فضل سورة الإخلاص وتفسيرها

علي بن يحيى الحدادي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/أهمية القرآن وفضله 2/فضل سورة الإخلاص 3/مواطن استحباب قراءة سورة الإخلاص 4/سبب تسمية السورة بالإخلاص 5/شرح سورة الإخلاص

اقتباس

إن من أعظم سور القرآن شأناً: "سورة الإخلاص" سورة: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فجاء في بيان فضلها عدد من الأحاديث عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- منها: ما ينبه على كثرة ثوابها للترغيب في تلاوتها. ومنها: ما يشُّرع لنا القراءة بها في مواطن معينة، ل...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

أما بعد:

 

فإن القرآن الكريم كتاب مبارك، لا كتابَ أفضلُ منه، فكل سوره وآياته، جليلة القدر، عظيمة النفع، كثيرة البركة، فيها الهدى والنور، وسبب السعادة والسرور، وكثرة الثواب والأجور، ومع ذلك فالله قد خص بعض سوره، وبعض آياته، بمزيد من الفضل والتكريم، والإجلال والتعظيم، على سائره، وباقيه ولله في ذلك الحكمة البالغة.

 

وإن من أعظم سور القرآن شأناً: "سورة الإخلاص" سورة: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فجاء في بيان فضلها عدد من الأحاديث عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- منها: ما ينبه على كثرة ثوابها للترغيب في تلاوتها.

 

ومنها: ما يشُّرع لنا القراءة بها في مواطن معينة، ليحرص المسلم على تحري السنة في تلك الموطن، فيقرأ بها فيها، فيصيب ثواب السورة، وثواب اتباع السنة.

 

فمن فضلها: أنها تعدل ثلث القرآن الكريم، أي في الثواب والأجر، كما ثبت عن أبي هريرة قال: خرج إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "أقرأ عليكم ثلث القرآن" فقرأ: قل هو الله أحد الله الصمد، حتى ختمها [رواه مسلم].

 

وعن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟" قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: "قل هو الله أحد، تعدل ثلث القرآن" [رواه مسلم].

 

وبشر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أحبها بأن حبه إياها أدخله الجنة، ونال به محبة الله -تعالى-، فعن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب "قل هو الله أحد" فلما رجعوا، ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟" فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أخبروه أن الله يحبه".

 

وفي رواية الترمذي من حديث أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "حبك إياها أدخلك الجنة".

 

ويشرع للمسلم: أن يقرأ "سورة الإخلاص" في أربع صلوات، وهي الركعة الثانية من سنة الفجر، وفي الركعة الثانية من سنة المغرب، وراتبة المغرب بعدها، وفي الركعة الثالثة في الوتر، وفي الركعة الأخيرة من سنة الطواف.

 

وأما الركعة التي قبلها في هذه الصلوات كلها، فيشرع للمصلي قراءة: سورة:(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ).

 

و"سورة الإخلاص" من أذكار الصباح والمساء التي يحفظ الله بها عباده من الشرور والآفات، فعن عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- قال: خرجنا في ليلة مطر، وظلمة شديدة، نطلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليصلي لنا، فأدركناه، فقال: "قل" فلم أقل شيئا، ثم قال: "قل" فلم أقل شيئا، قال: "قل" قلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: "قل هو الله أحد، والمعوذتين، حين تمسي، وحين تصبح، ثلاث مرات، يكفيك من كل شيء" [رواه الترمذي والنسائي وصححه الترمذي].

 

وهي تعويذة مباركة، ما تعوذ أحد بمثلها؛ كما ثبت عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: أنه قال: بينا أنا أقود برسول الله -صلى الله عليه وسلم- راحلته في غزوة، إذ قال: "يا عقبة "قل" فاستمعت" ثم قال: "يا عقبة: "قل" فاستمعت" فقالها الثالثة، فقلت: ما أقول؟ فقال: "قل هو الله أحد" فقرأ السورة حتى ختمها، ثم قرأ: "قل أعوذ برب الفلق" وقرأت معه حتى ختمها، ثم قرأ: "قل أعوذ برب الناس" فقرأت معه حتى ختمها، ثم قال: "ما تعوذ بمثلهن أحد" [رواه النسائي].

 

و"سورة الإخلاص" من أذكار النوم؛ كما ثبت عن عائشة: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات" [رواه البخاري].

 

فأكثروا من قرائتها، وتدبروا معانيها، فهي من أقصر سور القرآن، ولكن فيها من الثواب والفضل ما لا يحصيه محص، ولا يعده عاد.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد:

 

فإن "سورة الإخلاص" سورة مباركة، سميت بالإخلاص؛ لأنها تخلص قارئها من الشرك، ولأن الله أخلصها لصفة نفسه سبحانه وتعالى، فليس فيها شيء غير صفة الرحمن -جل وعلا.

 

فقوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أي أحد في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، فلا رب غيره، ولا معبود بحق سواه، هو المتفرد بصفات الجلال والكمال.

 

وقوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص: 2] أي السيد الذي تقصده الخلائق في حوائجها كلها، صغيرها وكبيرها، وعاجلها وآجلها، دنياها وأخراها؛ لأنه هو الذي بيد الملك، وتصريف الأمور، وهو على كل شيء قدير، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، مالك مقاليد السموات والأرض سبحانه، فهذه الآية تبطل قصد المشركين والخرافيين للأصنام والأوثان، والموتى والغائبين، والأولياء والصالحين في حاجاتهم، فإنها لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً.

 

وقوله سبحانه: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) [الإخلاص: 3] لم يتولد من شيء، ولا تولد منه شيء سبحانه وتعالى؛ لأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، فلو كان له أب أو ولد، لكان كل منهم إله؛ لأن الفرع مثل الأصل، والله -سبحانه- لا شريك له، ولا مثل له.

 

وفي هذه الآية الكريم: رد على اليهود الذين زعموا: أن عزيراً ابن الله، ورد على النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، ورد على مشركي العرب الذين قالوا: الملائكة بنات الله.

 

وقوله تعالى: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 4] أي ليس له مثيل ولا نظير ولا سمي؛ كما قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11].

 

وكما قال تعالى: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم: 65].

 

فمن شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جعل لله نداً يدعوه أو يرجوه، أو يستغيث به، أو يذبح له، فقد أشرك، وإذا مات على ذلك كان من أهل الخلود في النار، قال تعالى عن المشركين: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) [إبراهيم: 30].

 

وإذا كانت السورة بهذه المنزلة العظيمة، فلا عجب أن يمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل من أصحابه يقرؤها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وجبت" فيسأله أبو هريرة: "ما وجبت؟" فيقول عليه الصلاة والسلام: "الجنة" [رواه الترمذي وغيره].

 

اللهم إنا نسألك تلاوة كتابك على الوجه الذي يرضيك عنا، اللهم نور به قلوبنا، واشرح به صدورنا، وادخلنا به الجنة، يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

 

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

 

اللهم وفق أمامنا، وولي عهده، وولي ولي عهده، لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، يا رب العالمين.

 

اللهم اكفنا شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن.

 

اللهم عليك بالتنظيمات الفاجرة التي تسعى للفتنة في بلادنا خاصة، وبلاد المسلمين كافة، اللهم اهتك سترها، وافضح أمرها، ورد كيدها في نحورها، إنك أنت القوي العزيز.

 

ربنا آتنا في الدنيا...

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

المرفقات

سورة الإخلاص وتفسيرها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات