عناصر الخطبة
1/ أهمية حسن اختيار الإنسان لأصدقائه 2/ أثر الصديق على صديقه 3/ صفات الصديق الصالح 4/ التحذير من صديق السوء.اقتباس
المرء على دين خليله، وعلى سلوك خليله، وعلى مذهب خليله، وعلى خُلق خليله, إن كان على خير كان مثله، وإن كان على شر كان مثله، يتأثر الخليل بالخليل والصديق بالصديق والصاحب بالصاحب والجالس بالمجالس، ويكون لذلك أثره في الدنيا والآخرة، إن للصحبة وللخلة أثرًا عظيمًا على المرء يؤدي إلى الهداية أو الضلالة، ويوصل إما إلى الجنة وإما إلى النار.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها المسلمون عباد الله: إن الأسباب والعلائق تتقطع يوم القيامة، قال الله تعالى: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) [المؤمنون: 101]، وقال أيضًا: (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) [البقرة: 166]، فالصداقات والخلات تنقضي كلها، إلا خلة بين المؤمنين والمتقين (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف: 67].
فالذين كانوا يتصادقون في الدنيا ويتصاحبون على غير طريقة الإيمان والتقوى, تذهب صداقتهم وتنقضي خلتهم، فيوم القيامة لا خلة فيه ولا شفاعة.. (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الصافات: 100- 101]، تنقضي تلك الصداقات والخلات، وتنقضي الصحبة إلا صحبة كانت على تقوى من الله -عز وجل-، وصدق رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في توجيهه لهذه الأمة عندما قال: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، وفي لفظ "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
المرء على دين خليله وعلى سلوك خليله وعلى مذهب خليله وعلى خلق خليله, إن كان على خير كان مثله، وإن كان على شر كان مثله، يتأثر الخليل بالخليل والصديق بالصديق والصاحب بالصاحب والجالس بالمجالس، ويكون لذلك أثره في الدنيا والآخرة، إن للصحبة وللخلة أثرًا عظيمًا على المرء يؤدي إلى الهداية أو الضلالة، ويوصل إما إلى الجنة وإما إلى النار.
فاتقوا الله عباد الله.. ولينظر أحدكم من يخالل، لينظر أحدكم من يصاحب ومن يجالس، وهذا التوجيه ليس للصغار دون الكبار, بل هو عام في الجميع: للكبير والصغير, وللكهل والشاب وللشيبة والطفل، وللذكور والإناث.
وقد أمر الله -عز وجل- في كتابه العزيز بصحبة الصالحين، ومجالسة العابدين الذاكرين، الذين يتطلعون إلى الآخرة، وحذر جل جلاله من صحبة الغافلين السافلين المتبعين لأهوائهم المفرطين في أمورهم، لما يترتب على ذلك من أثر في الآخرة، قال الله -عز وجل- في كتابه العزيز: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].
واصبر نفسك: الخطاب هنا لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وفيمن يصح له الخطاب إلى يوم القيامة، وقد وجّه الله -عز وجل- الخطاب إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- حتى يعلم الناس أن كل واحد منهم جدير بهذا الخطاب، وجدير وحقيق بأن ينادى بهذا النداء وأن يؤمر بهذا الأمر, لأنه من دون شك: دون محمد صلوات ربي وسلامه عليه، (واصبر نفسك) احبس نفسك.. اضغط على نفسك... فإن الإيمان والتقوى لا يكون إلا بالإكراه والإجبار, وإلا بالصبر والمصابرة.
(واصبر نفسك): مع من؟ وأصاحب من؟ وأجالس من؟ (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)، احبس نفسك والزم مجالس هؤلاء واصحب هؤلاء، من هم يا رب؟: الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، يعبدون الله ويدعونه ويذكرونه: بالغداة والعشي.. في الصباح والمساء.. بالليل والنهار.. نذروا أنفسهم وحياتهم لله -عز وجل-، هؤلاء هم الذين يصحبهم، هؤلاء الذين يريدون النجاة.. الذين يريدون وجه الله (يريدون وجهه) يريدون الدار الآخرة لم ينظروا إلى الدنيا ولم يتطلعوا إليها وإنما تطلعوا إلى الآخرة،.. أولئك هم الأذكياء حقاً.
يقول إمامنا الشافعي -عليه رحمة الله تعالى-:
إن لله عبادا فطنا *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا *** أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا ***صالح الأعمال فيها سفنا
هؤلاء هم الذين ينبغي أن يصبر نفسه معهم.. أن يلزم نفسه بمجالستهم.
وحذر الله -عز وجل- من أن يتعداهم النظر (ولا تعد عيناك عنهم) أي لا تتجاوز عيناك عن هؤلاء.. لا تنظر إلى سواهم.. لا تلتفت عنهم يمنة أو يسرة، ماذا تريد من هذا الالتفات؟ ماذا تريد غير الصالحين الذاكرين لله -عز وجل-؟ أتريد زينة الحياة الدنيا !! (ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا)، إنّ تجاوز الصالحين والنظر إلى سواهم، إنما هو تطلع للحياة الدنيا، وإلى زينة الحياة الدنيا, إلى زينة زائلة ولذة ذاهبة، فلا ينبغي للعاقل أن يلتفت يمنة أو يسرة عن مجالسة الصالحين وعن مصاحبة الأبرار.
ثم حذر جل جلاله من صحبة الأشرار السيئين فقال سبحانه وتعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) لا تطع ولا تسمع.. ولا تجالس ولا تلتفت.. ولا تتبع هؤلاء الناس الذين وصفهم الله -عز وجل- بهذه الصفات، ثم ذكر الله لهم ثلاث صفات:
1- أول صفة: (أغفلنا قلبه عن ذكرنا)، أغفل الله -عز وجل- قلبه عن ذكره، وصار قلبه غافل عن ذكر الله تبارك وتعالى، هذه أول صفات هؤلاء الذين نهى الله عن مصاحبتهم وملازمتهم ومخاللتهم، الذين أغفل الله قلوبهم عن ذكره، سواء كان ذلك إغفالاً كليًّا بألا يذكروا الله سبحانه وتعالى ولا يصلوا، أو كان إغفالاً جزئيًّا بأن يدَعوا من ذكر الله -عز وجل-، ويدَعوا من الصلاة، ويدَعوا من الواجبات التي أوجبها الله عليهم، ومن أغفل الله قلبه عن ذكره، لم يلتفت إلى ربه، ولا إلى شرع ربه، ولم يكن له ضابط يضبطه ولا قيد يقيده.
وتأتي بعد ذلك من أثر ذلك:
2- الصفة الثانية (واتبع هواه) أي: جعل الهوى هو الإله: يتبع الهوى.. ويتبع الشهوات، يفعل كل ما يريده هواه، إذا أراد أن يقول قولا قاله بلا قيد أو شرط ولا ضابط شرع، وإذا أراد أن يفعل فعلا فعله بلا قيد أو شرط أو ضابط شرع، لا فرق عنده بين حلال ولا حرام، ولا جائز ولا محرم، ولا قيود ولا أعراف.
ثم ماذا ينتج عن ذلك؟: ينتج التفريط (وكان أمره فرطا) وهذه هي:
3- الصفة الثالثة كان أمره وشأنه التفريط, التفريط في ترك الواجبات.. في ترك الصلوات، بترك الصوم بترك بر الوالدين بترك صلة الأرحام بترك حسن الجوار مع الجار, وأيضا التفريط بفعل المنكرات: بارتكاب الزنا واللواط، ومعاطاة المخدرات والخمور, وقطع الرحم وعقوق الأهل, وغير ذلك من المحرمات (وكان أمره فرطا)كله تفريط في تفريط هذا من زجر الله عن متابعته وعن مصاحبته وعن ملازمته وعن طاعته وعن اتباعه، وإلا فإنها النتيجة الخاسرة عياذًا بالله.
إذا أطاع العبد قرين السوء وإذا جالس المرء قرين السوء وإذا صاحب المرء قرين السوء، ماذا يترتب على ذلك أيها الأحبة: إلا الضلالة في الدنيا والنار في الآخرة، ثم إذا كان يوم القيامة ندم أشد الندم، وتحسر حسرات كثيرة، ولكن لات ساعة مندم، قال الله -عز وجل- في بيان حال ندم القرين بسبب مقارنته لقرين السوء: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) [الفرقان: 27- 29].
هذا هو حال الإنسان وندمه وبراءته من قرين السوء في ذلك اليوم، سواء كان هذا القرين كافرا، أو فاسقا عاصيا، ولكلٍ حظه من الندم والحسرة والبراءة (ويوم يعض الظالم على يديه) حقاً إنه ظالم: ظالم لنفسه, لأنه فعل بإرادته، واتبع بإرادته، لم يرغمه الشيطان ولم يرغمه قرين السوء، وإنما دعوه إلى الباطل فاستجاب، فهو ظالم، وسوف يعض في ذلك اليوم على يديه، تأملوا أيها الكرام: ليس على إصبع أو على إصبعين أو على يد، وإنما على يدين، وفي ذلك: تصوير لمدى الحسرة والندم الذي يكون عليه الإنسان في ذلك اليوم.
ثم بعدها يتندم: (يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) يا ليتني اتبعت الرسول وسلكت سبيل الرسول.. سبيل الصالحين.. سبيل المؤمنين.. سبيل المتقين.. سبيل الطائعين، ما الذي صرفك عن ذلك؟ (يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا) فلان ابن فلان خليلي وصديقي وصاحبي هو الذي جرني إلى ذلك، أبعدني عن الخير, أبعدني عن الطاعة، أبعدني عن الصالحات، أبعدني عن البر كان هو السبب في ذلك، فيندم أشد الندم.
(يا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني)، جاء الذكر للعالمين وأنزل الله كتابه وأرسل رسوله ووعظ الوعاظ وحذر المحذرون وربى المربون ووجه الآباء والمصلحون، ولكن هيهات، ضحك الشيطان على الإنسان في الدنيا، ولكنه في ذلك اليوم يخذل الإنسان (وكان الشيطان للإنسان خذولا) هذه هي النتيجة أيها الأحبة.
فاتقوا الله عباد الله وانظروا من تصاحبون ومن تجالسون قلت ما سمعتم، واستغفروا لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أيها المسلمون عباد الله: هذا أبو طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- حظي برعاية محمد صلوات ربي وسلامه عليه صغيرا، والدفاع عنه كبيرًا، وكان مشركًا على دين قومه ولم يزل محمد -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على هدايته إلى آخر لحظات حياته، دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على أبي طالب وهو في سياق الموت، وقال له: "يا عماه قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، كلمة أحاج لك بها يوم القيامة" وكان قد دخل عليه رفقاء السوء وقرناء السوء، دخل عليه أبو جهل فرعون هذه الأمة وعبد الله بن أبي أمية -الذي كان من أشد المشركين كفرًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن الله -عز وجل- أدركه برحمته فأسلم في عام الفتح-.
دخل هذين عليه، فلما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب: قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، قال له أبو جهل: أترغب عن ملة عبد المطلب؟، أي: تترك ملة عبد المطلب وترغب عنها وتكره ملة أبيك؟ فكان آخر كلمة قالها: هو على ملة عبد المطلب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والله لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنه".
ثم أنزل الله على النبي -صلى الله عليه وسلم- (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [النحل: 113- 114], وأنزل الله على محمد (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص: 56].
والقصة عبرة لصحبة أهل السوء وفي مجالسة أهل السوء الذين يأمرون بالمنكر في آخر لحظة فرقت بين النجاة والهلاك، بين الجنة والنار, ما الذي جعله يتردى في النار؟ إنهم أصحاب السوء ورفقة السوء وجلساء السوء، وهكذا قد يتردى الإنسان بكلمة بسبب هذه الرفقة، وبسبب الصحبة السيئة، إلا من نجاة الله سبحانه وتعالى، فاحذر من هذه الرفقة، وابتعد عنها، وانصرف عنها، فإن الله سبحانه وتعالى ينجيه لابد للمرء أن يفر من هذه الصحبة السيئة ومن المجالس السيئة ومن المقالات السيئة ومن الأفعال السيئة وإلا فإنه سيُحضر في النار يوم القيامة.
عباد الله: ذكر الله في كتابه العزيز: أهل الجنة، وما أعد لهم في الجنة, في آيات عظيمة ثم ذكر فيما ذكر من النعيم الذي هم فيه: أنهم على سرر متقابلين، يتجالسون في الجنة ويتحادثون ويتذاكرون ذكريات الدنيا، وما كانوا عليه قال الله سبحانه وتعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) [الصافات: 50- 61].
فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم: كان لي صاحب سوء يقول: هل تصدق أنا إذا صرنا ترابًا وعظامًا ورفاتا أننا نبعث، فما كان من حال هذا الرجل إلا أن هرب من هذا القرين، وابتعد عنه وانصرف عن قوله، وتمسك بدينه، وتمسك بإيمانه وعقيدته، فكان في النهاية أن أنجاه الله وأدخله الجنة، قال ذلكم الرجل لرفقائه من أهل الجنة (هل أنتم مطلعون) هل تريدون أن نطلع في النار, نبحث عن هذا القرين وعن هذا الرجل؟ أين مكانه؟ (قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم) في وسط الجحيم، رأى صاحبه وقرين السوء: في وسط الجحيم (قال تالله إن كدت لتردين*ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين) أقسم بالله إن كنت أيها الرديء السيئ لترديني معك، ولولا نعمة ربي لكنت حاضرًا في العذاب معك في هذا المكان.
فالنجاة النجاة أيها الأحبة.. النجاة النجاة.. إن الصاحب ساحب والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، واسمعوا في نهاية هذه الخطبة لوصية محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: "لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي".
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.. اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم