قيمة الإنسان

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-29 - 1436/04/09
عناصر الخطبة
1/رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالناس 2/تكريم الله للإنسان وحقيقة ذلك 3/ الإيمان سر تكريم الله للإنسان 4/حفظ الإسلام وكفالته ومراعاته لحقوق الإنسان 5/كيف حصل الإنسان الغربي على حقوقه؟ 6/بعض حقوق وواجبات الإنسان تجاه مجتمعه وأمته 7/خطورة إهدار المسلم لحقوق أخيه المسلم

اقتباس

لقد كُرّم الإنسان أي تكريم، وأي تكريم لهذا الإنسان، من أن يخلق الله أبو البشر آدم -عليه السلام-، يخلقه بيده، ثم ينفخ فيه من روحه، ثم يسجد له ملائكته، أي تكريم لهذا الإنسان أن يأتي ذكر كل التفاصيل التي يحتاجها في كلام رب العالمين، لو أردت أن تدرك تكريم الله -جل وعز- لهذا الإنسان فـ...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

يقول الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107].

 

ما معنى هذه الآية؟

 

إنها آية عظيمة جداً لو تدبرها الإنسان وتأملها، معناها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما بعث رحمة للناس كلهم، جاء عليه الصلاة والسلام بالنور والهدى، جاء عليه الصلاة والسلام بالصراط المستقيم، بعث بالشريعة السمحة، التي ليس فيها ظلم ولا جور ولا حيف على أحد، حتى جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغاية الرحمة، وغاية العدل، وغاية التكريم، لهذا الإنسان، فلماذا يعرض الناس عن الرحمة؟ ولماذا لا تسعى الأمة للعدل؟ ولماذا تسعى البشرية للشقاء؟

 

(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ* كَلَّا)[الانفطار: 6 - 9].

 

وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[الإنشقاق: 6].

 

وقال سبحانه: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[الإسراء: 70].

 

نعم، لقد كُرّم الإنسان أي تكريم، وأي تكريم لهذا الإنسان، من أن يخلق الله أبو البشر آدم -عليه السلام-، يخلقه بيده، ثم ينفخ فيه من روحه، ثم يسجد له ملائكته، أي تكريم لهذا الإنسان أن يأتي ذكر كل التفاصيل التي يحتاجها في كلام رب العالمين.

 

لو أردت أن تدرك تكريم الله -جل وعز- لهذا الإنسان، فتصفح كتاب الله بتأمل، تجد أن كل ما في القرآن يتعلق بهذا الإنسان، مم خلق؟ وكيف خلق؟ ولماذا خلق؟ والمراحل التي يتقلب فيها، والمآل الذي يصير إليه.

 

ثم تجد أن الآيات تتكلم عن الإنسان، حين يكون فقيراً وحين يكون غنياً، حين يكون صحيحاً وحين يكون مريضاً، حين يكون مؤمناً وحين يكون كافراً في الدنيا والآخرة، الرجل والمرأة، الصغير والكبير الأمير والمأمور، الحاكم والمحكوم.

 

فلو وجهنا سؤالاً بعد هذا عن سر التكريم لهذا الإنسان: ما سر تكريم الله -جل وعز- لهذا الإنسان؟

 

هل السر في ذلك بأن الإنسان يملك جسداً قوياً؟

 

كلا، فإن الفيل والأسد أشد قوة من الإنسان، فتكريم الله للإنسان ليس من أجل جسمه، حفظه والعناية به من كل ما يضره، وإن كان ذلك مطلوباً.

 

فلهذا يجب أن ندرك خطأ تصور بعض الناس الذين يهتمون بأجسادهم ويعتبرونه هو كل شيء، فتجدهم يهتمون بالجسم من أجل الجسم.

 

انظر لهؤلاء الذين يشتغلون بالرياضة، ويهتمون بالجسم فقط عناية ولياقة، ونحو ذلك، ولا يهتمون بجوانب أخرى، كأنهم يربون عجولاً آدمية، فلابد من العناية بالنفس بجانب العناية بالجسم.

 

وصدق الشاعر حيث يقول:

 

يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته *** أتعبت نفسك فيما فيه خسران

أقبل على النفس فاستكمل فضائلها*** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

 

إن اهتمام الناس هذه الأيام بأجسادهم فاق بكثير اهتمامهم بذواتهم وجوهرهم، خذ مثالاً على ذلك: الأطعمة: أقل إنسان عنده من الخلفية بأنواع الأطعمة الشيء الكثير، أسمائها وأشكالها وألوانها، ومأكولات شرقية، وهذه غربية وتلك أكلة خليجية، ثم بعد ذلك نضيف الحلويات بألوانها وأذواقها، ولو جئت لهذا الإنسان نفسه الذي وكأنه دليل الطبخ، لو أتيت لهذا الإنسان نفسه وسألته ربما عن أبسط الأحكام المتعلقة بصلاته أو زكاته أو حجه ما عرف.

 

إذاً ليس السر في تكريم الله للإنسان هو جسمه، لكن سر التكريم لهذا الإنسان هو بهذا الإيمان الذي يحمله، بهذا الوحي الرباني الذي بين جنبيه.

 

يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إذا سمعت في القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) فأرعها سمعك، فإنها إما خير تؤمر به، أو شراً تنهى عنه".

 

فالإيمان الذي يتميز به الإنسان هو سر تكريمه.

 

فاحرص -أخي المسلم- على الإيمان في نفسك وأهلك وولدك، كحرصك على حفظهم من الأوبئة والأمراض، أو كحرصك على توفير المآكل والمشارب والألبسة لهم، وإلا تكون قد أهدرت الكرامة التي منحك الله.

 

يقول الله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)[التين: 4 - 6].

 

فالإنسان بغير إيمان، أسفل سافلين، أحط من البهائم، يقول سبحانه: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)[الأعراف: 179].

 

إذا كان سر تكريم الإنسان هي هذه العبودية لله، فلو أهدر الإنسان هذه العبودية، وترك الإيمان، صارت البهائم أعلى منزلة منه عند الله -عز وجل-؛ لأنها لم تكلف بهذه الأشياء.

 

أيها المسلمون: إن الله -عز وجل- جعل لهذا الإنسان حقوقاً يجب مراعاتها لا يوجد دين غير الإسلام كفل حقوق الإنسان، لماذا؟

 

لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي ينظر للإنسان نظرة صحيحة.

 

الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ما جاءوا ولا بعثوا إلا لتحرير هذا الإنسان من أنواع من العبوديات، إما عبوديات الحكام، والتسلط على رقاب الناس، وإما عبوديات المال والجشع، وأكل أموال الناس بالباطل، وإما عبوديات الجاه والمنصب واستغلاله في غير ما يرضي الله -عز وجل-، وإما عبوديات الزوجة، أو عبوديات النفس والهوى، حتى عبوديات العادة التي يحكمها الناس فيما يخالف شرع الله -عز وجل-، فما جاء الرسل إلا لتحرير الإنسان من هذه العبوديات.

 

إذاً حقوق الإنسان محفوظة في الإسلام لا يحتاج الإنسان في الأصل تحت ظل الإسلام أن يطالب بحقوقه التي منحه الله -عز وجل-؛ لأنها مكفولة له أصلاً، فلا نحتاج في الإسلام كما يحصل عند الغرب، مطالبات ومظاهرات تخرج ومسيرات، يطالبون فيها بشيء من حقوقهم، التي سلبها النظام الجائر عندهم.

 

الدول الغربية حصل فيها الإنسان على بعض حقوقه، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، نعم إن دول أوربا وأمريكا وغيرها حصل فيها الإنسان الذي يعيش تحت تلك الحكومات حصل على بعض حقوقه، دون النظر إلى عقيدته غالباً حتى صارت الدول الغربية تتغنى بما يسمى بحقوق الإنسان، ومنظمة حقوق الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة التي تحترم حقوق الإنسان -زعموا-.

 

الغرب -أيها الإخوة- يجب أن نعرف أنهم لم يصلوا إلى هذا إلا بعد أن عاشوا مدة طويلة جداً في هضم حقوق الإنسان.

 

الذي يقرأ ويطلع على تاريخ أوربا قبل عدة قرون، يرى ألوان الاضطهادات والتسلط على رقاب الناس، وما يسمى بنظام الإقطاع وغيره من ألوان الظلم، حتى وصلوا في هذه الفترة إلى ما يزعمونه الآن أنهم حققوا حقوق الإنسان.

 

أما في ظل الدولة الإسلامية، أما تحت حكم شريعة الله فإن قضية حفظ حقوق الإنسان تعتبر قضية بدهية لا تحتاج إلى مطالبة، ولا تحتاج إلى مظاهرة، لماذا؟

 

لأنها جزء من الدين.

 

ولذا، فإنه يجب على الإنسان المسلم أن يعرف حقوقه بحيث أنه لو جاء أحد وسلبه هذه الحقوق، يكون على دراسة وعلم بذلك.

 

أما أن تسحق حقوق الإنسان، ويستغفل المسلم، فإن في هذا إهدار لكرامة الإنسان، وظلم وتعد على حقوق الإنسان.

 

أيها المسلمون: هناك سنة إلهية لابد من ضبطها ومعرفتها لا بد أن تكون واضحة عندما نتحدث عن حقوق الإنسان، وهو أن كل نظام وكل مجتمع وكل دولة لا يراعى فيها حق الإنسان كاملاً كما أمر الله -عز وجل-، فإن هذا النظام وذلك المجتمع لا بد أن ينهار، وأن يسقط، إما عاجلاً وإما آجلاً؛ لأن مخالفة سنن الله -عز وجل- الكونية والشرعية تخالف الفطرة، وأي مخالفة للسنن الربانية لا يمكن أن يدوم، فإن الله -عز وجل- يمهل ولا يهمل: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)[الأنفال: 30].

 

خذ مثالاً على ذلك: الشيوعية: كيف كان نظرتها للإنسان؟ وكيف كانت تعامل الإنسان؟ وكيف هضمت حقوق الإنسان ومنعت عنه الملكية الفردية، وغير ذلك من ألوان التسلط التي كانت تمارسه، فكانت نهايتها السقوط.

 

إذاً أية جهة وأي نظام لا يحترم حقوق الإنسان، فإنه لا بد لهذا النظام من السقوط: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[آل عمران: 140].

 

(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)[محمد: 38].

 

بارك الله لي ولكم …

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

إن الإنسان -أيها الإخوة- عليه حقوق وواجبات، وكذلك في المقابل له حقوق وواجبات، ولذا فيجب على الإنسان أن يعرف ما عليه من حقوق وواجبات والتزامات لغيره كي لا يقصر فيها، وكي لا يحاسب عنها، وكذلك في المقابل يجب على الإنسان أن يعرف ماله من حقوق وماله من التزامات من غيره له كي يطالب ويسأل عنها.

 

أيها المسلمون: الدين جاء ليقول للإنسان، كما أنك مطالب بحقوق وواجبات وأشياء تجاه أهلك وجيرانك والدولة التي تعيش فيها، كذلك فإن لك حقوقاً وواجبات وأشياء على زوجتك وجيرانك والدولة التي تعيش فيها.

 

ومع الأسف: أن غالب الكلام الذي نسمعه الآن عن الحقوق، أو عن الواجبات غالباً يكون الكلام عن الحقوق التي يجب عليك أن تؤديها، فنسمع من يقول: إنه يجب عليك تجاه أهلك: كذا وكذا، أن تعطيهم، وأن تهتم بهم .. وأن .. وأن ..

 

ويجب عليك تجاه جيرانك: كذا وكذا، أن لا تؤذيهم، وأن تزورهم، وأن تستر عيوبهم، وأن .. وأن ..

 

ويجب عليك تجاه الدولة التي تعيش فيها: كذا وكذا، أن تحترم النظام الفلاني، وأن لا تخالف النظام الفلاني، وأن .. وأن ..

 

وكل هذا طيب وجيد ومطلوب، لكن الأشياء والحقوق التي لي كإنسان، لماذا لا يُتحدث عنها؟ ولماذا قل من نسمع من يتكلم عنها؟ ولماذا تقطع ألسنة من يثير ويبين بعض الجوانب التي للإنسان من حقوق؟.

 

أنا مطلوب مني أن أفعل كل هذه الأمور وغيرها تجاه أهلي، ولهم حق عليّ.

 

لكن في المقابل أليست لي حقوق يجب أن توفى لي؟ فلماذا لا نتحدث عنها ونتكلم عنها ونثيرها في مجالسنا ومجتمعاتنا؟.

 

وكذلك الجيران أنا مطلوب مني أن أحفظ حقوقهم، وأكون آثماً عند الله -عز وجل- لو فرطت في حقوق الجيران، لكن في المقابل أليست لي حقوق يجب على جاري أن يؤديها إليّ؟ فلماذا يوجه الحديث إليّ، ولا يوجه مثله للجار؟.

 

كذلك الدولة التي يعيش فيها الإنسان، نعم مطلوب منه كفرد تحت ظل هذه الدولة، أو تلك أن يرعى حقوقها، وأن يحترم أنظمتها، ولا يخالف أوامرها.

 

لكن في المقابل أليس لهذا الإنسان حقوقاً عظيمة في عنق هذه الدولة، أو تلك يجب أن يأخذها كاملة غير منقوصة؟ فلماذا يكون الكلام دائماً على ما هو مطلوب من الفرد، ولا نسمع كلاماً على ما هو مطلوب وواجب على الدولة أن تقدمها للإنسان الذي يعيش تحت ظلها كإنسان؟.

 

لذلك -أيها الإخوة- ضمر الإنسان، وقلت أهميته، وصار ليس له قيمة، حتى صار عند هذا الإنسان قناعة، وصار يعتبر أن كل ما يقدم له إنما هو هدية وإحسان لا حق له فيه، هذا ليس من حقك، إنما هو تفضل عليك؛ وهذا خطأ كبير ومفهوم خاطئ يجب أن يصحح.

 

كذلك -أيها الإخوة-: لو أردت أن تعرف المجتمع الذي أنت تعيش فيه، أو البلد الذي أنت تسكنه في أي بقعة في العالم، لو أردت أن تعرف هل هذا المجتمع، وهذا البلد، يرعى حقوق الإنسان أم لا، فانظر إلى نفسك، لا تنظر إلى غيرك، انظر إلى نفسك هل تشعر أن لك قيمة في ذلك المجتمع أو ذلك البلد؟ هل أنت محترم ومقدر مجرد كونك إنسان، دون النظر إلى وظيفتك أو نسبك أو مكانتك الاجتماعية أو مالك الذي تملكه؟ مجرد كونك إنسان هل أنت مقدر محترم؟ لو كان كذلك فاعلم أن مجتمعك ذاك أو بلدك ذاك يرعى حقوق الإنسان.

 

ولو كان عكس ذلك لا تقدر ولا تحترم إلا لمجرد مالك أو جاهك أو نسبك، فاعلم أن حقوق الإنسان ضائعة في تلك البقعة من العالم.

 

من الخطأ: أن نتكلم عن الحقوق التي على الإنسان، ولا نتكلم عن الحقوق التي للإنسان؛ لأن المشكلة ليست مشكلة فرد، بل هي مشكلة الأمة، ومشكلة المجموع.

 

تصور أمة كاملة تسْلب حقوقها، وتسلب كرامتها، وتسلب ما أعطاها الله بنص الكتاب ونص السنة، ماذا يعني هذا؟

 

هذا يعني أن الأمة كلها قد سلبت إنسانيتها، والدين كله ما جاء إلا لحفظ حقوق الإنسان، والإنسان المسلم مقدر مكرم، ليس من حق أحد أن يعتدي عليه بقول أو بفعل.

 

إن إهدار حقوق الإنسان المسلم هو هدم للأمة في كثير من بلدان العالم الإسلامي؛ يعيش المسلم اليوم وضعاً لا يتناسب مع إنسانيته فضلاً عن دينه، فهو مطارد في طعامه، مطارد في شرابه، مطارد في عرضه، مطارد حتى في أمنه، لا يأمن على نفسه ولا على أهله، وكل هذا يغطي بشعارات طالما سمعناها مثل الحرية، والديموقراطية، والمساواة وغيرها.

 

إذا كان الله -عز وجل- يقول في كتابه: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)[التوبة: 6].

 

ثم أبلغه مأمنه وهو مشرك فكيف بحقوق المسلم المؤمن؟ ماذا تتصور حال الأمة لو فقد المسلم فيها قيمته كيف تريد منه أن ينفع؟ كيف تريد منه أن ينتج؟ كيف تريد منه أن يخلص في عمله وهو لا يشعر بأن النظام الذي هو خاضع له يحترم حقوقه ويقدره كإنسان؟ فكيف نطالبه بعد ذلك بالجد والتفاني في عمله، وهو يشعر أنه لا قيمة له ولا إنسانية له في الوسط الذي يعيش فيه؟

 

هذا الإنسان لا يكون إلا كلاً على مولاه، لا يأتي بخير؛ إذاً لا يستغرب الرشوة بعد ذلك، ولا يستغرب الاختلاسات، ولا يستغرب التهرب من المسؤولية على كافة المستويات، ولا يستغرب عدم الإخلاص والاستهتار في العمل لماذا؟

 

لأن الفرد صار يشعر بأن النظام يستهتر به، ولشعور الإنسان وتأكده في بعض الأحيان من اختلاس النظام له قبل أن يختلس هو، فماذا على الإنسان أن يفعل، ليس أمامه إلا الصبر، عسى الله أن يفرج عن هذه الأمة، وأن يعود للمسلم قيمته وكرامته التي منحه الله إياها.

 

هون عليك فكل الأمر ينقطع *** وخل عنك عنان الهم يندفع

فكل هم له من بعده فرج *** وكل أمرٍ إذا ما ضاق يتسع

إن البلاء وإن طال الزمان به *** فالموت يقطعه أو سوف ينقطع

 

وقال آخر:

 

إن الأمور ذا انسدت مسالكها *** فالصبر يفتق منها كل ما ارتتجا

لا تيأسن وإن طالت مطالبه *** إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجا

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته *** ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي ...

 

اللهم وعجل فرج هذه الأمة ...

 

 

المرفقات

الإنسان1

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات