في وجوب طاعة الله وطاعة رسوله

صالح بن فوزان الفوزان

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ كثرة طرق وصول أوامر الله إلى الناس وأثرها فيهم 2/ وجوب المبادرة إلى امتثال أمر الله ورسوله والبعد عن مخالفته 3/ نماذج من مبادرة الصحابة إلى امتثال أمر الله ورسوله

اقتباس


تبلغنا أوامر الله ورسوله بطرق متعددة ووسائل متنوعة: عن طريق تلاوة القرآن الكريم واستماعه وقراءة الأحاديث الشريفة وسماعها، وسماع الخطب والمواعظ، وسماع البرامج الدينية في وسائل الإعلام، ودراسة المقررات الدراسية في مراحل التعليم، تصل إلينا وتبلغنا أوامر الله وأوامر رسوله عن طريق هذه الوسائل وغيرها، ولكن لنسأل أنفسنا وليسأل بعضنا بعضاً: أين الامتثال لهذه الأوامر؟ ..

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، أمرنا باتباع رسوله، ومعرفة الهدى بدليله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فاعبدوه واشكروا له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:132]

عباد الله: تبلغنا أوامر الله ورسوله بطرق متعددة ووسائل متنوعة: عن طريق تلاوة القرآن الكريم واستماعه وقراءة الأحاديث الشريفة وسماعها، وسماع الخطب والمواعظ، وسماع البرامج الدينية في وسائل الإعلام، ودراسة المقررات الدراسية في مراحل التعليم، تصل إلينا وتبلغنا أوامر الله وأوامر رسوله عن طريق هذه الوسائل وغيرها، ولكن لنسأل أنفسنا وليسأل بعضنا بعضاً: أين الامتثال لهذه الأوامر؟ وأين أثرها فينا؟ هل غيرنا من واقعنا؟ هل عدلنا من سلوكنا من سيء إلى أحسن؟ هل اتجهنا إلى العمل الصالح وتزودنا من الطاعات؟ الكثير أو الأكثر منا بعكس ذلك. باقٍ على غيه منساقٌ مع شهواته، مطاوع لنفسه وهواه، تمر عليه هذه الأوامر الإلهية وكأنها حكايات تاريخية، أو قصص خيالية، كأنها لا تعنيه، هذا هو واقع الكثير منا رجالاً ونساءً إلا من رحم الله.

التهاون بالصلاة أصبح مألوفاً، كسب المال بالطرق المحرمة أصبح وسيلة اقتصادية متبعة، سماع الأغاني والمزامير والنظر إلى أفلام الخليعة وانتشار ذلك بين العوائل صار كأنه من الضروريات التي تقوم عليها البيوت والأسر، جلب الرجال والنساء الأجانب وخلطهم مع الأسر باسم الخديمين والخديمات أو السائقين بغض النظر عن عقائدهم المنحرفة وأخلاقهم الفاسدة إلا من عصم الله، وبغض النظر عما يحصل من الجرائم الخليعة منهم وبهم. أصبح جلبهم مع هذه المفاسد مجال مفاخرة ومنافسة لدى المترفين منا، مع ما يعلمونه في ذلك من حصول المفاسد وما يسمعون من تحذير الناصحين؛ فأي عقل ودين عند من يجلب امرأة أجنبية لا محرم معها، ويدخلها في بيته وبين بنيه المراهقين، وقد تحصل منه أو منهم الخلوة المحرمة في بيته وبين بنيه المراهقين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"، وأي عقل أو دين فيمن يجلب رجلاً أجنبياً سائقاً أو خادماً ويتركه مع محارمه، مع زوجته أو مع بنته في البيت أو في السيارة وثالثهما الشيطان؟!، سبحانك (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج:46]


عباد الله: إن المؤمن عندما يسمع أوامر الله وأوامر رسوله يبادر بالامتثال؛ قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36] أي: لا يحل لمن يؤمن بالله أن يختار من أمر نفسه ما شاء بل يجب عليه أن ينقاد لقضاء الله وإن كان خلاف هواه؛ لأن قضاء الله له خير عاجلاً وآجلاً، وقد توعد الله الذين يخالفون أمر الله وأمر رسوله بعد ما يبلغهم فقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63] فحذرهم من عقوبتين: عاجلة في الدنيا وهي الفتنة، وآجلة في الآخرة وهي العذاب الأليم.

والفتنة تعم جميع أنواع الفتن؛ من عمى القلب والإصابات في الأبدان والأموال من القتل والزلازل وتسلط الجبابرة وغير ذلك، مما هو واقع ومشاهد في عالم الزمان.

عباد الله: لقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدر هذه الأمة يبادرون إلى امتثال أمر الله وأمر رسوله حال ما يسمعونه ولا يؤخرون ذلك، وأنا أذكر لكم وقائع من ذلك: لما حولت القبلة في الصلاة من بيت المقدس إلى الكعبة بأمر الله سبحانه بقوله: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة: 144] كان أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة هي صلاة العصر وصلاها معه قوم، فخرج ممن كان صلى معه، فمرّ على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة. فداروا كما هم قبل البيت وهم في الصلاة.

وروى أبو داود وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ..) الآية شققن مروطهن فاعتجرن بها وصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان".

وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة، فإذا مناد ينادي، قال: أخرجُ فانظر، فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، فجرت في سكك المدينة، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها فهرقتها. وفي رواية فقالوا: يا أنس اسكب ما بقي في إنائك؛ فوالله ما عادوا فيها.

عباد الله: هذا موقف المؤمن مع أوامر الله وأوامر رسوله. إنه المبادرة بالامتثال من غير تردد، ولو كان في ذلك مخالفة هواه وترك مألوفه؛ فاتقوا الله وانظروا مواقفكم مع أوامر الله ورسوله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال 24: 25]
 

 

 

 

المرفقات

وجوب طاعة الله وطاعة رسوله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات