فضائل العلماء ومكانتهم في الإسلام

عبدالمحسن بن محمد القاسم

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/اصطفاء الله للعلماء وتكريمه لهم 2/أمثلة لمن اصطفاهم الله بحمل العلم من الملائكة والناس 3/جهود العلماء في حفظ العلم والعناية به 4/اختصاص أمة الإسلام بالإسناد ودلالة ذلك 5/نماذج طلب العلماء للعلم وجهدهم في ذلك 6/واجب المسلمين الآن نحو العلم والعلماء

اقتباس

وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في العلماء ما قاله الإمام الطحاوي -رحمه الله-: "وعلماء السلف من السابقين والتابعين ومَنْ بعدَهم من أهل الخَبَر والأثَر وأهل الفقه والنَّظَر لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومَنْ ذكَرَهم بسوء فهو على غير السبيل"...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرًا.

 

أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى، فتقوى الله نور البصائر وبها تحيا القلوب والضمائر.

 

أيها المسلمون: اختار الله لعباده دينًا يتعبَّدون به ربَّهم، وبعث رُسُلًا لتبليغه لهم، واتفقت كلمة العلماء على أن حفظ الدين رأس الضروريات الخمس؛ فحِفْظُه مقدَّمٌ على حفظ النفس والعقل والعِرْض والمال، وكانت مهمة حفظ الدين في الأمم السالفة موكولةً إلى الأنبياء وأتباعهم، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ)[الْمَائِدَةِ: 44]، وبعد رحيلهم نال دينَهم التحريفُ والتبديلُ، أمَّا هذه الأمة فالذي تولَّى حفظَ دينِها هو الله، قال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الْحِجْرِ: 9]، ووعدُه يتضمَّن حفظ ألفاظ القرآن العظيم ومعانيه، وحفظ السُّنَّة المبيِّنة له إلى قيام الساعة، فانتدَب سبحانه لذلك أشرفَ خَلْقِه وكرَّمَهم به، وجعَل اشتغالَهم بحفظ دينه من أعظم مناقبهم وأخص مآثِرهم، فاصطفى جبريل -عليه السلام- واسطة بينه وبين رسله واسطة في تبليغ الدين، فحفظ ما أوحى إليه ربه من كلامه -سبحانه- ونزل به على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكان يذاكره القرآنَ كلَّ عام مرة، وعرَض عليه القرآن عام وفاته مرتينِ، فأدَّاه على أتم وجه وأكمل صفة، قال جل وعلا: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)[الشُّعَرَاءِ: 192-194]، ولغيره من الملائكة نصيب وافر في حفظ الدين، فمنهم مرصَدون في السماء لحفظ الوحي من استراق الشياطين، ومنهم من نزل من السماء مع الآيات العظام، ومنهم من قاتَل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزواته حماية للدين ونصرة لأهله.

 

والأنبياء -عليهم السلام- حفظوا الدين كما أمرهم الله به، واحتملوا في ذلك من المشاق ما لا يطيقه أحدٌ سواهم؛ فمنهم من أوذي ومنهم مَنْ أُخرِج من بلده، ومنهم من لم يستجب أحد لدعوته، ومنهم مَنْ قُتِلَ، قال سبحانه: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)[الْأَحْقَافِ: 35]، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أحرص ما يكون على حفظ ما أُنزِلَ إليه من ربه، فكان يسابِق جبريل بقراءة القرآن إذا ألقاه إليه خوفًا من النسيان، فضَمِنَ له ربُّه أن ييسِّر له حفظَه، (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)[الْقِيَامَةِ: 16-19]، وقد لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- في سبيل حفظ الدين وتبليغه لأمته أشد الأذى؛ فرُمي بالكذب والكهانة وطُعن في عقله وعِرْضه، وأُخرِج من بلده، وعُمِلَ له السحرُ، وتكالَب عليه الأعداء، وقاتَلَه قومُه فشُجَّ في رأسه وكُسِرت رباعيتُه، وقُتِلَ أصحابُه بين يديه، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر أصحابه بحفظ القرآن وتعاهُدِه وأَذِنَ لهم في كتابته وكتابة سُنَّتِه، وأمرَهم بتبليغهما لمن بعدهم فقال: "بلغوا عني ولو آية"(رواه البخاري)؛ فحرص الصحابة -رضي الله عنهم- أشدَّ الحرص على حفظ الدين، واعتنَوْا بذلك عنايةً عظيمةً لا يبلغها أحدٌ بعدَهم، فكتبوا القرآنَ الكريمَ على الجلود والعظام والحجارة، وحفظوه في صدورهم، وبلغوه غضًّا طريًّا إلى مَنْ بعدَهم، ونقلوا إليهم سُنَّة نبيهم -عليه الصلاة والسلام- قولًا وفعلًا، قال سعيد بن جبير -رحمه الله-: "كنت أكتب عند ابن عباس -رضي الله عنهما- في صحيفتي حتى أملأها، ثم أكتب في ظهر نعلي، ثم أكتب في كفي"، وتحرَّوْا في ذلك غايةَ التحري، مع دقة نقل ألفاظ الحديث والنُّصْح للأُمَّة، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وكلُّ خيرٍ فيه المسلمون اليومَ إلى يوم القيامة من الإيمان والإسلام والقرآن والعلم والمعارف والعبادات ودخول الجنة والنجاة من النار فإنما هو ببركة ما فعله الصحابةُ الذين بلَّغوا الدينَ".

 

ثم قيَّض الله من بعدهم علماء يجمعهم الصدق في تعليم الناس وحفظ الدين، لم يُخَصُّوا ببلد أو قوم أو جنس أو لون، بل فيهم الصغار والكبار، والفقراء والأغنياء، والعبيد والأحرار، والوضعاء والوجهاء، ومنهم الصحيح القوي، ومنهم الأعمى والأعور والأصم، فكتبُوا وحفظوا وصبروا على الفقر والجوع والخوف والأذى، وبذلوا أنفسَهم وأموالَهم وأعمارَهم، ما جعلهم آيةً في تحقيق ما وعَد الله بحفظه من أمر الدين.

 

وتبحَّر كل صنف من العلماء في فنه، وكان أكثرهم جامعينَ بين أنواعه مضيفين إليه من علم الدنيا ما فيه نفع الخَلْق، فأهل القرآن والتفسير أحصَوْا ألفاظَ القرآن وحروفَه، وبيَّنوا معنى كل كلمة فيه سواء كانت مفردة أو مركبة، وضبطوا قراءاته وما تشابَه من آياته، وأتقَنُوا طرقَ أدائه وما يلزم لتجويد حروفه وإحسان تلاوته، وشرحوا غريبَه واستنبَطوا أحكامَه، وحرَّرُوا وقتَ نزول كل آية ومكانها، في سَفَر أم حضَر، وفي صيف أم شتاء، وفي ليل أم نهار، وعلى دابة أم على الأرض أو على بساط، وأسباب نزوله ومَنْ نزَل فيه، ومواضع الوقف والابتداء في كلماته، وشرحوا فضائله وآداب تلاوته وتعلُّمه وتعليمه، ودوَّنوا فيه كل صغير وكبير مما يبقى به القرآن محفوظَ اللفظ والمعنى، قال علي بن عبيد الله -رحمه الله-: "مكَث محمد بن جرير -رحمه الله- في تفسيره أربعين سنة".

 

وانبرى علماء النقل والنُّقَّاد لعلم الرواية والإسناد؛ فطافوا البلدان وصبروا على مرارة الاغتراب ومقاساة الأحوال، منهم الإمام أحمد -رحمه الله- طاف الدنيا مرتينِ، حتى جمَع المسنَدَ، فحفظوا أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وتقريراته، وضبَطُوا ألفاظَه ورواياتِه، واختلافَ الرواة واتفاقَهم وزيادة بعضهم على بعض، فلم تَفُتهم من سُنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- مقالة ولا حادثة ولا خبر ولا قصة، ولا هيئة ولا صفة ولا شيء، قال أبو حاتم الرازي -رحمه الله-: "أول ما خرجتُ في طلب الحديث أقمتُ سبع سنين أحصيتُ ما مشيتُ على قدمي زيادةً على ألف فرسخ؛ -أي: أكثر من ثمانية آلاف كيلو متر-، ولم أزل أحصي حتى لما زاد على ألف فرسخ تركتُه"؛ أي: العَدّ.

 

جمَعُوا -رحمهم الله- الحديث وصنَّفوه صحاح ومسانيد، سننًا ومعاجم ومصنَّفات، انتقَوْها من آلاف الروايات، ومقدَّمُهم في ذلك الإمام البخاري -رحمه الله-، قال عن صحيحه: "صنَّفتُ الصحيحَ في ست عشرة سنة، وخرجتُه من ستمائة ألف حديث، وجعلتُه حجةً بيني وبينَ اللهِ"، قال النووي -رحمه الله-: "اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان؛ البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمةُ بالقَبول".

 

جهابذة العلماء جلَّوْا معانيَ الأحاديث وتكلَّموا على الرُّواة ومراتبهم، وأوضَحُوا المشكلات، وشرحوا المبهَمات وكشفوا التصحيف والتحريف، وكانوا حراسًا على السُّنة يذبُّون عنها الكذب والتبديل، فلا يروج عليهم حرف فما فوقه من الكذب، واختصت هذه الأمة من بين الأمم بالإسناد ومعرفة الصحيح من السقيم، ولم يكن عند الأمم قبلَنا إسناد ولا تمييز بين أقوال أنبيائهم وما زيد فيها، قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "الملائكة حُرَّاس السماء، وأصحاب الحديث حُرَّاس الأرض".

 

وعلماء العقيدة بيَّنوا مسائل الاعتقاد وقرَّرُوها وجمعوا أدلتَها ويسَّروها للناس، وأبانُوا لهم ربوبية الله وأسماءه وصفاته، وأن ألوهيته لازمة لذلك، وأبطَلُوا شُبَهَ المشبِّهين، جامعينَ بين المنقول والمعقول، والفقهاء مهَّدوا بأفهامهم الثاقبة طريقَ الاستنباط من القرآن والحديث، ووضعوا للفقه أصولًا وقواعد جامعة، وأشباهًا ونظائر، فكانت آلة استخراج الأحكام من النصوص ومعيار الفهم الصحيح، وبيَّنوا أحكام أفعال المكلَّفين وفرَّعوها فروعًا ليسهُلَ الوقوفُ عليها، وقاسُوا النوازلَ على المنصوص وأوضَحُوا تفاصيل العبادات والمعامَلات.

 

واللغة آلة العلم، بها يُفهَم ويُعقَل ويُبلَّغ ويُنقَل، فاتخذ علماؤها الوحيَ مصدرَها الأول، ثم تتبَّعوا ألفاظَ اللُّغة من أفواه العرب، فجمَعوها ورتَّبوها ودوَّنوا معانيَها وقرَّبوا، وميَّزوا اللحن من الصواب، ووضعوا قواعد تضبط الإعراب وتُقِيم الألسنَ وتحفظ البيانَ، وتُدرَك بها بلاغتُه وتُوزَن بها فصاحتُه.

 

والتاريخ ديوان الخليقة ومرشِد إلى سنن الله في بَرِيَّتِه، وأشرف ما فيه سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فدوَّن علماء السيرة حياةَ النبي -عليه الصلاة والسلام- وشمائله وأخلاقه وصفاته وهيئاته، وكل دقيق منها وجليل؛ من اسمه ونسَبِه وعُمْره، ومولده ووفاته، وبعثته وما بُعِثَ به وهجرته، وأزواجه وبنيه وبناته، وأصحابه وأحبابه، وصفة خلقه وشمائله وخُلُقه، وسراياه وغزواته، وآنيته وسيوفه ورماحه ودوابِّه وألوان ثيابه، وصفة نعله ونوع الطِّيب الذي كان يتطيَّب به، وهيئته في نومه وعدد أنفاسه إذا شرب الماء، وصفة أكله وما كان يحب منه وصفة مشيه وضحكه وبكائه، وعدد الشعرات البيض في لحيته ورأسه.

 

ولا زال العلماء قرنًا بعد قرن يحفظون الدِّينَ وينقلونه لمن بعدَهم؛ جامعينَ بين العلم والعبادة، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- إذا صلَّى الفجر جلَس يذكر اللهَ إلى قريب من انتصاف النهار، دوَّنوا الكتب وعلَّموا وبذَلُوا فيه الأوقات، كتَب ابنُ الجوزي -رحمه الله- بيده أكثر من ألفَيْ مجلَّد، وقال ابن كثير -رحمه الله- عن كتابه "جامع المسانيد": "لا زلتُ أكتب فيه في الليل والسراج يُنَوْنِصُ؛ أي: يضعُف حتى ذهَب بصري معَه.

 

صبروا على الشدائد والمصاعب، أفضى بالإمام مالك -رحمه الله- طلبَ الحديث إلى أن نقَض سقف بيته فباع خشبه، وقيل للشعبي -رحمه الله-: "من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بالسير في البلاد وصبر كصبر الجماد"، ومن نظر في سيرهم ظن أنَّها ضربٌ من الخيال، أو مبالَغةٌ في المقال، ولكن هذا حال العلماء العظام الذين تحقَّق على أيديهم قولُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغنَّ هذا الأمرُ -أي: الدِّينُ- ما بلَغ الليلُ والنهارُ، ولا يترك اللهُ بيتَ مدرٍ؛ -أي: في المدن-، ولا وَبَرٍ؛ -أي: في البادية-، إلا أدخَلَه اللهُ هذا الدينَ"(رواه أحمد).

 

وبعد أيها المسلمون: فقد تفضَّل الله علينا بحفظ الإسلام قرونًا متطاولة، فوصَلَنا غضًّا طريًّا كأنه نزل هذه الساعة، وسيبقى كذلك إلى قيام الساعة، لم تُطمَس منه شعيرةٌ، ولم يَسقُط من القرآن العظيم حرفٌ، ولم يُفقَد من السُّنَّة شيءٌ مع مرور الزمان وتقلُّباته بما فيه من الحوادث والحروب، والفقر والجوع والفُرْقة والنزاع، والكيد للدِّين، والتطاول على أحكامه والسخرية بتشريعاته ورسوله، والمؤمن يسعى غايةَ جهده ليكون ممَّن شَرُفَ بحفظ الشريعة ونقلها، بطلب العلم والحثّ عليه، وتنشئة أبنائه على محبة الدين وحفظه وتعلمه وتعليمه، واقتدائه بمن سلَف من علماء الأمة، ففيه العزُّ والخيرُ.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 23-24].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفِروه، إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا مزيدًا.

 

أيها المسلمون: على العباد أن يشكروا الله أن حفظ لهم الإسلام ورزقهم اتباعه، وتوقير العلماء من تعظيم الله وتعظيم الدِّين؛ فَهُمُ الذين حمَلُوا لنا ميراثَ النبوة، وقد أعلى اللهُ شأنَهم بقوله: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[الْمُجَادَلَةِ: 11]، قال الإمامان أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله وليٌّ".

 

وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في العلماء ما قاله الإمام الطحاوي -رحمه الله-: "وعلماء السلف من السابقين والتابعين ومَنْ بعدَهم من أهل الخَبَر والأثَر وأهل الفقه والنَّظَر لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومَنْ ذكَرَهم بسوء فهو على غير السبيل".

 

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، الذين قَضَوْا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مطمئنًا رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في مكان، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أَنْزِلْ علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]، اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ عهده لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهما للبر والتقوى، وانفع بهما الإسلامَ والمسلمينَ.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].

 

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونِعَمِه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].

 

المرفقات

فضائل العلماء ومكانتهم في الإسلام

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات