم الخديعة التي كانوا يعيشونها مع نظام الأسد. سيفيق العرب ويدركون حجم وكبر المؤامرة التي كان يمارسها هذا النظام في بلاده وفي المنطقة. سيفيق العرب يوما ويعلمون تماما ماهية الدور الذي كان يقوم به النظام السوري في المنطقة ولصالح مَن وما هي النتائج التي تسبب فيها. الكل مذهول من حجم الحقد والانتقام والكراهية الكامنة في قلب القائمين على هذا النظام بحق شعبه، لا يمكن أن تكون هذه التصرفات الوحشية والقتل والعقاب الجماعي بحق المدن والقرى والمواطنين بلا أي تمييز.. كل الأسلحة والوسائل لمجازر من القمع والقتل.
نظام الأسد «أُوجد» لأسباب وأهداف وهو مستمر لذات الأهداف والأسباب.. دمر سوريا اقتصاديا، وكسر شعبها الفخور بنفسه، وجعل الخوف والقلق والشك والريبة هي السمات الأساسية لمعيشته، أشغل الشعب بالانغماس في شعارات رمادية مغيبة للعقول عن الثورة الاشتراكية والمقاومة، ولم يكن النظام جادا قط في تحقيق أي من هذه الشعارات بشكل عملي على أرض الواقع كما اتضح لاحقا. كل الجرائم والاغتيالات التي بقيت «خوفا» مقيدة ضد مجهول بحق الساسة في لبنان والقيادات الفلسطينية بات واضحا جدا من خلفها ومن قام بتنفيذها. نظام جند آلاته الاقتصادية والسياسية والفكرية والأمنية والعسكرية لغرض واحد فقط هو قمع الشعب السوري إلى أقصى درجة وإعاشته في جو من الذعر والرعب لا يفيق منه، وإذا لم يقو على تحمله ترك البلاد أو دفع الثمن بالسجن أو بحياته.
لم يقدم نظام الأسد أي محاولة محترمة لإثبات جديته بتحرير أرضه المحتلة من إسرائيل، بل بقيت هضبة الجولان آمن الحدود مع إسرائيل بلا جدال، مما دعاها إلى ضمها رسميا وهي متأكدة أن قرار الضم هذا لن يلقى أي مقاومة عسكرية سواء رسمية من الجيش أو من مقاومة شعبية، لأن النظام الأسدي سيمنع ذلك بشتى الطرق والوسائل والأساليب.
بقاء نظام الأسد حاكما لسوريا ليس خطأ في عرف السياسة وعلومها، وانتهاكا لحقوق الإنسان، ولكنه خطيئة بكل المعاني الأخلاقية والتعاليم الدينية، فهذا الحجم من الإجرام ومن الشر يجب الخلاص منه والقضاء عليه، لا الحوار معه ومهادنته، وليس بأقذر من هذا النظام وإجرامه إلا من يبرر له ويجد له الأعذار ويؤيده بكل الطرق والأساليب. التواطؤ في القضية السورية يأخذ أشكالا مختلفة، فها هي تتحول من قضية سياسية لمواجهة نظام مجرم يبيد شعبه بالصواريخ والدبابات والطائرات ويحرمه من الخبز والماء ويشرده ويجوعه، إلى قضية إغاثة ولجوء.
بدا واضحا أن سياسة التشبيح السوري ليست سلاحا للاستخدام الداخلي فقط، فها هو التشبيح السوري ومن يؤيده يهدد تركيا بتفجير الحراك الكردي داخل بلادها، وكذلك توتير العلاقة مع الكتلة العلوية داخل تركيا، وهما كتلتان يزيد عددهما على العشرين مليون نسمة في دولة ديمقراطية مثل تركيا، وأي توتر في العلاقة بينهما وبين الكتلة الحاكمة سيؤثر على الاستقرار العام للبلاد، واستمر التشبيح ليصل إلى الأردن عن طريق بعض المخيمات الفلسطينية التي اخترقها النظام المخابراتي للأسد وبدأ يحرك الشارع الأردني بعنف شديد ضد الحكومة ليقلقها ويهددها ويوترها في تهديد مبطن من السوريين بأن هناك مزيدا من التوتر سيطالها لو استمرت في تأييد الثورة السورية حتى وإن كان هذا التأييد خجولا ومحدودا. سيفيق العرب يوما ما ويدركون حجم الخديعة ومدى الجريمة وهول الخيانة التي مورست من نظام الأسد بحق شعبه وبحق بلاده، وأن حجم الدمار الذي طال الإنسان السوري عبر أربعة عقود يفوق كثيرا حجم الدمار الخرساني في المباني والمرافق والمدن والقرى.
هذا الكابوس إلى نهاية، وهذه الشرذمة التي احتلت سوريا لسنوات طويلة أشبه بعقود سوداء من الزمن سترحل، ولكن هناك وعيا جديدا يجب أن يصل لمنع خطف البلاد مجددا تحت مسميات واهية وشعارات وهمية وأهداف مضللة.
كابوس حكم الأسد يلفظ أنفاسه الأخيرة.. نعم قيلت هذه الجملة من قبل ولكن نظاما بهذا الإجرام حشرجته تستهلك وقتا أكثر من غيره!
المصدر: الشرق الاوسط
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم