عناصر الخطبة
1/ وجوب نصرة المسلمين والدفاع عنهم 2/ مواقف عظيمة في تاريخ السلف لنصرة المسلمين 3/ التحالف العسكري منطلق إسلامي رشيد 4/ أهمية إحياء روح المودة والأواصر والتعاون والنصرة بيننا 5/ مفاتيح النصر على الأعداء 6/ الحاجة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة 7/ وصايا لرواد المواقع والكُتَّاب والمغردين.اقتباس
لقد حملت كتب التاريخ والمغازي عِبراً للمسلمين اليوم عِبراً في العزة بدين الله -عز وجل- والتمسك بشريعته -سبحانه وتعالى-، وتأصيلاً عمليًّا لواجب الدفاع عن المسلمين، ونصرتهم ودفع العدوان عنهم، لقد حفظ لنا التاريخُ مواقفَ وضَّاءةً لأسلافنا، حرَّكتهم صيحاتُ المستغيثين، وألهبتهم آهاتُ المكلومين.. فيومَ أن كنا خير أمَّة، كانت تتكافأ دماؤنا، ويسعى لذمَّتنا أدنانا، ونحن يد على من سوانا.. يوم أن كنا خير أمَّة، فكَكْنا العاني، وأجبْنا الداعيَ، وأغثنا الملهوف، ونصرْنا المظلوم...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عباد الله:
إن نصرة المسلمين والدفاع عنهم، ومراعاة أحوالهم وشئونهم لمن أسس الشريعة الإسلامية التي حثت على الاهتمام بأمور المسلمين، بل إن نصرة أهل الإسلام من الواجبات الشرعية؛ فكيف إذا كانوا مظلومين، أو مستضعفين في بلادهم، لنصرهم في ذلك أعظم وأكبر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخـو المسلم لا يظلمه ولا يخذله".
وعن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى منه عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (متفق عليه).
فالأمة كالجسد الواحد، يتألم الواحد لألم الآخر، ويتوجع لوجعه، ويفرح لفرحه، هكذا دعا الإسلام أهله.
ومن صميم هذه العلاقة الإيمانية: نصرهم والوقوف إلى جانبهم في مواجهة العدوان لقوله -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ) [الأنفال:72].
وكذلك نصرهم والوقوف إلى جانبهم في مواجهة العدوان لقوله -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ) [الأنفال:72].
أيها المسلمون:
لقد حملت كتب التاريخ والمغازي عِبراً للمسلمين اليوم، عِبراً في العزة بدين الله -عز وجل- والتمسك بشريعته -سبحانه وتعالى-، وتأصيلاً عمليًّا لواجب الدفاع عن المسلمين، ونصرتهم ودفع العدوان عنهم، لقد حفظ لنا التاريخُ مواقفَ وضَّاءةً لأسلافنا، حرَّكتهم صيحاتُ المستغيثين، وألهبتهم آهاتُ المكلومين..
فيومَ أن كنا خير أمَّة، كانت تتكافأ دماؤنا، ويسعى لذمَّتنا أدنانا، ونحن يد على من سوانا...
يوم أن كنا خير أمَّة، فكَكْنا العاني، وأجبْنا الداعيَ، وأغثنا الملهوف، ونصرْنا المظلوم...
يوم أن كنا مستجيبين لله وللرسول صدقًا، تمثَّلْنا قولَ الله حقًّا: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) [الأنفال: 72].
من هذه المواقف التي سطَّرها لنا سلفنا الصالح في أسطرٍ من نور في صحائف لا زالت تحمل لنا إلى اليوم هذه العزة، خبر تلك المرأة الأنصارية المسلمة في سوق بني قينقاع:
فقد دخلت تلك المرأة السوقَ، وهي في كامل حشمتها وسترها، وحيائها وعفافها، وكان سماسرة هذا السوق وأهله هم من يهود بني قينقاع، كانوا يعملون في صياغة الحلي والمجوهرات.
وقفت تلك المرأة الشريفة عند صائغ يهودي تساومه على بضاعة أرادتها، فالتفَّ حولها مجموعةٌ يهودية قذرة، جعلوا يراودونها على كشف وجهها، والمرأة تأبى وتتمنَّع.
فما كان من أحدهم إلا أن عمد إلى ثوبها - وهي قاعدة غافلة - فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سَوْءتها, فتضاحك اليهود وتمايلوا، فصاحت المرأة المقهورة: يا أهل الإسلام! فقام رجل من المسلمين قد أحرقت الغيرةُ صدرَه، فقتل اليهودي، فتنادى اليهود وتمالئوا، حتى قتلوا الرجل المسلم.
وتَطير الأخبارُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابتِه الكرام، ويقع هذا الحدث في قلوبهم موقعًا عظيمًا، فاتَّفقتْ كلمتهم على نصرة الدم المسلم، وكرامة العرض المسلم، فعقد النبي -صلى الله عليه وسلم- لواء، وأعطاه لعمه حمزة بن عبدالمطلب.
مضى اللواء الإسلامي وهو مصمِّم على تأديب هذه السلالة المرذولة الخائنة، وما أن تسامع اليهود بمقدم لواء حمزة بن عبدالمطلب، حتى تطايروا خلف أسوارهم، واختبئوا في حصونهم.
فحاصرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- خمس عشرة ليلة، وقذف الله في قلوبهم الرعبَ, فأيقنوا بالهلاك، أعلنوا بعدها الاستسلام، والنزول على حكم رسول الله.
أيها المسلمون:
إن الظروف الأمنية التي يعصف لهيبها بالمنطقة لا تكاد تخفى على أحد، حتى غدت أحداثها مائدة تلوكها الألسن يومياً.
وكما أن الله يصطفي من عباده من يشاء فله الحكمة البالغة –سبحانه- في اصطفاء الأمكنة والبُقع كمكة والمدينة وأرض الشام ونحوها، فلقد وفَّق الله قادة بلاد الحرمين الشريفين للقيام بدورهم، وتبؤ مكانتهم التي وهبهم الله إياها، فسعوا لخدمة الحرمين الشريفين، وطباعة المصحف الشريف، والسعي لراحة حجاج بيت الله الحرام، ومسجد سيد الأنام -عليه الصلاة والسلام- والوقوف صفاً واحداً في نصرة قضايا المسلمين، وجمع كلمتهم، وتوحيد صفهم، ودعم اقتصادهم، والمساهمة في سدّ حاجاتهم، ومن ذلك ما وفقهم الله من إنشاء تحالف إسلامي عسكري، يهدف إلى نصرة المسلمين المستضعفين والدفاع عنهم.
إنها خطوة على طريق الحق، وأولى خطوات التمكين لهذه الأمة التي ذاقت من أيدي عدوها الأسى لسنوات كثيرة.
إن منطلق هذا التحالف العسكري منطلق إسلامي رشيد، أراد الله -عز وجل- أن يعيد به كرامة الأمة وعزتها وشرفها، وكان هذا التحالف الإسلامي بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وشاركت فيه أكثر من 34 دولة إسلامية.
إننا جميعا بحاجة إلى إحياء روح المودة والأواصر والتعاون والنصرة بيننا جميعًا، فالمسلمون جميعًا كالجسد الواحد، يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم..
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انصُر أخاكَ ظالِمًا أو مظلُومًا»، فقال رجلٌ: يا رسول الله! أنصُرُه إذا مظلُومًا، أفرأيتَ إن كان ظالِمًا كيف أنصُرُه؟ قال: «تحجِزُه أو تمنَعُه من الظُّلم، فإن ذلك نصرُه» (رواه البخاري).
وبهذا التآلُف والتلاحُم يتمكَّنُ أبناءُ الأمة من البناء والتنمية، وإعمار الأوطان، وتشييد العُمران.
إن مفاتيح النصر على الأعداء تكمن في معرفة سر القوة، ومكمن القدرة، فالنصر مع الصبر، وبالتقوى والصبر تتحقق العزة والغلبة (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) [آل عمران: 120]، (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 90].
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية:
في حال الشدائد تقلُّ نسبة الوعي عند كثير من الناس بكيفية إدارة الأزمة، والتكيّف مع ضغوط المرحلة؛ حيث يفقد الكثيرون توازنهم في التعاطي مع ظروفها.
إن الشدائد والأزمات تتطلب جهداً مضاعفاً من العلماء والمفكرين والمثقفين، في توعية الناس بآلية إدارة المرحلة، وبث روح الفأل، والتثبت عند نقل الأخبار، وعزوها إلى مصادرها، وعدم افتعال الحروب الفكرية أو الكلامية، وإشعال لهيب الشعارات القبليّة والطائفية، أو إيقاد حُمَّى التصنيفات المنهجية؛ إذ الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى اصطفاف الصفوف، وترسيخ المبادئ، وتعزيز الانتماء، وتآلف القلوب، فقد نختلف فِكراً .. لكن نتفق روحاً.
ومهما بلغ سيل الاختلافات والتوجهات الفكرية، فإن ذلك كلَّه ليس مسوغاً لطغيانها على المصالح الكبرى، وإشعال فتيل التناحر الداخلي، والانشغال به عن صد عدوان العدو الخارجي .
فيا رواد شبكات التواصل الاجتماعي، يا كُتاب الأقلام: كفانا مهاترة كلامية .. كفانا سجالات فكرية ..كفانا اصطفافات منهجية .. كلنا مسلمون، شعارنا الرباني (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) [الحج: 78].
أشيعوا روح التسامح والعدل، أيقظوا في النفوس عزتها وكرامتها، كونوا صفاً واحداً مع دولتكم وعلمائكم وقيادتكم في مشروعها التاريخي العظيم، في إعادة رسم خريطة جزيرة العرب كما كانت، خالية من عبث الفرس وأذنابهم من العرب.
إن التاريخ اليوم يكتب تفاصيل حروفه بيد الشرفاء ليسطرها بمداد من نور عبر صفحات الزمن، بتضحيات قلَّ نظيرها، وعزَّ مثيلها، لرجال أوفياء، وجنود عظماء، والبعض لا يزال منشغلاً بمسائل فرعية، وخلافات جزئية !
والعاقل خصيم نفسه، و«الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله» (رواه الترمذي بسند حسن).
ثم صلوا وسلموا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم