فُتُوحُ الشَّامِ/ مّعْرَكَةُ أَجْنَادِينَ/ أَمِيرُ الدَّهَاءِ

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16

اقتباس

كان يقود الحامية الرومية بـ (أجنادين) رجل اسمه (الأرطبون) ويعد من أدهى قادة (الروم) وأبعدهم غوراً، وأنكاهم فعلاً، وأشدهم بغضاً للمسلمين الذين حطموا الكبرياء الروماني تحت أقدام خيولهم، ونصال سيوفهم، فلما وصل الخبر للخليفة (عمر بن الخطاب) قال كلمته الشهيرة: " لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب "

 

 

 

 

تصحيح تاريخي:

 

مما يجب الإشارة إليه -قبل سرد أحداث هذه المعركة- أنها مذكورة فى كتب التاريخ مرتين: بأحداث مختلفة،  وسياق مختلف، وفي أوقات مختلفة، ولكن تحت نفس المسمى، ونفس القيادة: (عمرو بن العاص) ومع نفس العدو: ( الروم )، وهذا أدى بالكثيرين إلى أن يجعلوهما معركة واحدة، أو يحدث عندهم نوع خلط ودمج بين المعركتين، أو حتى يعرضوا بالكلية عن ذكر إحداهما؛ اكتفاء بالأخرى؛ حتى صارت هذه المعركة من ألغاز التاريخ، ولذلك وجب الفصل بين أحداث المعركتين بسرد كلتيهما فى نفس المكان، مع المقارنة بينهما حتى يتضح الفارق، خاصة أن كلتيهما بها الكثير من الفعاليات والعبر والعظات .

 

أجنادين الأولى (28 جمادى الأولى 13 هـ):

 

بعد أن انتهى المسلمون من القضاء على حركة الردة التى نجمت إثر وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تفرغوا بعدها لمهمتهم الأولى؛ وهى نشر دعوة الإسلام فى أرجاء المعمورة، فانطلق الأسد الضاري ( خالد بن الوليد ) إلى أرض (العراق) يزيح عن أهلها وطأة الفرس، ويطفئ نارهم، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، ومن بعد (العراق) كانت (الشام) وهي الأحب للمسلمين، وبالفعل شرع الخليفة الراشد (أبو بكر الصديق) فى إعداد الجيوش واستدعاء القادة الكبار، وأبطال الإسلام؛ لنيل شرف فتح بلاد (الشام)، ونشر دعوة الإسلام بها، فجاء (عمرو بن العاص) و (يزيد و معاوية ابنا أبي سفيان) و (الوليد بن عقبة) و (خالد بن سعيد) و (شرحبيل بن حسنة) هذا بالإضافة لقائدهم (أبي عبيدة بن الجراح) .

 

 

نصيحة الصليبي:

 

كانت المدينة يطرقها التجار والجوال من أهل البلاد الأخرى؛ للتجارة وغيرها؛ فوافق إعداد الجيوش المسلمة لغزو (الشام)؛ وجود أحد النصارى العرب من أهل (الشام) بالمدينة للتجارة؛ فرأى وسمع عن الإعداد للغزو فعاد –مسرعاً- إلى بلاد (الشام)، وكان (هرقل) ملك الروم فيها يحج بيت المقدس، ويستجم فى (دمشق) فطلب هذا العربي المتنصر الإذن فى الدخول على (هرقل)؛ ليخبره وينصحه عما يعده المسلمون؛ فدخل عليه وقص عليه الخبر، وكان (هرقل) أعلم أهل الكتاب وقتها؛ فلما سمع الخبر قال -واسمع ما قال-:" إن هذا الأمر لا يتم إلا لرجل منهم طوال كالأسد الوثاب -وذكر صفة (عمر بن الخطاب)- وعندها شهق العربي المتنصر شهقة عظيمةً كادت أن تخرج معها روحة وقال: هذا والله الذي يسير معه ويصحبه في كل موطن واسمه (عمر بن الخطاب)، وعندها أصدر (هرقل) قراراً عاماً بالتجنيد الإلزامي على عرب (الشام) النصارى، وأعد جيوشاً جرارةً من الروم وحلفائهم من العرب، وجعل القيادة العامة للجيوش المتحالفة لتلميذه (سقلاب).

 

وانظر إلى هذا التناصح الذي يقوم به أعداء الإسلام فيما بينهم ضد المسلمين، وشعورهم بأنهم نسيج واحد رغم أن هذا العربي الناصح لا توجد روابط بينه وبيــن (هرقل) إلا الدين فـ (هرقل) ليس عربياً، وأيضاً هو محتل للشام، ولكن انظر إلى عقيدة الولاء والبراء التى يطبقها أعداء الإسلام فيما بينهم، وننساها نحن، فهذا العربي يرفض حكم العرب له، ويؤثر حكم الأعاجم له؛ لاتفاق العقيدة، فهل وعى المسلمون هذا الكلام؟ وهل أفاقوا من تخدير الشعارات العفنة: مثل القومية، والعروبة، وغير ذلك من الشعارات الباطلة، والتي هوت بالأمة للحضيض.

 

أول الجيوش المسلمة:

 

كان أول جيش مسلم وصل للأراضي الشامية -بعد جيش الاستطلاع الإسلامي، والذي كان يقوده (خالد بن سعيد)- هو جيش (عمرو بن العاص) المتوجه إلى (فلسطين) وكان الجيش الرومي المكلف بمواجهة المسلمين فى تلك المنطقة مرابطاً فى منطقة (أجنادين) بـ (وادي العربات) من (غور فلسطين) -يقع في الأردن الآن- ويقوده القائد الرومي (القبقلار) -بفتح القاف الأولى والثانية-  وكان (الروم) –وقتها- لا يولون قيادة الجيوش إلا أعلمهم بالكتاب، ومن يحظى برضا القساوسة والرهبان عليه، وكان –أيضاً- عاقلاً حكيماً، فلما سمع بنزول المسلمين إلى (الشام) أراد أن يتعرف على هؤلاء الوافدين الجدد؛ حيث لم يكن قد اشتبك معهم من قبل، فأرسل عربياً من أهل ( الشام )؛ ليندس فى معسكر المسلمين حتى يأتيه بالأخبار؛ فدخل الجاسوس العربي ومكث فيهم يوماً وليلةً، ثم عاد -سريعاً- وقال للقائد الرومي كلاماً أفزعه بشدة قال له: بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق فيهم ابن ملكهم قطعوه، ولو زنى رجموه لإقامة الحق فيهم؛ فقال (القبقلار): إن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من ظهرها ومن لقاء هؤلاء عليها، لوددت أنَّ حظِّي من الله أن يخلي بيني وبينهم فلا ينصرني عليهم ولا ينصرهم علي.

 

ونحن نقول: وهل ينتصر إلا أمثال هؤلاء؟ وهل تعود للأمة كرامتها إلا على أيدي هؤلاء؟ رهبان الليل وفرسان النهار الذين تفتقدهم الأمة الآن؛ إن مجرد ذكر هؤلاء يلقي الرعب فى قلوب الأعداء؛ حتى إن الواحد منهم يتمنى ألا يلقى المسلمين في ميادين القتال، أما الآن فنحن كما يقال عنا: صديق لا فائدة منه، وعدو لا يخاف منه: أي صديق لا ينفع وعدو لا يضر.

 

الصدمة المرعبة:

 

كان أنس -رضي الله عنه- يقول: "كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يثبت لهم أحد فى القتال فواقة ناقة" من شدة هجمتهم وقوتهم في القتال، وهذا ما طبقه القائد (عمرو بن العاص) حيث لم يمهل عدوه كثيراً، بل انقض بالمسلمين كالأسود الكواسر فى ضراوة أفزعت (الروم)، حيث هذا القتال كان أول لقاء وصدام مسلح بين المسلمين و(الروم) في بلاد الشام، ومن قبل كان الصدام بين السرايا الخفيفة باستثناء مؤتة، وكشر المسلمون عن أنيابهم، وكانت الصدمة مرعبة لدرجة جعلت قائد الروم (القبقلار) يقول لمن معه: لفوا رأسي بثوبي هذا. فقالوا له: ولم؟ قال: هذا يوم البئيس ما أحب أن أراه، ما رأيت في الدنيا يوماً أشد من هذا اليوم، واجتز المسلمون رأسه وإنه لملفف.

 

شد المسلمون على (الروم) بكل قوة، وأبدى أبطال المسلمين نوادر رائعة فى الشجاعة والفداء، فلقد وقف (الروم)على مضيق بين جبلين؛ ليمنعوا تقدم المسلمين؛ فبرز لهم-بمفرده -الصحابي الجليل (عمرو بن سعيد بن العاص)، وكان من الأولين، ومن مهاجري الحبشة، واشتبك –وحده-مع (الروم)، وظل يقاتلهم حتى أزالهم عن المضيق، ثم استشهد -رحمه الله-عند المضيق تماماً، فلما أراد المسلمون العبور؛ أحجموا خشية أن يطأوا جثته بحوافر الخيل؛ فقال لهم القائد (عمرو بن العاص): "لقد صعدت روحه إلى الجنة، وإنما هو جثة لا يشعر بشيء ". فعبر المسلمون على جثته وتبعوا (الروم) حتى هزموهم شر هزيمة، ثم عاد (عمرو بن العاص) ونزل من على فرسه، وجمع أشلاء الشهيد، وقام بتغسيلها، وكفنها، ثم دفنها.

 

وهذا من فقه القائد الذي يعرف قياس المصالح والمفاسد، وكيفية تطبيق وتنزيل الأحكام الشرعية على الوقائع، وما أحوجنا لقادة من هذا النوع.

 

واستشهد في هذه المعركة رجال من الأولين مثل (نعيم بن عبد الله النحام)، وكان إسلامه قبل إسلام (عمر بن الخطاب) وأيضاً (عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب) بعد أن قتل مائة من أبطال (الروم) مبارزة واشتباكاً، ثم استشهد -رحمه الله-وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، وكان هذا النصر فاتحة للنصر الأكبر يوم (اليرموك).

 

أجنادين الثانية (صفر 15 هـ):

 

بعد أن حقق المسلمون انتصاراتهم الهائلة فى الجبهة الشامية، وفتحوا معظم مدنها الكبار أمثال (دمشق)، و (حمص)، و (قيسارية)، و (حلب)، و (بعلبك)، وغيرها، وبعد أن تشرذمت معظم القوة الرومية بعد معركة انحازت فلول من (الروم)  الساخطين على هزائمهم المتتالية من المسلمين، وتجمعوا فى ثلاث نقاط مثلت بؤراً ملتهبة؛  لمحاولة إحياء التحالف الروماني العربي النصراني، وهذه البؤر كانت فى (أجنادين) و (غزة) و (بيسان)، واتخذ القادة المسلمون قراراً بحتمية تصفية الوجود الرومي فى تلك البؤر قبل أن يستفحل خطرها، ولا يتدارك أمرها.

 

تمثلت خطة تصفية الوجود الرومي فى عزل منطقة غزة  -الكبيرة -نسبياً-والقريبة من حدود مصر التى كانت وقتها مازالت تحت الاحتلال الرومي-  عن منطقة (أجنادين)، و (بيسان)، ثم توجيه الجيوش المسلمة إلى كل نقطة على حِدة، فتوجه (عمرو بن العاص) إلى (أجنادين)، وتوجه (شرحبيل بن حسنة) إلى (بيسان)، وما لبث (شرحبيل) حتى فتح (بيسان) بمنتهى السهولة.

 

أرطبون الروم وأرطبون العرب:

 

كان يقود الحامية الرومية بـ (أجنادين) رجل اسمه (الأرطبون) ويعد من أدهى قادة (الروم) وأبعدهم غوراً، وأنكاهم فعلاً، وأشدهم بغضاً للمسلمين الذين حطموا الكبرياء الروماني تحت أقدام خيولهم، ونصال سيوفهم، فلما وصل الخبر للخليفة (عمر بن الخطاب) قال كلمته الشهيرة: " لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب "، فانظروا عم تنفرج " وضرب (عمرو) حصاراً شديداً على (أجنادين) ولكن (الأرطبون) صمد هو الآخر بشدة؛ فلم يستطع (عمرو) أن يعرف للأرطبون ثغرة؛ لشدة دهائه وذكائه، أما الجواسيس الذين يرسلهم (عمرو بن العاص) فلم يستطيعوا نقل ما يشفي صدره، ويمكنه من هزيمة (الأرطبون)، فقرر (عمرو) القيام بعمل جريء، لا يقدم عليه إلا من هو مثله.

 

قرر (عمرو) دخول الحصن بنفسه على هيئة سفير من قبل قائد المسلمين؛ ليستطع الدخول والنظر داخل الحصن، والتعرف على ثغراته، وكيفية اقتحامه، وبالفعل دخل الحصن، وتكلم مع (الأرطبون) وتفاوض معه، وأثناء ذلك تأمل الحصن –جيداً- حتى عرف ما أراد ولكن (الأرطبون) الداهية توسم فيه أنه (عمرو بن العاص)، أو على أدنى تقدير هو ساعده الذى يشير عليه؛ فأمر جندياً من الجيش أن يكمن لـ (عمرو) أثناء خروجه، ويقتله غيلة، فلما هم (عمرو) بالخروج قال له أحد عرب (الشام) –وقد عرف غدر (الأرطبون) -: " أحسن الخروج كما أحسنت الدخول"، وكانت مجرد إشارة فهمها مباشرةً أمير الدهاء (عمرو بن العاص)، فعاد مرة أخرى إلى (الأرطبون) وقال له: "يا أيها الأمير قد سمعتَ مني،  وسمعتُ منك، و قد وقع قولك مني موقعاً، وأنا واحد من عشرة، بعثنا الخليفة إلى هذا الوالي –(عمرو بن العاص) –؛لنشير عليه ويشهدنا أموره، فإن شئتَ رجعتُ فآتيك بهم الآن، فإن الذي عرضت عليَّ الآن فقد رآه الأمير وإن لم يروه رددتهم إلى مأمنهم، وكنت على رأس أمرك". فقال (الأرطبون) –وقد سال لعابه أن يوقع بالعشرة –كما يظن –دفعة واحدة-: نعم، وأرسل للمتربص بعمرو أن يكف عنه حتى يمر؛ فانطلق (عمرو) من عنده وفطن (الأرطبون) بعدها للأمر، وعلم أنها خدعة قد خدعه بها (عمرو بن العاص)، فقال كلمته الشهيرة: لقد خدعني الرجل، هذا أدهي خلق الله.

 

ما أقدم عليه ابن العاص لهو قمة التضحية والشجاعة والفطنة، إذا كيف يقدم قائد جيش عادة ما يتولى التخطيط والتنظيم على مثل هذه العملية الفدائية البطولية والمحفوفة بالمخاطر، ولكنهم صحابة النبي -صلي الله عليه وسلم-الذين تربوا علي يد أشجع الخلق.

 

عرف (عمرو) ما يريده من كيفية اقتحام الحصن، ووضع الخطة اللازمة لذلك، ونهض ومن معه على الحصن، وهاجموا (الروم) الذين استماتوا في القتال، وكان القتال يومها شبيهاً بقتال (اليرموك) من كثرة القتلى من الجانبين، وصبر المسلمون صبراً بليغاً، حتى فتح الله -عز وجل-عليهم، وانهزم (الأرطبون) ومن معه إلى بيت المقدس، ونزل (عمرو بن العاص) والمسلمون بـ (أجنادين)، وكان هذا الفتح تقدمه وتوطئة لفتح بيت المقدس فى نفس السنة بعد ذلك بشهرين.

 

خاتمة السوء:

 

الجدير بالذكر أن (الأرطبون) هذا، ظل على عدواته وبغضه للمسلمين؛ فلما فتح المسلمون ( بيت المقدس ) – وكان موجوداً بها وقت الفتح – رفض الصلح الذي فتحت البلد بموجبه، وخرج متوجهاً إلى (مصر)، ولما فتحها المسلمون؛ أصر على مواصلة القتال ضد المسلمين، وظل يقاتل المسلمين فى كل موطن، ويتولى –بنفسه- مباشرة القتال والطعان –رغم أنه كان من أكبر القواد– والذين لا يقاتلون عادةً بأنفسهم، ولكن بغضه وكرهه للإسلام؛ دفعه لمواصلة قتال المسلمين، حتى كانت خاتمة السوء فى إحدى المعارك مع المسلمين: عندما التقى هو وأحد فرسان المسلمين واسمه (ضريس القيسي) فضرب (الأرطبون) (ضريساً) فقطع يده، ولكن (ضريساً) ضربه فقتله، ثم أنشد قائلاً:

 

فإن يكن أرطبون الروم أفسـدها***فإن فيها بحمد الله منتفعـا

 

وإن يكن أرطبون الروم قطعها*** فقد تركت بها أوصاله قطعـا

 

في هذا الموقف تقرير لحقيقة في غاية الأهمية، ألا وهي: أن العداوة الدينية لهي أشد وأنكى أنواع العداوات، فهي العداوة التي لا ترجى مودتها، ولا يزول أثرها، بل يزداد مع الأيام والسنين، وهي لب الصراع بين المسلمين وأعدائهم، مصداقاً لقوله -عز وجل-: (ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) [البقرة: 217].

 

أهم الدروس والعبر:

 

1-معرفة كيفية التحقيق التاريخي للأحداث المتشابهة.

 

2-سقوط أوهام العروبة والقومية أمام رابطة الدين.

 

3-صفات جبل الانتصار والتمكين.

 

4-فقه الأولويات وتطبيق الصحابة له.

 

5-التضحية والبطولة عند قادة المسلمين.

 

6-العداوة الدينية أشد أنواع العداوات.

 

المراجع:

  • تاريخ الرسل والملوك
  • تاريخ الحلفاء
  • فتوح البلدان
  • المنتظم
  • محاضرات فى الأمم الإسلامية
  • الكامل فى التاريخ
  • البداية والنهاية
  • موسوعة التاريخ الإسلامي
  • التاريخ الإسلامي
  • الخلفاء الراشدين

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات