في ذم الحسد وبيان أضراره

صالح بن فوزان الفوزان

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ ذم الحسد 2/ الحسد صفة شرار الخلق 3/ حقيقة الحسد 4/ من آثار الحسد وأضراره 5/ طريقة التخلص من الحسد

اقتباس

والحسد صفة شرار الخلق؛ قد اتصف به إبليس فحسد آدم عليه السلام لما رآه فاق الملائكة، حيث خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه في جنته؛ فما زال يسعى في إخراجه من الجنة حتى خرج منها، والحسد هو الذي حمل أحد ابني آدم على قتل أخيه ظلماً لما وهبه الله النعمة وتقبل القربان. وقد قص الله خبرهما في القرآن؛ تحذيراً لنا من الحسد وبياناً لعواقبه الوخيمة

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، يفضل بعض عباده على بعض (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل الخلق وأعظمهم شكراً لله. صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه فقد فضلكم على كثير ممن خلق تفضيلاً.

عباد الله: خصلة ذميمة حذركم الله منها فطهروا أنفسكم من الاتصاف بها –ألا وهي خصلة الحسد التي هي من أعظم خصال الشر.

وقد حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تحاسدوا"، وقال صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء" رواه الإمام أحمد والترمذي. وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال: العشب".

والحسد صفة شرار الخلق؛ قد اتصف به إبليس فحسد آدم عليه السلام لما رآه فاق الملائكة، حيث خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه في جنته؛ فما زال يسعى في إخراجه من الجنة حتى خرج منها، والحسد هو الذي حمل أحد ابني آدم على قتل أخيه ظلماً لما وهبه الله النعمة وتقبل القربان. وقد قص الله خبرهما في القرآن؛ تحذيراً لنا من الحسد وبياناً لعواقبه الوخيمة.

والحسد صفة اليهود كما ذكر الله ذلك في مواضع من كتابه فقد حسدوا نبينا صلى الله عليه وسلم على ما أتاه الله من النبوة والمنزلة العظيمة فكفروا به مع علمهم بصدقه وتيقنهم أنه نبي الله –وحسدوا هذه الأمة على ما مَنَّ الله به عليها من الهداية والإيمان –قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة: 109]

عباد الله: والحسد هو كراهية وصول النعمة إلى الغير وتمني زوالها عنه وله آثار سيئة، منها: أن فيها اعتراضاً على الله في قضائه واتهاماً له في قسمته بين عباده، لأن الحاسد يرى أن المحسود غير أهل لما آتاه الله وأن غيره أولى منه ومنها أن الحاسد منكر لحكمة الله في تدبيره فهو سبحانه يعطي ويمنع لحكمة بالغة- والحاسد ينكر ذلك.

ومن آثار الحسد السيئة أنه يورث البغضاء بين الناس، لأن الحاسد يبغض المحسود، وهذا يتنافى مع واجب الأخوة بين المؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً".

ومن أضرار الحسد: أنه يحمل الحاسد على محاولة إزالة النعمة عن المحسود بأي طريق ولو بقتله، كما قص الله تعالى عن ابني آدم في قوله: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27] وأخيراً نفذ الجريمة وباء بالإثم وخسارة الدنيا والآخرة وصار عليه كفل من دم كل نفس تقتل ظلماً، لأنه أول من سن القتل وسبب ذلك كله والدافع إليه هو الحسد.

ومن أضرار الحسد: أنه يمنع الحاسد من قبول الحق إذا جاءه عن طريق المحسود ويحمله عل الاستمرار في الباطل الذي فيه هلاكه،كما حصل من إبليس لما حسد آدم وحمله ذلك على الفسق عن أمر الله والامتناع من السجود فسبب له ذلك الطرد واللعنة واليأس من رحمة الله.

ومن أضرار الحسد: أنه يحمل الحاسد على الوقوع في الغيبة والنميمة حيث يقدم على غيبة المحسود والسعاية بالنميمة بينه وبين غيره –والغيبة والنميمة خصلتان قبيحتان وكبيرتان عظيمتان.

ومن أضرار الحسد: أنه يدفع الحاسد إلى ارتكاب ما نهى الله عنه ورسوله في حق المسلم من البيع على بيعه أو يزيد عليه في السوم وهو لا يريد الشراء. أو يخطب على خطبته أو يسعى لدى المسؤولين بفصله عن وظيفته أو منعه حقاً من حقوقه الوظيفية. أو صرف نظرهم عنه ونزع ثقتهم فيه، وغير ذلك من أنواع المضارة. وكل ذلك بدافع الحسد.

ومن أضرار الحسد على الحاسد: أنه يذهب حسناته وأعماله الصالحة التي هي رأس ماله –كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو العشب".

ومن أضرار الحسد: أنه يجعل الحاسد دائماً في هم وقلق لما يرى من تنزل فضل الله على عباده وهو لا يريد ذلك ولا يقدر على منعه فيبقى في هم وقلق –كالنار تأكل بعضها... إن لم تجد ما تأكله.

ومن أضرار الحسد على المجتمع: أنه يوقع فيه التخلخل والتفكك؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء".

عباد الله: من وجد في نفسه شيئاً من الحسد فليسع في إزالته بأن يتذكر أن الحسد ضرر عليه هو، في الدين والدنيا، وأنه لا يضر المحسود، وأن يتذكر أن الأمور بيد الله عز وجل: "لا مانع لما أعطى ولا مطي لما منع". وعليك أن تسأل الله من فضله قال الله تعالى: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) [النساء:32]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
 

 

 

 

المرفقات

1131

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات