عناصر الخطبة
1/الاستبشار بقدوم رمضان 2/وصايا في رمضان وذكر بعض فضائله.اقتباس
كذلك من الوصايا المهمة التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- جعل هذه القلوب أوعيةً لذكره -سبحانه وتعالى- وعلى قدر صلاحِ هذه القلوب يكونُ أثرُ الأعمال الصالحة فيها؛ فكيف يخشع في رمضان قلبٌ تعلق بغير الله وتعلق بما نهى الله عنه!
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعلَ لعباده مواسمَ تتضاعفُ فيها الحسنات وترفع فيها الدرجات وتكفر فيها السيئات، وفَّق من شاء من عباده لاغتنامها وخذل من شاء من عباده فأضاع أمره وعصاه.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد...
تنتظرُ قلوبُ المؤمنين بفارغ الصبر في شوق ولهفة شهراً عظيماً شهراً مباركاً إنه شهرُ رمضان، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشرُ بقدومه أصحابه؛ فقد جاء في مسند الأمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله -عز وجل- عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"، وفي مسند الأمام أحمد؛ "تفتح فيه أبواب الجنة".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصفَّدت الشياطين"(رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم؛ "فتحت أبواب الرحمة".
أتى رمضانُ مرزعةُ العبادِ *** لتطهيرِ القلوبِ من الفسادِ
فأدِ حقوقه قولاً وفعلاً *** وزادكَ فاتخذهُ إلى المعادِ
فمن زرع الحبوبَ وما سقاها *** تأوهَ نادماً يومَ الحصادِ
فأوصيكم -عبادَ الله- بكثرة شكر الله على نعمه العظيمة، ومن ذلك بلوغُ شهرِ رمضان فصيامه وقيام لياليه من أعظم نعمِ الله على عبده.
كذلك من الوصايا عقد العزيمة الصادقة على إحسان التعبد لله في هذا الشهر؛ فعلينا أن نُريَ الله -عز وجل- قلوباً صادقة مخلصة تريدُ وجهه وتريدُ ما عنده -سبحانه وتعالى- قال تعالى: (إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[الأنفال: 70].
كذلك من الوصايا استغلال الوقت بالأعمال الصالحة والتزود بالزاد الحقيقي زاد التقوى؛ قال تعالى: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ... خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)؛ فقد يكونُ هذا الشهرُ أخرُ شهرٍ تصومُه، وما يدريك فالموتُ يأتي بغتة.
كذلك من الوصايا المهمة التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- جعل هذه القلوب أوعيةً لذكره -سبحانه وتعالى- وعلى قدر صلاحِ هذه القلوب يكونُ أثرُ الأعمال الصالحة فيها؛ فكيف يخشع في رمضان قلبٌ تعلق بغير الله وتعلق بما نهى الله عنه!
كذلك مما أوصي به إخواني البذل والصدقة في هذا الشهر المبارك؛ فنبينا -صلى الله عليه وسلم- كان كثيرُ الجود فيه؛ ففي البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ؛ فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
والله -سبحانه وتعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ويقول تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ).
ففي هذه الآيات وغيرِها كثير يحث الله العباد على الإنفاق والصدقة في أوجه الخير، ويذكرهم نعمته عليهم بأنه هو الذي رزقهم فالمال الذي في أيديهم من الله ولم يأمرهم الله -سبحانه- بإنفاقه كله بل أتى ب( مِن) التي تدل على التبعيض، وحثهم على المبادرة إلى ذلك في الحياة الدنيا قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مالٌ لا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.
وقبل أن يأتي يوم يتمنى الإنسان فيه لو يؤخر في أجله ولو شيئاً يسيراً حتى يتصدق فلا يؤخر كما قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ).
عباد الله: إن الإنفاق والصدقات في أوجه في الخير من أسباب البركة في الأموال ودفع الآفات عنه؛ يقول عليه الصلاة والسلام: "مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ".
عباد الله: إن الشيطان يعدنا الفقر إذا أنفقنا ويجعلنا نسيء الظن بربنا والله يعدنا مغفرة منه وفضلا؛ قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[البقرة: 268]، ويقول تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ: 39].
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يبلغنا شهرَ رمضان وأن يوفقنا لصيامه وقيامه وأن لا يجعلنا من المحرومين.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
ومن فضائل الصدقة -عبادَ الله- أنها تكفر الخطايا؛ كما في حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- في الترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والصدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يطفئ النارَ الماءُ".
ومن فضائل الصدقة أن هناك بابٌ من أبواب الجنة الثمانية أعده الله للمتصدقين في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة".
ومن فضائل الصدقة -يا عباد الله- أنها دليل على صدق إيمان صاحبها؛ فالمال محبوب للنفوس ولا يبذل إلا لما هو أحب، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والصدقة برهان" يعين دليل على إيمان صاحبها وصدقه وإحسان ظنه بربه.
ومن فضائل الصدقة أن المتصدق الذي يتخفى بصدقته يكون في ظل عرش الرحمن يوم القيامة؛ كما في حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر منهم "ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شمالُه ما تنفق يمينه".
ومن فضائل الصدقة ما ينال المتصدق من دعوات الضعفاء والمساكين والمرضى الذي فرج كربتهم؛ فهذه أرملة مسكينة وعندها أيتام لا مال لها تنام على هموم صغارها وتصحى على همومهم، فيأتي هذا الجواد المحسن المتصدق فيفرج كربتها، فلا تملك إلا أن تدعو الله له، فقد يكون المُتصدق مريضاً فيشفى أو مهموماً فيفرج الله همه بسبب هذه الدعوات الصادقة وقد ثبت في البخاري عن مصعب بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم".
عبادَ الله: أبواب بذلِ المالِ كثيرةٌ ولكن من الأبواب التي فيها أجرٌ عظيم السعي في سداد ديون من سجنوا بسبب الديون وديونهم يسيرة ليست بسبب النصب والاحتيال على الناس؛ بل أخذوها في حاجة من الحاجات وبعضهم من إخواننا المسلمين من خارج هذه البلاد وأمضوا مدة من الزمان في السجن بسبب هذه الديون ولا يستطيعون سدادها، فهؤلاء الأجر في سدادَ ديونهم عظيم، بل إن الله -سبحانه وتعالى- جعل من أصناف الزكاة الثمانية التي نعطيهم الزكاة الغارمين وهم من عليهم ديونٌ لا يستطيعون سدادها؛ فكيف إذا كانوا قد سجنوا بسببِ هذا الدين فهم من أحقِ الناس أن يُبذل لهم المال وفي ذلك تفريجٌ لكربتهم وكربة زوجاتهم وأولادهم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من فرج عن مسلم كربةً فرج الله عنه كربةً من كُربِ يوم القيامة".
وقد يقول قائلٌ كيف الطريق إلى ذلك حتى تصل الأموال إلى هؤلاء؟
والجواب: من أحسنِ الطرق وأوثقها وأسرعها لوصولِ هذه الصدقات وممكن أن تشارك ولو باليسر عن طريق المنصات الرسمية ومن ذلك منصة إحسان.
فالله الله -عبادَ الله- في البذل والإحسان خاصةً في شهرِ رمضانَ، أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يبلغنا شهرَ رمضان وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم