عناصر الخطبة
1/ منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في تولية الشباب 2/ دلالات تعيين أسامة قائدًا للجيش 3/ وصايا ونصائح للشباب 4/ بماذا تقاس حياة الإنسان؟ 5/ من أبرز العوائق في طريق النجاح 6/ دور شهر رمضان في تعزيز الإيجابيات ومعالجة القصور والسلبيات.اقتباس
إياك أن تعيش بروح منهزمة، ونفس هزيلة، وهمة هامدة ..غيِّر من أسلوب حياتك، بادرْ لتنمية مواهبك، ابتكر شيئًا جديدًا، لا تكن تقليديًّا في نمطية تفكيرك، ولا سلبيًّا في رؤيتك، ولا سطحيًّا في اهتماماتك، ولا محدودًا في تطلعاتك، فالنجاح ليس يحده حد، والإنجاز ليس له عد. حذارِ من تقليد الآخرين فيما لا تُحسن! إياك أن تكون شخصية مُعلَّبة، أو ذا طريقة مُقولبة! نسخ ومسخ، وقص ولصق! كلا.. فدورك أكبر مما تظن، ومسئوليتك أعمق مما تتوقع، فخانتك لا يسدها إلا أنت، وزاويتك لا يملأها سواك!
الخطبة الأولى:
الحمد لله..
أيها الكرام: لم يكن يدور بخلد ذلكم الشاب الصغير أن يُقلَّد رتبة عسكرية كبيرة، يتولى من خلالها إدارة شؤون الجيش العسكري، للدولة الإسلامية، وأن ينضوي تحت لواءه هامات شامخة، وأسماء سامقة، يمثلون كبار القادة، وصانعي القرار، ومن لهم قدم سبق في تأسيس كيان الدولة.
لا تعجب فأنت في مدرسة محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي جعل من أسامة بنت زيد قائدًا لأضخم جيش في الدولة الإسلامية الأولى يضم بين جنباته رجالاً كأبي بكر وعمر!
إنها قصة فصولها لا تنتهي في ترسيخ العلاقة بين القائد الأعلى -صلى الله عليه وسلم-، وشريحة الشباب .
ويبرُز لك بجلاء هذا المعنى النبوي، والمنهج المحمَّدي، حين بَعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً إلى اليمن، وولاّه القضاء عليهم، فترة مُقامه فيهم، وهو بعدُ في مرحلة الشباب، وفي القوم من هو أسنُّ منه، في رسالة بارزة، ودِلالة واضحة، على ترسيخ هذا المفهوم التربوي، والخُلق المُصطفوي، لتأمير الشباب، ومنحهم المراتب العليَّة، وتبوأ المراكز القيادية، عبر زرع الثقة في نفوسهم، لبناء مجتمعهم، وصناعة مستقبلهم.
ولكم -أيها الكرام- أن تقرءوا ما بين الأسطر في هذا النص النبوي ليظهر لكم هذا المعنى في سؤال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ قبل مبعثه: «كيف تقضي بينهم؟»
فمنَحه ثقتَه! ولم يلقِّنه! بل استنطقه عن منهجه الذي سيسلُكه في قضائه ودعوته؟ فإن أصاب شجّعه! وإن كانت الأخرى صوَّبه!
ولذا جاء الجواب من معاذ -رضي الله عنه-: محققاً لما في نفس المعصوم -صلى الله عليه وسلم-: "أَقْضِي بَيْنَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ قَالَ: «فإن لم يكن في كتاب الله؟». قال: فبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو – أي: لا أقصر- قال: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدري، ثم قال: «الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله» (أخرجه أبو داود).
فيا أيها الشاب: إياك أن تعيش بروح منهزمة، ونفس هزيلة، وهمة هامدة ..
غيِّر من أسلوب حياتك، بادرْ لتنمية مواهبك، ابتكر شيئًا جديدًا، لا تكن تقليديًّا في نمطية تفكيرك، ولا سلبيًّا في رؤيتك، ولا سطحيًّا في اهتماماتك، ولا محدودًا في تطلعاتك، فالنجاح ليس يحده حد، والإنجاز ليس له عد.
حذارِ من تقليد الآخرين فيما لا تُحسن! إياك أن تكون شخصية مُعلَّبة، أو ذا طريقة مُقولبة! نسخ ومسخ، وقص ولصق! كلا .. فدورك أكبر مما تظن، ومسئوليتك أعمق مما تتوقع، فخانتك لا يسدها إلا أنت، وزاويتك لا يملأها سواك!
يا من رُمْتَ النجاح: لا تلتفت وراءك! فخلف كل ناجح أشباح موكلة بتخذيله، والحد من عزيمته، والسعي في قطع سيره، واعتصم بربك والتجأ إليه، واستعن به وتوكل عليه (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) [الفرقان: 58].
وتذكر وصية الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه- حيث قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "قل: اللَّهمَّ اهدني وسددني. واذكر بالهداية هداية الطريق، وبالسداد سداد السهم" (أخرجه مسلم).
أيها الشاب:
إن أغلب الناجحين في العالم يلتقون في زاوية واحدة، ألا وهي: الذكاء في استثمار ذاواتهم، مع ثقتهم بما يملكون!
فلا تفتش بعيدًا عن مفاتيح النجاح، ولا تُجهد عقلك بالتفكير فيما وُهب لغيرك!
فقط.. التفت لنفسك، واكتشف ذاتك، وراقب قدراتك، نَمِّها، شجِّعها، طوِّرها، حفّزها .. وستذهلك النتائج! وستُبهرك الحقائق!
وتذكر أن الذي لا يملك شيئاً يستحق الاحترام لن يلفت الأنظار، ولن يكون رقماً صعباً يتهاوى دونه ضِعاف الهمم، ولن يحفر اسمه على صخرة التاريخ .
صحَّ عن نبيك -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز" (أخرجه مسلم).
معادلة: حياة الإنسان لا تقاس بطول السنين، إنما بعرض الأحداث .
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية:
أيها المؤمنون: أيها الآباء والمربون: أيها الشباب الناضج:
إن من أبرز العوائق في طريق النجاح في تحقيق الطموحات ضعف العزيمة والإصرار، كيف لا ؟ وبعض أبناءنا وشبابنا منذ نشأته وعبارات التخويف تطرق أذنيه، وكلمات التحذير من خوض تجربة جديدة لا تنفك عن مسمعيه ..
يعيش أحدهم مُترددًا، مُتأخرًا، مُتقهقرًا، خطوة إلى الأمام، وأضعافها إلى الوراء!
صارت حياته تقليدية لا رُوح فيها، ولا جديد يُنعشها، حياة مكرورة، وتفاصيل مُمِلة ..
روي عن بعض السلف أنه قال: "من كان يومه مثل أمسه فهو مغبون، ومن كان يومه دون أمسه فهو محروم، ومن لم يتفقد الزيادة في عمله فهو في نقصان".
وبعد عباد الله: فإن نشأة بعض الناس على الخوف من خوض تجربة جديدة في حياته، تشكل جزءًا من شخصية الإنسان العربي الذي يميل "غالبًا" إلى عدم الرغبة في التغيير، والإبقاء على نمطية شخصيته، ومنهجية حياته، وطريقة معيشته، والناجح من يفرق بين التغيير والتطوير، فالتطوير لا يستلزم بالضرورة التغيير، إلا إذا كان لما هو أجود منه وأحسن، وقد قيل: "فاز باللذات الجسور"!
ألا وإن كثيرًا من الناس قد يجنح إلى عدم الرغبة في التغيير أو التطوير خوفًا من الوقوع في الخطأ! أو خشية من نقد الآخرين وذمَّهم، ومن عَلِم أنَّ من لا يعمل لا يُخطئ، شحَذ همته نحو مراقي السموّ، ومراتب العلوّ، وسنّ سكينه لذبح أوهام الخوف .
وها هو شهر الخير قد أقبل، فاغتنم أيامه ولياليه، بالطاعات والقربات، وتعزيز الإيجابيات، ومعالجة القصور والسلبيات، وتقويم الأخلاق والسلوكيات، وليكن نقطة انطلاق نحو التغيير والتطوير، وتحقيق الطموحات .
أخي الشاب الكريم: تذكر: أن السُّفن آمن ما تكون في المرسى، ولكنها لم تصنع لذلك!
ثم صلوا وسلموا ..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم