اقتباس
المثال الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صبر ثلاث عشرة عامًا على وجود الأصنام وعبَّادها في مكة، وهو يصلي في المسجد الحرام ويطوف حول الكعبة، وحولها 360 صنمًا، بل طاف في عمرة القضاء مع أصحابه وهو يراها ولا يمسها، حتى أتى الوقتُ المناسب في فتح مكة، فأزالها قويًا ظافرًا منتصرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فأحييكم أيها الأحبة الكرام، وأسأل الله أن يجعل صباحكم وأيامكم كلها خيراً وبركة.
أهمية الوقت:
إذا كانت كلمة (الوقت) تثير لدى الشغوفين بالحياة المعطاء كوامنَ الاهتمام والحرص على دقائقه وثوانيه، فماذا عسى أن يكون لاختيار الوقت المناسب منه من عناية ورعاية!!
الوقت هو الحياة، هو مضمار الابتلاء به؛ لتقديم الأجودِ والأحسنِ من العمل، وفي هذا يقول الله -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
الوقت عظيم، ولذلك أقسم الله -تعالى- به، فقال سبحانه: (وَالْفَجْرِ)، وقال سبحانه: (والليل)، وقال سبحانه: (والضحى)، وقال تعالى: (والعصر)، والله -سبحانه- عظيم ولا يقسم إلا بعظيم.
والوقت مهما مرَّ بسهولة، أو من دون ما يشعر به بعضنا، إلا أننا سنُسأل عنه حتمًا، وسيكون السؤال عن أهم مراحله أشد، ولذا جاء في حديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ" (رواه الترمذي وصححه الألباني).
والوقت هو أثمن ما يملكه المرء، ففيه يبني حياته، وبين ثوانيه ينمو عقله، ويستثمر قدراته، وكلما كان به أحفظ كلما كان منه أنفع.
ولذا أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- باغتنامه فقال صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هرمك، وصحتَك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك" أخرجه النسائي والحاكم، وصححه الألباني.
والآثار في أهميةِ الوقت وحفظهِ أكثرُ من أن تورد هنا.
الموقف من الوقت:
1تعظيمه؛ لأن الله -تعالى- عظمه، ولأن من لا يعظِّم الوقت لن ينتفع منه:
والوقت أنفسُ ما عنيتَ بحفظه ... وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ
2إدارته بعناية فائقة، بحيث أن تحسبه حسابًا دقيقًا، بحيث تعرف ثلاثةَ أمور في حياتك كلها يتضمنها الوقت: الضروريات، والحاجيات، والكماليات، وفي كل مرتبة أوليات، فترتبها حسب أوليتِها لديك، لا تقدم المهمَ على الأهم، ولا الكماليَّ على الضروري، وتكتب ذلك، وتعدِّل، وتستعين بالله -تعالى- وتتوكل عليه.
3أن تشتمل إدارتُك لوقتك جميعَ الحقوق، حقَ الله -تعالى-، ووالديك، ونفسِك وأهلِك وأضيافِك ومجتمعِك ووطنِك، وأمتك، (فأعط كلَّ ذي حق حقه) كما جاء في حديث سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، فقال صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان" (رواه البخاري).
4استعن بعد الله -تعالى- بأهل الخبرة والدراية في معرفة فنون إدارة وقتك، فهذا علم، والعلم يؤخذ من أهله المتخصصين فيه، وذلك عبر الاطلاع على الكتب المتخصصة، أو الدورات التدريبية التطويرية.
5اقرأ في حياة الناجحين والمنتجين في حياتهم، فحتمًا هؤلاء يتسابقون مع الوقت، ويعرفون كيف تدار دقائقُه وثوانيه، مرة من خلال الاطلاع على سيرهم الذاتية، أو اللقاء بهم، أو زيارة مشاريعهم الناجحة، فهذا سيضاعف حرصَك على وقتك، ويرفع من مستوى إدارتك له.
ماذا نعني باختيار الوقت المناسب؟
هو جزء من الحكمة، التي هي: وضع الأشياء في مواضعها، والله -تعالى- يقول: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ).
الوقت المناسب: هو الزمن الأفضل لعمل أمر ما، لو وضع في غيره لحصل غيرُ المرغوب فيه، أو وقع ضرر أو مفسدة.
ومن حيث الإنتاجية: هو الزمن الأفضل في إنتاجية أمرٍ ما، لو فات يفوت معه أمرٌ يصعب استدراكه، إلا بنتاج أقل.
وهذان تعريفان اجتهدت في صياغتهما، أرجو أن يكونا وافيين بالفكرة المرادة.
أمثلة من القرآن الكريم على اختيار الوقت المناسب:
المثال الأول: في اختيار الوقت المناسب في دخول الإماء والأطفال على البالغين، فقد اختار الله -تعالى- لهم أوقاتًا غاية في المناسبة، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
يقول ابن كثير: "فأمر الله -تعالى- المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال:
الأول: من قبل صلاة الغداة؛ لأن الناس إذ ذاك يكونون نياما في فرشهم.
والثاني: (وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة) أي: في وقت القيلولة؛ لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله.
والثالث: (ومن بعد صلاة العشاء) لأنه وقت النوم".
المثال الثاني: (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)؛ فجعل النوم في الليل لأنه أسكن للقلب والبدن؛ لما يتميز به الليل من الهدوء والستر، وجعل النهار للعمل وابتغاءِ الرزق والفضل؛ لما يتميز به من ضياء الشمس والحركة والإبصار.
أمثلة من السنة على اختيار الوقت المناسب:
المثال الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صبر ثلاث عشرة عامًا على وجود الأصنام وعبَّادها في مكة، وهو يصلي في المسجد الحرام ويطوف حول الكعبة، وحولها 360 صنمًا، بل طاف في عمرة القضاء مع أصحابه وهو يراها ولا يمسها، حتى أتى الوقتُ المناسب في فتح مكة، فأزالها قويًا ظافرًا منتصرًا.
المثال الثاني: قال ابن عباس -رضي الله عنه-: "لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن، قال له: إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أولُ ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله -تعالى-، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم، وتوقَّ كرائم أموال الناس" (رواه البخاري).
أمثلة من أحكام الشريعة الإسلامية في اختيار الوقت المناسب:
المثال الأول: اختيار وقت إخراج زكاة الفطر قبيل عيد الفطر؛ لتكون طهرة للصائم من اللغو والرفث، وغنية للفقير في يوم العيد؛ حتى تعم الفرحة جميع بيوت المسلمين في ذلك اليوم العظيم.
المثال الثاني: أن الشريعة منعت القاضي أن يقضي وهو غضبان؛ فالوقت غير مناسبٍ للقضاء مع هذا المانع الذي يمنعه غالبًا من البصيرة والتثبت في الحكم قبل إصداره.
المثال الثالث: لما تقرر حكم الرجم بتلك المرأة التي زنت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يُقِم عليها الحدَّ مباشرة؛ لأن الوقت لم يكن مناسبًا؛ حيث إنها كانت حاملاً، ولما ولدت، لم يقم عليها الحد حتى كبر ولدها وبدأ يأكل الخبز، ثم لم يقم الحد عليها حتى تكفل أحد الصحابة بالوليد، ثم أقام عليها الحد.
وهكذا الأمر في كل الأوقات الشرعية المتعلقة بأحكام الشريعة الغراء التي راعت ظروف حال المكلف وزمانَه ومكانَه وقدرتَه.
مقولات غربية في (الوقت المناسب):
يقول أحدهم: "أن تكون حكيماً في الوقت المناسب فذلك تسعة أعشار الحكمة" (إمحوتب).
ويقول أرسطو: "أي شخص يستطيع أن يغضب؛ هذا أمر سهل، ولكن أن تغضب من الشخص المناسب، وللدرجة المناسبة، وفي الوقت المناسب، وللسبب المناسب، وبالطريقة المناسبة، هذا ليس بالأمر السهل".
ويقول بلوتارخ: "الصمت في الوقت المناسب حكمة، وقد يكون أبلغ من كثير من الكلام".
لماذا نختار الوقت المناسب؟
نختار الوقت المناسب لأننا نحقق به بإذن الله -تعالى- عددًا من الأمور غاية في الأهمية:
- نحقق المصلحةَ الأعلى من العمل المطلوب، والإنتاجيةَ الأكثر، والنوعيةَ الأفضل.
- ندفع المفسدةَ المترتبة على القيام بالفعل في غير وقته المناسب.
- نحقق الطمأنينةً والسكينة التي تنتاب المرءَ بنهوضه بالعمل في الوقت المناسب.
- نجعل العملَ أكثر قبولاً وارتياحًا من الطرف الآخر؛ لاختيارنا الوقتَ المناسبَ في تقديمه لهم.
نرفع مستوى الثقة بفكرة (الوقت المناسب) بعد ظهور نتائجها الإيجابية.
فنون اختيار الوقت المناسب:
يمكننا أن نضع عددًا من المهارات التي تساعدنا على اختيار الوقت المناسب في أي عمل نقدمه، ومن ذلك:
المهارة الأولى: دراسة العمل الذي سنقوم به، من حيث: وصفِه، والوقتِ الكافي له، والهدفِ منه.
المهارة الثانية: دراسة حالة الشخص المقصود من العمل، من حيث: جنسه، وعمره، وعلمه، ووظيفته، واهتماماته، وأوقاته المتاحة للتواصل معه!
المهارة الثالثة: معرفة مَنْ شريكنا في العمل؛ الذي سنشترك معه في تحقيق المصلحة، سواء أكان: والدًا، أو زوجًا، أو ولدًا، أو شريكًا في وظيفة أو تجارة أو دعوةٍ أو علم، أو نحو ذلك؛ فالوقت المناسب يجب أن يكون مناسبًا للطرفين ما دامت المصلحة مشتركة بينهما.
المهارة الرابعة: وضع المقترحات للأوقات المناسبة للعمل المنشود، ثم النظرُ في النتائج المتوقعة لكل وقت، وماذا لو كان في غير هذا الوقت، وهل لو قمت بهذا العمل في هذا الوقت سيكون مناسبًا فعلاً؟
المهارة الخامسة: مهارة التواصل مع الآخرين، وأبرزها: حسن السؤال والاستفسارِ عن أفضل الأوقات لديهم لهذا العمل، والمرونة في التغيير.
المهارة السادسة: المبادرة لاقتناص الوقت المناسب وعدم التأخر عنه؛ لأنه في الحقيقة فرصة يصعب تعويضها، ومن ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج: "من أراد الحج فليعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة" (رواه ابن ماجه).
المهارة السابعة: هي تقويم هذا الوقت بعد القيام بالعمل فيه، هل أتى بالنتيجة المرجوة منه، أو أن التقدير في اختياره كان خطأً!! ومن ثم يتم التعديل حسب هذا التقويم.
أسئلة حول اختيار الوقت المناسب:
هذه أسئلة واقعيةٌ تتضمن أمثلة حقيقية ستجعلنا أكثر تفهمًا للعناية بالوقت المناسب لبعض تصرفاتنا اليومية:
هل من المناسب أن يكون نومي بعد الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، مع أني أستيقظ لصلاة الفجر ولا أنام بعدها إلا بعد عودتي من الوظيفة ظهرًا!!
هل من المناسب أن أراجع الموظف في العشر الدقائق من آخر دوامه الرسمي في قضية شائكة تحتمل التأخير لليوم الثاني!!
هل من المناسب أن أزور أحدًا من أصحابي في وقت عمله لتبادل الأحاديث الأخوية في حين ينتظر المراجعون قضاء معاملاتهم وإنهاءها!
هل من المناسب أن أزور والديَّ في وقت راحتهما!! وإن كان هذا الوقت هو المناسب لي!!
هل من المناسب أن أسأل المعلم سؤالاً في الدرس قبل البدء فيه!!
هل من المناسب أن أطلب استشارة في مشكلة كبيرة من مستشار حاذق وهو يتسوق مع أهله في السوق وربما كان على عجَل!!
هل من المناسب أن تطلب الزوجة من زوجها طلبات المنزل وهو للتو عائد من وظيفته مرهقًا متعبًا، والطلبات ليست ضرورية!!
وهل من المناسب أن يعاتب الرجل زوجته على خطأ وقعت فيه مباشرة بعدما ضيّفت أصحابه بأحسن ضيافة وأكرم وفادة!!
هل من المناسب أن أقدم للمصاب في حادث سير نصائح وتوجيهات وهو بحاجة إلى إسعاف طبي عاجل!!
هل من المناسب أن أبدأ في تعليم المسلم الجديد أحكام البيع والشراء والجنايات وهو لم يتقن الصلاة بعد!!
أظنكم تتفقون معي أن الإجابة هنا موحدة: وهي: (لا) لا يناسب.
ماذا لو لم نختر الوقت المناسب:
حينما لا نختار الوقت المناسب، فإننا سنواجه عددًا من الأمور، من أبرزها:
- انخفاض مستوى المصلحة المرجوة من العمل المنشود.
- ارتفاع مستوى المفسدة التي يتضمنها العمل.
- التشكيك النفسي في صلاحية العمل، مع أنه ربما كان صالحًا لولا فساد اختيار الوقت المناسب.
- اهتزاز ثقة الآخرين في حكمتنا، وفي قدرتنا على التواصل، وبالتالي ضعفُ تقبل آرائنا وأفكارنا.
- الشعور بعدم الطمأنينة، بل والشعور بالندم على إقدامنا على أداء مهمتنا في غير وقتها المناسب، وهذا ربما يضعف ثقتنا في مهاراتنا.
ومن ذلك حديث أسامة بن زيد الذي رواه البخاري ومسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "يَا أُسَامَةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟!" قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟! أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا ؟! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ".
أخيرًا:
إن اختيارنا الموفق للوقت المناسب في مواعيدنا الخاصة والعامة، وأعمالنا الذاتية والاجتماعية، سيجعلنا في عداد حكماء الوقت، الذين يدركون متى يتحدثون، ومت يصمتون، ومتى يُقدمون، ومتى يتأخرون، ومتى يتوقفون، ومتى يعودون للعمل من جديد، يحفهم في ذلك حسن التوكل على الله -تعالى-، والاعتمادُ عليه، وأنه لا توفيق إلا منه، ولا سداد إلا من فضله، فأحسنوا الوقت، تحسن لكم النتائج، بإذن الله -تعالى-.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
-----------------------------------------
([1]) أصل هذا الموضوع مشاركة في فقرة (لقاء اليوم) في برنامج (اللهم بك أصبحنا) يوم الأحد 1/7/1439هـ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم