قتل أصحاب الأخدود

راكان المغربي

2023-10-20 - 1445/04/05 2023-11-06 - 1445/04/22
عناصر الخطبة
1/تأملات في قصة أصحاب الأخدود 2/ الإيمان منزلة عالية، ورتبة رفيعة 3/سعادة الشهداء 4/شتان بين فوز الطغاة وفوز المؤمنين 5/ الصراع صراع عقيدة.

اقتباس

الصراع صراعُ عقيدة، والمعركة معركةُ إيمانٍ وكفر؛ فأممُ الكفرِ لا تنقِمُ على أهل الإيمان إلا أنهم آمنوا باللهِ العزيزِ الحميد. فليس الصراعُ على مجردِ نزاعاتٍ جغرافية، أو مصالحَ اقتصادية، وإنما هو صراعٌ من أجلِ العقيدة...

الخُطْبَة الأُولَى:

 

أما بعد:

مشهدٌ قاتمٌ، وحادثٌ أليمٌ، تتقطّعُ له القلوبُ كمداً وحسرةً.

شُقَّتِ الأرضُ أخاديدا، ومُلئتْ وَقوداً، وأُلهبتْ نيراناً.

 

والمؤمنون يقفون صفوفاً، كلٌّ ينتظرُ دورَه ليُلقَى في الأخدود، فيشتعلُ الجسدُ ناراً، ويستحيلُ اللحمُ والعظمُ رماداً.

 

هذا شيخٌ يرجُف، وتلك امرأةٌ ترتعد، وذاك طفلٌ يصرخ، وهناك رجلٌ مقهورٌ ليس بيدِه حيلةٌ ليرفعَ العذابَ عن نفسه وعمن حولَه.

 

والطغاةُ الجبابرةُ قائمون على الأخدود، يشهدون تلكَ المشاهد، ويستمتعون بتلكَ الآلام، ويتبادلون الضَحَكَات بلا رحمةٍ ولا شفقة، قد قست قلوبُهم فصارت صخوراً، فهم في سُكْرِ العربدةِ يعمهون.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[البروج: 1-9].

 

ذلكم هو خبرُ أصحابِ الأخدود، الذين رأوا جموعاً آمنت بالله العزيز الحميد، فما كان من ملكِهمُ الجبار، إلا أن خدَّ لهم الأخاديدَ، وأضرمَ فيها النيران، وقال لجنوده: "مَن لَمْ يَرْجِعْ عن دِينِهِ فأَحْمُوهُ فِيهَا".

 

ولكنّ تلك الحيلةَ لم تنطلِ على الفئةِ الصادقةِ، فصمدوا على طريقِ الإيمان، وثبتوا في سبيلِ الحق، فلم يزعزعْهم التهديد، ولم يهزَّهم التخويف، حتى قدموا نفوسَهم رخيصةً في سبيل الله.

عباد الله: إن الإيمانَ منزلةٌ عالية، ورتبةٌ رفيعة، من أراد أن يصل إليها فلا بد أن تعترضَه الفتنُ فيتجاوزَها، وتواجهَه العقباتُ فيقتحمَها، وينالَ نصيبَه من المحنِ فينجحَ في اختباراتها. يقول الله -سبحانه-: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)[العنكبوت: 1- 3].

 

حين آمَن المؤمنون في قصةِ الأخدودِ تحت بطشِ الملكِ الجبار، كانوا يوقنون بأن العقابَ قادم، والبطشَ آتٍ لا محالة. لكنهم اختاروا الطريقَ بوعيٍ، وسلكوه بصدقٍ وإيمان.

 

إيمانٌ بأن الدنيا فانية، وأن الآخرةَ باقية. إيمانٌ بأن العاقبةَ عند الله للمتقين، وأن العوضَ سيأتيهم من عندِ أكرم الأكرمين، وأنه لا خيرَ في طاعةِ المجرمين.

 

وحين آمنوا بذلك هانت الدنيا في أعينِهم، ورسَخَتِ الآخرةُ في قلوبهم، وأيقنوا أن رضوانَ الله أغلى من حياتِهم. لقد ضحّوا بكلِّ شيءٍ من أجل سلوكِ طريق الحق، وقدّموا نفوسَهم سلعةً يشتريها الله، فربحوا البيعَ، وفازوا بأعظمِ الثمن (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التوبة: 111].

 

ولا يغرنَّكم ذلك المشهدُ القاتم، مشهدُ تَحَرُّق الأجساد، وتَقَطُّع الأشلاء، فإننا ما نرى في دنيانا إلا جزءاً يسيراً من المشهدِ لا تكتملُ به الصورة. وذلك أن هؤلاء الذين نحزنُ عليهم يرون ما لا نرى، وينعمون بما لا نشعر.

 

(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 169- 171].

 

آهٍ لو اكتملت لنا الصورة، ورأينا كلَّ المشهد!

إن الشهيد عندما يُقتلُ في سبيل الله، يذوقُ من النعيم ما لا نتصوّرُه ولا نتخيّلُه، حتى إنه بعد دخولِ الجنةِ والعيشِ في نعيمِها العظيم، يتمنى أن يرجعَ إلى الدنيا!

 

تعلمون لماذا؟

لا ليذوقَ متاعَها الفاني، وإنما ليذوقَ لذةَ القتلِ في سبيل الله مرةً بعد مرة. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا وله ما علَى الأرْضِ مِن شيءٍ إلَّا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا، فيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِما يَرَى مِنَ الكَرامَةِ".

 

وأما الطرفُ الآخر!

تلك الطُّغْمَةُ الفاجرةُ، الذين ظنوا أنهم انتصروا في المعركة، فتعالت ضَحَكَاتُهم، ورقصوا على مناظرِ الدماءِ والأشلاء. أولئك ما غَفِلَ اللهُ عن إجرامِهم، ولا نسيَ طغيانَهم، ولكنه يمهلُهم ليزدادوا إثماً على إثم، فيذوقوا العذابَ ضعفاً على ضعف.

 

نعم لقد كسبوا جولةً من المعركة، ولكن بقيَ في المعركةِ جولاتٌ وجولاتٌ، يقفون فيها بين يدي الله، فيذيقهم من البأسِ والبطشِ ما لا يطيقون ولا يحتملون.

نعم لقد عذّبوا المؤمنين بالحرق في الدنيا، ولكنه عذابٌ لم يستغرقْ إلا دقائقَ معدودةً حتى فاضت أرواحُهم الطاهرة. أما الطغاةُ فينتظرهم حرقٌ لا يُحَدُّ بوقتٍ ولا بزمن، حريقٌ خالدٌ يمكثون فيه أبداً، لا يُفتّرُ عنهم ولا يخففُ عنهم فيه يوماً من العذاب.

 

تلك هي نهاية المعركة! فمن هو الفائز بالله عليكم؟!

(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)[البروج: 9- 10].

 

(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)؛ لقد فاز المؤمنون في النهاية، فازوا بالنجاحِ في امتحانِ الصدق، والثباتِ على الإيمان في الدنيا، وفازوا بجناتِ النعيمِ في الآخرة.

 

وأما فوزُ الطغاةِ في الدنيا، فهو فوزٌ خادعٌ، وانتصارٌ زائفٌ، تعقُبُه خسارةُ الأبدِ، وعذابُ الخلود. (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ * بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ)[البروج: 12- 22].

 

وفي آيات أخرى يقول -سبحانه-: (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ)[آل عمران: 196- 198].

 

بارك الله لي ولكم..

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد:

عباد الله: ومما نستلهمه من سورة البروج من قول الله -تعالى-: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)[البروج: 8]؛ أن الصراعَ صراعُ عقيدة، وأن المعركةَ معركةُ إيمانٍ وكفر. فأممُ الكفرِ لا تنقِمُ على أهل الإيمان إلا أنهم آمنوا باللهِ العزيزِ الحميد. فليس الصراعُ على مجردِ نزاعاتٍ جغرافية، أو مصالحَ اقتصادية، وإنما هو صراعٌ من أجلِ العقيدة.

 

تلك سنةٌ لأهلِ الكفر ماضية، وعادةٌ لهم جارية. يقول سبحانه: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)[البقرة: 217]. هذه هي غايةُ أممِ الكفر، أن يرتدَّ المؤمنون عن إيمانهم، وأن يتخلَّوا عن عقيدتِهم، وأن يُنَحّوا عن وحي ربهم. فإن فعلوا ذلك فعندها ستصفو لهم نفوسُ أممِ الكفر، وسيكسَبُون رضاهم ووُدَّهُم، ولكنهم سيخسرون ما هو أعظمُ من ولاية الله ونصره. يقول الله -سبحانه- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا)[الإسراء: 73- 75].

 

إنها حربٌ مستعرةٌ، ومعركةٌ مشتعلةٌ، فالفائزُ من اصطفَّ في صف أهل الإيمان، والخاسرُ من تولَّى أهلَ الكفر فخابَ مع الخائبين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[المائدة: 50- 56].

 

اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، مجريَ السحاب، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هازمَ الأحزاب، اللهم اهْزِمِ أحزاب الكفر، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ.

 

اللهم نجّ المستضعفين من المؤمنين في فلسطين، اللهم كن لهم مؤيدًا ونصيرًا، وظهيرًا ومعينًا.

 

ربنا أفرغ عليهم صبرًا، وثبّت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين.

 

 

المرفقات

قتل أصحاب الأخدود.doc

قتل أصحاب الأخدود.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات