في ختام شهر رمضان

يحيى جبران جباري

2023-04-14 - 1444/09/23 2023-04-30 - 1444/10/10
التصنيفات: رمضان الزكاة
عناصر الخطبة
1/سرعة مرور أيام شهر رمضان 2/الحث على الاجتهاد في العشر الأواخر 3/إخراج زكاة الفطر 4/التكبير في ختام الشهر.

اقتباس

والفَطِن الكَيِّس مَن استغل ما بقي وإن قل، ومَن لم يضيع الكل إذا ذهب الجُلّ، فليس أعظم قيامًا عند الله من قيام العشر الأواخر من رمضان، ففيها ليلة هي خير عند الله من ألف شهر، فما أقل الجهد! وما أكثر الأجر!، أسأل الله لتقصيرنا جبراناً ولنا يغفر...

الخُطْبَة الأُولَى:

 

الحمد لله يعفو ويرحم، هو من كل الكرام أكرم، أحمده -سبحانه- وأشكره تفضل وتكرم، وأستعينه وأستهديه وأستغفره من كل ما أزل وآثم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، من تهاون بعبادته أهانه، ومن يهن ربي فما له من مكرم، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله ما من أحد من البشر على أمته منه أرحم، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ما بقي في السماء أنجم.

 

ثم أما بعد: فأوصيكم -أيها المسلمون ونفسي المقصرة- بتقوى الله -جل وعلا-، اعتقادًا وقولاً وعملاً، والاجتهاد للآخرة والحذر من الدنيا، قبل الموت والبِلَى، فما الحياة إلا وقت ويُقضَى، وما العمر إلا أيام ويَفنى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر: 18].

 

أيها الصائمون: يا من ناداكم ربكم بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183]، ثم أخبركم بقلة أيام ما كتب عليكم، بعد ما ناداكم؛ تخفيفًا وترغيبًا، فقال -سبحانه-: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ)[البقرة: 184].

 

فسبحان الله! ما أسرع ما انقضى!، وكأنه يوم أو بعض يوم مضى!، ولكن العزاء في الطمع بأن الله تقبَّل منكم ومنَّا، وفي أملنا في أنه إن ذهب من شهر رمضان معظمه، فقد بقي أعظمه، روى البخاري في صحيحه، عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت "كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ".

 

 فالخواتيم أرجى لبلوغ الفضل، لمن داوم واستمر على العمل، ونشط فيها من توانَى قبلها وكسل، وأدرك الركب من تهاون وعن الفضل غفل، جاء في صحيح ابن حبان عن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه خبث أسفله"(وله شواهد في البخاري ومسلم).

 

والفَطِن الكَيِّس مَن استغل ما بقي وإن قل، ومَن لم يضيع الكل إذا ذهب الجُلّ، فليس أعظم قيامًا عند الله من قيام العشر الأواخر من رمضان، ففيها ليلة هي خير عند الله من ألف شهر، فما أقل الجهد! وما أكثر الأجر!، أسأل الله لتقصيرنا جبراناً ولنا يغفر.

 

ولا يظننّ غير قائم يصلي فيها، أنه سيُدرك فضلها، فهي خاصة لمن أكثر من القرآن فيها وقام، سواء كان ذلك بمفرده أو مع الإمام، فلا تشغلنَّكم أموالكم وأولادكم وبيوتكم عنها، فمن حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ.

 

 ولا تعلم أتدركها من قابل، أو أن الأجل قبل العود قادم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[القدر: 1-5].

 

 بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وبسنة خير المرسلين، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله في ليلة القدر كتابه أنزل، أحمده -سبحانه- وأشكره كما يحب ويقبل، وأشهد أن لا إله سواه، فضله أسأل، وأن محمدًا بدين الحق أُرسل، صلى الله وسلم عليه ما ملك للأرض أُنزل.

 

وبعد: يا مَن على نفسه بالمجيء إلى ربه تفضَّل، اتق الله واجتهد في مواسم الخيرات واعمل، فمن اتقاه -سبحانه- عمله يقبل (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)[الطلاق: 5].

 

أيها الصُّوَّام: بقي أن أذكر نفسي وإياكم، بأن زكاة فطركم، إخراجها مُكفِّر للغو والرفث وهي طُعمة للمساكين قبل صلاة العيد في يومه أو قبله بليلتين، صاعاً، من تمر أو بُرّ أو شعير أو زبيب أو دقيق أو أرز، كما جاء في الأحاديث الصحيحة وثبت، وهي بالوزن الحالي خروجًا من الاختلاف وجبرًا للنقص، ثلاثة كيلو جرامات، عن كل صغير وكبير وذكر وأنثى حيّ وليس من الأموات، تقبل الله منا ومنكم ونسأله على طاعته الثبات.

 

 وختامًا، يقول ريكم داعيًا لكم، إذا أدركتم آخر ليلة من شهركم (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185]؛ فإذا كانت ليلة العيد، فأكثروا من التكبير طاعة للرحمن، بلغنا الله وإياكم مرتبة الإحسان.

 

ثم الصلاة والسلام الأكملان على الذي كان من الخوف أمان ما مر من وقت وما يأتي زمان. اللهم صلِّ وسلم على رسولك محمد....

 

المرفقات

في ختام شهر رمضان.doc

في ختام شهر رمضان.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات