عناصر الخطبة
1/ أهمية قصص القرآن 2/ قصة أصحاب السبت وما فيها من الدروس والعبراقتباس
هذه قرية من قرى بني إسرائيل كانت على البحر، وكانت تعتمد على الصيد، وكان بنو إسرائيل قد عظموا السبت وقدسوه، وجعلوه خير أيام الأسبوع، فابتلاهم الله بيوم السبت، فحرم عليهم الصيد فيه، فكان الصيد في هذا اليوم...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
أيها المسلمون -عباد الله-: في قصص القرآن عبرة وعظة، ودروس بالغة، وحكم عظيمة، لم يقصها الله -سبحانه وتعالى- علينا إلا وفيها ما ينفعنا، إلا وفيها ما يحتاجه كل واحد منا، فقصص القرآن أحسن القصص وأكمله، قال الله -سبحانه وتعالى-: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف: 3].
ومن هذا القصص -أيها الأحباب-: قصة لقرية كانت على البحر قص الله -سبحانه وتعالى- شأنها في سورة الأعراف، وأشار إليها في سورة البقرة والنساء.
هذه القرية ابتلاها الله -سبحانه وتعالى- ووضعها في اختبار وامتحان، ففشل كثير من أهلها في هذا الاختبار وفي هذا الامتحان، ولم ينجوا منهم إلا القليل، قال الله -سبحانه وتعالى- حاكيا خبرها: (واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) [الأعراف: 163].
هذه قرية من قرى بني إسرائيل كانت على البحر، وكانت تعتمد على الصيد، وكان بنو إسرائيل قد عظموا السبت وقدسوه، وجعلوه خير أيام الأسبوع، فابتلاهم الله -سبحانه وتعالى- بيوم السبت، فحرم عليهم الصيد فيه، فكان الصيد في هذا اليوم ممنوعا عليهم، كانوا يخرجون في بقية أيام الأسبوع يبحثون عن الصيد فلا يجدونه، فإذا جاء يوم السبت تأتيهم الحتيان إلى قربهم وتظهر أمامهم: (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) [الأعراف: 163] ظاهرة يرونها أمامهم يمكنهم صيدها بسهولة، ولكنهم ممنوعون من هذا قد حرم عليهم الصيد في هذا اليوم، فإذا انقضى يوم السبت وجاء يوم الأحد اختفت هذه الحيتان، ولم تظهر إلى السبت الآخر فتعود مرة أخرى للظهور أمام أعينهم.
وكان هذا الابتلاء من الله -سبحانه وتعالى- لهم بسبب فسقهم، بسبب فجورهم، لم يبتليهم الله -سبحانه وتعالى- بهذا عبثا، ولا لأجل التضييق عليهم، ولكنهم كانوا يستحقون مثل هذه المعاملة، قال الله -سبحانه وتعالى-: (كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) [الأعراف: 163].
هكذا ابن آدم يجر على نفسه البلاء يجر على نفسه النكد والضيق في العيش والحياة، ولو أنه آمن بربه واتقاه، ولو أنه أطاعه وعمل بمرضاته، ليسر الله له أمره، وساق له رزقه، ولكنه طمع جشع، فلطمعه ولجشعه يبحث عن الحرام، فيضيق الله -عز وجل- عليه بسببه.
ظلت هذه القرية أياما وأسابيع على هذا الحال، لا يجدون الصيد، ونفوسهم تشتاق إليه حتى وسوس الشيطان لأحدهم فاحتال بحيلة، وأخذ أحبله وشباكه، ووضعها في مكان ورود الصيد، وكان هذا في يوم الجمعة ولم يعمل شيء يوم السبت، ثم جاء يوم الأحد، فإذا بالحيتان قد علقت في هذه الشباك فأخذها وأكلها.
مرة بعد أخرى وإذا بالناس يتسامعون بخبره، وأن فلانا قد صار يأكل السمك، فمن أين يحصل عليه، فجاؤوا إليه يسألونه، فأخبرهم بما فعل، وبدل أن ينصحوه، وبدل أن يعظوه ويذكروه، وبدل أن يمنعوه ويزجروه، إذا بهم يستحسنون فعله وصنيعه ويعجبون بحيلته فيقتدون به، ويسيرون على نفس طريقته، وكانت هذه بداية الكارثة والمصيبة.
شخص واحد -أيها الأحباب- يسن سنة سيئة بين الناس، فلا يجد من ينصحه، ولا يجد من يذكره، ولا يجد من يعظه، ولا يجد من ينهاه، بل يجد الناس قد تتابعوا على مثل فعله وقلدوه، واعجبوا بصنيعه، شخص واحد على مثل هذا الحال، يؤدي بأمة كاملة إلى الهلاك، فلما اقتدوا به، وتتابعوا على هذا الفعل، ولم ينهوه عن المنكر الذي فعله، حقت عليهم نقمة الله وعذابه، وحق عليهم سخط الله وغضبه، هذا الذي أخبر سبحانه وتعالى عنه في سورة المائدة حين تحدث عن بني إسرائيل فقال: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [المائدة: 78 - 79] فوجبت عليهم لعنة الله -سبحانه وتعالى- وغضبه، ولكن كانت هناك بقية من الناس، كانت هناك بقية من الخير فيهم في فئة منهم لا زال الإيمان في قلوبهم وخوف الله -عز وجل- في أفئدتهم، فأخذوا يعظونه وينصحونه ويذكرونهم، قالوا: يا قوم أنتم الآن تفعلون ما نهيتم عنه؟ قالوا: لا إنما نضع شباكنا يوم الجمعة، ثم نأتي ونأخذها يوم الأحد وأما يوم السبت فلا نصطاد فيه شيئا.
قالوا لهم: وهل الصيد إلا ما فعلتم؟ وهل الصيد إلا وضع الشباك؟! لتقع الحيتان فيها: يا قوم إنكم تتحايلون على من؟! يا قوم أنتم تخدعون من؟ تخدعون رب العالمين! تتحايلون على من يعلم ما في الصدور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، تتلعبون بدين رب العالمين -سبحانه- تظنون أن هذا سينجيكم، تظنون أنكم بخداعكم هذا ستسلمون من عذاب الله.
فلا زالوا ينصحونهم ويذكرونهم ويعظونهم، ولكن لا فائدة في قوم قد ملئت الشهوة نفوسهم وقد استحوذ عليهم الشيطان.
الغريب في الموضوع -أيها الأحباب- أنه كانت هناك مجموعة ساكتة صامتة لم تتكلم ولم تتحدث ولم تنصح، ولم تنكر، فحين جاء هوؤلاء الناصحون لينصحوا، وحين جاء هؤلاء المذكرون ليذكروا، إذا بهم يتكلمون ويقولون لهم: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ) [الأعراف: 164] يقولون لهم: لماذا تنكرون؟ لماذا تنصحون هؤلاء؟ هؤلاء سيعذبهم الله وينتهي أمرهم فلا حاجة إلى النصيحة.
هكذا حال كثير من الناس في كثير من الأزمنة يسكتون على الباطل، ويقرون الخطأ ولا يتكلمون، فإذا جاء من ينصح ويذكر نطقت ألسنتهم وأخذوا يلومون الناصحين ويقولون: لم تنصحون؟ لا فائدة من النصيحة؟ دعوهم وربهم، لا شأن لكم بهم؟ وهكذا يثبطون ويضعفون من عزائم الناصحين، وكان الأولى بهم أن يوجهوا كلامهم هذا إلى المخطئين، كان الأجدر بهم أن يوجهوا نصحهم هذا إلى المتلاعبين لدين الله، لا أن ينكروا على هؤلاء الناصحين.
ولكن اسمعوا إلى جواب هؤلاء المؤمنين ماذا قالوا لهؤلاء المثبطين؟
(قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف: 164] نحن ننصح لأجل أمرين اثنين:
الأمر الأول: أن يكون هذا عذرا لنا عند الله -سبحانه- أن نعذر إذا وقفنا بين يدي الله، إذا سألنا ربنا: رأيتم الشر والفساد، رأيتم المنكر فماذا فعلتم؟ وماذا كانت ردة فعلكم؟
فنقول: يا ربنا نصحنا وذكرنا ووعظنا وبينا، وفعلنا ما نستطيع، والناس لم يستجيبوا بعد ذلك، فنحن فعلنا ما أمرت به وهم أمرهم إليك.
والأمر الثاني: لعل هؤلاء المنصوحين أن يرتعدوا لعلهم يتعظوا لعلهم أن ينزجروا، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فليس هناك قلب مطبق تماما إلا من ختم الله -عز وجل- عليه، وهذا علمه عند الله، وأما الإنسان فإنما عليه أن ينصح ويذكر ويبذل النصيحة لكل إنسان، وما بعد ذلك أمره إلى الله -سبحانه وتعالى- والهداية بيد الله -عز وجل-، ولكن لا تمنع النصيحة من أي إنسان مهما كان فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- وهم خير الناس بعد الأنبياء كانوا على الشرك والكفر، وكان منه من يحارب دين الله، وكان منهم من قاتل رسول الله، وكانوا منهم من قاتل من صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفعل بهم الأفاعيل، ولكنه بعد ذلك هداه الله -سبحانه وتعالى- ووفقه وألهمه رشده وصوابه، فعاد إلى الحق، وفآء إليه، وكما قال الله -سبحانه وتعالى-: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) [الشورى: 48].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليرسله على الدين كله وكفى بالله شهيدا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما مزيدا.
وبعد:
أيها الأحباب الكرام: يقول الله -سبحانه وتعالى-: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) [الأعراف: 165].
(فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ) أي تركوا ما ذكروا به، وأعرضوا عن النصيحة ولم يقبلوها: (أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) نجا الله -سبحانه وتعالى- الناصحين، نجا الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين الذين لم يسكتوا عن الباطل ولم يرضوا بالخطأ ولم يقروا المنكر، أنجاهم الله -سبحانه وتعالى- وهذا جزاؤهم وثوابهم في الدنيا قبل الآخرة، فالذين يعظون وينصحون ويذكرون ينجيهم الله -سبحانه وتعالى- في الدنيا والآخرة، قال الله -عز وجل- في شأن مؤمن آل فرعون الذي أخذ ينصح قومه ويذكرهم ويدعوهم إلى الله -سبحانه وتعالى- فلم يلق منهم استجابة ولا قبولا، قال الله -سبحانه وتعالى- عن شأنه في آخر الأمر: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) [غافر: 45].
نجا الله -سبحانه وتعالى- هذه الفئة: (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ) ما هو هذا العذاب البئيس؟
العذاب الشديد، قال الله -عز وجل-: (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) مسخهم الله إلى قردة، أصبح الناس في الصباح يبحثون عن هؤلاء الذين كانوا بجوارهم يساكنونهم، يبحثون عنهم، فإذا أبوابهم مغلفة، ونوافذهم مغلقة، وليس لهم حس ولا خبر، ولم يسمع لهم صوت، ولم يروا لهم أثرا، فأخذوا يبحثون عنهم، يطرقون أبوابهم ففتحوها عليهم، فإذا هم قد مسخوا إلى قردة -والعياذ بالله-.
حولهم الله -عز وجل- من الصورة الإنسانية إلى الصورة الحيوانية؛ لأن قلوبهم قبل ذلك قد مسخت فاستحقوا أن تمسخ صورهم وأجسادهم، مسخت هذه القلوب حين ضعفت أمام شهواتها ونزواتها ورغباتها، حين لم تحكم عقلها الذي وهبها الله -عز وجل- إياه لتميز به بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
مسخت حين لم تتغلب إرادتها على شهوتها، فلم تتمالك نفسها، فالله -عز وجل- إنما ميز الإنسان بعقل يهديه، وإرادة تقوده وتتملك زمامه، فإذا غيب عقله وعطله، وضعفت إرادته أمام شهوته صار أقرب إلى الحيوان الذي لا رادع له ولا زاجر، والذي لا يوقفه شيء أمام تحصيل شهوته ورغبته، فالإنسان الحقيقي هو الإنسان الذي يعمل بعقله، ويحكم لجام نفسه يطيع ربه، ويمتثل لأمره، وأما من انقاد وراء نفسه، فصورته صورة ممسوخة، وحقيقته حقيقة منقوصة، وهو أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان، ولهذا استحق هؤلاء أن يمسخهم الله -سبحانه وتعالى- إلى قردة وحيوانات.
أما هؤلاء فقد مكثوا أياما ثم هلكوا، ولم يبق منهم أحد، ولم يخلفوا نسلا ولا ذرية، سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن القردة والخنازير: هل هي من نسل هؤلاء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "ما مسخ الله -تعالى- من شيء فكان له عقب ولا نسل" أي أن الذين يمسخهم الله -سبحانه وتعالى- لا يكون لهم ذرية، ولا يكون لهم نسل، بل يهلكون فتنقطع ذريتهم، ولا يبقى لهم عقب أبداً.
هلك هؤلاء -أيها الأحباب- وبقيت قصتهم لتكون عبرة وعظة لمن بعدهم، قال العلماء: "في هذه القصة بيان لشدة خطورة التحايل والتلاعب بدين الله -سبحانه وتعالى- والالتفاف على أحكام الرب -عز وجل- وقد كانت هذه من أبرز أوصاف اليهود، قال صلى الله عليه وسلم: "لا ترتكبوا ما ارتكبته اليهود قبلكم، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل".
لا تفعلوا كما فعلت اليهود فتحرفون دينكم، وتغيرون شريعتكم، وتتلاعبون بدين الله، تحت أسماء، وتحت حيل وألاعيب، فتغيرون حقيقة هذا الدين وتبدلونه، وهذا الذي حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- قد وقع فيه للأسف الكثير من هذه الأمة، فصاروا يستحلون المحرمات، ويأكلون السحت، ويتجرؤون على الموبقات، ويعتدون على الحقوق،كل هذا بحيل وألاعيب يظنون أنهم بهذا يخدعون رب العالمين، ويظنون أنهم بهذا يسلمون من العقاب، وينجون من العذاب، ويظنون أنهم بهذا لم يخالفوا أمر ربهم -سبحانه وتعالى-، والله -عز وجل- لا يخدع أبداً، والله -عز وجل- يعلم حقائق الأمور، والله -عز وجل- يعلم ما تكن الصدور، ولا يستطيع أحد أبداً أن يغش رب العالمين أو أن يخدعه.
فالمؤمن التقي هو الذي يراقب ربه، المؤمن التقي هو الذي يخاف إلهه، المؤمن التقي هو الذي يعلم أنه إن خدع الناس اليوم فلن يخدع رب العالمين أبداً، المؤمن التقي هو الذي يبحث عن الامتثال لأمر الله والانقياد لشرعه ودينه، ولا يبحث على الالتفاف عليه، والتحايل والتلاعب به.
والذي يناله اليوم بالحيلة المحرمة غدا سيكون عليه عذابا وعقابا -والعياذ بالله-.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يصلح أعمالنا، نسأله سبحانه وتعالى أن يصلح نياتنا وأقوالنا، أسأله سبحانه وتعالى أن يهدينا سبل الرشاد.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم