عناصر الخطبة
1/ أهمية صلاة الجماعة 2/ فضل صلاة الجماعة 3/ فوائد صلاة الجماعةاقتباس
هذه الشعيرة التي قد خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس اتباعاً للشيطان ومجاراة لهوى النفس الأمارة بالسوء. واقتداء بمن قل خوف الله في قلوبهم من الكسالى والمنافقين.. وإنها لخسارة كبيرة أن نرى أعداداً كثيرة وجموعاً غفيرة من الناس في مجتمع المسلمين لا يبالون بصلاة الجماعة، ولا يرتادون المساجد، وهم يسمعون المنادي يدعوهم بأعلى صوته ويقول لهم: "حي على الصلاة. حي على الفلاح" فيعرضون عنه وهم يقولون بلسان حالهم: لا نريد الصلاة ولا نريد الفلاح –أي حرمان أعظم من هذا؟!
الحمد لله الذي شرع لنا أكمل الشرائع. ووعد من أطاعه بأوفر الجزاء. وحث على الازدياد من الخير، ورغب في الأعمال الصالحة لتتوفر لعباده سعادة الدنيا والآخرة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي دعا إلى كل خير، وكان أول المسلمين السابقين إليه. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كان تنافسهم وتسابقهم في الأعمال الصالحة. وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله واعلموا أن من أفضل شعائر الإسلام ومزاياه العظام صلاة الجماعة في المساجد. هذه الشعيرة التي قد خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس اتباعاً للشيطان ومجاراة لهوى النفس الأمارة بالسوء. واقتداء بمن قل خوف الله في قلوبهم من الكسالى والمنافقين.. وإنها لخسارة كبيرة أن نرى أعداداً كثيرة وجموعاً غفيرة من الناس في مجتمع المسلمين لا يبالون بصلاة الجماعة، ولا يرتادون المساجد، وهم يسمعون المنادي يدعوهم بأعلى صوته ويقول لهم: "حي على الصلاة. حي على الفلاح" فيعرضون عنه وهم يقولون بلسان حالهم: لا نريد الصلاة ولا نريد الفلاح –أي حرمان أعظم من هذا؟!
إن المؤذن يقيم عليك الحجة في اليوم والليلة خمس مرات. والملك يكتب عليك امتناعك عن الحضور، ويسجل عليك الغياب في سجلات محفوظة تعرض عليك يوم القيامة وتوضع في ميزان عملك. إنك لو دعيت إلى طمع أطماع الدنيا لحضرت وبادرت ولو مع تحمل المشاق رغبة في الحطام الفاني. ولو دعاك السلطان إلى الحضور لديه لبادرت بالإجابة؛ خوفاً من عقابه ورهبة من تهديده ودفعاً لغضبه؛ فما بالك لا تجيب دعوة الله الذي له ملك السموات والأرض، وبيده الخير وهو على كل شيء قدير. كيف تتجرأ على مخالفة أمره ولا تجيب دعوته، وأنت لا تخرج عن قبضته ولا تستغني عن رزقه طرفة عين؟! أما حذرك وأنذرك؟ أما دعاك وأمرك؟ أما وهبك الصحة والقوة، أما أعطاك المال وأغناك، أما أمهلك وحثك على العمل، فما لك لا تجيب دعوته. ولا تحضر لأداء عبادته في بيت من بيوته؟!.
عباد الله: إن شأن الجماعة في الإسلام عظيم. ومكانتها عند الله عالية. ولذلك شرع الله بناء المساجد لها فقال سبحانه وتعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور: 36]
وأول عمل بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بناء المسجد لأداء الصلاة فيه. وشرع الله النداء لصلاة الجماعة من أرفع مكان بأعلى صوت، وعينت لها الأئمة. وكان –صلى الله عليه وسلم- يتفقد الغائبين ويتوعد المتخلفين. وشهد الله لمن يحافظ على صلاة الجماعة في المساجد بالإيمان حيث يقول سبحانه: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة: 18]
إن صلاة المسلم مع الجماعة تفضل على صلاته وحده بسبع وعشرين درجة؛ أي فضل أعظم من هذا؟ إنه لو قيل للناس: إن المساهمة في التجارة الفلانية يكسب فيها الدرهم الواحد سبعة وعشرين درهماً، لا قتتلوا على المساهمة فيها طمعاً في هذا الربح العاجل الزائل الذي قد يحصل وقد لا يحصل. وأما المساهمة في التجارة الرابحة بالأعمال الصالحة التي ربحها مضمون وخيرها معلوم فلا يتقدم لها إلا الأفراد. والأكثر كما قال الله تعالى فيهم: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [الأعلى 16: 17]
إن الخطا التي يمشيها المسلم لصلاة الجماعة تحتسب له عند الله أجراً وثواباً، فلا يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة، كما ثبت في الصحيحين عن النبي –صلى الله عليه وسلم- إن انتظار الجماعة في المسجد كالرباط في سبيل الله، والمنتظر لها في صلاة مادامت الصلاة تحبسه، والملائكة تستغفر له كما ثبت ذلك عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. فالذي ينتظر إقامة الصلاة في المسجد يحصل على ثلاث مزايا:
الأولى: أنه كالمرابط في سبيل الله.
الثانية: أنه يكتب له أجر المصلي وهو جالس.
الثالثة، أن الملائكة تستغفر له، أضف إلى ذلك إذا كان في هذه الحالة يتلو القرآن أو يذكر الله، فإنه يكتب له أجر التالي أو الذاكر.
إن المصلي مع الجماعة يخلص من أسر الشيطان وشره، ويدخل في جماعة المسلمين فيبتعد عنه الشيطان. والذي يترك صلاة الجماعة يستحوذ عليه الشيطان. قال –صلى الله عليه وسلم-: "ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية" رواه الإمام أحمد وأبو داود.
إن صلاة الجماعة فيها تعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ يقف المسلمون فيها صفاً واحداً خلف إمام واحد بين يدي الله تعالى كالبنيان المرصوص، مما به تظهر قوة المسلمين واتحادهم؛ في صلاة الجماعة اجتماع كلمة المسلمين وائتلاف قلوبهم وتعارفهم وتفقد بعضهم لأحوال بعض. فيها مظهر التعاطف والتراحم. ودفع الكبر والتعاظم.
وفيها تقوية الأخوة الدينية، فيقف الكبير إلى جانب الصغير، والغني إلى جانب الفقير، والملك والقوي إلى جانب الضعيف، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، مما به تظهر عدالة الإسلام، وحاجة الخلق إلى الملك العلام.
صلاة الجماعة تؤخذ منها الدروس الإيمانية. وتسمع فيها الآيات القرآنية. فيتعلم بها الجاهل ويتذكر الغافل ويتوب المذنب. وتخشع القلوب وتقرب من حضرة علام الغيوب. صلاة المسلم في جماعة أقرب على الخشوع وحضور القلب والطمأنينة. وإن الإنسان ليجد الفارق بين ما إذا صلى وحده وإذا صلى مع الجماعة.
إن صلاة الجماعة فيها إظهار شعار الإسلام وإرهاب الأعداء وإعلان ذكر الله في بيوته التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه. إن صلاة المسلم مع الجماعة في المساجد تجعله في عداد الرجال الذين مدحهم الله ووعدهم بجزيل الثواب في قوله سبحانه وتعالى: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ *رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [النور 36: 37]
يا من ضيعت الصلاة مع الجماعة ورضيت بالتفريط والإضاعة. لقد خسرت ورب الكعبة كل هذه الفضائل وفاتتك كل هذه الخيرات. وعصيت الرحمن. وأرضيت الشيطان. لقد ظلمت نفسك أعظم الظلم حيث حرمتها ثواب الله وعرضتها لعقابه وأخرجتها عن جماعة المسلمين وموطن الأمان. إلى مواطن الهلكات والمخاوف وحشرتها مع الذئاب المفترسة. يا من تدعى إلى المسجد فلا تجيب. ويطلب منك الحضور فتغيب. سوف تندم مع النادمين: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) [القلم 42: 43] وما ذلك اليوم منك ببعيد.
فانتبه لنفسك وتب إلى ربك. وحافظ على الصلاة مع الجماعة. وإن شق عليك مخالفة هواك ورأيت كثيراً من الناس في غفلة معرضون (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) [الروم: 60]
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأحقاف : 32]
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم