عناصر الخطبة
1/حمدا لله على تيسيره حج بيته الحرام 2/فضائل أيام التشريق 3/الوصية بالتوبة ومداومة تقوى الله تعالىاقتباس
في نهاية نُسُكِكُم لازِموا التوبةَ والاستغفارَ، هكذا ينبغي للعبد كلَّما فرَغ من عبادة أن يستغفر اللهَ عن التقصير، ويشكره على التوفيق، واحذروا مخالَفةَ تلكم التوبة، واحذروا أن تَنقُضوا العهدَ وتعودوا إلى حَمْل الأوزار وأثقالها...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي وفق عباده المؤمنين لأداء النسك والأعمال الصالحات، وشرح صدور أوليائه المتقين للإيمان بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم تسليمًا، من الحكمة والآيات، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادة أرجو بها رفع الدرجات، ودخول الجنات، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهمَّ صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والمكرمات، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فيا أيها الناسُ اتقوا الله -تبارَك وتعالى- حقَّ التقوى، ورَاقِبُوه في السِّرِّ والنَّجْوَى، واعلموا أنكم ملاقوه، وبشِّر المؤمنينَ.
عبادَ اللهِ: نَحمَدُ اللهَ -تبارك وتعالى- على نعمة الإسلام، ونحمده على نعمة الأمن والرخاء، ونحمده -سبحانه وتعالى- أَنْ جعلَ الحجَّ واجبًا في العمر مرةً واحدةً من غير تَكرار، ونحمده على أن مَنَّ على حُجَّاج بيته الحرام بالتفرغ لعبادته وحدَه دون مَنْ سِوَاه، لم يَشغَلْهُم شاغلٌ، ولم يُكدِّر صفوَ إقامتهم مُكدِّرٌ، ولم يُقلقهم صراخُ ماكرٍ، ولم تُضايِقْهم محاولاتُ مفسدٍ مكابرٍ، فالحمد لله رب العالمين، وجزى اللهُ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَّ عهده الأمين، وحكومتَهما الرشيدةَ عن الإسلام والمسلمين أحسنَ الجزاء وأوفاه.
عبادَ اللهِ: إنَّ يومَنا هذا من معدودات الأيام الفاضلة التي ذكرَها اللهُ -عز وجل- في كتابه العزيز: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الْبَقَرَةِ: 203]، وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد، لمزِيَّتِها وشَرَفِها، وكون بقية أحكام المناسك تُفعَل بها، وهي أيامُ أكلٍ وذِكرٍ ودعاءٍ، وإنابةٍ واستغفارٍ، أيامُ خيرٍ وبركةٍ، ونحن اليومَ في يوم النَّفْر الأوَّل من الحجّ لمن تعجَّل، في هذا اليوم يُوَدِّع الحجاجُ مشاعرَ الحجِّ الطيبةَ المقدَّسةَ، بعد أن وقفوا بين يدَي الله -عز وجل- في تلك البقاع المفضَّلة، بعدَ أن أفاضَ عليهم الربُّ -سبحانه وتعالى وتقدَّست صفاته وأسماؤه- من نفحات جوده وكرمه، ووهب مُسيئهم لمحسنهم، وغفَر لهم ولمن شفَعُوا فيه بإذنه -تبارك وتعالى-، سينصرفون إلى أهليهم وبلادهم بعدَ أن فازوا بهذا الفضل العظيم، وبهذا الشرف الكريم، بيُسر وسهولة، وفي أمن وأمان، وراحة واستقرار، ورغَد من العيش، فهنيئًا لمن كان حَجُّه مبرورًا وسعيُه مشكورًا وعمله مقبولًا، يَخرُج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وفاز برضوان الله ورحمته، فهذه نعمة كبرى يجب شكرُها ورعايتُها، فما جزاءُ النعمةِ إلا الشكرُ، وما جزاءُ التوفيقِ إلا التزودُ من الخير والاستقامة، وما جزاءُ المغفرةِ إلا الإكثارُ من العمل الصالح، وإخلاص العمل لله -تبارك وتعالى-، وتعلُّق القلب بالله وحدَه لا شريكَ له، علِّقوا آمالَكم كلَّها بالله وحدَه، ولا تَصرِفوا منها شيئًا لأحدٍ سِوَاهُ، فهو الذي بيدِه النفعُ والضرُّ، وهو الذي بيده حياتكم وموتكم وإليه المصير.
حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ: وفي نهاية نسككم لازِموا التوبةَ والاستغفارَ، هكذا ينبغي للعبد كلَّما فرَغ من عبادة أن يستغفر اللهَ عن التقصير، ويشكره على التوفيق، واحذروا مخالَفةَ تلكم التوبة، واحذروا أن تَنقُضوا العهدَ وتعودوا إلى حَمْل الأوزار وأثقالها.
اللهمَّ اغفر لنا ولجميع المسلمين، إنك أنت الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد للهِ ربِّ العالمينَ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسَلينَ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -تبارك وتعالى-، وبمراقبته في السر والعلانية؛ فإنَّه مطلع على أحوالنا، ولا يخفى عليه شيء من أمرنا.
حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ: تمسَّكوا بكتاب ربكم، وبسُنَّةِ نبيِّكُم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتعرَّفوا على مقاصد تشريعكم، وحكمة تكليفكم؛ لتعود للإسلام والمسلمين العزة والكرامة.
ألَا وصلُّوا وسلِّموا على البشير النذير، والسراج المنير، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارضَ الله عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قَضَوْا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية الصحابة أجمعينَ، وأهل بيته الطاهرين، وعن التابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارضَ عَنَّا معهم بمنكَ وإحسانك يا أرحم الراحمينَ.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الشركَ والمشركينَ، اللهمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنا، وأيِّدْ بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهمَّ وفِّقْه لهُداكَ، واجعل عملَه في رضاكَ، اللهمَّ وفِّقْه ووليَّ عهده لما تحب وترضى، وخُذْ بناصيتهما للبر والتقوى، اللهمَّ وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين، للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-.
اللهمَّ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ، أنتَ الغنيُّ ونحن الفقراء إليكَ، أنزِلْ علينا الغيثَ ولا تجعَلْنا من القانطينَ، اللهمَّ اسقِنا وأغِثْنا، اللهمَّ إنَّا نستغفركَ إنَّكَ كنتَ غفَّارًا، فأرسِلِ السماءَ علينا مدرارًا.
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على نعمه يَزِدْكُمْ، ولذكرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعونَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم