عناصر الخطبة
1/ الأعمال حصيلة الإنسان 2/ الحث على العمل الصالح في القرآن 3/ الدنيا محل العمل 4/ المعوقات عن العمل الصالح .اقتباس
وليس أمام الإنسان فرصة للعمل إلا حياته في هذه الدنيا، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل. وعمر الإنسان قصير وأجله غائب لا يدري في أي ساعة يقدم، وإذا قدم لا يقبل التأخير (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) وهذه الأيام التي تعيشها أيها الإنسان في هذه الدنيا فرصة نفيسة لا تقدر بثمن
الحمد لله رب العالمين، خلق كل شيء فقدره تقديراً، (إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) وأشهد أن لا إله إلا الله لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذل وكبره تكبيراً –وأشهد أن محمداً عبده ورسوله- بعثه بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إل الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الأعمال هي حصيلة الإنسان التي يخرج بها من هذه الدنيا، ويترتب عليها مصيره في الآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله"، متفق عليه. والعمل هو رفيق الإنسان في قبره ينعم به إن كان صالحاً، ويعذب به إن كان سيئاً، فقد جاء في الحديث أن العمل الصالح يأتي صاحبه في القبر بصورة رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسّرك، فيقول الميت: من أنت فوجهك الوجه الحسن بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح وأما العمل السيّئ فيأتي صاحبه في القبر بصورة رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه القبيح يجيء بالشر. فيقول: أنا عملك الخبيث، كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعاً في معصيته فجزاك الله شراً.
عباد الله: والعمل الصالح هو الذي يتمناه المحتضر وهو في سياق الموت، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)، ونحن إذا تدبرنا القرآن الكريم نجد أن الله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى العمل في كثير من آياته، فتارة يعلق الجزاء به كما في قوله تعالى: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)، ونحن إذا تدبرنا القرآن الكريم نجد أن الله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى العمل في كثير من آياته، فتارة يعلق الجزاء به كما في قوله تعالى: (وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وتارة يخبرنا بإطلاعه على أعمالنا كما قال تعالى: (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وتارة يخبرنا أنه وكل بنا حفظة يسجلون أعمالنا ويحصونها قال تعالى: (كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) وتارة يخبرنا أننا سنلقي ما عملناه يوم القيامة ونراه ونقرؤه، قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)، وتارة يخبرنا أن الإنسان يعمل لنفسه لا لغيره، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
عباد الله: وليس أمام الإنسان فرصة للعمل إلا حياته في هذه الدنيا، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل. وعمر الإنسان قصير وأجله غائب لا يدري في أي ساعة يقدم، وإذا قدم لا يقبل التأخير (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) وهذه الأيام التي تعيشها أيها الإنسان في هذه الدنيا فرصة نفيسة لا تقدر بثمن، إن عرفت قيمتها وحفظتها فيما ينفعك فستثمر لك خسارة دائمة، فالذين حفظوا حياتهم الدنيوية بالعمل الصالح يقال لهم يوم القيامة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) والذين ضيعوا أوقاتهم في هذه الدنيا باللهو واللعب والغفلة يقال لهم: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ).
عباد الله: إن المعوقات عن العمل الصالح كثيرة تحتاج إلى مقاومة وجهاد، من ذلك النفس الأمارة بالسوء، ومن ذلك الشيطان وجنوده، ومن ذلك الشهوات والشبهات، فمن استعان بالله وتوجه إلى العمل الصالح أعانه الله على التغلب على هذه المعوقات فانهزمت واندحرت أمامه، ومن استسلم لهذه المعوقات وتكاسل عن العمل الصالح تغلبت عليه وضاعت الفرصة من يده بانتهاء عمره وحضور أجله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"
ثم هناك معوقات عن العمل وموانع يجب على العبد المبادرة قبل حصولها، منها المرض والفقر والهرم والفتن والموت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مُفْنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" رواه الترمذي وقال: حديث حسن. فاتقوا الله عباد الله، وبادروا بصالح الأعمال قبل حلول الآجال –أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) الآيات من آخر سورة المنافقون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم