فضل كظم الغيظ

عبد الله بن محمد الخليفي

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/حث الإسلام على التحلي بالأخلاق الفاضلة ونهيه عن الأخلاق السيئة 2/الغضب جماع الشر والتحرز منه جماع الخير 3/حلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعفوه

اقتباس

كان الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يأمر من غضب: أن يدفع عنه الغضب بكل وسيلة، فقد ينشأ عن ذلك كثير من الأفعال المحرمة، كالقذف والسب، والفحش، ونحو ذلك؛ كالأيمان التي لا يجوز التزامها في الشرع، وكطلاق الزوجة الذي يعقبه الندم. فالواجب على المؤمن: أن يتقي ربه، وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له، أو...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، أحمده وأتوب إليه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على عبدك ورسولك، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما مزيدا.

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، واعملوا أن كل مسلم مأمور أن يتخلق بالأخلاق العالية الفاضلة، ومنهي عن تعاطي كل خلق مذموم، فقد جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن شيء ينفعه في دينه، فقال له: "لا يغضب" كررها ثلاثا.

 

فهذا الرجل -أيها المسلمون-: طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يوصيه وصية موجزة جامعة لخصال الخير، ليحفظها عنه، خشية أن لا يحفظها لكثرتها.

 

ووصاه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يغضب، ثم ردد هذه المسألة ثلاثا، والنبي -صلى الله الله عليه وسلم- يردد عليه هذا الجوب.

 

فهذا يدل -رحمكم الله-: أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير.

 

وكان الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يأمر من غضب: أن يدفع عنه الغضب بكل وسيلة، فقد ينشأ عن ذلك كثير من الأفعال المحرمة، كالقذف والسب، والفحش، ونحو ذلك؛ كالأيمان التي لا يجوز التزامها في الشرع، وكطلاق الزوجة الذي يعقبه الندم.

 

فالواجب على المؤمن: أن يتقي ربه، وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له، أو لغيره، وانتقاما.

 

وكانت هذه حال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء.

 

ولم يضرب بيده خادما ولا امرأة إلا أن يجاهد في سبيل الله.

 

وخدمة أنس -رضي الله عنه- عشر سنين، فما قال له أف قط، ولا قال له لشيء فعله لم فعلت كذا؟ ولا لشيء لم يفعله ألا فعلت كذا؟

 

وسئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: "كان خلقه القرآن" يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه.

 

وكان صلى الله عليه وسلم لشدة حيائه لا يواجه أحدا بما يكره، بل تعرف الكراهة في وجهه.

 

ولما بلغه ابن مسعود قول القائل: "هذه قسمة ما أريد بها وجه الله" شق عليه صلوات الله وسلامه عليه ذلك، وتغير وجهه، وغضب، ولم يزد على أن قال: "لقد أوذي موسى بأكثر من هذا، فصبر".

 

وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى أو سمع ما يكرهه الله، قام فغضب لذلك، وقال فيه ولم يسكت.

 

وقد دخل بيت عائشة -رضي الله عنها- فرأى سترا فيه تصاوير، فتلون وجهه، وهتكه، وقال: "إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور".

 

ولما شكي إليه الإمام الذي يطيل بالناس صلاته، حتى يتأخر بعض المصلين عن الصلاة معه، غضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واشتد غضبه، ووعظ الناس، وأمر بالتخفيف.

 

وقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أخبر عن رجلين عن كان قبلنا كان أحدها عابدا، وكان الآخر مسرفا على نفسه، وكان العابد يعظه فلا ينتهي، فرآه يوما على ذنب استعظمه، فقال: "والله لا يغفر الله لك، فغفر الله للمذنب، وأحبط عمل العابد".

 

قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "لقد تكلم بكلمة؛ أوبقت دنياه وآخرته".

 

فكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يحذر الناس أن يقولوا مثل هذه الكلمة في غضب.

 

فهذا -عباد الله- قد غضب لله، ثم تكلم في حال غضبه، بما لا يجوز، وحتم على الله بما لا يعلم، فأحبط عمله، فكيف بمن تكلم في غضبه لنفسه بما لا يجوز بمجرد هواه؟!

 

فاتقوا الله -عباد الله-: وحاسبوا أنفسكم، واردعوها عن معاصي الله.

 

(وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ)[البقرة:281].

 

(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة:7-8].

 

أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

المرفقات

فضل كظم الغيظ

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات