فتيات البوية

عبد الله يعقوب

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات: قضايا المرأة
عناصر الخطبة
1/ تفشي البدع في آخر الزمن 2/ تكريم الإسلام للنساء 3/ المقصود بفتيات البوية 4/ أسباب انتشار ظاهرة فتيات البوية 5/ علاج ظاهرة فتيات البوية

اقتباس

البوية، فتاة مسترجلة، ذاتُ شعرٍ قصير، وألفاظٍ سوقية، وصوتٍ أجش، ولديها فتياتٌ تحبهن وتعشقهن، وربما كوّنت البوياتُ حزباً وعصابة يمارسن أفعالاً، لا أخلاقية ومشينة، وأموراً مخزية، يفعلن ذلك على مرأى ومسمع من الطالبات، ويعترفن بأنهن بويات، بلا خجل ولا مواربة، ولديهن مناطقُ نفوذٍ داخل المدارس والجامعات، ومَنْ تجرأت...

 

 

 

 

الحمد لله ذي العزةِ والجلال، والبهاءِ والجمالِ والكمال، أحمده حمداً يليق به على كر الدهور، وتصرم الأعوام.

فلا محمودَ بحقٍ سواه، كما لا معبودَ بحقٍ إلا إياه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكبيرُ المتعال.

وأشهد أن نبينا محمداً عبدُ الله ورسولُه، وخيرته من خلقه وخليله، حباه ربه بكريم السجايا وجميل الخلال، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

 

أما بعد:

 

أيها الناس: كلماتٌ موجزاتٌ من مشكاة النبوة من عمل بما فيها أفلح وأنجح، وبلغ المنزلَ والمقيل، في جنان الخلد، ومن أعرض عنها كانت معيشته ضنكا، وحياته ظُلمة وظُلماً، وخيف عليه سوءُ المصير؛ كان عليه الصلاة والسلام يأمر بهذه الكلمات والوصايا كثيراً، ولا يوصي الأمةَ إلا بخير؛ عن الْعِرْبَاضِ بن سارية رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"[أخرجه أبو داود وغيره].

 

"إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا".

 

نعم، ما من شأن من شؤون المسلمين إلا دخله التغير والاختلاف عما كان عليه في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلَّ ذلك أو كثر.

 

عن أم الدرداء قالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهْوَ مُغْضَبٌ، فَقُلْتُ: مَا أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا إِلاَّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا" [أخرجه البخاري].

 

وقال ابنُ مسعود لبعض المبتدعة: "ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابةُ نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملةِ محمدٍ، أو مفتتحوا بابَ ضلالة" [رواه الدارمي وصححه الألباني].

 

التغيير - عباد الله - في عاداتِ الناس وتقاليدِهم وشؤونِهم أمرٌ حتمي، ولا مناصَ منه، فإذا كان التغيير للأفضلِ والأحسن بحسب ميزان الشريعة الغراء، فلا شك أنه أفضلُ وأحسن، وإذا كان للأسوأ، فهو أسوأ، وهذا الذي يدعونا للحديث عن جانبٍ من جوانب التغيير التي طرأتْ على حياة الناس اليوم، خاصةً أن هذا الأمر شكَّل ظاهرة في نطاق البنات والفتيات.

 

أيها الكرام: "إنما النساء شقائقُ الرجال" بهذا أخبر الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلم، مبيناً تماثل المرأةِ مع الرجل في الإسلام في العبادات والواجبات والفضائل والأجور: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].

 

ويقول تعالى: (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ) [النساء: 32].

 

وقال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35].

 

فلا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام والتشريعات، إلا ما وافق أنوثة المرأة وفطرتها.

 

إن الإسلام أيها الكرام: جعل للمرأة المسلمة منزلةً سامقة عالية سمتْ بها على هامِ السُّحب، وذُرى الجبال.

 

وأعتقها من أوضارِ الجاهلية، وحياةِ الذل والعبودية، وحطَّم عنها الآصارَ والأغلال، لتعيش في أرغدِ عيشٍ وأهدأ بال.

 

المرأةُ الحرةُ أعزها الإسلامُ بحجابها, وأمرها بستر جمالها ومحاسنها عن الناس: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: 33].

 

فلماذا تأبى قلةٌ من النساءِ اليومَ إلا نزعَ الحجاب، والإخلالَ بهذه الآداب، ولبس ما لا يليق من الثياب؟

 

تركن هدي خديجةَ وأمِ سلمةَ وعائشةَ وحفصة، وتشبهن بالغانيات والساقطات.

 

بل أصبح بعضُ الفتيات، والخطابُ لكم أنتم معاشرَ الأولياء، يا أولياء الأمور، أيها الآباء: أصبح بعضُ الفتيات، قليلٌ منهن في مدارسنا المتوسطة، والكثير في المدارس الثانوية، والمرحلة الجامعية؛ يفعلن ما يسمى بـ"البويات"؛ "فتيات البويات" وهذه الكلمة مأخوذة من كلمة boy بالانجليزية، أي: ولد، ومعناها أن الفتاة تتشبه بالولد في أفعاله وتصرفاته، فيكون المقصود بالبويات حينئذٍ، فئة من الفتيات المسترجلات.

 

البوية، فتاة مسترجلة، ذاتُ شعرٍ قصير، وألفاظٍ سوقية، وصوتٍ أجش، ولديها فتياتٌ تحبهن وتعشقهن، وربما كوّنت البوياتُ حزباً وعصابة يمارسن أفعالاً، لا أخلاقية ومشينة، وأموراً مخزية، يفعلن ذلك على مرأى ومسمع من الطالبات، ويعترفن بأنهن بويات، بلا خجل ولا مواربة، ولديهن مناطقُ نفوذٍ داخل المدارس والجامعات، ومَنْ تجرأت من الطالبات، ودخلتْ منطقة نفوذ البويات، لاقتْ سيلاً من الكلمات، إما النابية والجارحة والساقطة، أو عبارات الغزل والشوق والهيام، وكأن الجميع لسن في صرحٍ علمي، أو محضنٍ تربوي تعليمي.

 

أما إذا جلست البويات مع بعضهن، فكما قال القائل:

 

خلا لك الجو فبيضي واصفري *** ونقري ما شئت أن تنقري

 

تقول إحدى الفتيات: "إنا أشوف العجب من البويات، يسوون أشياء، لو رجل قاعد مع زوجته يستحي يسويها". ا. هـ.

 

ولو نُصحتْ إحداهن؛ لماذا تفعلين هذه الأفعال؟ لقالت بكل وضوح: إنها بوية، يعني أجازتْ لنفسها كلَّ تلك الأفعال، بمجرد انتسابها لهذه الفئة السيئة.

 

ونحن نقول بكل وضوح: إن هذا الأمر لم يعد مجرد مشكلة تفعلها فتاة أو اثنتان أو عشر، كلا، بل تعدى الأمر إلى كونه ظاهرة، لها مظاهر انحراف كثيرة، ومتعددة الجوانب، وما لم يؤخذ على أيديهن كبر الفتق على الرتق، واسألوا بناتكم وأخواتكم عن كلمة -بوية- في أوساط الفتيات، ما معناها ومغزاها؟ يأتيكم الخبرُ اليقين.

 

أيها الكرام: إن من أسباب انتشار هذه الظاهرة، ضعفُ الوازع الديني، ولو علمتْ هذه الفتاةُ البوية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.

 

وأنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ.

 

لحصل زجرٌ وردعٌ كبيرٌ عن هذا الانحراف.

 

قِيلَ لِعَائِشَةَ رضى الله عنها: إِنَّ امْرَأَةً تَلْبَسُ النَّعْلَ، فَقَالَتْ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَةَ مِنَ النِّسَاءِ.

 

وهذا يبين أن الحضورَ الكثيف للنص الشرعي من الكتاب والسنة، يعد من أبرز أنواع العلاج لهذه الظاهرة، فمتى طرقتْ سمعَ الفتاة مواعظُ القرآن وهداياتُ السنة، كان ذلك سلسبيلاً عذباً لروحها الظامئة، وترياقاً ناجعاً لسلوكياتها المزعجة: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)[الأنبياء: 18].

 

لذا لا بد في علاجنا لهذه الظاهرة مع فتياتنا وبناتنا أن نكرر طرح النصَّ الشرعي، ونبين معانيه، وارتباطه بالواقع.

 

ومن الأسباب أيها الكرام: ضعفُ التربية الإيمانية الأسرية والمجتمعية في قلوب هؤلاء الفتيات، فليس ثمة برامج إيمانية كثيفة تملأ وجدان الفتاة وتغذي روحها، والموجود قليل، والطرح فيه متفاوت، وبعضه غير مقنع ولا جاذب.

 

وبعضُ الأسر لا تقوم بدورها التربوي الإصلاحي، تركتْ التوجيه والمتابعة، وفقدت الحثَ على الخيرِ والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر.

 

والأدهى والأمر، وهذا موجود للأسف، أن يقوم بعضُ أفراد الأسرة وغالباً الأم، بالتستر على أفعال الفتيات المنحرفة، وعدم إبلاغ الأب.

 

الأمر الذي زاد الطين بِلة، وزاد معه الانحراف والاعوجاج: إن هذا الخلل الأسري والتربوي يدعو المختصين من المربين والمصلحين إلى طرح برامج وفعاليات أسرية ومجتمعية متقنة ومدروسة، تسد هذه الثغرة وتملأ هذا الفراغ، وليتركوا عنهم التواني والكسل، فالمرحلة حساسة، والقادم خطير، والله المستعان وعليه التكلان.

 

أيها الكرام: ومن أهم أسباب بروز ظاهرة الفتاة البوية: وسائلُ الإعلام الفاسدة، المرئيةُ منها والمسموعة والمقروءة، التي لوثت الأرضَ والفضاءَ ببرامجها وأطروحاتها، الداعيةِ للرذيلة، المحاربةِ للطهر والفضيلة، لتقع الفتاةُ حديثة السن، قليلة التجربة، ضعيفة الإيمان؛ فريسةً لتلك البرامج الغثائية، والروايات الهابطة؛ تقليداً ومحاكاة واتباعاً، والنتيجة فتاة بوية، منسلخة عن هويتها الإسلامية، وثقافتها الأصيلة.

 

وعلاج هذا الأمر أيها الكرام: أن تتوقف هذه الوسائلُ الإعلامية الفاسدة؛ أن تتوقف عن الإسفاف والتبذل والعهر الذي تمارسه الآن.

 

فإن لم يؤخذ على أيدي أصحابها والسفهاء القائمين عليها، وتُوقف وتُمنع؛ فثمة علاج أقوى، وهو مقاطعة هذه الوسائل من قبلك أنت أيها الأب المبارك.

 

نعم، امنع هذه الوسائل الفاسدة من دخول بيتك، وانتقل إلى الوسائل المحافظة الطيبة ولو كانت قليلة، فهذا واجبك، وإلاَّ كنت شريكا في الإثم؛ يقول الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].

 

ويقول حبيبك صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"[متفق عليه].

 

ويقول أيضاً: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"[رواه مسلم].

 

فالحزم الحزم أيها الأب المبارك.

 

أسأل الله أن يهدي أبناءنا وبناتنا إلى سواء السبيل، وأن يردهم إلى الحق رداً جميلاً، وأن يهدي قلوبهم، وأن يصلح أعمالهم.

 

أقول ما تسمعون، واستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

أيها الكرام: الصالحاتُ من فتيات هذا المجتمع كُثُر، بل هن الأكثر والأطيب ولله الحمد، ولكن هؤلاء البويات، بنات هذا المجتمع ومن أفراده، وهن بحاجة إلى العلاج والأخذ بأيديهن للقضاء على هذه الظاهرة.

 

هناك علاج تربوي داخل المحاضن التربوية، وهذا دور المدرسة أو الكلية؛ لا بد أن يتعاون المسئولات ومنهن المعلمات والإداريات، ونحو ذلك.

 

لا بد من تعاونهن جميعا على علاج هذه المشكلة؛ بدءاً بتحديد الظاهرة وحصرها ومعرفة أسبابها، ثم طرح العلاج المناسب، والذي يختلف من فتاة إلى أخرى في التفاصيل، ولكن المبادئ والأصول واحدة.

 

ومن أنواع العلاج: الحوارُ والإقناع بالتي هي أحسن.

 

فالخطاب الهادئ الرقيق، يتغلغل إلى القلب والوجدان؛ كالنسيم العليل تأنس به النفوس، وتحن إليه الأفئدة.

 

خاطَبها، وصارحها: أي بنيتي، إذا كانت الفتاةُ المتشبهةُ بالرجالِ ملعونةً؛ فإن الفتاةَ العاقلة، تجتنبُ مواضعَ ومواطنَ اللعن، ولا تُسْلمُ عقلَها وقيادَها لفتاةٍ أخرى توردها المهالك، وتحثها على مقارفة الكبائر.

 

بل إن أخص خصائص الفتاة، الحياءُ الذي جُبلتْ عليه، وتميزتْ به، ومتى فقدته، فبالله عليكِ أي شاب هذا الذي يتمنى الزواج من فتاة رَجُلة؟! لتصبح شريكة حياته؟! وأم أولاده؟!

 

"الحياء لا يأتي إلا بخير" بهذا اخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم، فأي خير ستأتي به الفتاةُ البوية التي فقدت الحياء، وتشبهت بالرجال؟!

 

واحذر أيها الأب المبارك: من العنف والقسوة في العلاج، فالله تعالى رفيقٌ يحب الرفقَ في الأمر كله، ويعطي على الرفقِ ما لا يعطي على العنفِ، وما لا يعطي على ما سواه، ومن يحرم الرفقَ يحرم الخير.

 

ومن أنواع العلاج: وضع برامجَ تربوية داخل المنزل.

 

اجعل للفتاة داخل المنزل نصيباً من المشاركة في أعباء المنزل وأعماله.

 

ألحق الفتاة بدار لتحفيظ القرآن الكريم وحلق الذكر ودروس العلم.

 

أكثر من الزيارات العائلية وزيارة الجيران الطيبين المباركين.

 

تابع وراقب -بحسن ظن- سلوك الفتيات داخل المنزل، فأجهزة الحاسب الآلي وشبكة الانترنت، وأجهزة الاتصال الحديثة، سهلّت الوصول للشر والخير معاً، فكن على اطلاع ومتابعة، وأرسل أمهن لمتابعة المدرسة بين الفينة والأخرى، وليس المقصود التشكيك وسوء الظن والمراقبة، كلا.

 

بل المقصود كما قال أمير المؤمنين عمر: "لست بالخب، ولا الخب يخدعني".

 

عموماً، أوجد للفتاة بيئة صالحة وطيبة، حتى تمنع الشر وتحث على فعل الخير، ويبقى أول هذه الوسائل العلاجية دعاء الله تعالى لهم بالصلاح والاستقامة، فهو فعل الصالحين: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74].

 

وكما قال الخليل إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35].

 

فالدعاء الدعاء لهم بالصلاح والخير والعافية.

 

والله تعالى ولي الصالحين.

 

وصلوا وسلموا على خير خلق الله.

 

 

 

 

المرفقات

البوية

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات