فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

موقع الدرر السنية

 

وهي زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر الأسدي حليف بني عبد شمس وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من المهاجرات الأول، تزوجها صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث، وقيل سنة خمس، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة وفيها نزلت فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 27] وكان زيد يدعي ابن محمد فلما نزلت ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ [الأحزاب: 5]، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأته انتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه بحيث يتوارثان إلى غير ذلك، وكانت زينب رضي الله عنها من سادات النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به حيث كانت وفاتها سنة عشرين فرضي الله عنها وأرضاها (1) . (18)

1- فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها في القرآن الكريم

أوجه دلالات قوله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة.. على فضل زينب رضي الله عنها

هذه الآيات الكريمات دلت على عدد من فضائل زينب رضي الله عنها وهي كالتالي:

الفضيلة الأولى: دلالة الآية على إيمانها:

بحسب ما ذكره جمهور المفسرين في سبب نزول الآية الأولى فإنها تدل بكل وضوح على عمق إيمانها رضي الله عنها فرغم أنها من بيت شريف نسيب، والشأن عند العرب أنه لا ينكحها إلا مثلها إلا أنها استجابت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت بزيد زوجاً فكان عاقبة هذا الرضى والتسليم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن صار زوجها بعد ذلك هو سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.

الفضيلة الثانية: أن الله تبارك وتعالى هو الذي تولى تزويجها:

وهذا ثابت في قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 37]، فهذه الآية الكريمة تدل على أن الذي زوج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب هو الله تعالى.

 وترتب على هذا الفضيلة الثالثة: أنه لم يحصل في زواج زينب شيء مما هو معتبر في النكاح من ولي وصداق وشهود.

قال ابن القيم: (ومن خصائص زينب أن الله سبحانه كان هو وليها الذي زوجها لرسوله صلى الله عليه وسلم من فوق سماواته) (2) .

قال الشوكاني: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بغير إذن ولا عقد ولا تقدير صداق ولا شيء مما هو معتبر في حق النكاح في حق أمته) (3) . وعلى دلالة الآية على هذا ذهب غير واحد من المفسرين (4) ، وقد تأيد هذا المعنى بروايات في السنة المطهرة، فعن أنس رضي الله عنه: (أن زيداً لما خطب زينب للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن وجاء رسول الله ودخل عليها بغير إذن) (5) ...

ولهذه الفضيلة كانت رضي الله عنها تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات) (6) .

وفي رواية: (إن الله أنكحني في السماء) (7) .

وكانت رضي الله عنها تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن: أن جدي وجدك واحد، وأني أنكحنيك الله من السماء، وأن السفير جبريل عليه السلام) (8) ، ولعل لأجل هذه الفضيلة أولم عليها رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يولم على امرأة من نسائه (9) .

الفضيلة الرابعة: نزول الحجاب في زواجها:

حيث ثبت أن آية الحجاب وهي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب: 53]، نزلت في قصة زواجها، وقد ثبت ذلك من حديث أنس رضي الله عنه (10) وقد عد ذلك أهل العلم من فضائلها (11) ، ولعل مرد ذلك ما يوحي به نزول الآية في وقت زواجها من مزيد العناية بها رضي الله عنها، ولعل هذا من توابع تزويج الله لها فكأنه سبحانه وتعالى زوجها، وجعل من تبعات ذلك ضرب الحجاب عليها وعلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم والأمة. (19)

2- فضل زينب في السنة

- ثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليها بين أزواجه بذكر إحدى مآثرها بصيغة يتحقق تأويلها مستقبلاً وهي الصدقة والإنفاق في سبيل الله. فقد روى مسلم بإسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً قالت فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً قالت: فكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق)) (12) .

وروى الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً، قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة قالت: وكانت زينب امرأة صناعة اليد فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله عز وجل)) (13) .

قال النووي: (معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية وهي الجارحة فكن يذرعن أيديهن بقصبة فكانت سودة أطولهن جارحة وكانت زينب أطولهن يداً في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلمن أن المراد طول اليد في الصدقة والجود... وفيه معجزة باهرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ومنقبة ظاهرة لزينب.

ووقع الحديث في كتاب الزكاة من البخاري بلفظ: متعقد يوهم أن أسرعهن لحاقاً سودة وهذا الوهم باطل بالإجماع) (14) .

4- ومن مناقبها ثناء عائشة رضي الله عنها ووصفها بصفات مكارم الأخلاق والتي اشتملت على البر والتقوى والورع.

فقد روى مسلم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها من حديث طويل وفيه ((فأرسلت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى)) (15) .

وفي حديث الإفك قالت عائشة رضي الله عنها: ((وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال: يا زينب ماذا عملت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيراً. قالت وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع)) (16) .

ففي ما تقدم من كلام عائشة رضي الله عنها فضيلة ظاهرة ومنقبة عالية لأم المؤمنين زينب رضي الله عنها وأرضاها.

وفي ذلك يقول الإمام الذهبي: ويروى عن عائشة أنها قالت: يرحم الله زينب لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوجها، ونطق به القرآن، وإن رسول الله قال لنا: ((أسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً)) فبشرها بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة (17) .

ومناقبها التي وردت بها الأحاديث والآثار كثيرة وحسبنا هنا ما تقدم.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات